إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (240)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من حلفت أن لا تتزوج مطلقاً

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاءٍ جديد من لقاءات نور على الدرب، نعرض ما وردنا من أسئلة واستفسارات في هذا اللقاء على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ====

    السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردتنا من المرسلة (ن. م) من العراق محافظة التأميم تقول في رسالتها: بعد غضب شديد وقع مني دون أن أفقد وعيي حلفت بالله ثلاث مرات: والله والله والله وبالقرآن على أن لا أتزوج طول حياتي، وبما أنه لا رهبانية في الإسلام فماذا علي أن أفعل؟ وما هي الكفارة التي أكفرها عن يميني أرشدوني بارك الله فيكم؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وأمينه، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    هذه اليمين خاطئة ولا يجوز تنفيذها، فإن المؤمن لا يمتنع من الزواج، بل يسعى في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء)، وهذا يعم الرجال والنساء فعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن عجز عن ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام ولو كانت اليمين مكررة، ولو كررت اليمين مرات كثيرة، بالله أو بصفة من صفاته أو بالقرآن؛ لأن القرآن كلام الله، هذه اليمين وإن كررت مرات كثيرة، ولو في أيام كثيرة ولو في أعوام كلها حكمها حكم اليمين الواحدة، فعليك كفارتها وهي كما تقدم إطعام عشرة مساكين من الفقراء، كل مسكين له نصف الصاع تمر أو رز أو غيرهما من قوت البلد، ومقداره كيلو ونصف تقريباً تدفع إلى عشرة، أو كسوة لكل واحد إزار ورداء أو قميص، أو عتق رقبة مؤمنة من ذكر أو أنثى، فمن عجز عن ذلك بأن كان فقيراً لا يستطيع الإطعام ولا الكسوة ولا العتق، فإنه يجزئه أن يصوم ثلاثة أيام، والحمد لله.

    1.   

    حكم عمل الوليمة صدقة على الجيران والأقارب

    السؤال: وهذه رسالة وردت إلى البرنامج من محمد أحمد محمد مصري يعمل بخميس مشيط بالمملكة يقول: إذا ذبح الرجل ذبيحة وهو ينويها صدقة، وقام بتجهيزها وإنضاجها ودعا جيرانه وأقاربه لأجل الأكل منها، وليسوا فقراء على كل حال، فهل تجوز هذه الصدقة أم لا؟

    الجواب: لا مانع من ذلك؛ لأن إكرام الجيران وإكرام الأقارب فيه فضل عظيم، فإكرام الجار قربة وطاعة يؤجر صاحبها على ذلك، وهكذا إكرام الأقارب صلة رحم، فهذه من باب الصلة ومن باب إكرام الجيران، وكلها قربة، فإذا ذبح الذبيحة ونوى بها التقرب إلى الله عز وجل في إكرام أهله وجيرانه وقراباته وأصدقائه فهذا عمل طيب، وله أجره، إذا كان غير منذور، أما إن نذر أن يذبح لله ذبيحة نذراً فهذا على نيته، إن كان حين نذرها نواها لقراباته وجيرانه وأهل بيته فهو على نيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، أما إن كان حين النذر ما نوى شيء، أو نواها للفقراء، فإنها تصرف للفقراء، الذبيحة تذبح وتوزع على الفقراء، هذا هو الواجب.

    أما إذا ذبح ذبيحة من غير نذر، ولكن أحب أن يذبح ذبيحة صدقة تقرب إلى الله عز وجل، يريد منها جمع جيرانه، أو بعض جيرانه، وقراباته، أو بعض أصدقائه، فكل هذا طيب وفيه أجر؛ لأن إكرام الجار عمل صالح، وإكرام القريب عمل صالح، وإكرام الأصدقاء الطيبين المعروفين بالخير عمل صالح، فكل هذا فيه خير.

    1.   

    حكم تحريم الزوجة

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: حلفت فقلت: علي الحرام عن الحرمة، فهل هذا يمين أو أنه طلاق؟ وهل له كفارة أم لا أفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: هذا القول حكمه حكم الظهار، إذا قال: عليه الحرام من زوجتي، أو علي الحرام من زوجتي، أو زوجتي محرمة علي أو كأمي أو كأختي أو كبنتي، وما أشبه هذه الألفاظ، فهذا حكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة الظهار، إذا كان لم ينو بها الطلاق، إنما نوى التحريم أو أطلقها ولم ينو شيئاً، فهذا فيه كفارة الظهار المنصوص عليها في سورة المجادلة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يتيسر صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً قبل أن يمسها، قبل أن يقربها، هذا هو الواجب في الظهار، فإذا قال: زوجته عليه حرام، أو علي الحرام من زوجتي، أو محرمة زوجتي، أو حرام علي كأمي، أو كظهر أمي، أو كأختي أو كظهر أختي، أو ما أشبه هذه الألفاظ، فإن هذا يسمى: ظهاراً وعليه كفارته، وهو محرم، فلا يجوز هذا الكلام، سماه الله منكراً من القول وزوراً، فهي ليست حراماً عليه، فتحريمه لها منكر، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والاستغفار والندم، وعلى من فعل هذا الكفارة، وهي كما تقدم عتق عبد أو عبدة من أهل الإسلام، فإن لم يتيسر ذلك صام شهرين متتابعين، ستين يوماً، فإن لم يتيسر ذلك ولم يستطع أطعم ستين مسكيناً، يعني: ستين فقيراً، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو حنطة أو غير هذا من قوت البلد، قبل أن يمسها قبل أن يقربها.

    أما لو قال: عليه الحرام إن فعل كذا، أو عليه الحرام إن كلم فلاناً، أو عليه الحرام ما يسافر إلى كذا وكذا، هذا تحريم معلق، إذا كان قصد منه منع نفسه من العمل الذي أراد وهو السفر أو الكلام، هذا يكون له حكم اليمين لا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، فإذا قال الزوج: علي الحرام ما أسافر اليوم، علي الحرام ما أكلم فلاناً، علي الحرام ما أزور فلاناً، علي الحرام ما تروحين إلى فلانة يريد أن يمنعها، علي الحرام ما تروحين لأهلك اليوم، لقصد منعها، أو منع نفسه من السفر أو ما أشبه ذلك، فهذه ألفاظ لها حكم اليمين في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام، هذا هو الواجب في هذه المسائل، أما إن كان أراد الطلاق فله حكم آخر، إن كان أراد الطلاق ولم يرد التحريم، بل أراد طلاقها قال: علي حرام فلانة، أو زوجتي علي حرام وقصده طلاقها فيكون هذا طلقة واحدة تحسب عليه، فإن كان قد طلقها قبلها طلقتين تمت الثلاث وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، فإن كان ما طلقها سابقاً أو ما طلقها إلا واحدة سابقاً، فإنه يراجعها ما دامت في العدة، والسنة أن يشهد شاهدين عدلين أنه راجعها ما دامت في العدة، فإن كان قال ذلك لمنع أو لحث أو تصديق أو تكذيب ما قصد إيقاع الطلاق، قال: عليه الحرام يقصد الطلاق، أو قال: علي الطلاق ما أسافر، ما أكلم فلاناً، ما أزور فلاناً، أو عليه الطلاق ما تزورين أهلك، أو عليه الطلاق ما تكلمي فلاناً، قصده منعه، فهذا مثل ما تقدم حكمه حكم اليمين، فيه كفارة اليمين، والله ولي التوفيق.

    1.   

    حكم زيارة النساء للقبور

    السؤال: الرسالة الثالثة وردتنا من سائلة من العراق من دهوك رمزت لنفسها بـ (س. س) تقول الأخت من العراق في رسالتها: ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لعن الله زائرات القبور)، فأرجو التوضيح هل يقصد بها النساء جميعاً، أم هناك نساء معينات؟ وكيف الحال عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الأدعية التي تقال عند زيارة القبور أفيدونا بارك الله فيكم؟

    الجواب: اختلف العلماء في زيارة النساء للقبور بعدما أجمعوا على سنيتها للرجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن زيارة القبور في أول الإسلام خشية الفتنة بالقبور؛ لأن الجاهلية كانت تعظم القبور، وربما عبدت بعض المقبورين من دون الله، فنهاهم عن زيارة القبور حماية للتوحيد وسداً لذرائع الشرك، ثم أذن للرجال في الزيارة، قال عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة)، وفي لفظ: (تذكركم الموت) .

    واختلف العلماء في النساء هل دخلن في هذا أم لا؟ على قولين لأهل العلم: والصواب أنهن لم يدخلن في الرخصة، بل ينهين عن زيارة القبور؛ لأنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم من عدة طرق: (أنه لعن زائرات القبور)، وفي لفظ: (زوارات القبور)، من حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عنهم، وفيها لعن زائرات القبور.

    فالصواب أنهن لا يزرن القبور مطلقاً، هذا هو الأرجح من قولي العلماء، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يزرنه ولا يقفن عليه، ولكن يصلين على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان، في المسجد النبوي وفي البيت، وفي الطريق، وفي بيوتهن وفي كل مكان، النبي عليه السلام قال: (لا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، فالرسول صلى الله عليه وسلم حثنا ورغبنا في الصلاة عليه والسلام عليه، كما أمر الله بذلك في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

    فالمشروع للنساء الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان كالرجال، ولا يشرع لهن زيارة القبر، ولا قبور الناس الآخرين، لا في بلدهن ولا في غير بلدهن، هذا هو المعتمد والأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة، وإذا كانت المرأة في المدينة سائرة تصلي في المسجد مع الناس، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهي في المسجد، ما في حاجة إلى أن تذهب إلى عند القبر بل تصلي عليه في محلها، وتسلم عليه تقول: اللهم صل وسلم على رسول الله، عليك الصلاة والسلام يا رسول الله! ونحو ذلك، ويكفي هذا والحمد لله احتياطاً وبعداً عما حرم الله.

    1.   

    الحكمة من منع النساء لزيارة القبور وبيان ما يقال عند الزيارة

    السؤال: تقول أيضاً في نفس السؤال: وهل يشمل المنع قبور الأئمة أيضاً ؟ ثم تسأل عن الدعاء الذي يقال عند زيارة القبور؟

    الجواب: نعم المنع يشمل قبور الأئمة وغيرهم، يشمل قبور الناس جميعاً، فلا يشرع للمرأة أن تزور القبور مطلقاً، لا قبر أبيها ولا قبر أمها، ولا غير ذلك، يعني: جميع القبور تنهى المرأة عن زيارتها في بلدها وغيرها، وإنما الزيارة للرجال خاصة، ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم- أنهن قليلات الصبر، وقد يفتن بهن الرجال، فكان من حكمة الله أن منعهن من الزيارة حتى لا تكون القبور محل فتنة، ولا محل نياحة وجزع وقلة صبر، فرحم الله النساء وكفاهن ما قد يترتب على الزيارة منهن للقبور، بخلاف الرجال فإنهم أصبر وأقل خطراً إذا زاروا القبور من النساء، وفي زيارة القبور ذكرى للآخرة، وذكرى للموت، والمرأة في إمكانها أن تذكر الموت في الصلاة على الجنائز في المساجد مع الناس، فإن المرأة تصلي على الجنازة في المسجد، في المصلى، وإنما المنهي عنه زيارتها للقبور، واتباعها للجنائز إلى القبور، أما صلاتها على الجنازة في المسجد أو في المصلى فهذا فيه ذكرى ويغني عن ذهابها إلى القبور.

    وهكذا تذكر الموت دائماً وجعله على البال وتذكر الآخرة، كل هذا يكفي بحمد الله في تذكر الآخرة والإعداد لها، أما الدعاء فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)، وربما زاد فقال: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) إذا زارهم، هذا هو الدعاء المشروع يقول: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)، أو يقول: يغفر الله لنا ولكم، أو غفر الله لنا ولكم، أو رحمنا الله وإياكم، كل هذا كلام طيب.

    1.   

    حكم معالجة السحر بإذابة الرصاص وجعله مع الماء على الرأس

    السؤال: للأخت من العراق سؤال ثان في هذه الرسالة تقول فيه: هناك بعض الاعتقادات عند بعض الناس لإفساد السحر وإبطاله، وهي عبارة عن أخذ شيء من الرصاص المذاب على النار، وسكبه في إناء فيه ماء، ثم يوضع على رأس المسحور وتعاد العملية ثلاث مرات في اليوم، فهل هذا له أصل؟ وما حكم الشرع فيه؟

    الجواب: هذا شيء لا أصل له، ولا فائدة فيه، وهو تلبيس وتخييل، وإلا فهذا لا فائدة فيه، إذابة الرصاص وجعله على الرأس، وجعله في الماء ثم جعله.. إلى آخره كل هذا يفعله الكاهنات، ويفعله الملبسون والمشعوذون تلبيساً، وإلا فهم يعملون في خدمة الجن، وخدمة الشياطين، فلا يجوز الحل بهذا الشيء، وإنما يحل السحر بما شرع الله من الأدوية الشرعية، والقراءة، هذا هو الطريق في حل السحر، فإذا أصيب الإنسان بالسحر، أو حبس عن زوجته عولج بالقراءة، يقرأ عليه الرجل الطيب المعروف بالخير، وإن كانت امرأة قرأت عليها المرأة الطيبة بالخير، المعروفة بالخير، آيات من القرآن، بفاتحة الكتاب، آية الكرسي، آيات السحر المعروفة في سورة الأعراف، وفي سورة يونس وفي سورة طه مع قراءة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، و: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، ثم يشرب منه ما تيسر ثم يغتسل بالباقي، فإنه بإذن الله يزول عنه السحر، وهكذا يزول عنه الحبس الذي جرى عليه حين حبس عن زوجته، وإذا كرر ذلك مرتين أو ثلاثاً أو أكثر فلا بأس، حتى يزول عنه الأذى، وإذا جعل فيه سبع ورقات من سدر كان هذا أيضاً طيباً، فقد استعمل هذا وذكره المتقدمون وينفع بإذن الله، والسدر شيء طاهر لا بأس به، فإذا دق وجعل في الماء مع القراءة فيه كان هذا من أسباب الشفاء، وإذا أضاف إلى ذلك الدعاء المعروف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً).

    إذا دعا بهذا الدعاء ثلاث مرات كان حسناً ينفث به في الماء، وهكذا: (بسم الله أرقيه من كل شيء يؤذيه، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيه اسم الله أرقيه) ثلاث مرات، يكرر هذا: (بسم الله أرقيه) يعني: المريض، أو (بسم الله أرقيك) يخاطبه (من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك)، يكررها ثلاث مرات، هذا أيضاً من الدعوات المناسبة لهذا العلاج، وآيات السحر معروفة، في الأعراف قوله سبحانه وتعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف:117-119] .

    وفي يونس يقول عز وجل: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [يونس:79-82]، وفي طه يقول سبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:65-69]، ثم يقرأ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ثلاث مرات، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] ثلاث مرات، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ثلاث مرات، فهذا هو الدواء الشرعي، والعلاج الشرعي الذي قد وصفه أهل العلم وجربه أهل العلم وجربناه أيضاً فنفع الله به، فهو دواء طيب بآيات الله، وإذا جعل فيه ما تقدم من ورقات السدر السبع ودقت هذا كله طيب أيضاً.

    وإذا عرف دواء آخر لا محذور فيه، دواء آخر بأوراق، أو بحبوب أو بإبر فلا بأس، إذا كان سليماً مما حرم الله من نجاسة أو غيرها، أما التداوي بما يتعاطاه خدام الجن والمشعوذون من الرصاص وغيره أو بالذبح للجن، أو بالاستجارة بالجن فهذا كله لا يجوز ومنكر، وبعضه شرك.. الاستجارة بالجن ودعاؤهم والاستغاثة بهم والذبح لهم كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، فيجب الحذر ويجب على من بلي بهذا الشيء أن يحذر ما حرم الله وأن يتعاطى ما أباح الله.. لا بأس، يشرع له التداوي.

    1.   

    حكم الغناء للنساء ورقصة الدبكة للرجال مع النساء في الأعراس

    السؤال: السؤال الثالث والأخير في رسالة الأخت السائلة من العراق تقول: في الأفراح كفرح الزفاف مثلاً هل يجوز الغناء والتزين له؟ وهناك رقصة أحياناً عندنا تسمى: بالدبكة كانت تجري سابقاً للرجال فقط بمعزل عن النساء، لكن في الوقت الحاضر تطور الأمر فأصبحت هذه الرقصة يختلط فيها الرجال والنساء في مناسبات الزواج، فما حكم الشرع في ذلك بارك الله فيكم؟

    الجواب: أما الغناء المعروف الذي ليس فيه تعد لحرمات الله، بل الغناء في مدح أهل الزوجة أو أهل الزوج، مع الدف فلا بأس مثل ما جاء في حديث عائشة لما زاروهم قالوا:

    أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم

    ولولا الذهب الأحمـر ما حلت بواديكم

    ولولا الحنطة الحمـراء ما سمنت عذاريكم

    وما أشبه ذلك من الأشعار والغناء يتعلق بمدح الزوج.. مدح الزوجة.. مدح أهلهم، أهل الزوج أو أهل الزوجة، أو أشياء نحو هذا ليس فيها ظلم لأحد، وليس فيها غيبة لأحد، فهذا لا بأس به مع الدف بين النساء خاصة، هذا مشروع من باب إعلان النكاح، كما أمر النبي بإعلان النكاح عليه الصلاة والسلام، وأمر بضرب الدف فيه؛ لأن إعلانه أمر مطلوب حتى يعرف أن فلانة تزوجت فلاناً، وحتى لا يظن بهم السوء، فإن السفاح والزنا يكون بالسر، أما الزواج الشرعي فيكون بالعلن.

    أما الدبكة التي يفعلها الرجال فلا يجوز، وإذا فعلوها مع النساء كان أشر وأقبح، فلا يجوز فعل ذلك من الرجال مع النساء مختلطين؛ لما فيه من الفتنة والفساد الكبير، أما الرجال فليس لهم دخل في هذا إنما هذا للنساء، وإذا فعل الرجال شيئاً يوافق الشرع مثل التدرب على السلاح، وحمل الأثقال، مثل اللعب بالحراب، والتروس، والرمي هذا هو شأن الرجال وحدهم، في أي مناسبة.

    أما اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس أو في غير الأعراس هذا منكر لا يجوز؛ لما فيه من الفتنة، قد قال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، واختلاط الرجال بالنساء في كل مناسبة ينبني عليه شر كثير، ويفضي إلى فتنة عظيمة، فيجب الحذر من ذلك.

    1.   

    حكم من قتل بآلة قاتلة دون قصد القتل

    السؤال: وهذه رسالة وردت إلينا من السائل محمد إبراهيم إسماعيل مقيم في تثليث مصري الجنسية يقول: لي ابن عم توفي والده، فقام أبي بتربيته ولكن حصل بيني وبينه مناقشة في موضوع تطورت المناقشة بيني وبينه، كان في جيبي سكين ودون أن أشعر ضربته بها، وبعدها مباشرة توفي، لكنني لم أقصد قتله ولم يكن بيني وبينه بغضاء سابقة، لأننا نعيش في منزل واحد، ووالدي شهد بذلك أمام القاضي فحكم علي سبع سنوات سجن، لكنني أشعر أن هذا لا يكفي، فأنا قد تبت إلى الله وأريد الحكم الشرعي في هذا الموضوع؛ لأنني في أشد القلق بسبب خوفي من الله عز وجل، فدلوني على الخير بارك الله فيكم؟

    الجواب: هذه المسألة تتعلق بالقضاء والمحاكم، فإذا سمح عنك أولياء المقتول وأسقطوا عنك حقهم فلا بأس، وعليك التوبة إلى الله مما صدر منك، أما إذا طلبوا حقهم من القصاص أو الدية فهذا إلى المحاكم، تنظر المحكمة الشرعية في ذلك وفي ما تراه المحكمة على ضوء الأدلة الشرعية البركة والكفاية، وإن كنت تعلم أنك متعمد وأنك قاصد قتله، فقدم نفسك، قدم نفسك ولا يحتاج إلى المحكمة، قل لهم: أنا ظلمت نفسي وأنا أخطأت وأنا الذي فعلت المنكر وأنا قصدت قتله، فإذا سمحوا عنك فلا بأس، وإن قتلوك فلهم الحق في قتلك قصاصاً، وهم أولياء الدم ورثة القتيل، أما إذا كنت تزعم أن هذا جرى منك من غير قصد سقطت منك السكين، أو طعنته بالسكين وأنت في غير شعور، هذا شيء يرجع إلى القضاء، ينظر فيه القاضي وبعد النظر يتبين له إن شاء الله ما يجب عليك، الله المستعان.

    1.   

    حكم الحلف بالطلاق من دخول بيت والده بقصد اليمين

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: أنا أعيش بعيداً عن والدي، ويسكن مع والدي في بيته أخي وهو متزوج وفي أحد الأيام ذهبت لآخذ شيئاً من بيت أبي فمنعتني زوجة أخي فغضبت وأقسمت وقلت: علي الطلاق لا أدخل هذا البيت، أقصد بيت والدي ما دمت حياً، ولكن بعد ذلك لم أستطع مقاطعة والدي ودخلت البيت، فرجائي توضيح ما يجب علي مع العلم أنني قصدت: بعلي الطلاق يميناً فقط ولم أقصد طلاق زوجتي جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كنت بهذا الطلاق قصدت منع نفسك من دخول البيت، والتشديد على نفسك ولم تقصد إيقاع الطلاق على زوجتك إن دخلت البيت، وإنما قصدت كما قلت اليمين، يعني منع نفسك من البيت، من أجل ما فعلت معك زوجة أخيك، فليس عليك إلا كفارة اليمين ولا يقع الطلاق، وعليك أن تبر والدك وأن تزور والدك ولا تنفذ هذه اليمين، فبر الوالدين من أهم المهمات ومن أعظم الواجبات، ومن أفضل الأعمال، فعليك أن تزور والدك، وعليك أن تكفر عن يمينك، والكفارة إطعام عشرة مساكين من قوت البلد، لكل واحد نصف صاع من قوت البلد، نصف صاع كيلو ونصف تقريباً من بر أو أرز أو غيرهما، أو كسوتهم تعطي كل واحد إزاراً ورداءً أو قميصاً أو تعتق عبد أو عبدة عند وجود ذلك، فإن عجزت عن هذا كله تصوم ثلاثة أيام.

    المقدم: بارك الله فيكم! بهذا مستمعي الكرام نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي عرضنا فيها رسائل كل من: سائلة (ن. م) من العراق محافظة التأميم، ومحمد أحمد محمد مصري يعمل بخميس مشيط، عرضت هذه جميعاً على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، فجزاه الله خيراً، وبارك الله فيه، وشكر لكم حسن متابعتكم، ولكم تحية من المهندس الذي سجل هذه الحلقة خالد منور خميس ، وإلى الملتقى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975324