إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (170)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ في استعراض بعض رسائل السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المنطقة الشرقية الخبر، باعثتها إحدى الأخوات من هناك تقول: (أ. م) أختنا تقول: أمي حلفت بالله على شيء، ولكنها رجعت ففعلت، فأخرجت كفارة اليمين خمسين ريالاً وأعطتها أخاها؛ لأنه فقير وخال من العمل، ولكنها لا تصلي، فهل كفارتها صحيحة؟ وإذا كانت غير صحيحة فماذا تفعل؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الله عز وجل قد أوضح الكفارة -أعني: كفارة اليمين- في كتابه الكريم، حيث قال سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .. الآية، فقد أوضح سبحانه كفارة اليمين، وأنها إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعمه الإنسان أهله، أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ، يعني: عتق رقبة، فمن لم يجد ذلك بأن كان فقيراً لا يستطيع صام ثلاثة أيام، وبناء على هذا فالذي أخرجته أم السائلة وهو خمسون درهماً عن كفارة اليمين لا تجزئ؛ لأنه خلاف ما شرعه الله، فلابد من التكفير بما شرعه الله، فعليها أن تخرج الكفارة لعشرة من الفقراء المسلمين، وهي خمسة آصع من الرز أو التمر أو الحنطة لكل واحد نصف الصاع، يعني: كيلو ونصف تقريباً، وإن عشتهم شيئاً مصنوعاً مطبوخاً أو غدتهم كفى ذلك، وإن كستهم على قميص قميص أو إزار ورداء كفى ذلك.

    أما كونها لا تصلي فهذا منكر عظيم، وكفر شنيع، فالواجب عليها التوبة إلى الله سبحانه، والرجوع إليه جل وعلا والندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والبدار إلى التوبة إلى الله مع فعل الصلاة؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فمن تركها فقد ترك عمود الإسلام، ومن ترك ذلك كفر كفراً أكبر في أصح قولي العلماء، وإن كانت تجحد وجوب ذلك أو تستهزئ بالصلاة أو بأهلها كان كفرها كفراً إجماعياً بين أهل العلم جميعاً، نسأل الله السلامة.

    وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) والمراد: جنس المكلف رجل أو امرأة؛ لأن أحكام الشرع تعم الجميع، فهذا يدل على أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها يكون كافراً كفراً أكبر؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك..) وهذا كفر معرف وشرك معرف، فهو الشرك الأكبر والكفر الأكبر نسأل الله العافية.

    فالواجب على أمك -أيتها السائلة- أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وأن تبادر بذلك، والتوبة الصادقة تشمل أموراً ثلاثة: الندم على الماضي، والحزن على الماضي.

    وترك المعصية والإقلاع منها.

    والثالث: العزم الصادق على عدم العودة.

    وإذا كانت المعصية تتعلق بأمور الناس فلابد من إعطائهم حقوقهم أو تحلله منها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من كان عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله اليوم قبل ألا يكون درهم ولا دينار) يعني: قبل يوم القيامة، فإنه يوم القيامة ليس هناك دراهم ولا دنانير إنما هي الأعمال؛ ولهذا قال: (فإن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)، فهذه حاله يوم القيامة، يجازى بأحد أمرين: إما بالأخذ من حسناته للمظلوم، فإن لم تكن له حسنات أو لم تكفه حسناته لأن المظلمة كبيرة، أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على الظالم نسأل الله العافية، فيجب الحذر.

    وأمر الصلاة أمر عظيم، وقد تساهل بها الكثير من الناس وهذا من الفساد العظيم، والخطر العظيم، يقول الله عز وجل: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، ويقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، ويقول سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، ويقول عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11]، والفردوس: هو أعلى الجنة وأوسطها وأشرفها، ويقول جل وعلا: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:19-23] إلى أن قال عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:34-35]، وقال عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، والغي عند أهل التفسير هو الخسار والدمار، والعاقبة الوخيمة، وقيل: إنه وادٍ في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه، فتوعد الله من أضاع الصلاة بهذا الوعيد العظيم، وقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، توعدهم بالسهو عنها فكيف بتركها؟ الترك أعظم، وقال عز وجل في المنافقين: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، فأخبر عن المنافقين أنهم يتكاسلون عن الصلاة، وذمهم على هذا، فكيف بمن تركها؟ يكون أقبح من فعل المنافقين.

    فيجب على كل مسلم مكلف ينتسب إلى الإسلام يجب عليه الحذر، يجب أن يبادر بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها في جماعة إذا كان رجلاً، وإن كانت امرأة ففي البيت، تحافظ على ذلك وتلزم هذه الصلاة، تسأل الله العون عليها، وما سبق من تقصير ففيه التوبة اللازمة، التوبة النصوح، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086768134

    عدد مرات الحفظ

    768828827