أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله في حلقة جديدة من حلقات هذا البرنامج، والتي يسرنا أن نعرض فيها أسئلتكم واستفساراتكم على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: والرسالة الأولى في حلقة هذه الليلة وردتنا من المرسل (م. ن. ك) مدرس مصري بالجمهورية العربية اليمنية، يقول في رسالته: قال الله تبارك وتعالى في سورة النور أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور:26] وقال تعالى في سورة النور أيضاً: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3]، أود من فضيلتكم تفسير هاتين الآيتين الكريمتين، وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهاتان الآيتان الكريمتان استنبط منهما أهل العلم أنه لا ينبغي للمؤمن أن يتزوج الزانية حتى تتوب؛ لأن الزنا خبث، والزواني خبيثات، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في زواجه النساء الطيبات المعروفات بالعفة والاستقامة في دينهن، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) فصاحبات الدين هن الطيبات المعروفات بالعفة والاستقامة وحسن السيرة وحسن العقيدة، أما المعروفات بالانحراف والفسق والفساد فينبغي للمؤمن أن يتجنبهن؛ لأنهن خبيثات من جهة السيرة ومن جهة العمل.
ولا ينبغي للمؤمنة أيضاً أن تنكح الخبيث المعروف بالفسق وعدم الاستقامة؛ لتعاطيه المسكرات، أو لكونه يرتكب الفواحش من الزنا واللواط، فينبغي للمؤمنة أن تتجنب هذا الصنف من الناس، وأن لا ترضى بالزواج به، وإذا وقع في هذا البلاء، بأن كان طيباً ثم وقع في الخبث مثل شرب المسكرات.. في الزنا.. في اللواط، صار لها الفسخ، صار لها عذر أن تطلب الفسخ والمفارقة؛ لأنه صار خبيثاً بعدما كان طيباً، والله يقول جل وعلا: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ [النور:26] ويقول: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ [النور:26] ويقول: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3].
فالواجب على المسلمة أن تتقي الله، وأن تتوب إلى الله مما وقع منها من زنا أو غيره من الفساد والمعاصي حتى تكون طيبة، وعلى الزاني كذلك والعاصي والفاسق أن يتوب إلى الله حتى يكون من الطيبين وحتى يزول عنه الخبث، وخبث المعاصي خبث شديد وخطير، وأعظم من ذلك خبث الكفر نعوذ بالله والشرك، وأطيب الطيب طيب الإيمان والتقوى والاستقامة، فالطاعات كلها طيب، والإيمان والتقوى كله طيب، والمؤمن هو الطيب، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة العناية بالأسباب التي تجعلهما من الطيبين، والحذر من المعاصي والسيئات التي تنقلهما إلى صفة الخبثاء، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: الحبلى إذا وضعت حملها خرجت من العدة والإحداد جميعاً بنص قوله تعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] وفي الصحيحين: (أن
الجواب: هذا لا يجوز ما دام الأرض فيها قبور فالواجب تركها تبع المقبرة مادام أن المقبرة بجوار السائل، فالواجب أنه لا يتعرض لها ولا تنبش القبور، وإذا حفر ووجد القبور يواسيها ويتركها في حالها، ولا يجوز للناس أن ينبشوا القبور ويضعوا بيوتهم في محل القبور؛ لأن هذا تعدٍ على الموتى وظلم لهم فلا يجوز.
قد يجوز بعض الأشياء إذا دعت الضرورة إليها مثل دعت الحاجة إلى شارع ينفع المسلمين واعترضه شيء من القبور ولا حيلة في صرف الشارع فقد يجوز أخذ بعض المقبرة ونقل الرفات إلى محل منها آخر إذا كانت الضرورة دعت إلى توسعة هذا الشارع للمسلمين ولا حيلة في صرفه عن المقبرة، أما أن الناس يأخذون من المقبرة لتوسعة بيوتهم فهذا لا يجوز.
الجواب: أما الظهر فليس فيها وقت ضروري بل كله وقت اختيار، فإذا زالت الشمس دخل وقت الظهر ولا يزال الوقت وقت اختيار إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، كل هذا وقت اختيار، لكن الأفضل تقديمها في أول الوقت بعدما يؤذن وتصلى الراتبة ويتأنى الإمام بعض الوقت حتى يتلاحق الناس يصلون في أول الوقت هذا هو الأفضل، ولو أخر ذلك إلى نصف الوقت أو إلى آخر الوقت فلا حرج.
وأما العصر ففيها وقت اختيار ووقت ضرورة، أما الاختيار فمن أول وقت العصر إلى أن تصفر الشمس هذا اختيار، فإذا اصفرت الشمس هذا ضرورة لا يجوز التأخير إليه، فإن صلاها في ذلك الوقت فقد أداها في الوقت إلى أن تغيب الشمس، لكن لا يجوز له التأخير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس) ويقول في المنافق: (تلك صلاة المنافق.. تلك صلاة المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) هو ذكر هذا وصف المنافقين، فالمؤمن لا يؤخرها إلى أن تصفر الشمس بل يبادر فيصليها قبل أن تصفر الشمس في وقت الاختيار.
وأما المغرب فوقتها كله وقت اختيار أيضاً من حين تغرب الشمس إلى أن يغيب الشفق، لكن تقديمها في أول الوقت أفضل، فقد كان النبي يصليها في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، إذا أذن المؤذن أخر قليلاً ثم أقام عليه الصلاة والسلام فصلاها في أول الوقت، ولو أخر بعض الوقت فلا بأس، ووقتها ينتهي بغيبوبة الشفق إذا غاب الشفق وهو الحمرة في جهة المغرب انتهى وقت المغرب، فهو وقت ممتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر فإذا غاب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، وما بعد نصف الليل وقت ضرورة للعشاء فلا يجوز التأخير إلى بعد نصف الليل ولكن ما بين غروب الشفق إلى نصف الليل كله وقت للعشاء، فلو صلاها بعد نصف الليل أداها في الوقت لكنه يأثم؛ لأنه أخرها إلى وقت الضرورة.
أما الفجر فكل وقتها اختيار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لكن الأفضل أن تقدم في أول وقتها ولا تؤخر إلى أن يزول أثر الليل ويبقى النور كاملاً، بل الأفضل والأولى أن يصليها بغلس ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، بل يجب أن تقدم قبل طلوع الشمس، والأفضل أن تصلى بغلس بعد طلوع الفجر بعد أن يشق الفجر ويتحقق يصلي الناس الفجر.
الجواب: يجب على المسلم إذا استطاع الحج بنفسه وماله أن يبادر إلى الحج ولو قبل الأربعين، من حين يبلغ الحلم ويستطيع الذهاب إلى البلاد المقدسة يلزمه الحج؛ لأن الله سبحانه يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] والمعنى: لله واجب على الناس أو فرض على الناس، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس -يعني: على خمس دعائم- شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) وفي حديث عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عن الإسلام قال: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً) فمتى استطاع السبيل إليه وهو بالغ وجب عليه السفر إلى الحج، وهكذا المرأة إذا استطاعت السبيل إليه وعندها محرم وهي بالغة وجب عليها السعي للحج.
لكن إذا كان ممنوعاً من جهة السلطة الحاكمة فهو معذور حتى تأذن له السلطة فيتمكن؛ لأن الله يقول سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا من تيسير الله عز وجل ولطفه؛ لأنه نفى الحرج عمن لم يستطع.
والواجب على الحكومات الإسلامية أن تنظر في هذا الأمر وأن لا تشدد على الناس، وأن تفسح لهم المجال قبل الأربعين، فمن أين للإنسان أن يعلم أنه يعيش حتى يكمل الأربعين، من يضمن له أنه يبقى، فالواجب على الحكومات الإسلامية أن تترك هذا القرار وهذا القانون، والواجب عليها أن تعين على الخير، فالله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] والحج من البر ومن التقوى، فالواجب على جميع الدول الإسلامية أن تفسح لشعوبها المسلمين أن يحجوا إذا استطاعوا قبل الأربعين، متى بلغ الحلم واستطاع يفسح له في الحج على طريقة منظمة يحصل بها المقصود من غير تأخير للحج.
الجواب: اللحوم المعلبة فيها تفصيل، إذا كانت مستوردة من بلاد أهل الكتاب من اليهود والنصارى فالأصل فيها الحل؛ لأن الله سبحانه أباح لنا طعام أهل الكتاب، وعلينا أن نتحرى ونحذر ما حرم الله علينا، وهذا لو كان بيننا وبين اليهود اتصال وإلا الآن ليس بيننا وبينهم إلا الحرب؛ لكن من جهة أهل الكتاب من النصارى كفرسنا وإنجلترا وأمريكا وأشباههم اللحوم التي تأتي منهم حل لنا إذا لم نعلم أنها ذبحت على غير الشرع، كالخنق وضرب الرأس حتى تموت ونحو ذلك، وهكذا لو قدر أن إنساناً وصل إليه طعام أهل الكتاب من اليهود، فإن طعام أهل الكتاب من حيث هم يهود أو نصارى حل للمسلمين إلا أن يعلم المسلم أنهم ذبحوه ذبحاً غير شرعي.
أما الذبائح المعلبة من المجوس عباد الأوثان أو من الشيوعيين من السوفيت، من الصين الشعبية، من بلغاريا.. من رومانيا، البلاد الشيوعية فهذه البلاد ذبائحهم لا تحل حتى يتولاها مسلم أو كتابي، أما إذا تولاها الشيوعي أو الوثني أو المجوسي فهؤلاء ذبائحهم محرمة؛ لكفرهم وضلالهم وكونهم أكفر من اليهود والنصارى، نسأل الله العافية.
الجواب: نعم، لك -يا أخي- الحق فيما قدمت؛ لأنك قدمته ليعطوك البنت، فإذا منعوا البنت وجب عليهم رد ما قدمت إليهم من قليل وكثير، والواجب على أمها أن تتقي الله، إذا كنت أهلاً للبنت في دينك وليس هناك مانع ديني والبنت راضية، وليس هناك موانع شرعية فالواجب أن تعين على الخير وأن لا تمنع زواج بنتها منك، هذا هو الواجب؛ لأن تزويج البنات من أهم المهمات لما فيه من العفة لهن والحرص على سلامتهن من الفساد، وهكذا الشباب تزويجهم من أهم المهمات لما في ذلك من إبعادهم عن الخطر وتمكينهم من غض البصر وإحصان الفرج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق على صحته، هذا الحديث الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام يبين لنا أن المبادرة بالزواج للشباب أمر لازم، والصحيح: أنه فرض، لما فيه من الخير الكثير والمصالح العظيمة للذكر والأنثى.
فعلى الآباء والإخوة والأقارب أن يساعدوا في هذا، وأن يعينوا الشاب على الزواج ويعينوا الفتاة على الزواج، وأن لا يضعوا العراقيل، وكذلك ينبغي التساهل في المهور والولائم؛ لأنها عقبة أيضاً، فالواجب على الجميع التعاون على الخير والتواصي بالحق، فالأم تساعد، والأب يساعد، والعم يساعد، والأخ يساعد، لا من جهة المهر وتخفيفه، ولا من جهة الولائم، ولا من جهة توابع المهر، كلها ينبغي فيها التخفيف ويشرع فيها التخفيف والإعانة على الخير.
وإذا كانت الفتاة جيدة طيبة في دينها فينبغي المسارعة إلى خطبتها، وإذا كان الرجل طيباً فتنبغي المسارعة إلى قبوله وتلبية طلبه، والمبادرة إلى تزويجه؛ لأن الشاب الصالح غنيمة، والفتاة الصالحة غنيمة، فلا ينبغي للمؤمن إذا كان أباً أو أماً أن يعرقل هذه الأمور، نسأل الله للجميع الهداية.
وبكل حال إذا خطب الإنسان وقدم المهر والكساوي وغير ذلك ثم ردوه يلزمهم أن يعطوه كلما أخذوا منه، يلزمهم أن يردوا عليه كلما أخذوا منه من قليل أو كثير إلا إذا سمح عن شيء.
الجواب: يقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] فإذا كنت توصل الطعام إلى شراب الخمر في المحل الذي قرب المطعم فأنت معين لهم على الإثم والعدوان، فليس لك أن توصل الطعام إليهم، ولا توصل الخمر إليهم، ولا أي عون كالأواني أو الملاعق أو غير ذلك، ليس لك أن تعينهم بشيء بالكلية؛ لأن الله قال: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
فالواجب على المسلمين أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحذروا التعاون على الإثم والعدوان، فليس لك أن تعطي الضيف الذي عندك الذي هو الزبون تعطيه الخمر أو تعطيه الدخان أو تعطيه أشياء تعينه على هذا الشيء، بل تنصحه وتقول: يا أخي اتق الله، دع هذا عنك، هذا لا يجوز لك، هذا يضرك، هذا حرمه الله عليك، أما أن تعينه بملعقة أو كأس أو أي إناء أو فراش أو وسادة أو غير ذلك فهذا لا يجوز.
الجواب: لم أقرأه ولم يحصل لي دراسة له، فلا أحكم عليه بشيء.
الجواب: جاء في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنها دابة تخرج في آخر الزمان، عند طلوع الشمس من مغربها، قبلها بقليل أو بعدها بقليل) مثلما قال الله جل وعلا، والله أعلم بمكثها في الأرض، ولكنها تخرج في آخر الزمان، وتكلم الناس كما قال الله عز وجل، وأما تفاصيل أخبارها فليس في تفاصيل أخبارها أحاديث معلومة مفصلة فيما أعلم.
الجواب: نعم هذا معروف عن ابن عباس وصحيح عنه، وهو يدل على أن إضاعة الجمعة والجماعة من أسباب دخول النار نعوذ بالله، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) خرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وخرج أبو داود بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه) قال عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) فالواجب على المسلم البدار بإجابة النداء للجمعة والجماعة، وأن لا يتأخر عن ذلك، ومتى تأخر عن ذلك فهو متوعد بالنار ولو كان يصوم النهار ويقوم الليل، نسأل الله السلامة.
الجواب: يجوز للمسلم والمسلمة قراءة القرآن ولو كان على غير طهارة إذا كان غير جنب، فيجوز له أن يقرأ عن ظهر قلب سوراً أو آيات، يقرأ ما تيسر له من القرآن مثل قصار المفصل، مثل: الزلزلة، العاديات، القارعة وغيرها، يقرأ ما تيسر له من القرآن عن ظهر قلب، أما من المصحف فلا يقرأ حتى يتوضأ، إذا كان يقرأ من المصحف فلا يمس المصحف حتى يتوضأ، أما إذا كان عن ظهر قلب من غير مس المصحف فلا بأس أن يقرأ إلا إذا كان جنباً، فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل، قال علي رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه شيء عن القرآن إلا الجنابة) وقال صلى الله عليه وسلم: (أما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل.
وأما الحائض والنفساء فلا تقرآن من المصحف لكن تقرآن عن ظهر قلب كالمحدث الحدث الأصغر، وقال بعض أهل العلم: إنهما كالجنب لا يقرآن ولو عن ظهر قلب؛ لأنهما كالجنب؛ لأن عليهما الغسل، ولكن الصحيح أنهما ليستا كالجنب؛ لأن حدثهما يطول ويكون أياماً كثيرة، ويشق عليهما ترك القراءة، وربما ضيعتا حفظهما، فالصحيح: أنه يجوز لهما أن تقرآ عن ظهر قلب من الآيات كما يقرأ المحدث حدثاً أصغر، وأما الجنب خاصة فهو الذي يمنع من القراءة حتى يغتسل.
وأما من المصحف فيمنع الجميع، الجنب والحائض والنفساء والمحدث حدثاً أصغر، كلهم يمنعون من المصحف حتى يتطهروا؛ لقوله سبحانه: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] في أحد قولي العلماء في تفسير الآية، ولما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يمس القرآن إلا طاهر) وكتب بهذا إلى أهل اليمن: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر) وهو حديث له طرق يشد بعضها بعضاً وجيد.
والخلاصة: أن الجنب والحائض والنفساء ومن ليس على طهارة من ريح أو بول ليس لهم جميعاً أن يقرءوا من المصحف، وأما عن ظهر قلب فيجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يقرأ عن ظهر قلب، وللحائض والنفساء عن ظهر قلب على الصحيح، وأما الجنب فلا يقرأ عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل، هذا هو خلاصة البحث وهو مهم.
الجواب: نعم، إذا فاتك الظهر وأدركت الناس في صلاة العصر فلا حرج عليك أن تصلي خلف الإمام بنية الظهر ثم تصلي العصر بعد ذلك، قال بعض أهل العلم: ليس لك ذلك؛ لاختلاف النية، ولكن الصواب: أنه لا حرج في ذلك، فاختلاف النية لا يضر في هذا فتصلي معهم الظهر ثم بعد الفراغ تصلي أنت العصر ولا حرج في ذلك والحمد لله، هذا هو الصواب.
المقدم: جزاكم الله خير وبارك الله فيكم، بقي له سؤال ولكن وقت الحلقة أزف، لعلنا إن شاء الله نسوقه في حلقة قادمة.
بهذا -أيها الإخوة المستمعون الكرام- نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي أجبنا فيها على أسئلة الإخوة (م. ن. ك) مدرس مصري بالجمهورية العربية اليمنية، وسؤال (عبد الله . ن . س) من الدلم، ورسالة عبده صالح غياث اليماني من اليمن، ورسالة يوسف عمر من الخرطوم السودان، ورسالة ع. عبد الحميد مرسي ، مصري يعمل بالأردن، وأخيراً رسالة عبد الله رجا معايعة ، من الأردن أيضاً، ورسالة نفيع نافع الصحفي من وادي غران.
نشكر لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، و إلى أن نلتقي بكم على خير إن شاء الله نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر