مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة الأخت (ع. ع) من الأحساء، أختنا عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي لها عدد من الأسئلة، فتسأل هذا السؤال وتقول: هل يجوز خلع الحجاب بين صديقاتي أثناء زيارتي لهن، علماً بأن المكان خال من الرجال، وأن رجال البيت على علم بأننا في داخله، أرجو التوضيح جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا حرج في خلع المرأة حجابها عند النساء كالخمار الذي على رأسها أو العباءة التي عليها ونحو ذلك لا بأس بذلك؛ لأن المرأة ليس لها ولا عليها أن تتحجب عن المرأة، ولو كانت كافرة على الصحيح كبعض الخادمات، لا يجب على المرأة أن تحتجب عن المرأة، سواءً كانت على دينها أو ليست على دينها في أصح قولي العلماء من جهة الكافرة، وبعض أهل العلم يقول: إنها تحتجب عن الكافرة؛ لأن الله قال: أَوْ نِسَائِهِنَّ [النور:31].
والصواب: أنه لا يجب الاحتجاب عن الكافرة بل هي كالمسلمة، ولكن لا يجوز استقدام الكافرات لهذه البلاد السعودية؛ لأنها الجزيرة، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الكفار من الجزيرة.
فالحاصل أنه لا حرج في خلع المرأة حجابها عند النساء إذا كان المكان ليس فيه أجنبي وليس فيه من تظن أنهم ينظرون إليها ويتحيلون في النظر إليها إذا كان المكان مأموناً فلا بأس.
الجواب: إذا كان ليس على صفة لباس الرجال فلا بأس؛ لأن الألوان كلها مباحة للجميع أخضر وأحمر وأبيض وأسود مباح للجميع للرجال والنساء، لكن ليس للرجل أن يتشبه بالمرأة وليس للمرأة أن تتشبه بالرجل لا في اللباس ولا في غيره، فإذا كان الملبس الأبيض الذي تلبسه بعض النساء في الزواج لا يشابه لباس الرجل بوجه من الوجوه ولا يحصل التشبه فلا حرج، لكن ترك ذلك إلى اللباس المعتاد للنساء أولى وأفضل وأحوط وأبعد عن الشبهة؛ لأن الغالب على الرجال لبس الأبيض، فإذا ترك ذلك من النساء كان ذلك أحسن وأكمل وأبعد عن التشبه.
ثم هذا الذي يفعله الناس لا بد أن يكون بين النساء، أما ما يفعله بعض الناس من العادات التي يفعلونها في ليلة العرس ليلة الزفاف ويدخل الرجل على النساء كاشفات هذا لا يجوز، هذا منكر، بل إذا كان ولابد يجعلونها في غرفة خاصة ويدخل عليها زوجها في الغرفة الخاصة، أما أن تجعل فوق سرير أو فوق محل مرتفع ويدخل عليها الرجل بين النساء وهن كاشفات، أو يدخل عليها ويقبلها عند الناس هذا كله من قلة الحياء ولا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك.
الجواب: الجمعة كل ساعاتها مظنة الإجابة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن فيها ساعة لا يرد فيها سائل وهي ساعة قليلة، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الدعاء يوم الجمعة من أوله إلى آخره، لكن أحرى الساعات بالإجابة وقتان:
أحدهما: حين يجلس الإمام يوم الجمعة للخطبة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، جاء فيها حديث رواه مسلم في الصحيح: (أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة) وقد أعله بعضهم بالوقف على أبي بردة ، والصواب: أنه متصل مرفوع، رواه مسلم في الصحيح.
والوقت الثاني: ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء فيه أحاديث أيضاً، هذان الوقتان هما أرجى الساعات وأحراها بساعة الإجابة، ولكن مع ذلك يستحب الدعاء في جميع أوقات الجمعة حرصاً على هذه الساعة.
الجواب: هذا يا أخي من علم الغيب، هذا أمره إلى الله عز وجل وهو من علم الغيب، لا يعلم مستقبل الناس إلا الله سبحانه وتعالى، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد، لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ) لكن قد تقع فجوات في الدهر ينتصر فيها الإسلام على غيره ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات وفي بعض الجوانب من الدنيا كما جرى في عهد عمر بن عبد العزيز كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله، بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من ظهور الإسلام والقضاء على أسباب الكفر واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، فكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك وظهر فيها الفجور والمعاصي.
فالحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عاماً بعد عام وقرناً بعد قرن، لكن هذا في الجملة كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس الله فيه عن المسلمين فيحصل فيه خير كثير، وتكون الحالة فيه أحسن من الزمن الذي قبله رحمة من الله جل وعلا، وقد يكون ذلك في جانب دون جانب، وفي إقليم دون إقليم، كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفي بلدان أخرى خرج فيها مصلحون وصارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها وقتاً ما.
والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحاً تخرج يرسلها الله عز وجل يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، ففي آخر الزمان يرفع القرآن ويقبض المؤمنون والمؤمنات ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة.
لكن في هذا العصر في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق حصل بحمد الله يقظة للمسلمين وحركة مباركة للمسلمين صار فيها المسلمون الآن أحسن من حالهم قبلها بأوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، بسبب كثرة الدعاة إلى الله والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وقد انتشر الدعاة من هنا وهناك من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة، ومن جهات أخرى.
فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير من حركة إسلامية قوية وتكاتف ودعوة إلى الله ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير، أما ما بعد ذلك فالله جل وعلا أعلم، والأدلة معروفة في هذا الباب.
وأما مستقبل الكفرة فكذلك كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر، وكلما ضعف الإسلام نشط جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها فهذا إلى الله سبحانه وتعالى.
لكن واجب على المسلمين أن يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دينهم، وحتى يقوى دينهم، وحتى يستعيدوا بعض ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين وهذا الواجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها وإقامة حكم الله في بلادها وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين.
وقد سرنا ما سمعنا عن حكومة بنجلاديش من إعلانهم تحكيم الشريعة واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى وبادر إلى تحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، فنسأل الله أن يعينها على ذلك.
وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية كحكومة مصر، وحكومة الأردن وغيرهما نسأل الله لهم العون والتوفيق حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعو النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم، وبذلك ينصرهم الله ويعينهم ويحسن لهم العاقبة ويجمع شملهم على الخير، والله سبحانه المسئول أن يوفق المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين، وقادة وشعوباً لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة والتمسك بها وترك ما يخالفها، إنه سبحانه وتعالى سميع قريب.
الجواب: الواجب التفاؤل وحسن الظن بالله، هذا هو الواجب، يقول الله عز وجل فيما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله) فالواجب حسن الظن بالله مع السعي الجاد ومع العمل في نصر دين الله وإقامة شرع الله وأن يحاسب كل واحد نفسه في أداء حق الله وترك معاصي الله والوقوف عند حدود الله، وأن يعين حكومته في كل خير، يكون أميناً في وظيفته، يؤدي الأمانة، وينصح للأمة، ويحافظ على الحق، ويسارع إلى الصلاة ويؤديها في وقتها مع الجماعة، وهكذا جميع أمور الإسلام، كل واحد مسئول حتى يساعد الأمة في رجوعها إلى دين الله وإقامتها لشريعة الله، وحتى يعين دولته على ذلك.
ويجب أيضاً على كل أسرة وعلى كل جماعة أن تتعاون في هذا في ترك ما حرم الله وفي أداء ما أوجب الله وفي التبشير بذلك والتعاون على ذلك، هذا هو واجب المسلمين، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، هؤلاء هم الرابحون الذين آمنوا بالله ورسوله إيماناً صادقاً فعبدوه وحده وأخلصوا له العبادة وحكموا شريعته وعملوا بما أوجب عليهم وتركوا ما حرم الله عليهم، وتواصوا بذلك وتناصحوا في ذلك، وتواصوا بالصبر على ذلك، هؤلاء هم الرابحون، هؤلاء هم السعداء في الدنيا والآخرة.
وهذا هو الواجب على جميع المؤمنين وعلى جميع المؤمنات أن يتواصوا بالحق، وأن يتناصحوا وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يصبروا على ذلك حتى الموت، كما قال الله سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، ويقول سبحانه للمؤمنين جميعاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:102-103]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)رواه مسلم في الصحيح، زاد في رواية أخرى: (وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم).
فالمؤمنون واجب عليهم التناصح والتعاون، وهكذا النساء المؤمنات يجب عليهن التناصح والتعاون فيما بينهن ومع الرجال ومع أهليهن، فالواجب مشترك، يقول الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، ويقول سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
فالواجب على الجميع في كل مكان وفي كل زمان التعاون على الخير، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، عرباً وعجماً، هذا واجب على الجميع أن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يتواصوا بالحق كتابة ومشافهة وبكل طريق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً،
إذاً هذا هو الطريق الصحيح الذي يراه الشيخ عبد العزيز بن باز للصحوة الإسلامية؟
الشيخ: هذا هو الطريق الصحيح، وهذا الذي يراه المسلمون يراه أهل الحق وأهل العلم أن الواجب اليقظة والإعانة لمن قام بها والشكر له على ذلك والتوجيه والدعم حتى يكثر الخير ويقل الشر.
الجواب: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من خواص إخواننا المعروفين بالاستقامة وحسن العقيدة والسيرة والنشاط في جمع الحديث وبيان صحيحه من سقيمه، فهو مشكور ومعروف لدينا وله في هذا جهود مباركة وأعمال جليلة نسأل الله لنا وله المزيد من التوفيق مع صلاح النية والعمل.
ولكنه مثل غيره من أهل العلم ليس معصوماً، قد تقع له بعض الأخطاء وبعض الغلط في التصحيح والتضعيف وفي الآراء ولكنه يشكر على اجتهاده وعلى قصده الخير، وإذا أخطأ فلا مانع من التنبيه من أهل العلم أن ينبهوه وأن يكتبوا إليه حتى يحصل التعاون على البر والتقوى، عملاً بقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، هكذا شأن العلماء في قديم الدهر وحديثه يتعاونون وينصح بعضهم بعضاً ولا يسب بعضهم بعضاً ولا يحتقره ولا يعيبه ولا يغتابه، ولكن ينصح له ويعينه على الخير وينبهه إذا أخطأ.
والشيخ الألباني ليس ممن يتركون العزو بل هو يعزو الأحاديث إلى مصادرها وإنما يختصر في بعض الأحيان في بعض الكتب فيعزوها إلى الصحيحة أو إلى الضعيفة، وأنت في إمكانك ترجع إلى الصحيحة وتجد فيها العزو إلى البخاري إلى مسلم إلى أبي داود إلى النسائي إلى الترمذي إلى غيرهم، وتجد الكلام في الرجال والأسانيد بالتصحيح والتضعيف ونقل كلام العلماء في ذلك، ليس كما ذكره السائل بل الشيخ الألباني قرأنا كتبه واطلعنا على طريقته، فهو يعزو الأحاديث إلى مصادرها وينبه على ما فيها حسب اجتهاده، لكن إذا اختصر في بعض الأحيان وقال: ذكرته في الصحيحة، أو ذكرته في الضعيفة، أو ذكرته في صحيح الجامع، أو في صحيح كذا أو في ضعيف كذا، معناه أنه يرشدك إلى أن ترجع إلى ذلك حتى تجد مطلوبك من البحث والكلام على السند، هكذا عمله وهكذا طريقته.
فالواجب عليك أيها السائل أن تتقي الله وأن تنصف أخاك، وفق الله الجميع.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً يرى سماحة الشيخ عبد العزيز أن الشيخ الألباني فيما إذا أرشد إلى خطأ وقع في كتبه أنه سيصحح؟
الشيخ: إذا ظهر له الصح، إذا ظهر له ذلك، إذا ظهر له أن الذي أرشده أصاب وهو أخطأ صححه.
الجواب: التورق معاملة معروفة عند أهل العلم فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها، فالمعاملة التي يسمونها التورق ويسميها العامة الوعدة هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم، وهذا المشتري يبيعها بعدما يقبضها، يبيعها بنقد ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار، ويقول له: أريد سيارة، أو أريد أكياس من أرز أو من السكر أو كذا تبيعني إياها إلى أجل معلوم، فيقول: نعم، فيتفقان على ثمن معلوم وعلى أقساط معلومة فيتم البيع على ذلك، وهذا المشتري بعدما يقبضها ويحوزها إليه يتصرف فيها كما يشاء، يبيعها بثمن معجل حتى يقضي حاجته من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك.
ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء يجب التنبيه عليها، وقد نبهنا عليها كثيراً في هذا البرنامج وفي غيره، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده، التاجر قد يبيع سيارة ما هي بعنده، عند التجار، أو عند الشركات، قد يبيع أكياساً من الرز ما هي بعنده وبعد البيع يذهب يشتريها، هذا لا يجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبع ما ليس عندك)وقد صح عنه عليه السلام: (أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) وجاءه حكيم بن حزام رضي الله عنه فقال: (يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد السلعة فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك).
فالحاصل أن البائع قد يخطي والمشتري قد يخطي، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب يشتري، وهذا لا يجوز، بل لا يبيع سيارة ولا أكياساً ولا خاماً ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته في ملكه في بيته في دكانه، والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع أيضاً حتى يقبض، لا يبيعها على الذي باع عليه، ولا يبيعها وهي عنده، بل يقبضها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق أو إلى بيت فلان أو دكان فلان، ينقلها من بيت البائع من محل البائع ثم يتصرف بعد ذلك، هكذا يجب على هذا وهذا، فإذا باع أحدهما قبل أن يقبض فهذا هو الذي لا يجوز وهو الذي يخل به كثير من الناس وتأتي المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذا كان هناك اتفاق سماحة الشيخ بين هذا البائع وبين المتورق أو الذي في حاجة إلى نقود على أن العشرة تكون بثلاثة عشر أو بخمسة عشر أو ما أشبه ذلك، هل ترون جواز هذا؟
الشيخ: ما يضر، الاتفاق ما يضر لكن لا يتم بيع إلا بعد القبض والحوز.
الجواب: إذا كنت لم ترضع من أمها ولم ترضع هي من أمك فلا بأس، وإن رضع إخوتك من أمها أو رضع إخوتها من أمك، المهم إذا كنت لم ترضع أنت من أمها رضاعاً محرماً خمس رضعات فأكثر في الحولين ولم ترضع هي من أمك ولا من أختك ولا من زوجة أبيك ليس بينكما رضاعة فلا بأس أن تتزوجها وإن كانت أختاً لإخوانك الذين رضعوا من أمها، المهم أنك أنت لم ترضع من أمها وهي لم ترضع من أمك ليس بينكما رضاعة، ولم ترضع أيضاً من أختك حتى تكون خالاً لها، ولا من زوجة أبيك حتى تكون أخاً لها من الأب، ليس بينكما رضاعة، وأما رضاع إخوتك أو أخواتها فلا يضر.
الجواب: هذا قول بعض أهل العلم لكنه ليس بصحيح، وإنما الذي يبطل الصلاة الحركة الكثيرة المتوالية عرفاً، إذا كثرت الحركة وتوالت فهذا هو الذي يبطلها عند أهل العلم، كأن يعبث في ثيابه أو شعره عبثاً كثيراً متوالياً أو بأخذ شيء وطرحه شيء متوالٍ وكثير ليس له حد محدود بل يعتبر كثيراً في العرف، هذا هو الذي يبطل الصلاة.
فالواجب على المؤمن أن يطمئن في صلاته والمؤمنة كذلك، وأن يجتهد في ترك العبث والحركة إلا الشيء اليسير فيعفى عنه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يصلي وهو حامل
يحرص المؤمن على السكون والهدوء في الصلاة وهكذا المؤمنة حتى يكملها، هذا هو المشروع للمؤمن والمؤمنة جميعاً، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر