إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (227)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر..)

    المقدم: أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير وبركة، نحييكم بتحية الإسلام الخالدة، التي نستهل بها لقاءنا مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ويسعدنا أن نلتقي بسماحته وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة الجديدة من برنامج نور على الدرب، الذي يتولى فيها سماحته الإجابة مشكوراً على أسئلتكم واستفساراتكم.

    أولاً: نرحب باسم السادة المستمعين بسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====

    السؤال: الرسالة الأولى وردت إلى البرنامج من المستمع الحاج: فاضل محمد إكرام من الجمهورية التركية، يقول في رسالته ويبدؤها بقول الحق سبحانه وتعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة:96] ويستفسر هل معنى ذلك: أنه يجوز للحاج أن يصطاد السمك ويأكل منه، ويطلب أن تتفضلوا بشرح معنى الآية الكريمة ولكم جزيل الشكر والثواب؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فالله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة:96] الآية، فربنا عز وجل قد أباح للحرم صيد البحر، وحرم عليهم صيد البر، فالمحرم له أن يصيد صيد البحر من السمك ويأكله، له صيده وله أكله، صيده ما يصيده فيه، وطعامه ما يطفو عليه من السمك الميت، فإن البحر: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) فما يطفو عليه هو طعام من السمك الصغار والكبار، من أخذه فهو حل له، وما يصيده فيه بأنواع الآلات والشباك فهو حل له أيضاً، سواءً كان محرماً أو حلالاً بنص الآية الكريمة، أما صيد البر فلا، كالضباء والأرانب ونحوها، ليس للمحرم أن يصيد صيد البر، وإن كان في غير الحرم، وليس له صيد الحرم أيضاً سواءً كان محرماً أو حلالاً، صيد البر لا يجوز للمحرم إذا كان في غير الحرم، وإذا كان في الحرم حرم على المحرم وعلى غير المحرم.

    1.   

    حكم الأضحية والفرق بينها وبين الهدي

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الحاج: فاضل محمد إكرام من الجمهورية التركية يقول فيه: أود معرفة ما حكم الأضحية، وهل هي واجبة على الحاج، فقد ذكر لي بعض العلماء، بأن الضحية ليست على الحاج، وإنما هي على غيره؛ لأنه ليس على الحاج صلاة عيد الأضحى، والأضحية ما يذبح يوم النحر بعد صلاة العيد، أفيدونا أفادكم الله، وهل يؤثم من تركها؟

    الجواب: الأضحية سنة مؤكدة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين أملحين يوم العيد، أحدهما عن محمد وآل محمد، والثاني عن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فالأضحية سنة مؤكدة لمن تيسر له ذلك فقدر عليه، وقال بعض أهل العلم بوجوبها مع اليسار والقدرة، وظاهر الأحاديث الصحيحة أنها سنة للحجاج وغيرهم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين في حجة الوداع عليه الصلاة والسلام، مع ما فعل من ذبح البدن، قد نحر مائة بدنة عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وضحى بكبشين أملحين فهما سنة، وإذا ضحى الإنسان بواحدة عنه وعن أهل بيته كفى ذلك والحمد لله.

    وأما الهدايا فهي ما يذبح من أجل الإحرام بالحج والعمرة، يقال له: هدية، ويقال له: دم، يعني: واجب في الحج والعمرة، وهذه الدماء فيها تفصيل، قال الله جل وعلا: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196].

    فإذا أحرم بالعمرة والحج جميعاً حين جاء إلى مكة أو أحرم بالعمرة وتحلل منها، طاف وسعى وقصر وحل ثم أحرم بالحج، فهذا يقال: عليه هدي، يسمى هدياً، وقد يسميه بعض الناس ضحية، ولكن الاسم المشروع المعروف هو الهدي، فعليه أن يذبح ذلك أيام النحر في يوم العيد، وأيام التشريق، هذا الهدي، وهو سبع بدنة أو سبع بقرة أو رأس من الغنم ثني من المعز أو جذع من الضأن، هذا يقال له: هدي التمتع، وهدي القران.

    أما إذا كان أحرم بالحج وحده، جاء من بلاده وأحرم بالحج فقط، ليس معه عمرة، لبى بالحج وبقي على إحرامه حتى وقف بعرفة وحتى رمى الجمار وطاف وسعى هذا ليس عليه دم؛ لأنه مفرد بالحج، والدم إنما هو على من تمتع بالعمرة إلى الحج، وليس عليه ضحية، الضحية سنة ما هي بواجبة، فإذا ضحى في منى أو في مكة هذا سنة، وأما الهدي الذي هو الذبيحة الخاصة، من تمتع بالعمرة إلى الحج أو قرن بينهما فهذا دم واجب يسمى هدياً، وما يذبح في منى من التطوعات ومن الدماء التي يتطوع بها الإنسان يسمى هدياً، وأما ما يذبح في عيد النحر في المدن والقرى والبوادي فهذا يسمى الضحية، وهي شاة واحدة عن الرجل وأهل بيته، وإن ضحى بسبع بدنة، أو سبع بقرة كفى ذلك والحمد لله.

    1.   

    حكم المبيت بمنى في أيام الحج

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع الحاج: عبد الرحمن صالح محمد أحمد من جمهورية الصومال، يقول في سؤاله الأول: هل المبيت بمنى واجب على الحاج، فقد قرأت حديثاً لـابن عباس جاء فيه: (إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت) فأرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا هذه المسألة جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: المبيت في منى فيه خلاف بين أهل العلم ، من أهل العلم من قال: إنه واجب، وهو الأرجح والأصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى، وقال: (خذوا عني مناسككم) ورخص للعباس وللرعاة في ترك المبيت، العباس من أجل السقاية، والرعاة من أجل الرعي في الليل، فلما رخص لهم دون غيرهم دل على وجوبه على غيرهم، وهذا هو الأرجح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجب، يروى هذا عن ابن عباس وفي صحته عن ابن عباس نظر، فالأولى والأرجح والأقرب إلى الصواب هو أنه يجب المبيت على الحجاج في منى، في الليلة الحادية عشر والثانية عشر في حق من تعجل، أما من لم يتعجل وبقي إلى يوم الثالث عشر، فإنه يبيت الليلة الثالثة عشرة، هذا هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو القدوة عليه الصلاة والسلام، وقد قال في الحديث الصحيح: (خذوا عني مناسككم) يعني: تعلموا مني واقتدوا بي في أعمال الحج عليه الصلاة والسلام، لكن من كان له عذر مثل الرعاة الذين يحتاجون إلى الرعي لإبلهم خارج منى، أو كان من السقاة للحجيج في زمزم أو غيرها، أو كان له عذر شرعي كالمرض يحتاج إلى نقله إلى المستشفى، وليس يتيسر له البقاء في منى أو ما أشبه هذا من الأعذار التي تسوغ لهم ترك المبيت فلا حرج، وإلا فمن كان سليماً ليس له عذر فإنه يبيت في منى تأسياً برسول الله عليه الصلاة والسلام واحتياطاً للدين.

    1.   

    حكم تقديم بعض أعمال يوم النحر على بعض

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ: عبد الرحمن صالح محمد أحمد من جمهورية الصومال يقول فيه: هل هناك إثم على الحاج لو ذبح قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح، وهل يلزمه شيء وما هي الكفارة أفتونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد رمى الجمرة ضحى، ثم نحر هديه صلى الله عليه وسلم ثم حلق رأسه، ثم طيبته عائشة رضي الله عنها، ثم ركب إلى البيت فطاف به، هذا هو السنة، وقال: (خذوا عني مناسككم) اللهم صل عليه وسلم، هذا هو المطلوب من الحاج وهذا هو الأفضل: أنه يرمي سواء كان رجل أو امرأة يرمي أولاً، جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم بعد ذلك يحلق رأسه أو يقصر، وبهذا حل التحلل الأول، فيلبس المخيط ويتطيب كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الطواف بعد ذلك، وليس له أن يأتي النساء حتى يطوف وحتى يسعى إن كان عليه سعي بعد الرمي والحلق، أما إذا رمى وحلق فإنه يتطيب ويلبس المخيط ويغطي رأسه، ويقلم أظفاره ويقص شاربه لا بأس، لكن لا يأتي المرأة حتى يضيف إلى الرمي والحلق الطواف والسعي إن كان عليه سعي، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، لو أنه حلق قبل أن يرمي، أو نحر قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن ينحر فلا حرج في ذلك، أو سعى قبل أن يطوف كما يفعل بعض الجهال، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه سئل يوم العيد عمن قدم وأخر في هذه الأمور فقال: لا حرج لا حرج عليه الصلاة والسلام) وقال له رجل: (يا رسول الله! إني أفضت قبل أن أرمي، قال: لا حرج، وقال آخر: يا رسول الله! حلقت قبل أن أذبح؟ قال: لا حرج، وقال آخر: سعيت قبل أن أطوف قال: لا حرج، فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج) عليه الصلاة والسلام.

    فهذا من لطف الله ومن رحمته وإحسانه إلى عباده جل وعلا، فالحاج من الرجال والنساء مشروع له أن يفعل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، فيرمي أولاً يوم العيد ثم ينحر هديه إن كان هناك هدي، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي، هذا هو المشروع، فمن قدم بعضها على بعض ولم يرتب فلا حرج عليه مثلما تقدم، إذا حلق قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يرمي أو نحر قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح، أو طاف قبل أن يذبح كله لا حرج، وهكذا لو سعى قبل أن يطوف على الصحيح، وإن كان خلاف قول الجمهور، لكن هو الصحيح؛ لأنه جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن سعى قبل أن يطوف جاهلاً أم ناسياً فلا حرج عليه، وسعيه صحيح.

    1.   

    وقت رمي الجمار

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: عباس علي أحمد بخاري من الطائف، يقول فيها: جاء في قول بعض العلماء: السنة أن ترمى الجمار في غير يوم الأضحى، وهناك حديث لـجابر ، قوله: (رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك -بعد الزوال-)، فهل معنى ذلك أنه يجوز للحاج أن يؤخر رمي يوم إلى ما بعده أو تأخير الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ولا شيء عليه، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: السنة أن الحاج يرمي يوم العيد، ضحىً سبع حصيات جمرة العقبة، وأما بقية الأيام فبعد الزوال في كل يوم، يرمي الجمرات الثلاث بإحدى وعشرين حصاة، يرمي كل واحدة بسبع بعد الزوال، هذا هو المشروع الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي رواه جابر وغيره عن النبي عليه الصلاة والسلام، روى جابر وغيره رضي الله عن الجميع: (أنه رمى يوم العيد بسبع حصيات عليه الصلاة والسلام -جمرة العقبة- ثم حلق رأسه ووزعه على الناس عليه الصلاة والسلام، ثم تطيب وركب إلى البيت فطاف به عليه الصلاة والسلام) هذا هو المشروع، ومن أخر الرمي بسبب أعذار له أو زحام ورمى بعد الزوال من يوم الحادي عشر عن جمرة العقبة، أو أخر الجميع إلى اليوم الثالث عشر أو الثاني عشر، ورماها بالترتيب، فرتب الجمار على ما شرع الله فرمى جمرة العيد أولاً بالنية، ثم رمى الجمار الثلاث عن يوم الحادي عشر ثم رماهن عن يوم الثاني عشر مرتباً، أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكن الأولى والأفضل والسنة أن يفعل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فيرمي يوم العيد ضحى، وإن رمى في آخر الليل من ليلة العيد أجزأ، ولا سيما الضعفاء والعجزة، وإن رماه يوم العيد الضحى فهو أفضل إذا تيسر ذلك، وبقية الجمار ترمى بعد الزوال، وإن شق بعد الزوال ولم يتيسر له في الظهر والعصر رماه بعد الغروب عن اليوم الماضي، على الصحيح من أقوال العلماء، فله الرمي بالليل عن اليوم الماضي؛ ولكن إذا رمى بعد الزوال وقبل الغروب يكون أفضل وأحوط، وإن شق عليه ذلك ولم يتيسر له الرمي رمى بعد الغروب عن اليوم الذي غربت شمسه هذا هو الصواب وهذا هو المختار، أما قبل الزوال فلا، لا يرمى قبل الزوال في أيام التشريق، لا بعد الفجر ولا قبل الزوال، إنما يرمي بعد الزوال بعد دخول وقت الظهر إلى غروب الشمس هذا هو الأفضل، فإن زحم أو شق عليه رمى بعد الغروب والحمد لله.

    1.   

    حكم الصلاة بالأولاد والأهل جماعة في المنزل

    السؤال: هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع: شريف خليفة أحمد سوداني مقيم بالرياض، الرسالة تحتوي على العديد من الأسئلة، يقول في سؤاله الأول: هل من الممكن أن أصلي جماعة أنا وأولادي وأيضاً مع زوجتي؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: نعم، لا بأس أن تصلي جماعة مع أولادك وزوجتك في النوافل، مثل صلاة الليل بعض الأحيان، مثل صلاة الضحى بعض الأحيان، لا بصفة راتبة ولكن بعض الأحيان، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أنس ، فصلى بـأنس واليتيم خلفه وأم سليم خلفهم، وصلى في بيت عتبان صلاة الضحى جماعة لما زاره عليه الصلاة والسلام لا بأس بهذا، وهكذا لو فاتت الفريضة.. فاتتك صلاة الفريضة في المسجد لأنك شغلت عن ذلك، بمرض أو غيره، ورجعت إلى البيت لا بأس أن تصلي بأولادك وأهلك الجماعة، ولكن ليس لك أن تتأخر عن الجماعة لا يجوز لك أن تتأخر عن الجماعة، بل يجب عليك أنت وأولادك يجب عليكم جميعاً أن تخرجوا إلى المساجد وأن تصلوا مع الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر).

    وقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق على المتخلفين عن الصلاة في الجماعة بيوتهم، وروي عنه عليه السلام أنه قال: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم) فهذا يدل على أن تخلفهم أمر ممنوع، وأنهم يستحقون أن يحرق عليهم بيوتهم بسبب تخلفهم عن هذا الواجب، وجاءه رجل أعمى عليه الصلاة والسلام يقول له: (يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب) وفي لفظ قال له: (لا أجد لك رخصة) فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه وليس له رخصة فكيف بحال غيره.

    فالمقصود أن الواجب على كل مسلم أن يصلي في المساجد مع الناس، هو وأولاده ومن تحت يده من أيتام أو خدام يصلون في المساجد مع المسلمين، وليس له أن يصلي في بيته، لكن لو شغل عن هذا بمرض فصلى مع زوجته لا بأس، أو مع أولاده الصغار ليس عليهم جماعة لا بأس، أو أناس مرضى صلوا معه جماعة لا بأس، أما الأقوياء فيلزمهم أن يصلوا في المساجد، وليس لهم التخلف إلا بعذر شرعي كالمرض.

    1.   

    حكم السبحة

    السؤال: السؤال الثاني يقول فيه الأخ: شريف خليفة أحمد سوداني مقيم بالرياض: يقول بعض الناس إن السبحة بدعة، وأنا دائماً أستعمل السبحة بعد الصلاة أفيدوني بارك الله فيكم؟

    الجواب: السنة في التسبيح بعد الصلاة وفي غيرها التسبيح بالأصابع، هذا هو السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فنوصيك يا أخي! بأن تسبح بأصابعك فإنها مسئولة مستنطقة، فاستعملها في طاعة الله وسبح بها واترك السبحة، ترك السبحة أولى وأفضل وأحوط.

    1.   

    الفرق بين الفرض والواجب مع التمثيل لهما

    السؤال: السؤال الثالث في رسالة الأخ: شريف خليفة أحمد سوداني مقيم بالرياض يقول فيه: ما هو الفرض والواجب مع التفضل بإعطائي أمثلة على ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: الفرض والواجب شيء واحد، وهو الذي يستحق الثواب فاعله، ويستحق العقاب تاركه، يقال له: فرض، ويقال له: واجب، ولكن بعض أهل العلم يستعملون الفرض فيما قامت الأدلة القوية على وجوبه، وما كانت أدلته أضعف من ذلك يسمونه واجباً، وإلا فالأصل الذي عليه جمهور أهل العلم، أن الفرض والواجب شيء واحد، فيقال للصلاة: فرض، ويقال لها: واجبة، ويقال لصلاة الجماعة: فرض، ويقال لها: واجبة، ويقال للزكاة: فرض، ويقال لها: واجبة، ويقال لصيام رمضان: فرض، ويقال له: واجب، ويقال للحج مع الاستطاعة: فرض، ويقال له: واجب، هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، وهو الشيء الذي قام الدليل على أنه لازم، يستحق العقاب تاركه، ويستحق الثواب فاعله، هذا يسمى فرضاً، ويسمى واجباً.

    ولكن بعض أهل العلم مثلما تقدم قد يتسامحون فيطلقون الفرض على ما قويت أدلته وصارت واضحة جلية معلومة من الدين بالضرورة، فيسمون ذلك فرضاً كالصلاة والزكاة، ويسمون التسبيح في الركوع والسجود واجباً، ويسمون التكبيرات ماعدا الأولى واجبة؛ لأن أدلتها أقل من أدلة وجوب الصلاة نفسها، وهكذا يسمون في الحج رمي الجمار واجباً، ويسمون المبيت في المنى ومزدلفة واجباً، ويسمون الطواف ركناً وفرضاً، ويسمون الوقوف بعرفة فرضاً وركناً؛ لأن أدلته أظهر وأعظم، وهكذا أمثلة كثيرة لأهل العلم.

    1.   

    تعريف المكروه والمحظور والتمثيل لهما

    السؤال: السؤال الرابع في رسالة الأخ: شريف خليفة أحمد السوداني -المقيم بالرياض- يقول فيه: ما هو المكروه وما هو المحظور؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: المكروه عند أهل العلم هو: الذي ينبغي تركه، ولكن لا يأثم من فعله، لكن يكره فعله، مثل التحدث بعد العشاء، في غير العلم وغير الأمور الضرورية؛ لأنه قد يشغل عن صلاة الفريضة قد يسبب السهر، (كان النبي يكره النوم قبلها والحديث بعدها عليه الصلاة والسلام) مثل كثرة الحديث في المساجد في أمور الدنيا مكروه وليس محرم، مثل القيل والقال الذي: ليس فيه فائدة مكروه.

    والمحظور: هو الممنوع المحرم مثل الغيبة والنميمة وشهادة الزور والأيمان الفاجرة، يقال له: محظور، ويقال له: ممنوع، ويقال لها: محرم مثل قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وأكل الربا كل هذه يقال لها: محظورة، ويقال لها: ممنوعة، ويقال لها: محرمة، وما دون ذلك من الأشياء التي ينبغي تركها، ولكنها ليس في الأدلة ما يحرمها ويمنعها ولكنها مطلوب تركها، يقال لها: مكروه مثلما تقدم من التحدث بعد صلاة العشاء بدون ضرورة أو حاجة، ومثلما تقدم من الكلام الكثير في المساجد في أمور الدنيا، ومثل الكلام الذي ليس له فائدة، كونه سيخوض في أشياء مالها فائدة أو يسأل عما لا يعنيه ترك هذا أولى ومكروه وتدخله فيما لا يعنيه.

    كذلك مثل ترك النوافل، ترك سنة الظهر مكروه، ترك سنة المغرب مكروه، ترك سنة الفجر مكروه.

    1.   

    ما يجب على المتمتع العاجز عن الهدي

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع الحاج: آدم عثمان علي من السنغال يقول في رسالته وفي سؤاله الأول: بأنه قدم متمتعاً بالعمرة إلى الحج، ولم يستطع أن يهدي ثم أهل بالحج، فما الحكم في ذلك، وهل يلزمه شيء؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: إذا كان أهل بالعمرة وفرغ منها وأهل بالحج، فعليه دم، وهو سبع بدنة أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم؛ ثني من المعز أو جذع من الضأن، فإذا عجز عن هذا وجب عليه أن يصوم عشرة أيام، ثلاثة في الحج، والأفضل أن تكون قبل عرفة، فإن لم يصمها قبل عرفة صامها أيام التشريق في الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فإن لم يتيسر صومه لعجزه عن ذلك فإنه يصومها مع السبعة في بلده، يصوم العشرة جميعاً في بلده، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196] يعني: من كان من أهل مكة ومن حولها فهذا لا شيء عليه وإنما هذا على من يقدم من خارج مكة فهذا عليه الهدي إذا أحرم بالحج والعمرة جميعاً، أو أحرم بالعمرة وفرغ منها ثم أهل بالحج في أشهر الحج، فهذا عليه الهدي الذي عرفت وهو سبع بدنة، قد بلغت خمس سنين فأكثر، وهي الثنية أو سبع بقرة قد تم لها سنتان وهي الثنية أو رأس من الغنم، من المعز ثني ومن الضأن يكون جذعاً قد بلغ ستة أشهر فأكثر، فإن عجز عن ذلك ولم يتيسر له الهدي، وجب عليه أن يصوم عشرة أيام، منها ثلاثة يصومها في الحج قبل عرفات بعد حله من العمرة يصومها، فإن لم يتيسر صومها صامها أيام التشريق، فإن لم يتيسر ذلك صامها مع السبعة في بلاده وليس عليه شيء.

    1.   

    حكم إخراج الثمن مكان الهدي

    السؤال: السؤال الثاني يقول فيه: هل يجوز استبدال الهدي بثمنه وتوزيعه على الفقراء عند عودتي إلى بلادي أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: لا يجوز، الاستعاضة عن الهدي بالثمن؛ لأن هذا خلاف شرع الله وخلاف ما أوجب الله؛ بل يجب شراء الهدي وذبحه فيأكل منه ويطعم ويتصدق ويهدي والحمد لله، يذبحه في منى أو في مكة وليس له أن يعتاض عن هذا بالثمن في بلده ولا في غير بلده؛ لا يوزعه لا في مكة ولا في بلده، بل يجب عليه الهدي متى قدر، فإن عجز صام عشرة أيام كما تقدم.

    1.   

    حكم الزحام لتقبيل الحجر الأسود وغيره

    السؤال: السؤال الثالث في رسالة المستمع الحاج: آدم عثمان علي من السنغال يقول فيه: عند طوافه بالبيت الحرام طواف الإفاضة لم يستطع استلام الحجر الأسود من شدة الزحام، وكاد أن يختنق من مزاحمة الأقوياء للضعفاء، فهل يلزمه شيء؟ و ما حكم من يزاحم ويؤذي الضعفاء؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: ليس عليه شيء، وليس له أن يزاحم، بل إذا وازن الحجر حاذاه كبر من بعيد، أشار إليه وكبر، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام كان ربما طاف صلى الله عليه وسلم فأشار للحجر من بعيد وكبر عليه الصلاة والسلام، فلا ينبغي للمؤمن أن يزاحم ولاسيما القوي مع الضعفاء فإنه يضرهم ويؤذيهم، فالسنة للمؤمن أن لا يزاحم، بل إن تيسر له تقبيل الحجر قبل الحجر واستلمه وقال: بسم الله والله أكبر، أو قال: الله أكبر، فإن لم يتيسر له ذلك، إلا بالمزاحمة أشار إليه من بعيد وهو يطوف وكبر عند محاذاته والحمد لله، ولا تنبغي المزاحمة؛ لأن فيها مضرة على الناس، لا في الطواف ولا في السعي، ولا عند الحجر الأسود ولا عند الركن اليماني، ولا عند مقام إبراهيم للصلاة، بل يصلي في الأماكن التي ليس فيها زحمة بعد الطواف، ولا ينبغي له أن يزاحم لا عند صلاة الطواف، ولا في الطواف ولا في السعي، ولا عند محاذاة الحجر الأسود، ولا عند محاذاة اليماني، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

    1.   

    حكم حج المرأة مع نساء بدون محرم

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمعة الحاجة: عباسية بنت محمد عبد الرحمن من العراق -الموصل- تقول فيها: قدمت للحج بصحبة عدد من النساء وليس لي محرم وقد تجاوز عمري الخمسين عاماً، فهل يعتبر حجي صحيحاً أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: لا يجوز للمسلمة أن تحج بدون محرم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز الحج مع ثقات النساء بدون محرم ولكنه قول مرجوح، والصواب: ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) لكن لو حجت مع النساء صح حجها، وعليها التوبة إلى الله؛ لأنها أخطأت وأثمت فعليها التوبة إلى الله والندم وأن لا تعود إلى مثل هذا وحجها صحيح إن شاء الله؛ لأنها أدت مناسك الحج، فصح مع الإثم في مخالفتها السنة، في حجها بدون محرم، والله ولي التوفيق، وله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة وعليها التوبة من ذلك.

    المقدم: أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على هذا اللقاء، في برنامج نور على الدرب الذي أجاب فيه سماحته مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين، المستمع الحاج: فاضل محمد إكرام من الجمهورية التركية، المستمع الحاج: عبد الرحمن صالح محمد أحمد من جمهورية الصومال، المستمع الأخ: عباس علي أحمد بخاري من الطائف، المستمع: شريف خليفة أحمد سوداني مقيم بالرياض، المستمع الحاج: آدم عثمان علي من جمهورية السنغال، وأخيراً رسالة المستمعة عباسية بنت محمد عبد الرحمن من جمهورية العراق- الموصل-.

    أيها الإخوة الأكارم! شكراً لكم على حسن إنصاتكم ومتابعتكم للبرنامج وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى، من لقاءات الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768240406