مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا اللقاء الجديد، الذي نكون فيه بصحبة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ليتولى سماحته مشكوراً الإجابة على رسائلكم في هذه الحلقة.
====
السؤال: أولى الرسائل وردتنا من المستمعة: منى محمد موسى من السودان تقول في رسالتها: أنا فتاة أرتدي النقاب، ولكن عندنا في السودان لا يقبلون منا تغطية الوجه في المدرسة، بل يمنعون الطالبة من التعليم، ويمنعوننا من لبس الجلباب الأسود في أثناء الدراسة، فما الحكم في إظهار الوجه والكفين في المدرسة، علماً أن المدرسين رجال، وإذا تركنا الدراسة نكون أميين؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا ريب أن التعليم أمر لازم يجب على الرجل وعلى المرأة أن يتعلما ما لا يسعهما جهله، كالعقيدة الإسلامية ومعرفة ما أوجب الله على الجميع من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، وما حرم الله على الجميع كل هذا أمر لازم، ويجب على ولاة الأمور أن يسهلوا التعليم لرجال الشعب ونسائه، وأن يلزموهم بأمر الله، وأن يمنعوهم مما حرم الله.
أما السفور فموضوع اختلف فيه العلماء: منهم من أجاز السفور كالوجه والكفين إذا لم يكن هناك فتنة من تجمل بالكحل أو بالمساحيق التي تدعو إلى الفتنة، ومن أهل العلم من منع ذلك مطلقاً، وهذا القول أصح وأظهر في الأدلة الشرعية؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] وهذا يعم المدرسات والطالبات وجميع النساء، وقال سبحانه وتعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ .. [النور:31] الآية.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على أن المرأة كانت قبل الحجاب تكشف وجهها، فلما فرض الحجاب غطت المرأة وجهها، قالت في صفوان المعطل لما رآها في غزوة الإفك، قالت: (كان قد رآني قبل الحجاب، فلما سمعت صوته خمرت وجهي) فهذا يدل على أنهن كن قبل الحجاب يكشفن وجوههن، فلما أنزل الله آية الحجاب أمرن بستر الوجه، وهكذا الكفان؛ لأن الكفين عورة أيضاً.
فالحاصل: أنه ينبغي للمؤمنة أن تجتهد في الحجاب ولو كانت طالبة، ولا تستجب لمن طلب منها الكشف؛ لأن ذلك يضرها ويسبب الفتنة بها، والتعليم يمكن أن يكون في البيت، ويمكن أن يكون من طريق النساء، ولو في أيام معدودة؛ لأن المقصود معرفة ما أوجب الله وما حرم الله، فإذا تيسر ذلك من طريق النساء في البيت فهذا هو الواجب.
أما اختلاطهن بالشباب مع الكشف فهذا منكر عظيم لا يجوز؛ لأنه يسبب فتنة كثيرة، فالاختلاط بين الشاب والشابة في كراسي الدراسة منكر، وكشف الحجاب وعدم التستر منكر آخر في أصح قولي العلماء.
فالواجب على الطالبات أن يبتعدن عن هذا الأمر، ولو لم يتعلمن إذا كان التعلم يقتضي الاختلاط بالشباب في كراسي الدراسة، أو يقتضي كشف الحجاب وعدم التستر، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق ووفق حكام المسلمين لما فيه صلاح الأمة ونجاتها شباباً وشيباً ورجالاً ونساء، والله أعلم.
الجواب: الذي يظهر لي من هذا الأمر أنه منكر، وأنه محرم وأنه ليس لها أن تتساهل في هذا الأمر إلا من علة ومرض خطير تخشى منه، أما مجرد الكشف على الحمل وما يحصل به من نفع ونمو ونحو ذلك هذا لا يسوغ له أن ينظر إلى عورتها، ولا لها أن تكشف على عورتها، بل ينبغي للنساء البعد عن هذا الأمر والتستر والبعد عن هذا الخلق الذي يفضي إلى كشف العورة للطبيب من دون ما ضرورة إلى ذلك، بل ينبغي للأطباء أيضاً أن يترفعوا عن هذا الأمر، وإذا كان هناك حاجة، ففي الإمكان أن ينظروا إلى شيء آخر، إذا أمكن النظر إلى شيء خارج العورة يدلهم على الحاجة إلى حبوب أو إلى إبر أو إلى حمية من شيء، أما الكشف على عوراتهن الداخلية فهذا خطر عظيم، ومنكر كبير وقد يفضي إلى فساد عريض، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المقصود: أن هذا منكر، الكشف على العورة له شأن، فلا ينبغي إلا أن يكون لحاجة شديدة وخطر عظيم، وإذا كان ولا بد فليكن من طريق النساء، من طريق الطبيبات.
الجواب: تحديد النسل لا يجوز، ولا ينبغي أن يستمع لنصائح هؤلاء الأطباء، بل ينبغي للرجل والمرأة أن يستمرا في طلب النسل وتكثير الأولاد؛ لأن الشرع الإسلامي رغب في ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
فالرسول صلى الله عليه وسلم رغب في إكثار النسل، وفي تكثير الأمة التي تعبد الله وحده وتتبع شريعته، ولعل الله يعطي الرجل والمرأة أولاداً صالحين، يشفعون لهم يوم القيامة، ويدعون لهم في الدنيا، وينفعون الأمة في دينها ودنياها، فلا ينبغي التحديد، بل لا يجوز التحديد إلا من علة، كالمرض الذي يصيب المرأة في رحمها، ويقرر الطبيب المختص بأنه لا حيلة في ذلك، وأن الحمل يضرها ويخشى عليها منه، أو كالأمراض العارضة التي يمكن أن تعالج بعدم الحمل وقتاً معيناً كسنة أو سنتين، أما تحديد النسل بأن يقتصر على أربعة أو ثلاثة أو خمسة ثم تتعاطى المرأة ما يقطع الحمل، هذا لا يجوز قد يموت هؤلاء، قد يموت الأربعة وقد يموت الخمسة، قد يموت أكثرهم فيندم الرجل وتندم المرأة غاية الندامة، الآجال بيد الله سبحانه وتعالى.
فالحاصل: أنه لا يجوز تحديد النسل ولكن لا مانع من إيقاف النسل بعض الوقت للحاجة، كالمرض العارض للمرأة أو لرحمها، وكالأولاد الكثيرين الذين يشق عليها تربيتهم، فتأخذ ما يمنع الحمل سنة أو سنتين مدة الرضاع حتى تستعين بهذا على تربية أطفالها الصغار، أما المنع مطلقاً فهذا لا يجوز.
عندنا مقبرة كبيرة بها ثلاثة أضرحة مبني عليها قباب كبيرة، يقال: إنها بنيت منذ مائتي عام، ومما يؤسف له أن هناك امرأة عجوز تذهب لهذه الأضرحة بحجة أنهم أولياء وتقوم بتنظيفها، ويذهب الناس إلى هذه الأضرحة فيذبحون لها وينذرون لها، وهناك فريق يقول: إنه يلزم هدم هذه القباب، وفريق آخر يقول: لا يجوز لنا هدمها؛ لأنها قباب قديمة وبنيت منذ فترة فلا نعرف وضعها، سؤالي ما حكم مثل هذه الأعمال، خدمة المرأة لهذه الأضرحة، الذبح والنذر عندها، وضع الأموال، ثم أين تذهب هذه الأموال، وأين تذهب هذه الذبائح؟! وفقكم الله.
الجواب: البناء على القبور أمر منكر، لا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا اتخاذ المساجد عليها، بل نهى الرسول عن هذا عليه الصلاة والسلام، بل لعن من فعل ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال جابر رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) خرجه مسلم في صحيحه، وهكذا روى النسائي والترمذي وغيرهما: (النهي عن الكتابة على القبور) أيضاً.
فالحاصل: أن البناء على القبور أمر منكر، نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، واتخاذ المساجد عليها كذلك؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيها وعبادتها من دون الله بالدعاء، أو الطواف أو الاستغاثة بها أو الذبح لها، كل هذا يقع من بعض الجهلة، وهذا من الشرك الأكبر، الطواف على القبور تقرباً إلى الموتى بذلك، أو الدعاء للميت أو الاستغاثة بالميت، أو طلبه شفاء المريض أو قضاء الحاجة، أو رد الغائب أو ما أشبه ذلك، هذا من الشرك الأكبر، هذه لا تطلب من الأصنام ولا من الموتى، ولا من الشجر والحجر، ولا من الكواكب، هذه تطلب من الله عز وجل، هو الذي يشفي المرضى ويرد الغياب ويقضي الحاجات ويكشف الكربات سبحانه وتعالى.
أما طلب هذا من الموتى أو من الأصنام أو من الأشجار والأحجار أو من الكواكب هذا كله شرك بالله عز وجل، وهكذا الطواف على القبور منكر، الطواف.. يكون بالكعبة، لا يطاف بالقبور، هذا منكر عظيم، بل شرك أكبر إذا قصد به التقرب لصاحب القبر، وإذا ظن أنه قربة لله وأنه يتقرب إلى الله بهذا فهذه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك، فلا يطوف لا لله عند قبر ولا للميت، لا يطوف عند القبر أبداً، الطواف من خصائص البيت العتيق الكعبة، القبور لا يطاف بها أبداً، بل هذا منكر وبدعة، وإذا كان فعله لصاحب القبر صار شركاً أكبر، وهكذا دعاء الميت والاستغاثة بالميت، والنذر له، والذبح له، كله من الشرك الأكبر. فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك، وعلى أعيان المسلمين منع هؤلاء من هذا العمل، وعلى الحكام والأمراء أن يمنعوا الجهلة من هذا الشيء، هكذا الواجب على حكام المسلمين، لأن الله جل وعلا أقامهم لمنع الأمة مما يضرها ولإلزامها بما أوجب الله عليها، وللنظر في مصالحها، هذا واجب الحكام، الحكام من الأمراء والملوك والسلاطين إنما شرعت ولايتهم ليقيموا أمر الله في أرض الله، ولينفذوا أحكام الله.
فعلى الأمير في القرية، وعلى الحاكم في أي مكان، وعلى السلطان ورئيس الجمهورية وعلى كل من له قدرة أن يساهم في هذا الخير، وذلك بإزالة هذه الأبنية والقباب والمساجد التي بنيت على القبور، وأن تبقى القبور مكشوفة، مثل القبور في البقيع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهدنا الآن في المدينة، القبور تكشف ولا يكون عليها بناء لا مسجد ولا حجرة سقف ولا قبة ولا غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها وتجصيصها؛ لأن هذا وسيلة إلى أن يغلى فيها، إلى أن تعبد مع الله، وهكذا لا يهدى إليها نقود ولا ذبائح ولا ملابس ولا للسدنة عندها، وهذه العجوز التي تأتي القبر هذه تمنع لا تأتي هذه المقابر، ولا تقوم بتنظيفها؛ لأن هذه دعاية للشرك، ولكن تصان القبور إذا سورت أطراف المقبرة كلها بسور حتى لا تمتهن، حتى لا تتخذ طرق أو للدواب لا بأس.
أما البناء على القبر لتعظيمه أو لإظهار شرفه وفضله فهذا كله منكر، لا يجوز البناء على القبور أبداً، ويمنع وضع السدنة عند القبور لأخذ أموال الناس، أو تغرير الناس ودعوتهم إلى الشرك، كل هذا يجب منعه، وهذا واجب الحكام وواجب الأعيان وواجب أمراء البلاد، أن يسعوا في هذا الخير وأن ينصحوا للعامة والجهال ويعلموهم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، وكان يقول لهم إذا زار البقيع عليه الصلاة والسلام بنفسه: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) هكذا يدعو لهم، هذا السنة، يدعى للمقبورين بالرحمة والمغفرة، يسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف، لا يدعوهم مع الله لا يستغيث بهم، لا يتمسح بقبورهم، لا يقبلها بل يدعو وينصرف، يدعو لهم بالمغفرة والرحمة ثم ينصرف؛ لأن زيارة القبور فيها ذكرى للآخرة، وذكرى للموت، أما أن يجلس عند القبور يقرأ أو يدعو أو يتمسح بالقبر، أو يقبله هذا لا يجوز أو يدعوه من دون الله أو يستغيث به أو ينذر له كل هذا من أعمال الجاهلية، من أعمال المشركين الأولين.
فيجب الحذر منها، ويجب تعليم الناس وإرشادهم وتوجيههم إلى الخير، وتعليمهم ما ينفعهم، حتى لا يقعوا في الشرك، وحتى لا يكونوا من جنس الجاهلية الأولى، والله المستعان.
الجواب: نعم، ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه دابة أو طير أو إنسان إلا كان له صدقة) فهذه الزروع التي يزرعها المسلم، أو يغرسها من نخيل أو غيرها من الأشجار له بها أجر، وما أخذ منها أخذ.. دابة رعت في هذه الخضرة أو طير أكل أو إنسان مر عليها وأكل يكون له بها صدقة، وهكذا ما يأخذ منها ويتصدق بها على الناس، وهكذا ما يعطيه أهل بيته كل هذا من الخير الذي يحصل من هذا الغرس.
الجواب: لا نعلم في الموسيقى وغيرها من آلات الملاهي تفصيلا، بل كلها ممنوعة، وكلها من اللهو المحرم، وكلها من وسائل إفساد القلوب ومرض القلوب والصد عن الخير، فالواجب تركها لقوله جل وعلا في كتابه العظيم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [لقمان:6] فالعلماء رحمة الله عليهم ذكر أكثرهم في هذه الآية: أن المراد بـ (لهو الحديث): هو الغناء وما يصحب ذلك من آلات اللهو.
فالواجب على أهل الإسلام ترك ذلك، وأن لا يتأسوا بالكفرة في هذه الأمور ولا في غيرها، فالموسيقى والعود والكمان وسائر أنواع الملاهي كلها ممنوعة وكلها من المعازف التي ذمها الرسول صلى الله عليه وسلم وعابها، وهكذا الأغاني كلها من المعازف. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري في الصحيح.
فالحر: هو الزنا، والحرير: معروف، يستحله بعض الرجال وهو محرم على الرجال، والخمر: كل مسكر يحرم على جميع المسلمين تعاطيه وصنعته وشربه، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: (لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها) فيجب الحذر من المسكر.
ولكن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه يكون في آخر الزمان قوم يشربونها يسمونها بغير اسمها) فيجب الحذر من هذا المنكر، وهكذا المعازف، التي استحلها كثير من الناس اليوم بأسماء متنوعة، فالمعازف من العزف وهو ما يكون من الغناء وآلات اللهو والطرب، وهي مما يصد عن الذكر ومما يشغل عن الخير، ومما يضيع الأوقات ومما يسبب قسوة القلوب ومرضها وانحرافها عن الخير، فيجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يغتر بمن تساهل في هذه الأمور على غير برهان.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم أوضح النصاب في هذه الحبوب والثمار وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، فالنصاب ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، من التمر والعنب والحبوب كالذرة والشعير والأرز ونحو ذلك.
والصاع أربع حفنات، صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، كل حفنة مد، هذا هو مقدار الصاع، وبالوزن أربعمائة وثمانين مثقالاً، والمد مائة وعشرون مثقالاً، بالحب المتوسط الذي ليس بالثقيل جداً ولا الخفيف.
فالحاصل: أن النصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، فيكون النصاب حينئذ ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات باليدين المتوسطتين المعتدلتين المملوءتين، ولا عبرة بالأيدي الكبيرة جداً، ولا عبرة بالأيدي الصغيرة، ولكن بيد الرجل المعتدل الخلقة المملوءة، فما ملأ يديه فهو مد، وإذا كان أربع فهو صاع بصاع النبي عليه الصلاة والسلام.
وإذا كانت الحبوب تسقى بالمطر والأنهار ففيها العشر من كل ألف مائة، يعني: من كل ألف صاع مائة صاع .. وهكذا. وإن كانت تسقى الزروع بالمكائن، أو بالسواني من الإبل وغيرها، فالواجب نصف العشر، يعني: خمسين في الألف، وبالنسبة أيضاً للتمر نفس الحكم.
الجواب: أما هذه الرؤيا فهي من الشيطان؛ لأن الشيطان يلبس على الناس، ويزعم لهم أشياء قد يجرهم بها إلى أن يدعوا أنهم يوحى إليهم أو أنهم أولياء بهذا الأمر، يعظمون ويغلا فيهم، فالوحي قد انقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم، لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو خاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام، هو خاتم الأنبياء والوحي قد انقطع، فهذا الذي قيل لها: إن الوحي نزل، هذا كله من الشيطان ليغرها ويلبس عليها دينها، فلا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هناك وحي ينزل على الرجال ولا على النساء بعده عليه الصلاة والسلام.
وهذه رؤيا فيها تلبيس من الشيطان وتغرير من الشيطان، فالواجب عليها عند هذا إذا استيقظت أن تنفث أو تتفل عن يسارها ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت ثلاث مرات، ثم تنقلب على جنبها الآخر، فإنها لا تضرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً).
وأما الخروف فإذا كان قصدها الصدقة، فلا بأس تأكل وتتصدق، وأما هذه الرؤيا ما توجب خروفاً ولا غيره، هذه فيما يظهر لنا من الشيطان للتغرير والتلبيس، فعليها إذا استيقظت أن تنفث عن يسارها ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت ثلاث مرات، ثم تنقلب عن جنبها الآخر ولا تخبر بها أحداً ولا تضرها.
والخروف إذا كان قصدها به التقرب إلى الله والصدقة على أهلها وعلى غير أهلها فلا بأس، لكن لا من أجل هذه الرؤيا، بل من أراد أن يتقرب بذبيحة إلى الله يذبحها ويتصدق بها على الفقراء في أي يوم في أيام العيد أيام عيد النحر ضحية، أو في غيره لقصد الصدقة يعطي الفقراء والمساكين أو دراهم يوزعها أو طعام يوزعه أو ملابس فلا بأس هذا قربة إلى الله، صدقة على الفقراء والمحاويج قربة إلى الله في أي وقت، هكذا الإهداء إلى الأقارب لصلة الرحم قربة إلى الله عز وجل.
المقدم: بارك الله فيكم.
بهذا أيها المستمعون الكرام! نأتي إلى نهاية هذه الحلقة، فنشكر سماحة شيخنا الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، على إجاباته ونسأل الله له الأجر والثواب، شكراً لكم على حسن المتابعة، ولكم تحية من مهندس هذه الحلقة خالد منور خميس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر