ويسعدنا أن نلتقي بسماحته، وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة الجديدة من برنامج نور على الدرب، الذي يتولى فيها سماحته الإجابة مشكوراً على أسئلتكم واستفساراتكم.
أولاً: نرحب باسم السادة المستمعين بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: الرسالة الأولى وصلت إلى البرنامج من السيدة رانية الجندي الأردن المفرق، تقول في رسالتها وفي بدايتها: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو التكرم بالإجابة عن هذا السؤال: أنا امرأة مسلمة، منذ سنتين لم أصم شهر رمضان، في السنة الأولى كنت في أيام النفاس، وفي السنة الثانية كنت حاملاً ومريضة، ونصحني الدكتور بعدم الصيام، وأنا لم أقض هذه الأيام ولم أخرج بدلاً منها مالاً، فهل يقبل الله توبتي؟ وما الحكم في هذه الحالة أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الأخت في الله السائلة! لا شيء عليك والحمد لله ما دمت إنما أخرت الصيام لأجل النفاس والحمل فعليك أن تصومي ما أفطرت من السنتين والحمد لله، إن كنت تساهلت في هذا وأخرت القضاء من غير عذر بعد الطهور من النفاس، فعليك أن تطعمي عن كل يوم مسكيناً زيادة، هذا هو الذي أفتى به جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فتصومي الأيام التي عليك وتطعمي عن كل يوم مسكيناً، أما إن كنت معذورة في المدة كلها أولاً: بالنفاس، وثانياً: بالحمل، وليس هناك مدة بينهما حصل فيها قدرة على القضاء، فإنك تقضين فقط وليس عليك إطعام، بل تصومين الأيام التي عليك والحمد لله وليس عليك إطعام، ولا حرج أن تصوميها متتابعة أو متفرقة.
وأما إن كنت تساهلت ولم تصومي وأنت تستطيعين الصوم فإن عليك التوبة إلى الله والاستغفار، وعليك الصيام، وعليك إطعام مسكين عن كل يوم، كيلو ونصف عن كل يوم للفقراء والمساكين، يعني من التمر أو من الأرز أو من الحنطة من قوت البلد، يعطاها المساكين ولو جمعت كلها ودفعت إلى مسكين واحد أو اثنين أو ثلاثة كفى ذلك والحمد لله.
الجواب: السنة للمؤمن إذا قام إلى الصلاة أن يستحضر عظمة ربه، وأن هذه الصلاة لها شأن عظيم، وأن الخشوع فيها مطلوب، كما قال الله عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، فيقوم بهذه النية: بنية الدخول فيها، وإذا كبر الإمام قال بعده: الله أكبر، وإن كان منفرداً لمرض منعه من الجماعة أو في النافلة فإنه يكبر يقول: (الله أكبر) أول ما يبدأ الصلاة، ولا يشرع له أن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، هذا شيء لا أصل له، والصواب أنه غير مشروع بل هو بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يقول عند البدء بالصلاة: نويت أن أصلي كذا وكذا، وما كان أصحابه يقولون ذلك، ولا الأئمة الأربعة، ولا غيرهم من أهل العلم المعروفين من أئمة السلف الصالح، فالسنة للمؤمن والمؤمنة أن يبدأا الصلاة بقوله: الله أكبر، ولا يأتي بقوله: نويت أن أصلي الظهر كذا والعصر كذا.. الفجر كذا.. الجمعة كذا، هذا لا أصل له، ولكن ينوي في قلبه أنه قائم للصلاة المعينة الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ويكفي، القلب هو محل النية.
أما وجهت وجهي فهذا يقوله بعد الدخول، هذا يسمى: الاستفتاح، إذا كبر يقول الاستفتاح المشروع الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنواع من الاستفتاحات أخصرها وأوجزها: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، يقول هذا بعد التكبير، يقوله الرجل والمرأة في الفرض والنفل: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ومعنى: (تعالى جدك) يعني: عظمتك، جد الله: عظمته سبحانه وتعالى، (ولا إله غيرك) يعني: لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء سواك يا ربنا، فهو المعبود بالحق سبحانه وتعالى، وما عبده الناس من دون الله من قبور وأصحاب قبور أو أنبياء أو صالحين أو كواكب أو صنم أو شجر كله باطل، أما المعبود بالحق فهو الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا معنى: لا إله غيرك، أي: لا معبود بحق سواك، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62].
ويشرع استفتاح آخر، كان الرسول يستعمله عليه الصلاة والسلام وهو ثابت عنه: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)، هذا أيضاً كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثابت عنه في الصحيحين، فإذا فعله الإنسان قبل أن يقرأ: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) هذا مستحب وليس بواجب قبل أن يقرأ وبعد أن يكبر، وهناك نوع ثالث من الاستفتاح يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)، هذا نوع من الاستفتاح وهو صحيح ثابت، كان في الغالب يستعمله بالليل عليه الصلاة والسلام، وفي التطوع وإذا استعمله الإنسان في الفريضة فلا بأس؛ لأن شأنهما واحد إلا ما خصه الدليل، ولكنه طويل ليس كل واحد يحفظه، فالأول أخصر وأيسر على العامة من الرجال والنساء: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك)، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ الحمد، ثم ما تيسر معها بعد ذلك، هذا هو المشروع.
الجواب: ثبت عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك؛ لأجل تشهد له البقاع، ولحكم أخرى الله يعلمها سبحانه وتعالى، فإذا غير مكانه فحسن، إذا تيسر يعني أن ينتقل من محل فريضة إلى محل آخر يتطوع فيه فهذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فيما ذكره ابن عمر عنه رضي الله تعالى عنهما، ولا بأس بذلك بل هو مستحب إذا تيسر ذلك.
الجواب: هذا الحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه، جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء) فهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: (قيل: يا رسول الله! من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس)، وفي اللفظ الآخر: (يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)، وفي لفظ آخر: (هم النزاع من القبائل)، وفي لفظ آخر: (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير).
فالمقصود أن الغرباء: هم أهل الاستقامة، (فطوبى للغرباء) يعني: الجنة والسعادة للغرباء (الذين يصلحون عند فساد الناس)، إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق، واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة، واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31] أي: ما تطلبون: نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:32].
فالإسلام بدأ قليلاً في مكة، لم يؤمن به إلا القليل وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه عليه الصلاة والسلام وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجراً وانتقل معه من قدم من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن فتح الله على نبيه عليه الصلاة والسلام مكة، فأوله كان غريباً بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك، ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه، فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين، وأخلصوا لله العبادة فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يصلون إلا له ولا يسجدون إلا له ولا يتوجهون بالدعاء والاستغاثة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبونهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار، ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، فهؤلاء هم الغرباء، وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله، عندما يتأخر الناس عن دين الله، عندما يكفر الناس، عندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.
الجواب: المحافظة على السنة أمر مطلوب، ولكن السنة سنتان: فريضة ونافلة، أما الفريضة فلا بد منها، وذلك أن تصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم تطمئن في ركوعك وسجودك وتقرأ الفاتحة، هذا أمر لا بد منه وفريضة، أما النوافل مثل: سنة الاستراحة، ومثل: وضع اليمنى على اليسرى على الصدر وما أشبه ذلك من السنن، هذه إن فعلها الإنسان لإحياء السنة فهذا مطلوب وأفضل، وإن تركها تأليفاً لجماعته الذين لم يعرفوا هذه السنة ولم يطمئنوا إليها لجهلهم أو لتقليدهم حتى يكسبهم في أداء الفرائض وترك المحارم فهذا حسن؛ لأن تحصيل الفرائض مقدم، وترك المحارم أمر مقدم على النوافل، فالمؤمن الداعي إلى الله يعمل الأصلح، فيجتهد في توجيه الناس إلى ما أوجب الله عليهم وتحذيرهم مما حرم الله عليهم، ويحرص على ما يؤلف قلوبهم ويرغبهم في الخير، فإذا اطمأنوا وعرفوا أن عنده النصح واطمأنوا إلى تعليمه وتوجيهه في إمكانه بعد ذلك أن يرشدهم إلى السنن التي قد تخفى عليهم من جنس جلسة الاستراحة فإنها سنة على الأرجح، وبعض أهل العلم لا يراها سنة وإنما يراها في حق المريض والعاجز، ولكن الصواب أنها سنة وهي جلسة بعد الأولى من الرفع في الصلاة وبعد الثالثة في الرباعية، وبعد الأولى في كل صلاة جلسة خفيفة، ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة، فإذا فعلها فهي سنة كما ثبت ذلك من حديث مالك بن الحويرث وأبي حميد الساعدي، وإن ترك ذلك تأليفاً لجماعته وقومه وما أشبهها من السنن التي ليست واجبة فلا حرج كما تقدم.
والخلاصة: أن الداعي إلى الله ينظر الأصلح، ويحرص على اكتساب قومه وجماعته وأهل بلده في أداء الفرائض وترك المحارم، وإن تركوا بعض السنن، فالأهم كل الأهم حفظهم للفرائض وعنايتهم بها وابتعادهم عن المحارم، أما تركهم بعض السنن فلا يضرهم ذلك، وفي إمكانهم بعد الطمأنينة إلى الداعي وبعد معرفتهم لنصحه واطمئنانهم إليه وثقتهم به، في إمكانهم بعد هذا أن يقبلوا منه ما خالف عادتهم. والله المستعان.
الجواب: الضم بعد القيام من الركوع سنة وهو يضع يمينه على شماله على صدره كما فعل قبل الركوع، هذا هو المحفوظ من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى ذلك وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح، وروى ما يدل على معناه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الرجل كان يؤمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة -قال
فهذا هو الصواب والحق أن ضم اليمين إلى اليسار يعني وضع اليمين على الكف اليسرى والرسغ والساعد بعد الركوع وقبله حال القيام هو السنة، أما أخونا الفاضل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني فقد ذكر ما ذكره السائل وأن هذا بدعة، وقد وهم في هذا وفقه الله، وكل إنسان له أوهام، كل عالم له أوهام، وأخونا الشيخ ناصر الدين من خيرة علماء المسلمين، وهو ممن نعرفه ونشهد له بالفضل والعناية بالسنة والحرص عليها، وقد ألف فيها ما ألف من المؤلفات الطيبة النافعة، ولكنه كغيره من العلماء يخطئ ويصيب، فله أشياء أخطأ فيها عفا الله عنه، كما لغيره من الأئمة كـمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة الكبار، كل واحد له أشياء أخطأ فيها وخفي عليه فيها الحق، إما لأنه لم يطلع على الحديث أو لم يبلغه بوجه يصح أو لأسباب أخرى كما بين ذلك أبو العباس ابن تيمية في كتابه: (رفع الملام عن أئمة الإسلام) فكل عالم قد يفوته شيء وله فيه عذره رضي الله عنهم ورحمهم، فأخونا العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني من جملة أولئك الأخيار الذين لهم عذرهم فيما أخطئوا فيه، وقد كتبنا في هذا رسالة بينا ما فيه الصواب ونشرت من مدة وهي موجودة وتوزع، فينبغي للسائل أن يراجعها إن كانت عنده، أو يكتب لنا ونرسلها له إن شاء الله.
فالخلاصة: أن السنة أن يضم يديه بعد الركوع كما قبل الركوع، هذا هو الأفضل يضع اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد على صدره كما فعل قبل الركوع، لقول وائل رضي الله عنه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة يضع يمينه على شماله)، وقوله: ( إذا كان قائماً في الصلاة ) يشمل هذا وهذا، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه فيما نعلم أنه أرسل يديه بعد الركوع، فما قاله الشيخ هنا الشيخ العلامة ناصر الدين: أنه بدعة غلطة كبيرة نسأل الله أن يعفو عنه.
السؤال الأول: هل تجب الزكاة من مال الشخص المفقود الذي لا يعرف مصيره؟ وهل يستطيع وليه أن يتصرف به كوارث، أم يجب عليه أن يحافظ على هذا المال إلى أن يعرف أحي هو أم ميت، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: مال المفقود الذي لا تعرف حياته ولا موته لا زكاة فيه، بل تؤجل الزكاة حتى يبين أمره فإن بان حياً أخرجها بعد حضوره، وإن بان ميتاً أخرجها الورثة فيما يتعلق بالنقود، أما غير النقود من أثاث وبيوت السكن ونحوها هذه ليس فيها زكاة، إنما الزكاة في النقود وأشباهها كالإبل والبقر والغنم السائمة ونحو ذلك مما فيه الزكاة، فالحاصل أنه لا يزكى ماله إلا بعد ظهور حياته فيزكيه هو، أو يقوم بها وكيله أو يظهر موته فيزكي الورثة بعدما صار المال إلى ملكهم.
الجواب: الأخ الفقير يعطى الزكاة حتى ولو كان وارثاً على الأصح، إذا كان فقيراً يعطى من الزكاة كالعم والخال وابن الأخ والأخت ونحوهم، أما الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأولاد وأولاد البنين وأولاد البنات فهؤلاء لا يعطون؛ لأنهم من أهل البيت فلا يعطون من زكاة الولد، لا يعطي أصله من زكاته ولا فرعه من زكاته، هذا هو المعروف عند أهل العلم وقد حكى عليه الحافظ ابن المنذر رحمه الله الإجماع في الجملة.
الجواب: لا مانع أن يرفع صوته بقوله: الله أكبر! أو سمع الله لمن حمده للتنبيه أنه يصلي أو يقول: (سبحان الله) لا مانع منه، أما (من) فلا حاجة إليها، لا حاجة أن يقول: من، لكن يقول: الله أكبر، أو سبحان الله حتى ينتبه من يريد تنبيهه.
الجواب: يكفيك أيها الأخت في الله أن تقرئي الفاتحة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4]، إلى آخرها، تقرأينها تكفي، وإن تيسر معها زيادة مثل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] .. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] .. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] أو غيرها من السور أو بعض الآيات فهذا خير إلى خير، في الركعة الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفي الفجر أيضاً، أما الثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء تكفيك فيها الفاتحة، ولا يلزمك شيء أكثر من هذا، الحمد هي الركن اللازم، وما زاد فهو مستحب، والحمد لله.
الجواب: عليك أن تقضي الصيام الذي عليك فقط من غير زيادة، وقول بعض الناس: اليوم بيومين هذا خطأ باطل ما له أصل، وإنما تصومين الأيام فقط التي أفطرتيها، وليس عليك زيادة فقط. لكن إذا كان تأخير الصيام من دون عذر شرعي ليس هناك مرض يمنع ولا أعذار أخرى من حمل أو نفاس أو نحو ذلك فإن عليك مع الصوم إطعام مسكين عن كل يوم إذا تيسر لك ذلك، إذا كنت مليئة فاطعمي عن كل يوم مسكيناً، يعني: نصف صاع عن كل يوم كيلو ونص تقريباً عن كل يوم، يجمع أو يعطى لبعض الفقراء عن الأيام التي عليك كلها، كل يوم عنه نصف صاع من قوت البلد من أرز أو تمر أو حنطة أو شعير أو ذرة ونحو ذلك، تدفعينه لبعض الفقراء، تنظرين بعض البيوت الفقيرة ويدفع إليهم هذا الطعام عن جميع الأيام التي لم تصوميها إذا كنت أخرتيها من دون عذر، أما إذا كان لك عذر كالمرض فليس عليك إطعام، تصومين فقط عدد الأيام فقط بلا زيادة، وأما قول من قال: إنه يصام عن كل يوم يومين فهذا قول باطل ليس له أساس.
الجواب: الدخان وفروعه ومشتقاته كلها محرمة، ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: ( أحل لكم الطيبات ) لما سألوه ( ماذا أحل لهم )؟ أمره الله أن يقول لهم: ( أحل لكم الطيبات ) ، وأخبر سبحانه عن وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف قال: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]، وقد أجمع العارفون بالدخان من الأطباء وغير الأطباء على أنه خبيث ضار ضرراً كبيراً بمتعاطيه، فهو معروف بأنه سبب لأمراض كثيرة من داء السرطان وداء السكتة وأدواء أخرى معروفة ذكرها العلماء وألفوا فيها المؤلفات، فهو محرم لخبثه وضرره الكثير، وربما أفقد صاحبه شعوره إذا تأخر عنه أو أكثر منه، فهو ذو مضرة عظيمة، فيجب على كل مسلم تركه، على الرجال والنساء جميعاً، فيحرم بيعه وشراؤه والتجارة فيه واستعماله هو ومشتقاته من شمة وغيرها. رزقني الله وإياكم العافية.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، على هذا اللقاء في برنامج نور على الدرب، الذي أجاب فيه سماحته مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين: المستمعة السيدة رانية الجندي الأردن المفرق، المستمع عبد العزيز حسين إبراهيم سوداني مقيم بالمملكة بمدينة رابغ، المستمع هيثم سالم حيدرة من جمهورية اليمن الديمقراطية عدن، المستمع (م. س. ق) الجمهورية العراقية نينوى، وأخيراً رسالة المستمعة (ف. ع. س) من الجمهورية العربية اليمنية تعز.
أيها الإخوة الأكارم! شكراً لكم على حسن إنصاتكم ومتابعتكم للبرنامج، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى من لقاءات الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر