إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (120)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    كيفية صيام الست من شوال وحكم ترك صيامها

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    باسمكم وباسمي نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ في استعراض بعض من رسائل السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة: شيخ عبد العزيز رسالة وصلت إلينا من الأردن، محافظة الكرك، باعثها أخونا سعيد عيد أبو عبدون ، أخونا يقول: هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام من شهر شوال أم أن صيام هذه الأيام لها وقت معلوم؟ وهل إذا صام المسلم هذه الأيام تصبح فرضاً عليه، ويجب عليه صيامها كل عام؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهذه الست ليس لها أيام معدودة معينة، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإن شاء صامها في أوله، وإن شاء صامها في أثنائه، وإن شاء صامها في آخره، وإن شاء فرقها، صام بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، الأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل من باب المسارعة إلى الخير، ولكن ليس في هذا ضيق بحمد الله، بل الأمر فيها واسع إن شاء تابع وإن شاء فرق، ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين فلا بأس؛ لأنها نافلة، تطوع ليست فريضة، فإذا صامها في بعض السنين وتركها في بعض السنين، أو صام بعضها وترك بعضها فلا حرج عليه والحمد لله.

    1.   

    حكم الاستحمام بماء إحدى البرك بنية الشفاء والذبح عندها

    السؤال: أخونا يقول: توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية، والتي يطلق عليها: برك سليمان بن داود، فيقصدها الناس للاستجمام والشفاء، ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولهم، فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح؟ أفيدونا بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء.

    الجواب: إذا كان الماء المذكور مجرباً معروفاً ينفع من بعض الأمراض، فلا بأس بذلك؛ لأن الله جعل في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض، فإذا عرف بالتجارب أن هذا الماء ينفع من بعض الأمراض المعينة كالرومتزم أو غيره، فلا بأس بذلك.

    أما الذبائح ففيها تفصيل: فإن كان الذبائح إنما تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك، وما يقع لهم من ضيوف، فلا بأس بذلك، فإن كانت تذبح لأجل شيء آخر؛ لأجل التقرب إلى الماء؛ أو التقرب إلى الجن؛ أو التقرب إلى الأنبياء؛ أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة.. هذا لا يجوز؛ لأن الله يقول سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163]، ويقول سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]، فالذبح لله، والنسك لله، والصلاة لله، فليس له أنه يذبح للجن، أو للنجم الفلاني، أو الكوكب الفلاني، أو الماء الفلاني، أو النبي الفلاني، أو شخص أي شخص، بل التقرب كله لله وحده سبحانه وتعالى، بالذبائح والصلوات وسائر العبادات، يقول سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]، ويقول عز وجل: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].

    والذبح من أهم العبادات، ومن أفضل العبادات، فإذا كان المقصود من هذه الذبائح الأكل؛ لأنهم جالسون هناك، فيذبحونها للأكل والحاجة فلا بأس، أما إن كان الذبح لأمر آخر ولقصد آخر، إما لأجل المكان من أجل مسألة الماء، يذبح من أجل الماء، أو من أجل الجن، أو من أجل ملك من الملائكة يقصدونه، أو نبي من الأنبياء يقصدونه ويتقربون إليه، أو أي شخص كان، أو أي كوكب، أو أي صنم، أو أي وثن، هذا كله شرك بالله عز وجل، فيجب الحذر والله المستعان. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، من حديث علي رضي الله عنه أمير المؤمنين.

    1.   

    كيفية قضاء المسلم لما فاته من الصلوات

    السؤال: سؤاله الأخير: كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة أي: صلاة بكاملها، كصلاة الفجر مثلاً؟ وهل إذا كانت الصلاة جهرية، يجب عليه أن يجهر بها؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

    الجواب: من كان عليه صلوات يقضيها كما لو أداها، إن كانت جهرية قضاها جهراً كالفجر والعشاء والمغرب، وإن كانت سرية قضاها سراً كالظهر والعصر، يقضيها كما يؤديها في وقتها، هذا إذا كان تركها عن نسيان، أو عن نوم، أو عن شبهة مرض يزعم أنه لا يستطيع فعلها وهو في وقت المرض، فأخرها جهلاً منه، هذا يقضيها كما كانت.

    أما إذا كان تركها تعمداً ثم هداه الله وتاب فليس عليه قضاء؛ لأن تركها كفر إذا كان تعمد، فإذا تاب إلى الله من ذلك فليس عليه قضاء وإنما التوبة تمحو ما قبلها، إذا تاب توبة صادقة من تركه الصلاة؛ محا الله عنه بذلك ما ترك، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء؛ إنما القضاء في حق من تركها نسياناً، أو جهلاً منه بوجوب أدائها بسبب مرض أصابه، فأراد أن يؤخرها حتى يصليها وهو صحيح؛ أو بسبب نوم، هذا هو الذي يقضي.

    أما الذي يتركها تعمداً نعوذ بالله من ذلك، فهذا كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، في أحاديث أخرى تدل على ذلك.

    فالخلاصة أنه إذا تركها عمداً تهاوناً بها أو جحداً لوجوبها كفر، فإن كان جاحداً لوجوبها كفر إجماعاً، أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلاة كفر إجماعاً نسأل الله العافية.

    أما إن تركها تهاوناً وتكاسلاً فهذا قد شابه المنافقين وذلك كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فعليه التوبة إلى الله التوبة الصادقة النصوح، المتضمنة الندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والعزم أن لا يعود لمثل ذلك، فهذا تكفيه التوبة والحمد لله، ولا قضاء عليه.

    1.   

    صفة قضاء ما فات من الركعات في الصلاة الجهرية للمسبوق

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين من تشاد يقول: أنا السائل شعيب آدم من تشاد مدينة مندو، أتقدم لكم بسؤالين راجياً منكم الإجابة وفقكم الله، السؤال الأول: إذا كان حضرت مع الإمام في صلاة العشاء، وكان ذلك في الركعتين الأخيرتين وهن سراً، فماذا أفعل في الركعتين اللتين فاتتا، هل أقرأ فيهما سراً أم جهراً؟

    الجواب: الصواب أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، وفي اللفظ الآخر: (فاقضوا) يعني اقضوا بمعنى: أتموا، فالقضاء هنا بمعنى التمام جمعاً بين الروايتين؛ ولأن رواية التمام أكثر، ومعناها أظهر، وهذا معنى قوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [النساء:103] يعني: أتممتموها: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة:200] يعني: أتممتم، فإذا أدرك ركعتين من العشاء مثلاً، أو أدرك ركعتين من المغرب؛ فإنه يقضي الباقي على حسب الحال: فإن كان المغرب قضى الثانية بالجهر والثالثة بغير الجهر، وإن كان العشاء فإنه يقضيهما سراً من دون جهر ويكتفى بالفاتحة فقط؛ لأنهما آخر صلاته، والحمد لله. نعم.

    1.   

    حكم الصلاة خلف صوفي يرسل يديه ويقدم ركبتيه قبل يديه عند السجود

    السؤال: إذا حضرت بقرية وكان إمامها من أهل الصوفية، ولا يقبض يديه في الصلاة، ولا يدلي بركبتيه قبل يديه إلى السجود، فهل تجوز صلاتي خلفه أم لا؟

    الجواب: إذا كان موحداً معروفاً بالتوحيد، ليس مشركاً؛ وإنما عنده شيء من الجهل أو التصوف، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يعبد المشايخ ويدعوهم من دون الله كالشيخ عبد القادر أو غيره، بل يعبد الله وحده، فمجرد كونه لا يضم يديه لا يمنع، هذا أمر مسنون ضم اليدين، وجعل اليمنى على اليسرى على الصدر هذا مستحب، فمن أرخاهما وأرسلهما فلا حرج عليه وصلاته صحيحة، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وهو المعروف في مذهب مالك رحمه الله عند أصحابه، لكن الصواب والمشروع أنه يضم، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة يضم اليمنى إلى اليسرى، ويجعلهما على صدره، ويجعل اليمنى فوق كف اليسرى والرسغ والساعد هذا هو الأفضل، وهذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود والنسائي وآخرون عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر ، وهكذا جاء له شاهد عند أحمد رحمه الله في مسنده من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على صدره)، فالمقصود من هذا هو الأفضل، لكن من أرسل فلا حرج صلاته صحيحة، وهكذا إذا قدم ركبتيه قبل يديه هذا هو الأفضل، وقال آخرون: يقدم يديه قبل ركبتيه؛ لما ورد في ذلك من حديث أبي هريرة ، والأمر في هذا واسع، فلا يضر الصلاة قدم ركبتيه أو قدم يديه، الأمر كله واسع، والصلاة صحيحة، لكن الأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه هذا هو الأفضل، وهذا هو المعتمد، يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل، وهذا هو المعتمد من حيث الدليل، وإن قدم يديه ثم ركبتيه فلا حرج في ذلك، والصلاة صحيحة والحمد لله، ولا مانع من الصلاة خلف من يفعل ذلك. نعم.

    1.   

    صفة الملابس الساترة للمرأة عن الأجانب

    السؤال: من جمهورية مصر العربية باعث رسالة أخونا مستور هارون سليمان من قرية النزيلة، أخونا يقول: إننا نسكن في صحراء، والناس كلهم بدو، وهناك النساء تلبس ثياب تغطي العورة ولكنها قصيرة، وبعض الأحيان ضيقة، بم تنصحون هؤلاء؟

    الجواب: لا شك أن الواجب على النساء التستر، والبعد من التبرج، وإظهار المحاسن، يقول الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33]، قال علماء التفسير: معنى التبرج: إظهار المحاسن والمفاتن، فالواجب على المرأة أن تكون مستترة متحجبة بعيدة عن الفتنة، كما قال الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، فأطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء التستر والتحجب من جهة النساء، وعدم التبرج حتى لا تَفتن ولا تُفتن، وقال عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ .. [النور:31] الآية، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]، والجلباب: شيء تضعه المرأة فوق رأسها أو على جميع بدنها فوق ثيابها الخاصة؛ للستر والبعد عن الفتنة، هكذا ينبغي للمرأة سواء كانت بدوية أو حضرية، إفريقية أو غير ذلك، الواجب عليها أن تلتزم بحكم الإسلام، وأن تجتهد في ستر عورتها، وأن تكون ثيابها وسطاً لا ضيقة تبين حجم العورة، ولا واسعة تبين العورة ولكن وسط، خير الأمور أوساطها، تكون وسطاً، وتكون مستورة الوجه والرأس والبدن كله عند الأجناب، عند وجود الأجنبي من الرجال ليس محرماً لها، وهكذا في صلاتها تستر جميع بدنها في صلاتها ما عدا الوجه فلا بأس بكشفه في الصلاة، بل مشروع لها أن تكشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، أما الكفان فإن كشفتهما فلا بأس، وإن غطتهما فهو أفضل، وأما القدمان فيستران في الصلاة عند جمهور أهل العلم، تسترهما بإرخاء الثياب إذا كانت طويلة، أو بلبس الجوارب في رجليها حال أداء الصلاة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

    1.   

    نصيحة إلى مستمعي الأغاني

    السؤال: الأخ هارون أيضاً يقول: إن النساء هناك يستمعن إلى الأغاني، ويرجو من سماحة الشيخ النصيحة؟

    الجواب: نصيحتي لجميع الرجال والنساء عدم استماع الأغاني؛ فالأغاني خطرها عظيم؛ وقد بلي الناس بها في الإذاعات وفي التلفاز وفي أشياء كثيرة من الأشرطة وهذا من البلاء.

    فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء أن يحذروا شرها، وأن يعتاضوا عنها بسماع ما ينفعهم من كلام الله عز وجل، ومن كلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كلام أهل العلم الموفقين في أحاديثهم الدينية وندواتهم ومقالاتهم، كل ذلك ينفعهم في الدنيا والآخرة.

    أما الأغاني فشرها عظيم، وربما سببت للمؤمن انحرافاً عن دينه، والمؤمنة كذلك، وربما أنبتت النفاق في القلب بكراهة الخير؛ لأن النفاق أصله كراهة الخير وحب الشر، إظهار الإسلام وإبطان سواه.

    فالنفاق خطره عظيم، والأغاني تدعو إليه، فإن من اعتادها ربما كره سماع القرآن، وسماع النصائح والأحاديث النافعة، وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وربما جرته إلى حب الفحش، والفساد، واعتياد الفواحش والرغبة فيها، والتحدث مع أهلها، والميل إليهم. فالواجب على أهل الإيمان من الرجال والنساء الحذر من شرها، يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [لقمان:6-7].

    يقول علماء التفسير: إن لهو الحديث هو الغناء، ويلحق بذلك كل صوت منكر، كالمزامير وآلات الملاهي، هكذا قال أكثر علماء التفسير رحمة الله عليهم.

    وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هو والله الغناء. وكان يقسم على ذلك، ويقول: إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. يعني: الزرع، ومعنى ذلك: أنه يسبب للإنسان كراهة الخير وحب الشر، كراهة الذكر والقرآن ونحو ذلك، وحب الأغاني والملاهي وأشباه ذلك، وهذا نوع من النفاق؛ لأن المنافق يتظاهر بالإسلام ويكرهه في الباطن، يتظاهر بأنه مؤمن وهو في الباطن ليس كذلك، يتظاهر بحب القرآن وهو في الباطن ليس كذلك؛ فالأغاني تدعو إلى ذلك، تدعو إلى كراهة سماع القرآن والاستماع له، وتدعو إلى كراهة سماع الذكر والدعوة إلى الله، ويدعو أهلها يعني: الغناء يدعو أهله إلى خلاف ذلك، إلى حب المجون وحب الباطل، وحب الكلام السيئ، وحب الكلام في الفحش والغناء والمحبة، ونحو ذلك مما يتسبب عن الغناء مما يجر إلى انحراف القلوب؛ ومحبتها لما حرم الله، وكراهتها لما شرع الله سبحانه وتعالى، وهذا واضح ممن جرب ذلك، فإن من جرب ذلك وعرف ذلك يعلم هذا، وهكذا الذين عرفوا أصحاب الغناء، وعرفوا أحوالهم، يظهر عليهم من الانحراف والفساد؛ بسبب حبهم للغناء ما هو شر عظيم، وفساد كبير لمن اعتاد ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    ضوابط ظهور المرأة أمام أقاربها الأجانب مع وجود المحرم

    السؤال: رسالة وصلت من جمهورية مصر أيضاً، وباعثتها إحدى الأخوات من هناك، تقول: الفقيرة إلى الله (ع. ع. أ) أختنا لها أربعة أسئلة، تقول في سؤالها الأول: هل يجوز أن أظهر على ابن عم لي مع وجود محرم مكشوفة الوجه، مع العلم أنني منقبة؟ وما الفرق بين الحجاب والخمار والنقاب؟ وما هو الواجب شرعاً؟

    الجواب: الظهور والبروز للسلام على ابن العم وابن الخال والجيران والأقارب غير المحارم لا بأس به، تظهر وتسلم عليهم، لا مانع لك من السلام على أقاربك من أولاد الخال وأولاد الخالة وأولاد العم وأولاد العمة، لكن مع الستر، مع الحجاب، تسلمين عليهم وتردين عليهم السلام، وتسألينهم عن أهلهم وأولادهم لا بأس وعن أحوالهم، هذا كله طيب، وهذا كله من حسن الخلق، (البر حسن الخلق)، والله جل وعلا شرع لنا السلام بدءاً ورداً، ولكن عليك الحجاب، سواء كان بخمار أو بنقاب أو بغير هذا من أنواع الستر، فالمرأة عليها الحجاب عن الأجانب ولو كانوا بني عم، ولو كانوا بني خال، أو بني خالة، كما قال الله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، والحجاب يكون من وراء الباب، ومن وراء الستر، ومن وراء في داخل الخيمة، من وراء الخمار على الوجه، تستر نفسها، تستر شعرها وبدنها بالخمار وهي جالسة مع الجماعة تسلم عليهم وترد عليهم، لكنها مستترة بحجابها بخمارها بجلبابها بغير ذلك.

    والنقاب إذا كان ساتراً ما عدا العين أو العينين يكفي، ولكن الخمار أفضل منه وأتم ستراً، والواجب على المرأة في مثل هذا تقوى الله سبحانه وتعالى، والحرص على البعد عن أسباب الفتنة، لا تَفتن ولا تُفتن، هذا هو الواجب عليها، ويقول جل وعلا: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ .. [النور:31] الآية، فالله وضح لعباده ما ينبغي، وشرع لهم ما ينبغي، ونهاهم عما يضرهم سبحانه وتعالى، والزينة تشمل الوجه والشعر وغير ذلك، فلا يجوز إبداؤها إلا للمحارم، وأما التحدث مع الأقارب فلا بأس به إذا كانوا غير محارم كما تقدم، لكن لا تصافح، تسلم عليهم ترد عليهم السلام لكن من دون مصافحة، المصافحة تكون للمحرم لأخيها عمها خالها أو للنساء، أما مصافحة الرجال الأجانب ولو كانوا بني عم فلا تجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أرادت بعض النساء أن تصافح في البيعة قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: (ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، هذا هو المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام، ولنا فيه أسوة، كما قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]؛ ولأن المصافحة فيها من الخطر ما فيها، حتى قال بعض أهل العلم: إنها أشد من النظر، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

    1.   

    صفة ما يغطي وجه المرأة عند وجود الأجانب

    السؤال: تسأل أختنا سماحة الشيخ: الواجب شرعاً هل هو النقاب أو الخمار أو الحجاب؟

    الجواب: كله معناه واحد، الحجاب يكون بالخمار، ويكون بالنقاب، ويكون بالجلباب، أو يكون بغير ذلك، أو يكون من وراء الباب، في حجرة وهو في حجرة، أو في خيمة وهو في خيمة، أو من خارج الخيمة، المقصود سترها نفسها عن الأجنبي ولو بالخمار الذي تلقيه على رأسها ووجهها، أو بالجلباب الذي تلقيه على وجهها ورأسها، أو بالنقاب الذي لا تبدو منه إلا العين أو العينان والبقية مستورة الوجه كله مستور ما عدا العين حتى تنظر، أو العينين حتى تنظر. نعم.

    المقدم: وخطر العين سماحة الشيخ؟

    الشيخ: إيه لكنها أسهل من الكشف، روي عن ابن عباس أنه قال: لا مانع من العين. رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: تبدي عيناً واحدة، فإذا أبدت عيناً واحدة أو العينين لا محظور إن شاء الله.

    1.   

    توضيح حديث: (استوصوا بالنساء خيراً..)

    السؤال: أختنا تسأل وتقول في الحديث: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ..) إلى آخر الحديث، الرجاء توضيح معنى الحديث، مع توضيح: أعوج ما في الضلع أعلاه؟

    الجواب: هذا حديث صحيح رواه الشيخان في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استوصوا بالنساء خيراً)، هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيراً، وأن يحسنوا إليهن، وأن لا يظلموهن، وأن يعطوهن حقوقهن، هذا واجب على الرجال من الآباء والإخوة والأزواج أن يتقوا الله في النساء، وأن يعطوهم حقوقهن، هذا هو الواجب؛ ولهذا قال: (استوصوا بالنساء خيراً)، وينبغي أن لا يمنع من ذلك كونها قد تسيء إلى زوجها أو إلى أقاربها بلسانها أو بغير ذلك؛ لأنهن خلقن من ضلع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، (وإن أعوج ما في الضلع أعلاه)، ومعلوم أن أعلاه ما يلي منبت الضلع، فإن الضلع يكون فيه اعوجاج هذا هو المعروف فيه، فالمعنى: أنه لا بد يكون في خلقها شيء من العوج والنقص، ولهذا في الحديث الآخر في الصحيحين: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن)، فبين صلى الله عليه وسلم أنهن ناقصات عقل ودين، وإن كن لا يرضين بذلك في الغالب، يكرهن أن يسمعن هذا الكلام إلا من هداه الله ووفقه، فالمقصود أن هذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ثابت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.

    ومعنى نقص العقل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أن شهادة إحداهن بنصف الرجل، فالمرأتان برجل، هذا من نقص العقل، ومن نقص الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تمكث الأيام والليالي لا تصلي)، يعني: من أجل الحيض، وهكذا في النفاس، وهذا نقص كتبه الله عليها، فينبغي لها أن تعترف بذلك، ولا يمنع من هذا كون بعضهن عندها حذق وعندها معرفة وعندها بصيرة، لكن لا يمنع ذلك من كون النقص موجود، فهي مهما بلغت من العلم، ومهما بلغت من الذكاء والبصيرة، هذا النقص لازم لها، هذا نقص لابد منه، فشهادة المرأتين برجل، وهكذا ما يصيبها من الحيض والنفاس هذا واقع، فينبغي للمرأة أن تعرف قدرها، وأن تقف عند حدها، وأن تسأل الله التوفيق، وأن تجتهد في الخير، أما أن تحاول مخالفة الشريعة فيما بين الله ورسوله فهذا غلط منها ونقص عليها، وهو من نقصها أيضاً، والله المستعان.

    1.   

    حكم القتل بالنار للحشرات المؤذية

    السؤال: الحشرات التي توجد في البيت مثل: النمل والصراصير وما أشبه ذلك، هل يجوز قتلها بالماء أو بالحرق، وإن لم يجز فماذا نفعل؟

    الجواب: هذه الحشرات إذا حصل منها الأذى تقتل لكن بغير النار، تقتل بالمبيدات التي غير النار؛ لأذاها فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس من الدواب كلهن فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور والعقرب)، في اللفظ الآخر: (والحية) سادسة ، فهذه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أذاها أنها فواسق، يعني: مؤذية، قد خرجت عن طبيعة أشباه غيرها من عدم الأذى وهي مؤذية؛ فلهذا قال: (يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور)، وكذلك: (الحية) كما في الرواية الأخرى عند مسلم ، فالمقصود أن هذه وما أشبهها يقتلن في الحل والحرم، فإذا وجد أذى من غيرها كالنمل إذا آذى يقتل، أو الصراصير تقتل، أو الخنافس، أو غيرها لما يؤذي يقتل، نعم، لكن بالمبيدات لا بالنار. نعم.

    المقدم: ليس بالنار؟

    الشيخ: نعم.

    1.   

    حكم الخروج من الصلاة إذا دق جرس الباب

    السؤال: إذا كنت أصلي وجرس الباب يدق ولم يوجد في البيت غيري فماذا أفعل؟ وإذا خرجت من الصلاة فهل علي إثم؟

    الجواب: الصلاة تختلف: إن كانت نافلة فالأمر أوسع، لا مانع من قطعها ومعرفة من يدق الباب، أما في الفريضة فلا ينبغي التعجل إلا إذا كان هناك شيء يخشى فوته مهم، وإذا أمكن التنبيه بالتسبيح من حق الرجل أو المرأة تصفق حتى يعلم الذي عند الباب أنها مشغولة بالصلاة كفى ذلك، تصفق حتى يعلم أنها مشغولة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نابه شيء في صلاته، فليسبح الرجال ولتصفق النساء)، فإذا أمكن إشعاره بأن المرأة في الصلاة بالتصفيق، أو الرجل في الصلاة بالتسبيح فعل ذلك، فإن كان هذا لا ينفع للبعد وعدم سماعه لذلك، فلا بأس أن يقطعها للحاجة، في النافلة خصوص، أما الفرض فإن كان الشيء مهم ويخشى أنه مهم، فلا بأس أيضاً بالقطع، ثم يعيدها من أولها والحمد لله. نعم.

    المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.

    الشيخ: وفق الله الجميع.

    المقدم: مستمعي الكرام كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا مطر محمد الغامدي . شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767946680