المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
باسمكم وباسمي نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ هذا اللقاء، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة سماحة الشيخ رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ (م. ع. أ) سوداني مقيم في المدينة المنورة، أخونا يقول: سبق أن قلت لوالدي: زوجني بابنة خالي؛ لأنها يتيمة، إلا أن والدي أصر على تزويجي بابنة عمي؛ لأن عمي له ثروة ضخمة، كما يقول سماحة الشيخ، ويرجو التوجيه لو تكرمتم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالواجب عليك وعلى أبيك العناية بالزوجة الصالحة، وعدم النظر إلى المال، المهم أن تكون المرأة صالحة مستقيمة في دينها، فعليك أن تتحرى أنت ووالدك هذا الصنف من النساء.
أما مراعاة المال فلا تنبغي أن تكون مقصودةً، وإنما المقصود الأعظم المهم هو مراعاة الدين والأخلاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) يقول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) فإذا تيسر الدين فما معه بعد ذلك من جمال أو مال أو حسب خير إلى خير، لكن الأهم الأول هو كونها في نفسها صالحة مستقيمة حتى تنفعك، وحتى تأمنها على عرضها، وعلى بيتك، وعلى مالك، وعلى كل شئونك، فإذا كانت بنت خالتك أنسب في الدين فينبغي للوالد أن يوافقك على ذلك، وإن كانت بنت عمك أنسب فينبغي لك أن توافق أباك على ذلك، وإن لم تكونا مناسبتين فالتمسا غيرهما، التمسا امرأةً أخرى، وليس من اللازم أن تكون قريبة بنت خال أو بنت عم ولو بعيدة من الناس من سائر الناس، هذا هو الذي ينبغي لك ولأبيك، التماس المرأة الطيبة، وإذا كانت بنت عمك وبنت خالك متقاربتين، فالأولى أن تقبل ما رآه والدك، وأن تخضع لقول والدك إذا كانتا متقاربتين في الدين والأخلاق والجمال ونحو ذلك، بكل حال كونك توافق والدك أمر مطلوب، لكن بشرط أن تكون المرأة التي أشار بها صالحة مناسبة، وفق الله الجميع. نعم.
الجواب: إذا كان خالك متوفى وأنت قد أديت الفريضة فلا بأس أن تؤدي الحج عنه، ولا حاجة إلى استشارة أحد لا أبناءه ولا غير أبنائه، بهذا الشرط إذا كان قد توفي، أو كان كبير السن لا يستطيع الحج، وأنت قد أديت الفريضة، فإنك إذا أحسنت إليه بأداء الحج عنه فأنت مشكور ومأجور، ولا حاجة إلى استئذان أحد.
السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين يقول: لي دين عند أحد الإخوة، هل تلزمني زكاته أو أن هناك وقتاً محدداً؟
الجواب: إذا كان الدين الذي لك على مؤسرين باذلين، متى طلبته أعطوك حقك فعليك أن تزكيه كلما حال الحول، كأنه عندك، كأنه عندهم أمانة، أو كأنه في صندوق عليك أن تزكيه.
أما إن كان من عليه الدين معسراً، لا يستطيع أداءه لك، أو كان غير معسر لكنه يماطلك ولا تستطيع أخذه منه، فالصحيح من أقوال العلماء: أنه لا يلزمك أداء الزكاة حتى تقبضه منه، من هذا المماطل أو من هذا المعسر، فإذا قبضته استقبلت به حولاً وأديت الزكاة بعد تمام الحول من قبضك له، وإن أديت الزكاة عن سنة واحدة من السنوات السابقة التي عند المعسر أو المماطل فلا بأس، قال هذا بعض أهل العلم، ولكن لا يلزمك إلا في المستقبل، متى قبضت المال من المعسر أو المماطل واستقبلت به حولاً ودار عليه الحول تلزمك الزكاة، هذا هو المختار. نعم.
السؤال: أنا بعت ذهباً قديماً ولم أزكه من قبل، فأرجو أن توضحوا لنا كيف تكون زكاته؟ وإذا بعت بأربعة آلاف ريال فهل أدفع الزكاة من هذا المبلغ؟
الجواب: إذا كنت لم تعلمي وجوب الزكاة إلا بعد ذلك فلا شيء عليك، وإن كنت تعلمين ذلك فزكي هذه الأربعة، من كل ألف خمسة وعشرون عن السنة الواحدة، عن كل ألف خمسة وعشرون ربع العشر، وهكذا السنوات التي قبلها بحسب قيمة الذهب في السوق، الواجب ربع العشر تؤدي هذه الزكاة من العملة المعروفة.
أما إذا كنت لا تعلمين ذلك إلا في السنة الأخيرة، فعليك الزكاة عن السنة الأخيرة من كل ألف خمسة وعشرون. نعم.
الجواب: المشروع لمن كان يصلي النافلة في الليل أو في النهار أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، هذا هو الأفضل، أما الوجوب فلا تجب إلا الفاتحة، هي ركن في الصلاة إذا قرأها كفت، ولكن إذا قرأ معها زيادة آيات أو سوراً أخرى كان أفضل؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ويقرأ معها زيادة عليه الصلاة والسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً) فالأصل هو الفاتحة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فالسنة للمؤمن إذا قرأها أن يقرأ معها زيادة هذا هو الأفضل.
وفي سنة الفجر يقرأ معها سورتي: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، في الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وفي الثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وإن قرأ مع الفاتحة آية البقرة: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا.. [البقرة:136] الآية، وآية آل عمران: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.. [آل عمران:64] الآية، فهذا أيضاً سنة، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، كان تارة يقرأ السورتين: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وتارة يقرأ الآيتين المذكورتين آنفاً، وإن قرأ غير ذلك فلا بأس أيضاً، ولكن الأفضل أن يقرأ ما قرأه النبي عليه الصلاة والسلام في سنة الفجر، وهكذا في سنة المغرب يقرأ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] يعني: بعد الفاتحة، وهكذا في سنة الطواف إذا طاف بالكعبة، فالأفضل أن يقرأ سورتي الإخلاص: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] بعد الفاتحة؛ اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك.
السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من نجران الخانق، باعثتها إحدى الأخوات من هناك، تقول: (ف. ن. ع) أختنا في الواقع عقبت برسالة أخرى على الرسالة الأولى، وتسأل عن مجموعة من القضايا من بينها: قضية الزكاة في الحلي لو تكرمتم سماحة الشيخ؟
الجواب: الحلي من الذهب والفضة اختلف فيها العلماء: هل فيها الزكاة أم لا؟ على قولين مشهورين، والأرجح منهما: أن في الحلي الزكاة إذا بلغت النصاب، فإذا بلغ الذهب نصاب الذهب وهو عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالعملة الذهبية السعودية إحدى عشر جنيه سعودي ونصف، ثلاثة أسباع جنيه، لكن النصف أوضح، إحدى عشر جنيه ونصف، وإن قلت: إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع فصحيح، ولكن النصف أوضح للناس، إحدى عشر جنيه ونصف، والفرق بين الثلاثة الأسباع والنصف شيء يسير. فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار أحد عشر جنيه ونصف جنيه فأكثر فإن فيها الزكاة على الصحيح، وهي ربع العشر من كل ألف خمسة وعشرون، من المائة اثنان ونصف، ومقدار ذلك بالجرام المعروف اثنان وتسعون، فإذا بلغ الحلي هذا المقدار وجبت الزكاة، وهكذا الفضة، إذا كان عند المرأة حلي من الفضة تزكيها إذا بلغت مائة وأربعين مثقالاً، ومقدارها بالدرهم السعودي ستة وخمسون ريال سعودي، هذا هو الواجب؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره..) الحديث، وهذا يعم الحلي وغير الحلي.
كذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه دخلت عليه امرأة في يد ابنتها مسكتان من ذهب -يعني: سوارين من ذهب- فقال: أتعطيان زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله).
وثبت أيضاً: (أنه صلى الله عليه وسلم سألته
فالواجب على المرأة أن تزكي ما عندها من الحلي أي: من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب كما تقدم وحال عليها الحول. نعم.
السؤال: أختنا تسأل سؤالاً سبق وأن طرح سماحة الشيخ، تقول: إنه في بعض المستشفيات يقوم بولادة الحريم وكشف عوراتهن دكتور رجل، فهل في ذلك إثم؟ وهل هو حرام في الشريعة؟ وهل يلحق المرأة إثم؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: الواجب على المسئولين أن يهيئوا لهذا نساء، وقد سبق التفاهم معهم في ذلك، فوعدوا خيراً وأنهم حريصون على تعليم طبيبات، وأنهم سوف يبذلون وقد بذلوا الجهد الكثير في أن يتولى توليد النساء النساء، هذا هو الواجب، فإذا لم يتيسر ذلك، وخيف على المرأة من عدم تولي الرجل توليدها، وأنه يخشى عليها من ذلك فلا حرج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] إذا دعت الحاجة والضرورة إلى ذلك فلا بأس، وإلا فالواجب أن لا يولدها إلا النساء، فإن لم يوجد النساء فلا حاجة إلى التوليد؛ لأن الناس مضى عليهم دهور طويلة ما يحتاجون إلى توليد الأطباء، تلد المرأة في بيتها والحمد لله، لكن إذا خيف عليها أو خشي عليها، فتوليد الرجال لها لا بأس به عند الحاجة. نعم.
السؤال: هل في استعمال المرأة للمناكير التي تطلى بها الأظافر، هل في ذلك إثم ؟
الجواب: لا نعلم شيئاً في هذا، لكن تركها أولى؛ لعدم الحاجة إليها؛ ولأنها قد تحول بين المرأة وبين الوضوء الشرعي، لأنها قد تنسى أو تجهل، فالحاصل أن تركها أولى، والاكتفاء بالحناء الذي درج عليه الأوائل أولى، فإن دعت الحاجة إلى ذلك أو استعملت ذلك، فإنها تزيلها عند الوضوء، تجعلها في وقت العادة وقت الحيض أو النفاس، أو تجعلها في غير ذلك، لكن تزيلها عند الوضوء؛ لأنها فيما بلغنا لها جرم، وتحول بين الماء وبين الوصول إلى البشرة؛ لأن لها جسماً، فالواجب على المرأة أن تزيل ذلك عند الوضوء، فإذا جعلته وقت الطهارة فلا بأس. نعم.
السؤال: رسالة باعثها أحد الإخوة يقول: عطا الله المطلق من العقبة في الأردن، صدر رسالته بقوله: برنامج نور على الدرب الذي يعتبر بحق إنارةً وتوعيةً وهداية لكل من ألقى السمع، أما الذين سدوا أو سدت أسماعهم فلا نسلم من شر ألسنتهم، التي هي مجرد وسيلة للكلام، بارك الله بكل من ساهم، ولا زال يساهم في البرنامج الديني الاجتماعي القيم، الأسئلة: ألاحظ بعض المصلين وقد طالت أظافرهم، واحتست بالأوساخ النجسة، فهل هذا يتفق مع الدين؟ وهل يصح وضوءهم؟
الجواب: الأظفار ينبغي قلمها، وتعاهدها قبل الأربعين، الرسول صلى الله عليه وسلم وقت للناس في قلم الظفر، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، أن لا يترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، هكذا ثبت الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال أنس رضي الله عنه، وهو خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقت لنا في قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه وخرجه أحمد والنسائي وجماعة بلفظ: (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نترك الأظفار، والشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط، أكثر من أربعين ليلة).
فالواجب على الرجال والنساء أن يلاحظوا هذا الأمر، فلا يترك الظفر، ولا الشارب، ولا العانة - الشعرة - ولا الإبط أكثر من أربعين ليلة، الرجل يتعاهد والمرأة تتعاهد، الرجل يتعاهد ظفره، وشاربه، وعانته، وإبطه؛ حتى لا تجتمع الأوساخ هناك، ليست نجسة، الأوساخ ليست نجسة لكنها مستقذرة، ينبغي ملاحظة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك المرأة تلاحظ ذلك في ظفرها، وعانتها، وإبطها، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، من باب النظافة والنزاهة، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء بكل خير، ودل على كل خير عليه الصلاة والسلام، ونهى عن كل شر. نعم.
الجواب: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين) خرجه الإمام البخاري في صحيحه، وخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وخرجه أئمة آخرون رحمة الله عليهم، فهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم، ومعناه: أنه يجب على المؤمن قص شاربه، وإرخاء لحيته إعفاؤها، وعدم أخذها لا حلقاً ولا قصاً، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين) خرجه البخاري في صحيحه رحمه الله، وقال أيضاً فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس) المجوس: عباد النار، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدلنا على أن الواجب على المسلمين قص الشوارب، وعدم إطالتها، وفي اللفظ الآخر: (أحفوا الشوارب) وتدل أيضاً على وجوب إرخاء اللحى وتوفيرها وإعفائها، هذا الواجب على المسلمين طاعة هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وقد قال الله عز وجل: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور:54] ويقول سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء:80] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى).
فالواجب على أهل الإسلام هو العناية بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء، في الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإعفاء اللحى، وقص الشوارب، وعدم إسبال الثياب إلى غير ذلك، كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يجب علينا أن نأخذ به؛ فعلاً للأوامر وتركاً للنواهي، وهذا هو طريق الجنة وطريق السعادة، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14] ويقول سبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158] فالهداية والسلامة والنجاة والفلاح في اتباعه صلى الله عليه وسلم، وطاعة أوامره وترك نواهيه.
ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] فمن كان يحب الله، ويحب رسوله عليه الصلاة والسلام، فعليه أن يتبع هذا الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام، فاتباعه والتمسك بما جاء به هو السبيل الوحيد وهو الطريق للمغفرة ودخول الجنة والنجاة من النار ولمحبة الله للعبد، وفق الله الجميع. نعم.
السؤال: منعاً للأحاديث الدنيوية في المساجد، هل يصح أن نستمع إلى برنامج نور على الدرب بدلاً من أحاديث بعض المصلين الفارغة؟
الجواب: الاستماع لهذا البرنامج فيه خير عظيم، وفيه مصالح جمة، وقد يسر الله للمسلمين هذا البرنامج يستفيدون منه حلقة علمية عظيمة، يستفيد منها الرجال والنساء وهم في بيوتهم، وفي مجالسهم، وعلى أسرتهم، فهي من نعم الله العظيمة، وهي حجة قائمة على الناس، هذا البرنامج حجة قائمة وصل إليهم في بيوتهم، وفي سياراتهم، وفي طائراتهم، وفي كل مكان، فالواجب على المسلمين أن يستفيدوا من هذا البرنامج، وأن يحمدوا الله ويشكروه على ما يسره لهم سبحانه وتعالى، وكان الناس يسعون للعلم من أماكن بعيدة إلى المساجد، وإلى العلماء في بيوتهم يطلبون العلم، وربما سافر الرجل من بلاد بعيدة إلى العالم يطلب منه فائدة، وسافر جابر بن عبد الله إلى الشام في حديث واحد، وسافر غيره إلى مصر في حديث واحد، وهم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فأنت يا عبد الله! وأنت يا أمة الله! يسر الله لكما هذا البرنامج من الأثير وأنتم في بيوتكم، أنتم في فرشكم، أنتم في مساجدكم، في أي مكان، هذه نعمة من الله عظيمة، فأنا أوصي وأنصح كل مسلم وكل مسلمة أن يستفيد من هذا البرنامج، وأن يسأل عما أشكل عليه، من طريق هذا البرنامج، وهذه نعمة من الله عظيمة يسرها للمسلمين، فأسأل الله أن يوفق القائمين على هذا البرنامج لإصابة الحق، وأن يعينهم على إبلاغ رسالة الله وأمره ونهيه للأمة في كل مكان، وأن يوفق المسلمين في كل مكان إلى أن يستمعوا هذا البرنامج ويستفيدوا منه، وإذا أشكل على أحد من ذلك شيء وتوقف في شيء فليعد السؤال، ويسأل أهل العلم في أي مكان حتى يطمئن، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. نعم.
المقدم: سؤال أخينا لو تكرمتم سماحة الشيخ بالنسبة للاستماع إلى البرنامج في المساجد؟
الشيخ: لا بأس الفتح، بالراديو في المسجد لسماع هذا البرنامج، أو لسماع العلم غير هذا البرنامج لا بأس به، فإذا جاءت الموسيقى أو جاء شيء لا يرضى يقفل، يقفل عما لا يرضى، ويفتح عن أهل العلم والقرآن ونحو ذلك.
المقدم: طيب، طيب.
السؤال: هل يصح أن يحتفظ بالزكاة من أجل إعطائها لأحد الفقراء الذين لم أتصل به بعد؟
الجواب: إذا كانت المدة يسيرة غير طويلة فلا بأس، يحتفظ بالزكاة حتى يعطيها بعض الفقراء من أقاربه، أو من هو أشد فقراً وحاجة، لكن لا تكون مدة طويلة، ولكن أيام غير كثيرة. نعم.
المقدم: طيب وسواء في ذلك زكاة الأموال أو الأبدان سماحة الشيخ؟
الشيخ: نعم نعم، لكن زكاة البدن لا، تقدم على العيد، زكاة البدن يجب تقديمها على صلاة العيد كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتخرج قبل العيد بيومين أو ثلاث لا بأس. نعم.
المقدم: لكن إذاً هي لا تؤجل؟
الشيخ: لا تؤجل بعد العيد لا.
السؤال: هل يصح إعطاء الزكاة لذمي؟
الجواب: الزكاة على قول الجمهور لا تعطى للذميين الكفرة، وهو الصواب، الزكاة مواساة للمسلمين، وعناية بسد حاجتهم وفقرهم، فيجب أن توزع على المسلمين؛ لسد حاجتهم وفقرهم. نعم.
السؤال: إذا مات الإنسان وترك مالاً ولكنه لم يتزوج وليس له ولد ولا والدان، لكن له أخوات، كيف يمكن توزيع تركته؟
الجواب: إذا مات الإنسان وليس خلفه والد، ولا ولد، ولا زوجة؛ وإنما خلف أخوات، تقسم التركة على الأخوات، يعطاها الأخوات فرضاً ورداً، إن كانت واحدة أخذت المال كله، وإن كن ثنتين قسم بينهما، وإن كن ثلاث كذلك قسم بينهن على السواء إذا كن من جهة واحدة، كأخوات أشقاء جميعاً، أو أخوات لأب جميعاً، أو أخوات لأم جميعاً، يقسم بينهم كالعصبة، فرضاً ورداً، فإذا ترك مثلاً ثلاث أخوات من أمه وأبيه جعل المال بينهن أثلاثاً فرضاً ورداً، على أصح قولي العلماء، يعطون الثلثين فرضاً والباقي رداً، وهكذا إذا كن أخوات لأب ثلاثاً أو أربعاً أو أكثر، يعطون المال فرضاً ورداً، الثلثين فرضاً، والباقي رداً كالعصبة، وهكذا لو كن أخوات من الأم ثنتين أو أكثر، يعطون الثلثين فرضاً والباقي رداً في أصح قولي العلماء.
أما إن كن مختلفات، فإنه يوزع بينهن على حسب فروضهن، فإذا كان الموجود أختاً شقيقة وأختاً لأب، وليس هناك عصبة، ما وراءه عصبة، لا بني عم ولا غيرهم ما فيه عصبة، ما فيه إلا الأخوات أخت شقيقة وأخت لأب يجعل المال بينهم على أربعة سهام: ثلاثة للأخت الشقيقة، وسهم للأخت لأب وهو السدس فرضاً ورداً، والشقيقة تأخذ النصف فرضاً ورداً، أصلها من ستة تعطى النصف الشقيقة النصف ثلاثة، والأخت لأب السدس، واحد تكملة الثلثين، ويبقى اثنان يردان عليهما، يعطى الأخت لأب نصف واحد، والأخت للشقيقة واحد ونصف، فيرجع الأمر إلى أربعة، يرجع الأمر إلى أربعة من ستة، فيكون المال بينهما على أربعة سهام: للشقيقة ثلاثة سهام فرضاً ورداً، وللأخت لأب سهم واحد فرضاً ورداً، وهكذا لو كانت أخت شقيقة ومعها أخت لأم، تعطى الشقيقة ثلاثة من ستة فرضاً ورداً، والأخت لأم واحد فرضاً ورداً، ويرجع الأمر إلى أربعة مثل ما تقدم في الشقيقة والأخت لأب.
وهكذا لو كان أخت لأب مع أخت لأم، تعطى الأخت لأب النصف، وتعطى الأخت لأم السدس واحد يبقى اثنان يردان عليهما، ترجع المسألة إلى أربعة: للأخت لأب ثلاثة فرضاً ورداً، والأخت لأم واحد فرضاً ورداً.
أما إن كان الموجود أخوات لأم ثنتين أو أكثر وليس له عصبة بالكلية لا بني عم ولا غيرهم؛ فإن المال يعطاه الأخوات لأم فرضاً ورداً، الثلث فرضاً، والثلثان رداً عليهما ثنتين أو ثلاث أو أكثر، لهن الثلث فرضاً، والبقية رد عليهن، فإذا كن ثلاث صار بينهن أثلاثاً، وإذا كن أربع صار بينهن أرباعاً الأخوات لأم أو أخوة لأم ذكور؛ لأن فرضهم الثلث إذا كانوا اثنين فأكثر، وما زاد هو لهم بالرد، فإذا كانوا إخوة لأم ذكور أو إناث أو ذكور وإناث فأمرهم واحد، وإرثهم سواء على السواء، لا فرق بين الذكر والأنثى، يعطون الثلث فرضاً والباقي رداً عليهم. نعم.
المقدم: سماحة الشيخ! انتهى وقت هذه الحلقة، كلنا أمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير إن شاء الله تعالى.
الشيخ: نرجو ذلك، والحمد لله.
المقدم: مستمعي الكرام كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم أخونا عبد الله عريف الحربي. شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر