إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (111)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم التهاون بصلاة الجماعة والتكاسل عنها

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: شيخ عبد العزيز ! أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة يقول: الرياض (م. م. ع. م) أخونا يقول: أرجو من سماحتكم التكرم بالإجابة عن هذا السؤال وهو: أن الكثير من الناس تساهلوا بأمر الصلاة، وكثير من الناس يؤخرها عن وقتها، والبعض أيضاً لا يصليها مع الجماعة، نرجو أن تتفضلوا بالإجابة والتوجيه جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلا ريب أن الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام كما صح بذلك الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، وقد أكثر الله من ذكرها في كتابه العظيم في مواضع كثيرة؛ لعظم شأنها فقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وقال عز وجل: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] في آيات كثيرات. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة عليها في وقتها، والحذر من التثاقل عنها والتكاسل؛ فإن ذلك من صفات أهل النفاق كما قال الله سبحانه: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، وكذلك يجب على الرجل أن يصليها مع الجماعة في بيوت الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].

    فالواجب أن يصلي مع إخوانه المسلمين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، واستأذنه رجل أعمى فقال: (يا رسول الله! ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟قال: نعم، قال: فأجب)، فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه لا يرخص له في ترك الجماعة فكيف بحال من عافاه الله وأعطاه البصر والقوة؟! فالواجب على أهل الإسلام أن يعنوا بالصلاة وأن يعظموا أمرها كما عظمها الله ورسوله، وأن يجتهدوا في أدائها كما شرع الله، فالرجل يؤديها في الوقت في المسجد مع إخوانه المسلمين، ويحذر غاية الحذر من التثاقل، والمرأة كذلك عليها أن تؤديها في بيتها في وقتها بالطمأنينة والخشوع وعدم التثاقل عنها، وكثير من الناس يؤديها بغير خشوع وبغير طمأنينة بل بالعجلة، وهذا خطأ عظيم، فإن الصلاة لا بد فيها من الطمأنينة، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي ولا يتم ركوعه ولا سجوده أمره أن يعيد قال: (ارجع فصل فإنك لم تصل).

    فالواجب على الجميع العناية بالصلاة فرضاً ونفلاً، وأن تكون عن طمأنينة وإقبال عليها لا عن عجلة ونقر، وأعظم ذلك الفريضة، فالواجب العناية بها أكثر وأن تؤدى كما شرع الله عز وجل في أوقاتها بالطمأنينة، واستكمال ما شرع الله فيها من الأركان والواجبات، والأفضل أيضاً أن يعتني بالمستحبات حتى يؤديها كاملة، وليس له تأخيرها عن وقتها؛ لأن تأخيرها عن وقتها محرم وفيه إضاعة أدائها في الجماعة أيضاً، وكذلك في حق المرأة لا يجوز لها أن تؤخرها عن وقتها، بل يجب أن تصلى الصلاة في وقتها، وكثير من الناس الآن قد يؤخرها عن وقتها كصلاة الفجر فيسهر الليل ويتأخر عن صلاة الفجر، وهذه مصيبة عظيمة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    فالواجب الحذر من ذلك في حق الرجال والنساء، وكل سهر يفضي إلى هذا فهو محرم، فلا يجوز السهر الذي يفضي إلى ترك الصلاة في وقتها، أو تركها في الجماعة في حق الرجل، نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    حكم عقد الوالد لنكاح ولده البالغ دون رضاه

    السؤال: نعود في هذه الحلقة سماحة الشيخ إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العربية اليمنية لواء إب، باعث الرسالة أحد الإخوة من هناك يقول محمد عبد الحميد محمد حاتم الحذيفي ، قرية المجدورة ، أخونا في حلقة مضت عرضنا له سؤالين وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: ما هو الحكم في رجل استعقد عقد النكاح عن ولده بدون وكالة من ولده وبدون إذنه، علماً بأن الولد يبلغ العشرين من عمره، وأيضاً كان الولد حاضراً أثناء العقد، فهل العقد صحيح، أم أنه باطل شرعاً؟ أفيدونا ولكم جزيل الشكر.

    الجواب: ليس للأب ولا غير الأب أن يعقد عن ولده أو أخيه أو غير ذلك إلا بإذنه إلا بالوكالة، إذا كان قد بلغ الحلم، وهذا كما بين في السؤال قد بلغ العشرين، فليس لأبيه أن يتزوج عنه إلا بإذنه، فإذا كان الولد لم يأذن له في ذلك فالنكاح غير صحيح، والواجب أن يجدد؛ لأن الزوج هو صاحب العقد فإذا لم يباشر ولم يوكل فلا عقد. نعم.

    1.   

    مدى تأثير كثرة اللعاب على الصائم

    السؤال: الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من العراق، وباعثتها المستمعة فاتن سعيد من بغداد، الأسئلة عراقية المنشأ كما قلت سماحة الشيخ، وصاحبتها تسأل ثمانية أسئلة وتقول: إنني أصوم الشهر المبارك ومتطوعة أيضاً، بمعنى: أني على صحة تسمح لي بالصوم ولا أحس بجوع أو عطش والحمد لله، ولكن ما يضايقني ويجعلني عصبية هو تكون اللعاب بكثرة في فمي ويضعني في وضع حرج، فلا أستطيع التكلم أو الخروج وحتى إذا لم أتكلم فإنه يتكون اللعاب، فماذا أفعل هل أترك الصوم، علماً أني قادرة على الصيام كما أسلفت، وأنا موظفة ولا أستطيع.. -ما أدري لا تستطيع ماذا؟- أرشدوني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أما صوم رمضان فهذا واجب على جميع المسلمين والمسلمات المكلفين والمكلفات، فالواجب عليك وعلى غيرك من المسلمات المكلفات صوم رمضان وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة صوم هذا الشهر، وأما التطوع فأنت بالخيار، إذا تطوعت بالصيام في غير رمضان فهذا إليك، والصوم فضله عظيم ومن تطوع به فله أجر عظيم، لكن لا يلزمك الصوم إلا في رمضان أو صوم الكفارات أو النذور، وأما ابتداء الصوم تطوعاً فهو غير لازم، إن صمت فلك أجر وإن تركت فلا بأس، وأما اللعاب فلا يمنع الصوم ولا يضر الصوم، اللعاب هو من الريق من كثرة الريق فإن بلع فلا بأس وإن بصقت فلا بأس، أما النخامة وهي ما يقع من الصدر أو من الرأس أو من الأنف، النخامة ويقال لها: النخاعة وهي الشيء الغليظ.. البلغم الغليظ الذي يحصل للإنسان تارة من الصدر وتارة من الرأس فهذا يجب على الرجل وعلى المرأة بصقه وإخراجه وعدم ابتلاعه، أما اللعاب العادي والماء العادي الذي هو الريق هذا لا حرج فيه ولا يضر الصائم لا رجلاً ولا امرأة، أما إذا كان المراد باللعاب هنا هو النخاعة التي تكون من الصدر الغليظة، أو تكون من الرأس فهذه يجب إخراجها وبصقها وعدم ابتلاعها. نعم.

    1.   

    تقييم كتاب: ضياء الصالحين

    السؤال: لدي كتاب يسمى (ضياء الصالحين) فيه جميع الصلوات والتسابيح والأدعية.. إلى آخره لجميع الأيام والشهور، ولكل يوم توجد صلاة اليوم والليلة وأنا أصليها جميعها دون استثناء، فهل ما جاء في هذا الكتاب صحيح؟ وهل صلاتي صحيحة، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: لا أعرف هذا الكتاب، ولا أدري عما فيه، والذي فيه يعرض على ما جاءت به الشريعة، يعرض على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فإن وافق ما جاء في الأحاديث من صفة الصلوات فلا بأس، فإن كثيراً من الناس قد يجمع أحاديث لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، إما موضوعة وإما ضعيفة.

    فإذا رأيت إرساله نظرنا فيه، والآن أقول لك: إن هذا الكتاب وأشباهه يعرض على الكتب الصحيحة كـصحيح البخاري وصحيح مسلم ، والكتب الأخرى الصحيحة كـأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه يعني ما صح فيها، وهكذا رياض الصالحين فيه الأحاديث الصحيحة والضعيف فيه قليل، فهذا الكتاب الذي لديك تعرض الأحاديث التي فيه على الأحاديث الصحيحة، وما أشكل عليك تبينينه لأهل العلم حتى يجيبوك عنه، الحديث الفلاني والحديث الفلاني حتى يستطيع أهل العلم أن يجيبوك على سؤالك.

    1.   

    حكم صلاة الضحى وذكر عددها وما يقرأ فيها

    السؤال: يقال: إن صلاة الضحى أقل ما يكون فيها ركعتان وأكثرها اثنا عشرة ركعة، والبعض الآخر قيل: إنها ثمانية؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها هكذا، وأنا أصليها حسب ما لدي من الوقت، فبعض المرات أصلي ركعتين، والبعض الآخر أصلي ثمان ركعات، وإذا سمح لي وقتي أصلي الاثني عشرة ركعة بكاملها، وعندما أصلي الركعة الأولى أقرأ الحمد والشمس، وفي الركعة الثانية أقرأ الحمد والضحى، ولكني بعض الأحيان بسبب مرضي لا أواظب على صلاتها، فقالوا لي: هذا غير ممكن، ويجب المواظبة على الصلاة، سؤالي: على كم ركعة أواظب في صلاة الضحى، هل أبقى على الثمانية كما صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي السور التي أقرؤها في البدء، أي: في الركعة الأولى، الشمس أم الضحى بالإضافة إلى سورة الحمد؟

    الجواب: صلاة الضحى سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليها أصحابه، وأقلها ركعتان فإذا حافظت على ركعتين فقد أديت السنة سنة الضحى، وإن صليت أربعاً أو ستاً أو ثماناً أو أكثر من ذلك فلا بأس، على حسب التيسير، وليس فيها حد محدود، لكن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثنتين وصلى أربعاً وصلى ثماناً يوم الفتح، صلى ثمان ركعات حين فتح الله عليه مكة، فالأمر في هذا واسع وليس في ذلك حد محدود، فمن صلى ثماناً أو عشراً أو اثنتي عشرة أو أكثر من ذلك فلا بأس، يقول عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، فالسنة أن يصلي الإنسان ثنتين ثنتين يسلم من كل ثنتين، وأقل ذلك ركعتان من الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها عند الظهر هذا كله ضحى، والأفضل أن تصلى حين يشتد الضحى وحين تحتر الشمس، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: حين تحتر الأرض على أولاد الإبل، وليس في هذا حد محدود، ومن تركها فلا بأس، لو صليتيها يوماً وتركتيها يوماً فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل المداومة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل) فالمداومة أفضل ومن ترك سنة الضحى فلا حرج والحمد لله؛ لأنها نافلة غير واجبة.

    ثم السنة أن تقرئي مع الفاتحة ما تيسر، سورة طويلة أو قصيرة أو آيات ليس في هذا حد محدود، والواجب الفاتحة وما زاد فهو سنة، فإذا قرأت معها (والشمس وضحاها) أو (والليل إذا يغشى) أو (والضحى) أو (ألم نشرح) أو (التين) أو (اقرأ) أو غير ذلك فلا بأس، أو قرأت آيات معدودات أو آية واحدة بعد الفاتحة كله طيب وكله حسن، والحمد لله.

    1.   

    حكم من حلفت ألا تعتد عن زوجها إن مات ثم مات

    السؤال: أختنا سنعود إلى رسالتها إن شاء الله في حلقة قادمة؛ وذلك لنتيح الفرصة أمام عدد من السادة المستمعين كيما تطرح أسئلتهم، فننتقل إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الخبر، وباعثتها إحدى الأخوات من هناك، تقول السائلة (ر. ع. د) أختنا رسالتها مطولة أستأذن سماحة الشيخ في أن أقرأها كما وردت تقول: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد:

    زوجني أبي مرغمة علي برجل يكبرني بخمسة وعشرين عاماً، ولقد مضى على زواجي منه ربع قرن وأنجبت منه أربع بنات وولداً، ولقد كان على علم في البداية بأنني لا أريد أن أرتبط به، وأرسلت له عن طريق البريد رسائل أخبره بذلك، وبأنني مرغمة على الزواج منه ولا أريد له ولي التعاسة، فهو كان متزوجاً من قبلي ابنة عمه وأنجب منها وطلقها، ولا أريد أن يكون مصيري كهذا، تزوجته وعشت معه ثلاث سنوات لا أريد أن أربط نفسي به، وقدر الله وما شاء فعل، وأنجبت منه أربع بنات وولد، وكنت أعيش معه في بيت واحد، والعلاقة بيننا فاترة، لقد عشت معه عشر سنوات لا علاقة بيننا ولم يبين أو يعتذر ولم أسأله، عشنا أغراباً عن بعضنا، وكرست وقتي لبناتي وابني، وكان كل ما يفعل يؤلمني، المهم والأهم من ذلك في يوم من الأيام خرج من المنزل وغاب فانزعجت أنا وأطفالي لتأخره، وبعد البحث علمت أنه سافر وتركنا لا حول لنا ولا قوة، فحلفت وأقسمت أنني لم ولن أتعرف عليه بعد ذلك، وبرغم تحملي كل ذلك يتركني أنا الضعيفة ذات الجناح المكسور وبناتي وابني ويذهب دون أن يخبرني، فحلفت حتى إذا مات لن أعتد عليه، وبعد فترة من الزمن حوالي خمسة عشر يوماً علمت أنه في إحدى البلدان، وقد اتصل بأهلي وأخبرهم بأنني يجب أن أعود إليه فرفضت وبقيت في مكاني، وتوفي هو بعد ذلك بفترة، ولكنني لم أدخل العدة؛ أولاً: لأنني حلفت.

    ثانياً: لعدم العلاقة التي تربطنا به.

    رابعاً: تركنا. فما الكفارة التي تجب علي؟ وما عقابي، والله شهيد على ما أقول وأستغفر الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذه رسالتها بطولها سماحة الشيخ؟

    الجواب: أما الزواج فقد انتهى والحمد لله، وأنت قد أحسنت في مراعاة خاطر أبويك وأحببت إغراءهما وتزوجت فالحمد لله. أما يمينك أن لا تسألي عنه وأن لا تعرفي عليه فعليك عنها كفارة يمين إذا كنت سألت وتعرفت عنه، عليك كفارة يمين وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة؛ كل واحد يعطى نصف الصاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو كسوة يكسى كسوة تجزئه في الصلاة. وأما كونك حلفت أن لا تعتدي عليه إذا مات فهذا غلط منك، ولا يجوز لك ذلك، والواجب عليك العدة فإذا كانت العدة قد مضت ولم تعتدي عليه فعليك التوبة والاستغفار عما جرى منك من التقصير، ولو كنت فعلت العدة عنه لكان هو الواجب وعليك كفارة يمين أيضاً عن يمينك أنك لا تعتدي مثل كفارة الأولى، وإذا كان موته قد مضى بعده أربعة أشهر وعشر فقد انتهيت من العدة وعليك التوبة والاستغفار؛ لعدم تعاطيك ما شرع الله في العدة من ترك الزينة والطيب والحلي ونحو ذلك، وقد مضت العدة والحمد لله وليس عليك أن تعيديها، بل مضت، قد مضت العدة، أما إن كان بقي منها شيء لن تكمل المدة أربعة أشهر وعشر فعليك أن تعتدي الباقي منها، تتجنبي الملابس الجميلة والطيب والحلي والكحل ونحو ذلك حتى تتم العدة، وهي أربعة أشهر وعشر، نسأل الله أن يعفو عنا وعنك وعن كل مسلم.

    1.   

    حكم إرغام البنات على الزواج ممن لا يرغبن فيه

    السؤال: سماحة الشيخ! إذا تفضلت تعرجون على أولئك الذين لا يأخذون رأي البنات عند الزواج، أو يرغمونهن ويحتجون بأعذار وأعذار؟

    الجواب: على كل حال ليس للأب ولا غير الأب أن يرغم وليته على الزواج، بل لا بد من إذنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال : أن تسكت)، وفي اللفظ الآخر قال: (إذنها صماتها)، وفي اللفظ الثالث: (والبكر يستأذنها أبوها وإذنها سكوتها)، فالواجب على الأب أن يستأذن إذا بلغت تسعاً فأكثر، وهكذا أولياؤها لا يزوجون إلا بإذن، هذا هو الواجب على الجميع، ومن زوج بغير إذن فالنكاح غير صحيح.

    المقدم: فالنكاح غير صحيح؟

    الشيخ: غير صحيح.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    الشيخ: لأن من شرط النكاح ومن شرط الصحة الرضا من الزوجين، إذا زوجها بغير رضاها وقهرها بالوعيد الشديد أو بالضرب فالزواج غير صحيح، إلا الأب فيما دون التسع، من زوجها وهي صغيرة أقل من التسع فلا حرج على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة بغير إذنها وهي دون التسع كما جاء به الحديث الصحيح، أما متى بلغت تسعاً فأكثر فإنه لا يزوجها إلا بإذنها، ولو أنه أبوها.

    المقدم: بارك الله فيكم، إذاً كلمة للائي يردن الزواج سماحة الشيخ؟

    الشيخ: الواجب على الزوج إذا عرف أنها لا تريده أنه لا يقدم على ذلك، ولو تساهل معه الأب، الواجب عليه أن يتقي الله وأن لا يقدم على امرأة لا تريده، ولو زعم أبوها أنه أجبرها، الواجب عليه أن يحذر ما حرم الله عليه؛ لأن الرسول أمر بالاستئذان عليه الصلاة والسلام.

    المقدم: وهل من كلمة للمخطوبة؟

    الشيخ: المخطوبة نوصيها بتقوى الله ونوصيها بالموافقة، إذا رأى والدها أن يزوجها على إنسان ولا شيء في دينه والحمد لله، فنوصيها بالموافقة إذا كان الزوج الخاطب طيباً في دينه وفي أخلاقه، فإنا نوصيها وننصحها بأن توافق ولا ترد الخاطب، ولو كان المزوج غير الأب فإذا عرفت أنه صالح فإنها ينبغي لها أن توافق؛ لما في النكاح من الخير الكثير والمصالح الكثيرة، ولأن العزوبة فيها خطر، فالذي نوصي جميع بناتنا جميع الفتيات نوصيهن جميعاً بالموافقة، متى جاء الكفء فنوصيهن جميعاً بالموافقة وعدم الاعتذار بالدراسة أو بالتدريس أو بغير ذلك.

    1.   

    حكم رفض الزواج من كبير السن وممن قد تزوج وطلق

    السؤال: أختنا تثير قضية سماحة الشيخ ألا وهي كون هذا الرجل الذي تزوجها ولم تحسن العشرة بينهما أنه كان متزوجاً وطلق، وهي تخاف ذلك الخوف، هل من كلمة حول هذا الموضوع لو تكرمتم؟

    الجواب: ليس هذا بعذر، الإنسان قد يتزوج ويطلق ثم يوفقه الله للزوجة الثانية ولا يطلق، فليس هذا بعذر، وكذلك كبر السن كونه يكبرها بعشر سنين أو بعشرين سنة أو بثلاثين سنة ليس هذا بعذر، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وهي بنت تسع سنين، فالكبر لا يضر، فلا حرج أن تكون المرأة أكبر ولا حرج أن يكون الزوج أكبر، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وهي بنت أربعين وهو ابن خمس وعشرين قبل أن يوحى إليه عليه الصلاة والسلام، فهي تكبره بخمس عشرة سنة رضي الله عنها وأرضاها، ثم تزوج عائشة وهي صغيرة بنت ست أو سبع سنين ودخل بها وهي بنت تسع سنين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وكثير من هؤلاء الذين يتكلمون في المذياع أو في التلفاز وينفرون من تفاوت سن الزوج والزوجة كله خطأ كله غلط، لا يجوز لهم هذا الكلام، الواجب أن المرأة تنظر في الزوج فإذا كان صالحاً ومناسباً فإنه ينبغي لها أن توافق، ولو كان فوق هذا السن بكثير، وهكذا الرجل ينبغي له أن يعتني بالمرأة الصالحة ذات الدين ولو كانت أكبر منه، إذا كانت في سن الشباب وسن الإنجاب ولو كانت فوقه في السن.

    فالحاصل أن السن لا ينبغي أن يكون عذراً ولا ينبغي أن يكون عيباً ما دام الرجل صالحاً والفتاة صالحة، الله يصلح حال الجميع.

    1.   

    كيفية تعامل الأم مع ولدها الذي لا يصلي

    السؤال: أختنا في الواقع لها سؤال آخر سماحة الشيخ ويبدو لي أنه ثمرة هذا الزواج غير الموفق ولا حول ولا قوة إلا بالله، تقول: إن لها ابناً لا يصلي، وقد نصحته وهددته ولم يبال، عمره ست عشرة سنة، تقول: إنها تنصحه وهو يستهزئ بها وفي بعض الأحيان يصلي ويعود ويقول: إن الشيطان يوسوس فوق رأسه، وتستمر من مثل هذه العبارات سماحة الشيخ وتسأل وتقول: إنني مستجيرة بالله ثم بكم تنقذوني مما أنا فيه وتقودوني إلى الصواب، وما العمل لأرملة لا حول لها ولا قوة إلا بالله، ثم تريد العون منكم. وجزاكم الله عنها خير الجزاء؟

    الجواب: هذا الولد الذي ليس بمواظب على الصلاة الواجب نصيحته وتوجيهه إلى الخير، ووعظه وتذكيره، وتحذيره من غضب الله، قال الله جل وعلا في حق أهل النار: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42-43]، فترك الصلاة من أعظم الأسباب في دخول النار؛ لأن تركها كفر أكبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فالصلاة لها شأن عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين المسلم والكافر. فالواجب على كل مسلم ومسلمة قد بلغ الحلم وبلغت الحلم أن يؤدي الصلاة، وهو مأمور بها قبل أن يبلغ الحلم حتى يعتادها ويتمرن عليها، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن نأمر أبناءنا بالصلاة إذا بلغوا سبعاً ونضربهم عليها إذا بلغوا عشراً، وهكذا الفتيات، أما من بلغ فيجب عليه أن يصلي، وإذا تأخر عن الصلاة وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا وجب على ولي الأمر قتله؛ لأن الصلاة أمرها عظيم، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام. فعليك أيها الأخت في الله أن تنصحيه وأن تجتهدي في توجيهه إلى الخير، وتحذيره من مغبة عمله السيئ، فإن أصر فتبرئي منه واطلبي منه الخروج، مريه بالخروج عنك والبعد عنك حتى لا يضرك أمره وحتى لا تحل بك العقوبة وهو عندك.

    فيجب عليه أن ينصاع لأمرك وأن يتقي الله عز وجل، وأن يطيع أمره سبحانه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام في أداء الصلاة، فإذا لم يمتثل وأصر على عناده وكفره فإن الواجب عليك هجره وكراهة لقائه والتمعر في وجهه بالكراهة، وأمره بالخروج من بيتك وعدم اعتباره ابناً لك، لعل الله يهديه بعد ذلك، وعليك مع هذا أن تأمري من له شأن من أقاربك كأبيك أو أخيك الكبير أو أخواله الآخرين أن يوجهوه وأن ينصحوه وأن يؤدبوه إذا استطاعوا، لعل الله يهديه بأسبابهم.

    المقدم: اللهم آمين. سماحة الشيخ! بقي من وقت البرنامج ما يقرب من دقيقتين أرجو أن تتكرموا فيها بمعالجة نفسية أختنا، حيث ألحظ أن فيها الألم والحسرة لو تكرمتم؟

    الشيخ: نوصيك أيها الأخت في الله! بالصبر، فالأمر ليس إليك الأمر إلى الله، يقول الله سبحانه: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272]، ويقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]، لما اجتهد في هداية عمه أبي طالب لم يتيسر له ذلك، فأنزل الله عليه سبحانه وتعالى قوله سبحانه: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56] ففي هذا عزاء، وفيه تسلية لك ولأمثالك، إذا أبى ابنك أن يهتدي ولم يوافق فلك في رسول الله عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة، فإذا نصحت ووجهت وأمرت فالأمر إلى الله سبحانه وتعالى.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا بخيت أحمد الدوسري .

    شكراً لكم جميعاً وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767964785