مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث والعلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا ننرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى برنامج من العراق- الأنبار بتوقيع المستمعة (أ.أ.) أختنا لها أربعة أسئلة: تقول في سؤالها الأول: يوجد كتاب اسمه القول الأسنى في الأسماء الحسنى وبه أشياء وأعمال أعتقد أنها سحر، ومن الأمثلة الموجودة فيه: أن يكتب الشخص (جل جلاله) ثلاث وسبعين مرة على قرطاس ويمحيه ثم يشربه، وبذلك يصبح وقوراً بين الناس، فهل هو سحر أم ماذا؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلم أطلع على هذا الكتاب، ولكن ما ذكرته السائلة مما قال فيه، وهو أن يكتب (جل جلاله) مرات معدودة ثم يشربها ويكون بهذا وقوراً هذا لا أصل له، هذا من الكذب، وهذا مما يدل على أن الكتاب ليس بمضبوط وأن صاحبه غير مضبوط، وأنه لا ينبغي الاعتماد عليه.
الجواب: لم يرد في كتابه العزيز ولا في السنة المطهرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ما يدل على الإهداء بقراءة القرآن لا للوالدين ولا لغيرهما، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع به والاستفادة منه وتدبر معانيه والعمل بذلك، كما قال الله سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29] ، قال عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ، قال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44] .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة) ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما) .
فالمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والإكثار من قراءته من أجل الثواب، والمقصود الأعظم هو العمل بهذا الكتاب العظيم، أما الإهداء للوالدين أو لغير الوالدين فلا أعلم له أصلاً يعتمد عليه وإن كان قاله بعض أهل العلم، وقالوا: إنه لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات، هذا قاله جماعة من أهل العلم لكن لا أعلم دليلاً عليه واضحاً من الكتاب أو من السنة وإنما جاء الإهداء في الصدقة، يتصدق، يدعو لوالديه ولغيرهما كل هذا طيب، يحج يعتمر لا بأس عن والديه الميتين أو العاجزين لكبر سنهما، أما إهداء القرآن أو إهداء الصلاة أو إهداء الصوم أو إهداء التسبيح والتهليل هذا لا نعلم لها أصلاً.
فالذي ننصح به ونشير به ونوصي به الترك وعدم الإهداء لكتاب الله ولا للعبادات البدنية كالصلاة ونحوها، وإنما الإهداء يكون بما شرعه الله من الصدقة والدعاء، أو الحج والعمرة للميتين أو العاجزين.
الجواب: نعم، لا يستحب ولا يشرع، المسح يكون للرأس فقط؛ من منابت الشعر إلى منتهى الشعر تمسح المرأة والرجل، أما الرقبة فليست محلاً للمسح.
الجواب: إذا كانت تتحدث معهم للدعوة إلى الله وتعليمهم العلم، وإرشادهم إلى الخير وتحذيرهم من أذى الناس وظلم الناس هذا كله طيب، أما إن كانت تتحدث معهم لسؤالهم الأشياء من عندهم وليفعلوا كذا وليفعلوا مع الناس كذا، والاستعانة بهم على ظلم الناس أو غير ذلك فلا يجوز، إنما يتحدث معهم إذا تمكنت من ذلك من دون أن تقرب إليهم بقرابين لا بسجود ولا بغير ذلك ولكن مجرد حديث تتحدث به معهم ينفعهم فلا بأس، كأن تعظهم وتذكرهم.. تدعوهم إلى الله.. تأمرهم بالمعروف.. تنهاهم عن المنكر كل هذا طيب، كما يفعل مع الإنس.
الجواب: زوجات الإخوة لسن محارم لحميهن، وليس له أن يخلو بواحدة منهن ولا أن يذهب بها وحدها إلى بيت أهلها أو إلى المستوصف أو المستشفى؛ لأن الخلوة ممنوعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) .
فالواجب على زوجات الأخ التستر والحجاب وعدم كشف الوجه، ولا غيره من محاسنهن بل عليهن التستر والحجاب وليس له الخلوة بواحدة منهن، أما التحدث إليهن عند اجتماعهن أو بحضور الأزواج لا بأس مع الستر والحجاب وعدم الفحش في القول، يعني: التحدث الطيب السليم الذي لا فحش فيه لا بأس بذلك، أما أن يخلو بواحدة منهن أو ينقلها إلى مستشفى أو غيره وحدها فلا يجوز؛ لأن هذا من أسباب الخطر، ومن أسباب تزيين الشيطان للوقوع فيما حرم الله، فلا يجوز للمؤمن أن يعرض نفسه للخطر فيعصي رسول ربه عليه الصلاة والسلام ويقع في الفتنة والتهمة، أما إذا كن ثنتين أو ثلاثاً لا يخلو بواحدة فلا بأس، إذا حمل ثنتين أو ثلاثاً إلى أهلهن أو إلى مستشفى من دون أن يتهم من دون ريبة فلا بأس بذلك، أو تحدث إليهن أو إليهما فلا بأس بذلك لعدم الخلوة، الخلوة إنما تكون بالواحدة، وكذلك إذا كان هناك ريبة يتجنب الريبة، إذا كان إخوانه يتهمونه ولا يرضون منه بأن ينقل زوجاتهم إلى بيوت أهليهن أو إلى المستشفى فلا يتعرض ذلك ويبتعد عن أسباب التهمة.
وكذلك زوجته الواجب عليه أن يحسن عشرتها وأن يستخدمها هي لا يستخدم زوجات إخوانه، يستخدمها هي ويتلطف بها ويحسن عشرتها، ويحدثها وتحدثه، هكذا يقول الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ، ويقول سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
فالواجب عليك أيها السائل أن تتقي الله وأن تحسن العشرة لزوجتك، وأن تستخدمها وأن لا تحقرها وأن لا تستخدم زوجات إخوانك بدلاً منها بل استخدمها هي وانتفع بها واستمتع بها وأحسن عشرتها وابتعد عن أسباب التهمة، هدى الله الجميع.
المقدم: سماحة الشيخ! لعل سماحتكم يتذكر الفتوى التي تفضلتم بها بخصوص السائق الأجنبي والنساء ولا سيما إذا كن داخل المدن، البعض فهم أن ذلك جائز، يجوز للسائق أن يأخذ المرأة طالما أنه داخل المدينة ويذهب بها إلى المستشفى أو إلى المدرسة ونحو ذلك، لا أدري سماحة الشيخ هل هناك من توضيح أكثر؟
الشيخ: تقدم التنبيه على هذا في بعض الأجوبة الماضية وذلك أنه لا يجوز، لا يجوز للسائق أن ينقل المرأة إلى المستشفى أو إلى غير المستشفى أو إلى المدرسة وحدها بل عليه أن يكون معها غيرها؛ لأن الخلوة فيها الخطر العظيم الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل أن الخلوة بالمرأة سواء كان في البيت أو في السيارة لا تجوز، والواجب على أهلها أن ينتبهوا لهذا الأمر ولو كانت ثقة، ولو كانت مدرسة لا تذهب وحدها فالشيطان قد ينزغ بينهما في مواعيد ضارة، فالواجب أن تكون معها امرأة أخرى أو يكون معها رجل آخر أو أم السائق أو زوجة السائق أو غيرهما، لابد يكون معهم ثالث حتى لا تقع الخلوة. نعم.
المقدم: وينطبق الحكم أيضاً حتى بالنسبة للحمو؟
الشيخ: نعم، حتى أخو الزوج نعم، وعم الزوج لا يخلو بها، أما أبوه محرم، أبوه وابنه محرم. نعم.
المقدم: وسواء كان ذلك داخل المدن أو خارجها؟
الشيخ: نعم، إذا كان سفراً ما يجوز مطلقاً، لكن هذا في داخل المدن أسهل إذا كان معهم ثالث لا بأس ولو كان غير محرم.
الجواب: لا أعلم لهذا البناء أصلاً في المساجد، والمشروع أن تكون المساجد واسعة ومستوية حتى تكون الصفوف معتدلة وحتى يكون ذلك أوسع للمصلين وأنفع لأهل البلد، فينبغي أن تكون المساجد مربعة ومستوية هذا هو الأولى والأفضل، أما كون هذا حراماً أو غير جائز فهو محل نظر، لكنه خلاف الأولى وخلاف المعتاد في بناء المساجد، لكن كونه حرام محل نظر، فإن المسجد قد يكون واسعاً لا يضره هذا، قد يكون واسعاً وتكون الصفوف الأولى قليلة والأخيرة قليلة والوسطى واسعة فيحصل بها المقصود، لكن كونه هذا هو الأفضل أو ليس بالأفضل الذي يظهر لي هو أن الأفضل أن تكون الصفوف متساوية ويكون المسجد مربعاً حتى تكون الصفوف الأولى والثانية والأخيرة كلها متقاربة، هذا هو الأفضل والأنفع للمسلمين، والله جل وعلا أعلم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. إذا كان في ذلك شبه ببناء الكنائس سماحة الشيخ فماذا تقولون؟
الشيخ: إذا كان فيه شبه ينبغي تجنبه، إذا كان فيه تشبه بالكنائس فالواجب تجنبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، فلا يجوز أن تبنى على هيئة الكنائس، ولا يجوز للمؤمن أن يتشبه بأعداء الله في كنائسهم ولا في غيرها. نعم.
المقدم: الذي يعرفه سماحة الشيخ بالنسبة لطراز المساجد أن تبقى مربعة أو مستطيلة أو أن هذه الأشكال الدائرية عرفت أيضاً؟
الجواب: المقصود أنها لا يكون فيها شبه للكنائس والبيع حق اليهود والنصارى، بل تكون على طريقة المسلمين في مساجدهم، سواء كانت متساوية من جهة الطول أو من جهة القصر المقصود تكون صفوفها متساوية ومتقاربة إلا لعلة عارضة مثل كأن تكون الأرض ضيقة أو فيها انحراف في أسفلها أو في مقدمها حتى صار بعض الصفوف أقصر لعلة فلا بأس بهذا، الأمر في هذا واسع.
المقدم: لكن من أجل الطراز المعماري أو الفن الهندسي؟
الشيخ: هذا هو محل البحث، ينبغي أن يراعى في ذلك الفن الذي سار عليه المسلمون في مساجدهم، والحذر من التشبه بأعداء الله في كنائسهم.
الجواب: هذا لا يجوز، التعبيد لا يكون إلا لله سبحانه، لا يجوز التعبيد لغير الله، قال أبو محمد ابن حزم وهو إمام مشهور: أجمع العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، فلا يجوز أن يقال: عبد الحارث، وإلا عبد علي، وإلا عبد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلا عبد الكعبة، كل هذا لا يجوز، هذا من أسماء الجاهلية، وكذلك ما يفعل بعض الشيعة عبد الحسين، عبد الحسن، عبد علي، كل هذا لا يصلح ولا يجوز، التعبيد لله وحده سبحانه وتعالى، فيقول: عبد الله، عبد الرحمن، عبد العزيز، عبد القدير، عبد الكريم، وما أشبه ذلك، أو يأتي بأسماء أخرى غير معبدة كصالح ومحمد، وسعد وسعيد، ومالك وأشباه ذلك من الأسماء التي يعرفها المسلمون وقد تسموا بها، والأمر بحمد الله واسع ليس الناس في حاجة إلى التعبيد لغير الله.
الجواب: الواجب عليك أيها السائلة أن ترفقي بالوالدة وأن تحسني إليها، وأن تخاطبيها بالتي هي أحسن وأن ترفقي بها؛ لأن الوالدة حقها عظيم وبرها من أهم الواجبات، ولكن ليس لك طاعتها في غير المعروف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، ويقول صلى الله عليه وسلم : (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فالأب والأم والزوج والسلطان والأمير وغيرهم لا يطاعون في معاصي الله، (إنما الطاعة في المعروف) في المباح، أما في المعصية فلا، فإذا أمرتك بما هو معصية لله كحضور السينما والفيديو الذي فيه الصور الخليعة والأغاني والمنكرات فليس لك طاعتها في ذلك، ولكن تردين عليها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وتخبرينها بأن هذا لا يجوز لك وأن طاعة الله مقدمة وأنه لا يجوز لك أن تطيعي المخلوق كائناً من كان في معاصي الله سبحانه وتعالى، لعلها تقنع ولعلها تترك مجادلتك وإيذاءك، والله المستعان.
أما قولها: إنك تعجزين ويبيض شعرك، هذا كلام ساقط، كلام لا وجه له، فليس التعفف عن محارم الله والبعد عن محارم الله سبباً للتعجيز أو سبباً لبياض الشعر أوشيب الشعر، لا، أسباب هذا طول الزمان وتقدم العمر، أو ما يصيب الإنسان من الأمراض حتى يضعف جسمه، وأما طاعة الله فهي تعين الإنسان وتقويه، كما قال جل وعلا: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود:3]، فالخير يقوي الناس على طاعة الله، اشتكت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلبه خادماً ليكفيها تعب الرحا وخدمة البيت، فاعتذر إليها النبي صلى الله عليه وسلم بأن ليس عنده خادم في ذاك الوقت، وقال لها: (تسبحين الله وتحمدينه وتكبرين عند النوم ثلاثاً وثلاثين مرة، قال: هو خير لك من خادم، قالت: فاستعملت هذا فما اشتكيت بعد ذلك تعباً) فالأعمال الصالحة والأذكار الشرعية تقوي المؤمن والمؤمنة لا تضعفهما، بل كل ما حصل من المؤمنة أو المؤمن الذكر الاستغفار والطاعة لله كان هذا أقوى لقلبه وبدنه، وأرضى لله عنه سبحانه وتعالى وأنفع له في الدنيا والآخرة.
وأما هذا الكلام الذي تقوله الوالدة فهو مما أجراه الشيطان على لسانها فلا وجه له.
الجواب: يستعملون ما يسرهم من الأحاديث الطيبة، من الذهاب بهم إلى البساتين الطيبة، إلى الأرض الطيبة إذا كان عندهم بستان طيب، إذا كان في محل طيب يذهبون إليه ليس فيه منكر، يشترون لهم حاجات تسرهم مثل أشرطة إسلامية تنفعهم فيها الخطب الطيبة والمواعظ الطيبة، والأشعار المفيدة الداعية إلى الخير وإلى ترك الشر، وما أشبه ذلك مما يسر أولادهم وينفع أولادهم من دون أن يوقعهم في المحرمات، أهل الخير يلتمسون طرق الخير التي تشرح الصدور وتنير القلوب، ويحصل بها المتعة الحسنة ويحصل بها الأنس دون ما حرم الله.
الجواب: ننصح الجميع بأن يتقوا الله عز وجل ويعلموا أن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، هو سيد الأولياء وأفضل الأولياء، فالأنبياء هم أفضل الناس هم أفضل الأولياء وأفضل الصالحين، ثم يليهم بعد ذلك الأتقياء من عباد الله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبعدهم، فالأولياء هم أهل الصلاح والاستقامة على طاعة الله ورسوله وعلى رأسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فحبهم دين حبهم في الله والتأسي بهم في الخير والأعمال الصالحات هذا أمر مطلوب، ولكنهم لا يجوز التعلق بهم وعبادتهم من دون الله، لا يجوز أن يدعوا مع الله ولا أن يستغاث بهم ولا يطلب منهم مدد، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر أغثني، أو يا رسول الله أغثني، أو يا علي أغثني أو انصرني، أو يا حسين أو يا فاطمة أو يا ست زينب أو كذا هذا لا يجوز، الدعاء لله وحده، الله يقول سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، ويقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
ويقول سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، فسماهم كفرة بدعائهم غير الله.
وقال سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وقال جل وعلا: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14] سبحانه وتعالى، فبين سبحانه أن مدعويهم من دون الله من الأولياء وغير الأولياء لا يسمعون دعاءهم، ما بين ميت وما بين مشغول بشأنه مع الله، فلا يسمعون دعاءهم لموتهم أو غيبتهم، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ [فاطر:14]، ما يستطيعون يستجيبون لهم؛ لأن غفران الذنوب وتفريج الكروب بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ، سمى دعاءه إياهم شركاً بالله سبحانه وتعالى كما سماه في الآية الأخرى كفراً، فطلب المدد والعون والغوث من الأموات والغائبين لاعتقاد أن لهم سراً وأنهم يسمعون مع البعد كل هذا باطل، كله من الشرك بالله سبحانه وتعالى.
فالواجب على كل مسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأن يعرف أن اعتقاد الجهلة بالأولياء أو في الأنبياء أنهم ينفعون ويضرون، وأنهم يغيثون من استجار بهم واستغاث بهم بعد الموت، وأنهم يعطونه مطالبه من غفران الذنوب وشفاء المرضى وغير هذا، كل هذا جهل، وكله شرك بالله عز وجل فيجب الحذر من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله لإنكار هذا، بعثه الله إلى العرب والعجم.. إلى الجن والإنس يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وكانت العرب تعبد الأصنام والأولياء والأشجار والأحجار فدعاهم إلى ترك هذا وحذرهم من هذا، وأمرهم أن يعبدوا الله وحده، وتلا عليهم قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، إلى غيرها من الآيات.
فعلى المسلمين جميعاً وعلى المكلفين وعلى كل من له أدنى بصيرة أن ينتبه لهذا الأمر، وأن لا يغتر بالمشركين وعباد الأوثان وعباد القبور، يجب أن يحذر من شبههم الباطلة ويجب أن يحذر من دعوتهم إلى الشرك، ويجب أن يلتزم بما شرعه الله لعباده وما علمه عباده على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما أوضحه في كتابه العظيم من وجوب العبادة لله وحده وإخلاصها له وحده دون كل ما سواه، كما قال عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14].
وأنت أيها السائلة! اشكري الله الذي علمك وأنقذك وبصرك حتى أراك الحق الذي جهله الناس، ولا تبالي بعيبهم لك أو وعيدهم لك بالأولياء فإن هذا لا يضرك فهم جاهلون، ومتى اهتدوا عرفوا الحق الذي عرفتيه وصاروا عوناً لك إن شاء الله على الخير، نسأل الله أن يهدي الجميع.
الجواب: هذا فيه التفصيل، إن كان القادم نساء فلا مانع من الاتصال بهم، إرضاء للوالدة ونصيحتهم وتوجيههم إلى الخير فهذا من باب الدعوة إلى الله، فلا ينبغي لك أن تمتنعي من هذا، ولعل الله أن يهدي بك هؤلاء فتفلحي وتنجحي في هذا الأمر، أما إن كانوا رجالاً هذا محل تفصيل، إن كان المقصود السلام عليهم لأنهم أقارب أو جيران فلا مانع من السلام عليهم ورد السلام عليهم مع الاحتفاظ بالحجاب الشرعي وعدم إبداء شيء من الزينة أو التبرج، تكونين مستورة في شعورك وبدنك كله ووجهك ونحو ذلك، وتردين السلام والتحية وتسألينهم عن أهليهم لا بأس بهذا، وإذا تمكنت من النصيحة لهم والدعوة إلى الله عز وجل فافعلي وهذا لا يضرك.
أما إن كان الحضور يقتضي المشاركة في محرم أو تبرج بما حرم الله، أو كشف لشيء من العورة أو مشاركة فيما حرم الله من شرب مسكر أو غير هذا مما حرم الله فهذا لا تطيعيهم فيه واعتذري، وقولي: إن هذا لا يجوز لك، وإنك تنصحينهم أن يتركوا ما حرم الله، وأن المشاركة فيما حرم الله أمر لا يجوز، فإن عذروا فالحمد لله، وإن لم يعذروا فأنت معذورة من جهة الله ولا يضرك كيدهم ولا يضرك غضبهم، والحمد لله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم أخونا فهد العثمان. شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر