مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة سماحة الشيخ رسالة وصلت إلى البرنامج من المدينة المنورة، باعثها أخونا صالح عبد الرحمن الصويان أخونا يسأل عن مؤتمر يقول: إنه عقد في أمريكا، وهذا المؤتمر من ضمن توصياته التنبيه على بعض المنتجات، ذلكم أنها تحوي شحم الخنزير، ومن تلكم المنتجات صابون ومعجون وجبن وما أشبه ذلك، ويرجو التوجيه من سماحة الشيخ، هل لديكم علم عن هذا المؤتمر وهل لديكم علم عن تلكم المنتوجات؟ ويرجو التوجيه للناس لو سمحتم.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد وجه إلينا أسئلة عن هذا الذي ذكره السائل من المنتجات وما حصل في هذا المؤتمر وأحيل إلى الجهات المختصة هنا في المملكة، وذكرت أنه لم يرد إلى هذه المملكة شيء من ذلك، وأنه لم يثبت لنا شيء من ذلك، فالذي لدينا هو أنه لم يثبت لدينا شيء من هذا الذي يدعى أنه من لحم الخنزير أو من شحم الخنزير، وليس كل من أذاع ذلك أو ذكره يعتمد؛ لأن كثيراً من الشركات يعادي بعضها بعضاً ويكيد بعضها لبعض.
فالواجب أن لا يقبل ذلك إلا من أهل العلم والأمانة والثقة الذين وقفوا على الحقيقة وعرفوا صحة ما يدعيه بعض الناس من وجود شحم الخنزير أو لحم الخنزير في أي شيء، سواء كان جبناً أو صابوناً أو غير ذلك.
أما دعاوى بعض الشركات فلا يعتمد عليها؛ لأنها إما شركات كافرة وإما شركات متهمة، والأصل حل ما ذكر من الصابون والجبن ونحوه هذا هو الأصل، والله يقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا [البقرة:168] فالأصل حل هذه الأشياء إلا بدليل يدل على تحريمها؛ لأن الله أباح لنا طعام أهل الكتاب فما وردنا من أهل الكتاب فالأصل فيه الحل، وهم اليهود والنصارى حتى نعلم دليلاً على تحريمه أو شيئاً مادياً معلوماً يدل على تحريمه.
الجواب: الذي يظهر لي من هذا أنه لا يجوز؛ لأن ذلك أمر فيه استهانة بهذه النعم، وفيه أيضاً إضاعة للمال بلا حاجة، فهو جامع لإضاعة المال والاستهانة بهذه النعم التي في الإمكان الانتفاع بها في غير هذا الشيء، هذا هو الأظهر لي والأقرب لي والله أعلم.
الجواب: صلاة الجماعة على النساء غير واجبة، لكنها إذا تيسرت أفضل حتى يتعلم بعضهن من بعض وحتى يستفيد بعضهن من بعض، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء، فذلك يدل على أن هذا أمر معلوم عندهن في العهد الأول والقرن الأول، ومعلوم ما في هذا من الفضائل والمصالح فإن وجود امرأة ذات علم وبصيرة تؤم النساء يستفيد منها النساء كثيراً، يتعلمن كيف يصلين كيف يركعن كيف يسجدن إلى غير ذلك، فصلاتهن جماعة خلف إمامة صالحة ذات بصيرة وعلم هذا لا شك فيه أنه ينفع الجميع.
وهي تقف وسطهن، لا أمامهن بل تقف وسطهن وتجهر في الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر.
فالحاصل أنه مستحب إذا تيسر، وليس بواجب، إنما تجب الجماعة على الرجال في بيوت الله عز وجل حيث قدروا على ذلك، وأما النساء فصلاتهن منفردات جائزة، وإذا تيسرت الجماعة لهن فيما بينهن فهو حسن ولا سيما إذا وجدت امرأة لديها علم وبصيرة حتى تصلي بهن وتعلمهن الصلاة الشرعية التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهذا يعم النساء والرجال جميعاً، فعلى جميع المصلين أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة الفاهمة العالمة تعلم أخواتها في الله وبناتها وغيرهن الصلاة الشرعية، وإذا صلت بهن كان ذلك أكمل في التعليم.
الجواب: لا بد من التعليم لا بد من التوجيه للطالبات والطلبة جميعاً، على المعلم وعلى المعلمة التوجيه والإرشاد ليس المقصود التعليم فقط، مع التعليم أمر آخر، وهو التوجيه والإرشاد والتربية الصالحة فالمعلم يعلم الأولاد الصلاة ويعلمهم الأخلاق الفاضلة، ويحذرهم من الأخلاق الذميمة كالكذب والرياء والغيبة والنميمة والسب والشتم ونحو ذلك، فهكذا المعلمة تعلم الطالبات الأخلاق الفاضلة، وتحثهن على الصلاة وتحثهن على الأمانة وعلى حفظ اللسان عما لا ينبغي، هكذا ينبغي للمعلمة وهكذا ينبغي للمعلم، أن يكون تعليم معه إرشاد ومعه توجيه قولي وعملي.
السؤال: تقول: نسمع أن هناك بعض العطور تحتوي على شيء من الكحول كيف تنصحوننا؟
الجواب: نسمع هذا أيضاً من بعض الناس، والقاعدة حل العطور والأطياب التي بين الناس إلا ما علم أن به ما يمنعه من مسكر أو نجاسة ونحو ذلك، وإلا فالأصل حل العطور التي بين الناس كدهن العود ودهن الورد والعنبر والمسك وغير ذلك، فإذا علم الإنسان أن هناك عطراً فيه ما يمنع استعماله من مسكر أو نجاسة ترك ذلك.
ومن ذلك الكالونيا فإنها ثبت عندنا بشهادة الأطباء أنها لا تخلو من المسكر، أن فيها شيئاً كبيراً من الإسبيرتو وهو مسكر فينبغي تركها، إلا إذا وجدت أنواع سليمة فلا بأس، والذي نعلمه الآن وذكروا لنا الأطباء أن الكالونيا الموجودة لا تخلو من المسكر، وبعضها يكون فيه ثمانون في المائة من المسكر، فينبغي تركها والحذر منها وعدم استعمالها، لا بعد الطعام ولا في غير ذلك، وفيما أوجد الله من الأطياب غنية عنها والحمد لله.
وهكذا كل عطر أو شراب فيه مسكر يجب تركه، والقاعدة أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام) كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عليه الصلاة والسلام: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) فكل شيء علم أن كثيره يسكر فإن شربه وأكله ممنوع، ولو لم يسكر إذا كان كثيره يسكر، عملاً بهذه القاعدة التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم. نعم.
الجواب: خروج المرأة بالأطياب إلى الأسواق أمر ممنوع، ليس لها أن تخرج وليس لها أن تعين الزائرات والضيوف بذلك، بل عليها أن تنصح وأن تقول: نود أن نطيبكن ولكن خروج المرأة بالطيب في الأسواق أمر لا يجوز، ولهذا يكون ذلك نصيحة منها وعذراً لها، اللهم إلا إذا كانت المرأة في السيارات فإن السيارات لا يضر مرورها في الأسواق، لأنها لا تخالط الناس وتمر بسرعة فلا يضر ذلك إن شاء الله، إذا كانت زائرة للنساء وذاهبة للنساء فإن النساء قد يحتجن إلى هذا في ذهابهن إلى الأعراس ونحوها قد يحتجن إلى ذلك، أما امرأة تمشي في الأسواق فليس لها أن تتعاطى العطر إلا ما ظهر لونه فيها وهو مستور وخفي ريحه، أما ما يظهر ريحه للناس فإن هذا لا يجوز لها وهي تسير بين الناس في أسواقهم.
السؤال: أحد الإخوة من الخفجي ناصر عديم الدوسري أخونا يقول: شخص دخل المسجد بعد انتهاء صلاة الجماعة -صلاة العصر- وقام يصلي منفرداً، وأثناء صلاته دخل شخص آخر هل يتصل معه بالصلاة؟ وهل تعتبر صلاتهم صلاة جماعة؟
الجواب: نعم هذا هو الأفضل إذا قام يصلي وجاء آخر فالأفضل أن يصف معه عن يمينه، فإن كان الداخل اثنين صفا خلفه حتى تحصل لهم فضيلة الجماعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلاً بعد الصلاة قد دخل وفاتته الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: (من يتصدق على هذا فيصلي معه).
فالسنة أن يقوم بعض الإخوان وبعض الحاضرين فيصلي مع الداخل حتى تكون له جماعة، لكن إن كان واحداً صف عن يمينه وإن كان أكثر من واحد صاروا خلفه، هذا هو السنة وهذا هو المشروع وفي هذا فضل عظيم؛ لأن الرجل يحصل له فضل الجماعة بقيام إخوانه معه، ولو واحداً. نعم.
إذاً من قال: إن صلاة الجماعة مع الإمام الراتب فقط قول مخطئ غلط ليس له أصل، لكن الواجب البدار بصلاة الجماعة والصلاة مع الإمام وعدم التأخر، لكن متى قدر أنه تأخر لعلة من العلل ثم صادف من يصلي معه يرجى له أجر الجماعة لعموم الأدلة. نعم.
السؤال: هنا رسالة بعثها أحد الإخوة من مكة المكرمة -الزاهر- يقول فضل محمد أحمد السوداني أخونا يسأل ويقول: لي أرض بالسودان أرض زراعية ولم أستطع إصلاحها، ففكرت في إيجارها لمن يستطيع إصلاحها، وعندما شرعت في ذلك بلغني من أحد الفقهاء هناك بأن إيجار الأرض لا يجوز، يجوز أن تعطيها بجزء من المحصول ولا يجوز إيجارها فهل هذا صحيح؟
الجواب: ليس هذا بصحيح يجوز تأجير الأرض بشيء معلوم كالدراهم والأصواع المعلومة كما قال رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به) فتأجير الأرض بشيء معلوم من دراهم أو دنانير أو أصوع معلومة من جنس ما يخرج منها أو غيره لا بأس بذلك، هذا هو الذي عليه أهل العلم وهو الحق وإن كان بعض الناس قد خالف في ذلك لكن خلاف لا وجه له، والصواب أنه يجوز تأجيرها بجزء مشاع مما يخرج منها كالربع والثلث ونحو ذلك، ويجوز تأجيرها بشيء مضمون معلوم كمائة درهم ألف درهم ألف صاع ألف كيلو من الحنطة من الأرز من الشعير كل هذا لا بأس به.
أما الذي ينهى عنه فهو أن يؤجرها ببقعة منها، فيقول: لك ما نبت هنا ولي ما نبت هنا، فهذا يفضي إلى الغرر فقد تنبت هذه ولا تنبت هذه، قد تكون هذه أطيب من هذه فإذا أجره الأرض على أن له ما نبت في الجناح الشمالي أو في الجناح الغربي أو الجنوبي أو نحو ذلك هذا ليس بصحيح، أو قال لك أو لي: ما نبت على السواقي -على الجداول مثلاً- وأما ما سوى ذلك فللآخر فهذا كذلك لا يصلح، وقد نص على ذلك في رواية رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يكون فيه جهالة، وإنما يجوز تأجيرها بشيء معلوم مضمون من آصع أو دراهم أو دنانير أو نحو ذلك، أو بجزء مشاع معلوم كالربع والثلث والنصف ونحو ذلك، هذا هو الذي يجوز. نعم.
سؤالي الأول: والدتي أمية لا تعرف القراءة والكتابة، فهل يجوز لي أن أقرأ القرآن في فترة حياتها وأنوي ثوابه لها؟ وإذا كان يجوز فما حكم التلفظ بالنية في هذه الحالة؟ تنبيه: والدتي حية ترزق وأنا أعلم أنه لا يجوز القراءة للميت.
الجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من قال: يجوز أن يقرأ الإنسان للميت ويثوب له أو للحي ويثوب له، ولكن هذا ليس عليه دليل، والأظهر أنه لا ينبغي هذا الأمر وأن الأولى والأحوط أن لا يقرأ أحد لأحد؛ لأن هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، والعبادات أصلها توقيفي فلا يفعل منها إلا ما جاء به الشرع لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
فالذي أنصح به أن لا تقرئي لها شيئاً سواء كانت حية أو ميتة، ولكن ما دامت حية والحمد لله تعلمينها ما تيسر حتى تستفيد، تعلمينها بعض السور القصيرة تصبرين على تعليمها، كما تعلمينها الفاتحة إذا كانت لا تحسنها وتجتهدين في ذلك وتصبرين وأنت على خير عظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) خيار الناس من تعلم القرآن الكريم وعلمه الناس، واستفاد من ذلك وعمل به، فأنت على خير عظيم في تعليم الوالدة وإرشادها وتحفيظها ما تيسر من كتاب الله ولك الأجر العظيم.
أما الدعاء لها والصدقة عنها في المال هذا شيء طيب ينفعها حية وميتة.
الجواب: الذهب هو الذي فيه الزكاة إذا كان للبس، وأما الأحجار الكريمة من اللؤلؤ والماس وأشباه ذلك فهذه لا زكاة فيها، فإذا كانت قلائد أو غيرها فيها هذا وهذا فإن المرأة أو زوجها أو أولياءها ينظرون ويتأملون ويقدرون الذهب فما غلب على الظن كفى في ذلك، فإذا بلغ النصاب زكي، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي والفرنجي إحدى عشر جنيهاً ونصف سعودي، وبالغرامات اثنين وتسعين غراماً، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار ففيها الزكاة، وإذا كانت فيها فصوص وماس وأشباه ذلك، قدر الذهب بغالب الظن واجتهد أو عرض على أهل الخبرة الذين قد يكون تمييزهم أكثر حتى يقدروا الذهب، فإذا بلغ الذهب هذا المقدار يعني: اثنين وتسعين غرام -عشرين مثقال إحدى عشرة جنيهاً ونصف سعودي أو فرنجي- هذا هو النصاب، فيزكى كل سنة وفيه ربع العشر في كل ألف خمساً وعشرون، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم فيما يتعلق بالحلي.
أما إن كانت للتجارة فإنها تزكى كلها، إذا كانت الحلي للتجارة وما فيها من لآلئ أو ماس للتجارة فإنها تزكى كلها، حسب القيمة كسائر عروض التجارة عند جمهور أهل العلم وحكاه بعضهم إجماع أهل العلم.
السؤال: أختنا تقول: ما حكم من نسي دعاء القنوت في صلاة الوتر وسجد قبل أن يدعو به؟ وهل يجبره سجود السهو؟
الجواب: ليس عليه شيء من نسي قنوت الوتر فلا شيء عليه، ولا يلزمه سجود السهو، فإن سجد فلا بأس ولكن لا يلزمه؛ لأن قنوت الوتر مستحب وليس بواجب وإذا تركه بعض الأحيان عمداً فلا بأس، كما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فالأمر في هذا واسع والحمد لله. نعم.
السؤال: ما الحدود التي تستطيع المرأة المسلمة كشفها أمام المرأة الكافرة كالبوذية مثلاً؟ وهل صحيح أنه لا يجوز لها إلا كشف وجهها وكفيها؟
الجواب: الصحيح أن المرأة تكشف للمرأة سواء كانت مسلمة أو كافرة، هذا هو الصحيح، ما فوق السرة وتحت الركبة، أما ما بين السرة والركبة فهو عورة لجميع النساء لا تراه المرأة، سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة قريبة أو بعيدة ما بين السرة والركبة، كالعورة للرجل مع الرجال بين السرة والركبة، فللمرأة أن ترى من المرأة صدرها ورأسها وساقها ونحو ذلك لا بأس في هذا، كالرجل يرى من الرجل صدره وساقه ورأسه ونحو ذلك.
وأما قول بعض أهل العلم أن المرأة الكافرة لا يكشف لها فهو قول مرجوح، ذهب إليه بعض أهل العلم، قالوا: إنها كالرجل لقوله تعالى: أَوْ نِسَائِهِنَّ [النور:31]ولكن الصواب أن المراد بـ (نِسَائِهِنَّ) يعني جنس النساء، مسلمات أو كافرات لا حرج في إبداء الزينة لهن، هذا هو الصواب.
وقد كانت اليهوديات في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا الوثنيات يدخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لحاجتهن فلم يحفظ أنهن كن يستترن منهن رضي الله عنهن وأرضاهن، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن أتقى الناس وأفضل النساء ومع هذا ما كن فيما بلغنا يستترن عمن يدخل عليهن من اليهوديات ونحوهن.
فالحاصل: أن المرأة لا بأس أن تكشف للمرأة الكافرة كما تكشف للمسلمة، وليس عليها أن تحتجب عن النساء الكافرات، هذا هو الصواب. نعم.
السؤال: أخت لنا من المغرب تقول عائشة تسأل مجموعة من الأسئلة سماحة الشيخ، ففي سؤالها الأول: علام تجب تغطية الوجه؟
الجواب: يجب أن يغطى الوجه عن الرجال الأجانب في أصح قولي العلماء، سواء كان الأجنبي ابن عم أو ابن خال أو من الجيران أو غيرهم، لقول الله سبحانه يخاطب المسلمين في عهده صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] وهذا يعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من المؤمنات كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59] (والجلابيب): ما يوضع على الرأس والبدن من الجلباب من اللحاف الذي يغطى به الرأس والوجه والبدن، وما يوضع على الرأس يقال له: الخمار، فهي تغطي وجهها بالجلباب أو بالخمار؛ لأنه معظم زينتها وأهم زينتها ويعرف به جمالها أو دمامتها هذا هو الصواب، وقال جل وعلا: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية.
فقوله: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فسره ابن مسعود وجماعة: بالملابس الظاهرة، وفسره قوم: بالوجه والكفين، ولكن التفسير الأول أصح؛ لأنه موافق للأدلة الشرعية.
وحمل بعضهم قول من فسره بالوجه والكفين على أن هذا كان قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فيجب ستر الوجه والكفين في جميع الأحوال عن الرجل الأجنبي.
ثم قال سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] (والخمر): جمع خمار، وهو ما يستر به الرأس وما حوله، سمي خماراً لأنه يستر ما وراءه كما سميت الخمر خمراً لأنها تستر العقول وتغيرها، فالخمار يستر الوجه؛ ولهذا قال: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] (والجيب): الشق الذي في الثوب يخرج منه الرأس فإذا ألقت الخمار على وجهها ورأسها فقد سترت الجيب، وإذا كان هناك شيء من الصدر سترته أيضاً ثم قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] والزينة: تشمل الوجه تشمل الرأس تشمل بقية البدن، فيجب عليها أن تغطي هذه الزينة حتى لا تفتن وحتى لا تفتن. نعم.
الجواب: الوضوء يجب لقراءة القرآن من المصحف، أما قراءته من غير المصحف عن ظهر قلب فلا بأس إلا الجنب، فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل، لكن غير الجنب وهو الذي عليه الحدث الأصغر يوجب الوضوء هذا يقرأ عن ظهر قلب ولا يمس المصحف، لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لما كتب كتاباً إلى أهل اليمن: (لا يمس القرآن إلا طاهر) ولعموم قوله سبحانه: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة:79-80].
فهذا هو الواجب وهو الذي عليه جمهور أهل العلم منهم الأئمة الأربعة وغيرهم أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، لكن لو جعلت على يديها شيئاً كالقفازين أو غيرها ومست المصحف للحاجة فقد أجاز هذا جمع من أهل العلم، وهو قول قوي لا بأس به، ولكن إذا قرأت عن ظهر قلب واحتاطت يكون حسناً إن شاء الله فإذا توضأت قرأت من المصحف. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، نعود إلى رسالة أختنا إن شاء الله في حلقات قادمة، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.. الحمد لله.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا مطر محمد الغامدي . شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر