مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: في بداية لقائنا سماحة الشيخ هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ صالح المحمد الحميدي أخونا له مجموعة من الأسئلة في سؤاله الأول يقول: يوم القيامة هناك فئة من الناس يعذبون في النار ولكنهم لا يخلدون، ما مصير هؤلاء الناس في القبور؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالناس بالنسبة إلى القيامة ثلاثة أقسام: قسم مؤمنون أتقياء فإلى الجنة، وقبورهم روضة من رياض الجنة يفتح لهم باب إلى الجنة يأتيهم من نعيمها وروحها وطيبها كما جاءت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والقسم الثاني: كفار قد استحقوا عذاب الله وغضبه والسجن في دار الهوان وهي النار، فهؤلاء قبورهم عليهم عذاب، وهي حفر من حفر النار نسأل الله العافية.
والقسم الثالث: أهل المعاصي ليسوا بكفار وليسوا بمسلمين كمل أتقياء، بل لهم ذنوب ولهم معاصٍ، فهؤلاء أمرهم بين الأمرين؛ فقد يعذبون في قبورهم، وقد ينجون، وهكذا يوم القيامة قد يعفو الله عنهم فيدخلهم الجنة لإسلامهم وتوحيدهم وما معهم من الإيمان بفضله سبحانه أو بواسطة الشفعاء من ملائكة وأنبياء وأفراط ونحو ذلك، وقد يعذبون في النار على قدر جرائمهم ثم بعدما يطهرون من خبثهم في النار ينتقلون إلى الجنة، هذه حال أهل المعاصي عند أهل السنة والجماعة.
أما الخوارج والمعتزلة فلهم رأي آخر، الخوارج يرون العصاة كفاراً ويرونهم مخلدين في النار نعوذ بالله، وهكذا المعتزلة ومن سار في طريقهم يرون من مات على الكبائر يرونه مخلداً في النار ولا يخرج منها، ويحتجون بما ورد في الآيات والأحاديث من الوعيد مثل قوله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن على الله عهداً لمن مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه من طينة الخبال ، قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار، أو قال: عرق أهل النار).
وأحاديث لعن الخمر وشاربها، كذلك حديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، الحديث. فيحتجون بهذه وأمثالها على كفر العاصي على رأي الخوارج وعلى خلودهم في النار على رأي الخوارج وغيرهم من أتباعهم كالمعتزلة. أما أهل السنة والجماعة فيرون أن العاصي ليس بكافر خلافاً للخوارج، وليس بمخلد في النار خلافاً لهم وللمعتزلة، ولكنه معرض للخطر، وعلى خطر من وعيد الله قد يعذب في النار ويعذب في قبره، وقد ينجو بسبب أعماله الصالحة.
أما إذا تاب قبل أن يموت فإنه يلحق بالقسم الأول بالمتقين ويكون من أهل الجنة من أول وهلة إذا تاب توبة صادقة قبل أن يموت، لكن إذا مات ولم يتب فهذا هو محل الخطر، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء ربنا جل وعلا عفا عنه لإسلامه وتوحيده وإيمانه، وإن شاء ربنا عاقبه في النار على قدر الجرائم التي مات عليها ثم عندما يطهر ويمحص في النار يخرج منها إلى نهر الحياة، كما في الأحاديث الصحيحة (أنهم يخرجون من النار وقد امتحشوا -أي: احترقوا- فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم وكمل خلقهم نقلوا إلى الجنة).
هذه حال القسم الثاني وهم أهل المعاصي، وهم في الدنيا في قبورهم قد يعذبون وقد لا يعذبون، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى شخصين يعذبان في قبورهما قال: (وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول)، وفي اللفظ الآخر: (لا يستتر من البول) يعني: لا يتنزه منه ولا يتحفظ، (وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة).
هذا يدل على أن بعض العصاة قد يعذبون بمعاصيهم كالنميمة وعدم التنزه من البول، ومثل عقوق الوالدين، ومثل أكل الربا وأشباه ذلك، وقد يعفو الله عنهم بأعمال صالحة أتوا بها، ولتوحيدهم وإسلامهم فالله سبحانه وتعالى جواد كريم جل وعلا، وفي هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فأخبر سبحانه أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، وأما من مات على ما دون الشرك من المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر له بما معه من التوحيد والإسلام والأعمال الصالحات، وإن شاء سبحانه عذبه على ما معه من المعاصي؛ من زنا أو سرقة أو عقوق لوالديه أو أحدهما، أو قطيعة رحم، أو أكل ربا أو شهادة زور، أو رجم للمحصنة أو المحصن بغير حق، أو ما أشبه ذلك من المعاصي، فهو فيها تحت مشيئة الله، إن شاء مولانا سبحانه غفر له بأعمال صالحة قدمها أو بشفاعة الشفعاء أو بدعاء المؤمنين له، أو بغير هذا.
وإن شاء مولانا سبحانه عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعدما يطهر في النار ويمحص يخرج من النار ولا يخلد فيها خلود الكفار، لا يخلد العاصي، قد يطول مكثه في النار عند كثرة أعماله السيئة، ويسمى خلوداً، كما قال الله في حق القاتل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، قوله: (خالداً فيها) يعني: خلوداً غير خلود الكفار، خلوداً له نهاية، وهكذا قوله سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70]، قوله: (ويخلد) هذا خلود يليق بحال الشخص، فإن كان مشركاً فهو خلود دائم نعوذ بالله، لا يخرجون منها أبداً، كما قال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167].
وقال في الكفرة: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، هذه حالهم نعوذ بالله.
أما إن كان عاص كالزاني والقاتل، فهذا خلوده طول الإقامة وله نهاية ينتهي إليها إذا كان لم يستحل المعصية بل فعلها، فهو يعلم أنه عاص، ويعلم أنه مخطئ ولكن فعلها لشيء من الهوى والغرض العاجل، فهو يعلم أنه مخطئ وأنه عاصٍ ولكن أقدم على المعصية، فهذا لا يخلد خلود الكفار ولكنه يخلد خلوداً يليق بجريمته وله نهاية، ثم يخرجه الله من النار برحمته سبحانه وتعالى.
الجواب: الصور يجب إتلافها، أعني: صور بني آدم أو صور الحيوانات، يعني: صور ذوات الروح، هذه لا يجوز الاحتفاظ بها، بل يجب إتلافها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدع صورة إلا طمستها) ، هكذا قال لـعلي رضي الله عنه، وهكذا علي أوصى من بعده، أوصى أبا الهياج أن يفعل ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ، ولما رأى صورة عند عائشة في ستر لها هتكه وقطعه، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ، قالت
الجواب: العين حق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العين حق ولو أن شيئاً سبق القضاء لسبقته العين)، ولا يقع شيء إلا بإذن الله سبحانه وتعالى وقدره، وأسباب العين كثرة ما يعجب الإنسان من أموال أو ملابس أو زينة أو غير ذلك، فإذا رآها بعض الناس حصل منه شيء من التغير والتأثر، فربما حصلت العين والنفس بإذن الله، يرى عند فلان كذا، وعند فلان كذا، وعند فلان كذا، قد تتحرك نفسه وتتكيف نفسه للشر، فتقع العين بإذن الله من غير اختياره، ومن غير قصده، بل يغلب عليه ذلك، وقد يقع باختياره وقصده من بعض الناس، فإذا كان باختياره وجب أن يعاقب إذا علم ذلك، ولا مانع من حبسه أيضاً، يحبسه ولي الأمر حتى لا يضر الناس بعينه، أما إذا غلب وكان بغير اختياره فلا شيء عليه، ولا إثم عليه؛ لأنه قد تسبق العين منه من غير قصد إذا رأى ما يعجبه أو ما يعظم في نفسه من بعض الناس وهو محروم منه، فقد يسبق منه شيء بإذن الله من التغير والتأثر فتقع العين بإذن الله.
ومن هذا ما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لـعامر بن ربيعة لما رأى سهل بن حنيف وهو يتروش وأعجبه جسمه قال: ولا جلد مخبأة، أعجبه جسمه فأصابته العين بإذن الله، وأصابه خطر عظيم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأمرهم أن يأخذوا من عامر بن ربيعة أن يغتسل له، فغسل وجهه وكفيه وداخله إزار وصبوه عليه .. فعافاه الله وشفاه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استغسلتم فاغسلوا)، فإذا أصابت العين إنساناً وهو يعرف صاحبه الذي زهقت نفسه له وحصلت منه العين يطلب منه أن يغتسل، يعني: أن يغسل وجهه وكفيه ويكفي هذا حسب التجربة، وإن غسل داخلة إزاره فلا بأس زيادة وهي موضع معقد الإزار، فيصب على الرجل أو المرأة هذا الماء وبذلك يبرأ بإذن الله، وقد وقع لنا هذا أيضاً، وقع لنا هذا مع بعض الناس، وقع لابنة لي صغيرة أن عانتها امرأة دخلت عليها فأعجبتها وهي صغيرة فحصل عليها من ذلك مرض عظيم، فأخبرت بذلك، فقلت لها: احتسبي الأجر، وأرسلت لها من يقول لها، فغسلت وجهها وكفيها وتمضمضت وجاءوا به إلى البنت وصب عليها وبرئت بإذن الله في الحال.
هذا مثل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الدعاء والقراءة، كونه يقرأ على المعين يعني: أصابته العين : (لا رقية إلا من عين أو حمة) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا رقية إلا من عين أو حمة)، فإذا قرئ عليه بالفاتحة أو بآية الكرسي، أو بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، بإذن الله يبرأ، لكن من كان يتعمد العين يجب أن يعاقب، يجب على ولي الأمر أن يعاقبه ولو بالحبس حتى لا يعود إلى ذلك.
أما من كان لا يتعمد ذلك فهذا محل نظر ومحل اجتهاد، إذا كثر منه لا مانع أيضاً من حبسه في مكان حتى لا يؤذي الناس إذا عرف منه ذلك.
المقدم: إذا تسبب هذا العائن في إزهاق نفس أو في إتلاف أموال وما أشبه ذلك، أو في إيذاء حتى الحيوانات سماحة الشيخ؟
الجواب: يضمن، إذا عرف ذلك أنه بسببه يضمن، إذا اعترف بذلك أو علم ذلك أنه مجرب، نسأل الله العافية.
الجواب: الذي نرى في هذا هو النصيحة، ينصحها ويجتهد في ذلك، ويوجهها إلى الخير، ويعلمها ما تجهل، ويوصيها بما ينفعها، ويطلب من أوليائها أيضاً إذا كان فيهم أحد طيب أن ينصحها أيضاً، أو من أمه أو أمها أو أخته أو أختها، أو بعض أقاربه الآخرين أو أقاربها أن ينصحوها حتى تدع ما يسوءه منها، وما أنكره عليها من الأخلاق، يجتهد في هذا ولا يعجل في الطلاق. نوصيه بأن لا تعجل يا أخي في الطلاق وأن تجتهد في النصيحة، وأن تعمل ما تستطيع من توجيهها إلى الخير أو الاستعانة ببعض أقاربها أو أقاربك على توجيهها إلى الخير ولو كان أهلها في أسوأ حالة قد يهديها الله وتخالف أهلها.
فعليك أن تنصحها وأن تستكثر من ذلك، وأن لا تعجل ولاسيما أن معها أولاد لك، فلا ينبغي أن تعجل مهما أمكن.
المقدم: بارك الله فيكم، إذا كان يتأذى من الناحية المالية والمصاريف سماحة الشيخ؟
الشيخ: على كل حال هذا له علاج يحفظ عنها ماله ولا يعطيها إلا قدر حاجتها، ويدعو لها في ظهر الغيب بالتوفيق والهداية في صلاته وفي غير صلاته، دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب، يدعو لها ويجتهد، يدعو لها بالصلاح والتوفيق والهداية، وأن يعافيها الله من شر أخلاقها التي انتقدها عليها.
الجواب: المرأة كالرجل، الواجب صوم رمضان فقط على المسلمين، أما ما سوى ذلك فمستحب مثل صيام ست من شوال، مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا كانت في أيام البيض كان أفضل، ومثل صيام يوم الإثنين والخميس، هذه كلها عبادة، كلها عبادات وكلها نافلة، ولو صامت يوماً وأفطرت يوماً كذلك هذا أفضل الصيام فهو صيام داود عليه الصلاة والسلام للرجل والمرأة جميعاً، لكن ليس للمرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، ليس للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد ليس بمسافر إلا بإذنه، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)، إلا رمضان فهذا فريضة على الجميع.
أما التطوع فليس لها أن تصوم إلا بإذنه، وينبغي له أن يأذن لها إذا كان ما هناك مشقة عليه وإن كان هناك مشقة عليه منعها من ذلك والحمد لله، وعليها أن تمتنع، فرضا زوجها مقدم، وحاجة زوجها مقدمة.
الجواب: هذا الحديث ليس بصحيح ولا أصل له ولا يجوز الاعتماد عليه، ولكن الدعاء للميت في أول ليلة وفي جميع الليالي مطلوب، الدعاء بالمغفرة والرحمة، هذا كله مطلوب، أما هذا الحديث الذي ذكره السائل فلا أصل له ولا يصلى للميت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فإذا دعا له ولده أو أقاربه أو إخوانه المسلمون فهذا طيب، أو تصدقوا عنه طيب، لكن لا يختص بالليلة الأولى في جميع الزمان.
الصدقة على الميت في كل وقت تنفع الميت، والدعاء بالمغفرة والرحمة إذا كان مسلماً ينفعه ذلك من إخوانه المسلمين ومن أقاربه، أما أن تخص الليلة الأولى بشيء فلا أصل في لذلك.
الجواب: إن كنت يا أيها السائل تعرف صاحب المال الذي سرقته منه فأده إليه بأي طريق ولو لم تخبره أنك سرقته، تؤديه إليه بأي طريق بيدك، أو بيد غيرك، مع التوبة الصادقة، مع الندم والإقلاع والعزم أن لا تعود، وكثرة العمل الصالح؛ لأن الله سبحانه يقول: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] ، ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فالتوبة فلاح، أما إن كنت لا تعلم صاحبك الذي سرقت منه، نسيته، أو تعلمه لكن ما تقدر عليه، نسيت محله ولا تعرف محله فإنك تتصدق بذلك المال، وإن زدت عليه وتصدقت عليه بزيادة فهذا طيب، تصدق عنه بالنية، تعطيها بعض الفقراء، الأموال التي عندك تعطيها بعض الفقراء بالنية عن صاحبها، أو تصرفها في تعمير المساجد تنفع المسلمين أو تدفعها إلى المجاهدين الأفغان، كل هذا طيب.
الجواب: الواجب عليك أن تعدل بينهما حسب الطاقة والإمكان، فتنقل التي في مستقرك إلى محل عملك حتى تعدل بينهما أو تنقل الجديدة إلى محلك الأول حتى تعدل بينهما، أو تستسمحهما، فإذا سمحت الأولى ولم تلحقها حرجاً فلا بأس بذلك، الحق لهما، فإذا سمحت الأولى عن بعض حقها فلا بأس.
المقصود أن عليك أن تتحرى العدل حسب طاقتك، إما بنقل الأولى إلى محل عملك، أو نقل الثانية إلى محل أصلك إلى محل بلدك الأولى حتى تجمع بينهما هناك وحتى تعدل بينهما، أو تستسمح الأولى عما يحصل عليها من النقص، فإذا سمحت فالحمد لله.
الجواب: نوصي بالدعاء له بالعافية، أن تدعو له كثيراً في صلاتها في سجودها في تشهدها قبل السلام، تدعو له بالعافية والشفاء، وتعرضه على الأطباء المختصين في مثل هذا المرض من علماء النفس وغيرهم، وتوصي أيضاً من يقرأ عليه من خواص الطيبين يقرءون عليه لعل الله يشفيه في ذلك، قد تكون هذه نفساً وهي التي يسمونها العين، والقراءة ينفعه الله بها في هذا الشيء، فإذا تيسر من الناس الطيبين من يقرءون عليه فهذا إن شاء الله يكون سبباً للشفاء، وهكذا عرضه على بعض الأطباء الطيبين من علماء النفس، أو علماء مثل هذا المرض الذي يعتري الناس فإذا تيسر من يعالجه فالحمد لله وإلا فالقراءة كافية، يقرأ عليه مع الدعاء، أما الذهاب إلى المشعوذين فلا يجوز، الكهان الذين يخدمون الجن ويسألون الجن ويدعون علم الغيب هؤلاء لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم بل يجب البراءة منهم والحذر منهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم في الصحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام)، فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة الحذر مما حرم الله ورسوله والاكتفاء بماشرع الله، ونسأل الله له الشفاء والعافية، نسأل الله أن يمن عليه بالشفاء وأن يخلصه مما أصابه، وأن ييسر له العلاج الصالح الناجع إنه سميع قريب.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً سماحة الشيخ لا ترون أن هناك محظوراً في عرضه على بعض الثقات كيما يقرأ عليه أو كذا؟
الشيخ: نعم.
المقدم: ولا يعد هذا أيضاً من الذهاب إلى ما أسميتم بالمشعوذين؟
الشيخ: لا، تلتمس الناس الطيبين المعروفين بحسن العقيدة والقراءة على المرضى لعل الله أن ينفعه بذلك؛ لأن القراءة على المرضى نافعة، الله جعل في القرآن شفاء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، ورقى النبي عليه الصلاة والسلام ورقي.
المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا مطر محمد الغامدي شكراً لكم جميعاً وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر