إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (280)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الانتساب لغير الأب، ومعنى حديث: (من قال: هلك الناس ...)

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع: مرزوق بن عتيق الشدادي ، أخونا يقول: سمعنا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه: من تسمى بغير جده فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلا أن بعض الناس لا يعرف جده، فكيف يتوجه هذا الحديث بالنسبة له جزاكم الله خيراً؟

    كما أنه سمع أن من الناس من يقول: هلك الناس، فمن قال ذلك: فهو أهلكهم، فسروا لنا أيضاً هذه المعاني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على تحريم الانتساب إلى غير الأب، وأن المؤمن يجب عليه أن ينتسب إلى أبيه، ولا يجوز له أن ينتسب إلى غير أبيه، واللفظ: إلى أبيه لا إلى جده، الواجب أن ينتسب إلى أبيه، ولا يجوز له أن ينتسب إلى غير أبيه، قد جاء الوعيد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا ينتسب إلا إلى أبيه، هذا هو الواجب على كل مسلم وكل مسلمة.

    وأما حديث: (من قال هلك الناس فهو أهلكهم)، فهو أيضاً حديث صحيح يروى (فهو أهلكُهم)، ويروى (فهو أهلكَهم)، والمعنى: أنه هو الذي أهلكهم ولم يهلكوا، وأما رواية (فهو أهلكُهم)، يعني: فهو أشدهم هلاكاً، والمسلمون لا يهلكون، بل لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله)، وفي اللفظ الآخر: (من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، وفي اللفظ الآخر: (لا يزال أمر هذه الأمة قائماً حتى يأتي أمر الله).

    فالمقصود: أن هذه الأمة لا تجتمع على الضلالة، بل لا يزال فيها طائفة على الحق مستقيمة على الهدى لا يهلكون جميعاً، ولكن مثلما قال الله سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، أكثر الخلق على خلاف الحق، والصواب مع القليل لا مع الأكثر، قال جل وعلا: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، قال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20]، فلا يجوز لمسلم أن يقول: هلك الناس، أو كفر الناس، ولكن يقول: هلك الأكثر، أو كفر الأكثر، يعني عبارة لا تعم الجميع، ولا يقول أيضاً: كفر الأكثر، لكن يقول: هلك الأكثر، أما العموم لا يجوز؛ لأنه لا تزال طائفة -والحمد لله- على الحق مستقيمة وثابتة حتى يأتي أمر الله، والمراد بأمر الله يعني: الريح التي تكون في آخر الزمان، فإن الله سبحانه يبعث ريحاً في آخر الزمان تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، فلا يبقى إلا الأشرار فعليهم تقوم الساعة، وهذا بعد طلوع الشمس من مغربها، بعد الآيات الآخيرة، آيات الساعة بعد طلوع الشمس من مغربها يبعث الله ريحاً طيبة، تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة أينما كان، فلا يبقى إلا الأشرار وعليهم تقوم الساعة، نسأل الله العافية.

    1.   

    شرح حديث معاذ: (أفتان أنت يا معاذ)

    السؤال: المستمع يحيى غازي العنزي من الرياض، بعث يسأل يقول: ذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ قراءته لسورة البقرة فقال: (أفتان أنت يا معاذ !)، فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها، ما المقصود بقوله: ما قبلها وما بعدها ومن هم النقارون جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس فقال: (أيكم أم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة)، فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر وأن لا يشق على الناس، والقدوة هو النبي عليه الصلاة والسلام في أفعاله كلها، لقول الله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فكان عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة وسطاً ليس فيها إطالة تشق على الناس.

    فالواجب على الأئمة أن يتأسوا به صلى الله عليه وسلم وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها، حتى لا يفتنوا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة في الجماعة، فإذا صلى صلاة وسطاً ليس فيها مشقة على الناس، اجتمع الناس وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد، ولهذا في اللفظ الآخر: (أيها الناس! إن منكم منفرين)، يعني: منفرين من الصلاة في الجماعة، (فأيكم أم الناس فليخفف)، ولهذا قال لـمعاذ : (أفتان أنت يا معاذ !)، وقال بعدها: (هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، والشمس وضحاها، واقرأ باسم ربك)، هذا الذي بعده اللهم صل عليه وسلم، وقبلها: (أيكم أم الناس فليخفف)، ثم أرشد إلى (هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، وإذا السماء انشقت)، وفي بعضها (والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى)، يعني في أوساط المفصل، يعني هذه السور وما يشابهها، في العشاء والظهر والعصر، أما الفجر فكان يقرأ أطول من ذلك، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بالطور، وبـ(ق والقرآن المجيد)، واقتربت الساعة والواقعة وما أشبهها، عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول مثل (ق) ونحوها، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بأوساط المفصل، وفي المغرب في بعض الأحيان بقصاره، وفي بعض الأحيان يطول فيها بعض الأحيان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن الأغلب بالقصار.

    1.   

    ضابط القصر والطول في الصلاة

    السؤال: أيضاً يسأل عن عبارات لـابن القيم عليه رحمة الله فيقول: قال ابن القيم : التخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى شهوات المأمومين، ما المقصود بالأمر النسبي وما المقصود بشهوات المأمومين؟

    الجواب: مثلما تقدم أنه يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف فيقرأ كما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم، ويركع كما ركع، ويسجد كما سجد، يكون متوسطاً لا مطيلاً ولا ناقراً، بين النقر وبين الإطالة التي تشق على الناس، هذا هو التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتأسى بالنقارين الذين يسرعون في الصلاة حتى لا يمكنون الناس من أداء المشروع، ولا يتأسى بالمطولين المنفرين ولكن بين ذلك، والأسوة هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وقال الرب جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فالتأسي بالنبي هذا هو التوسط. اللهم صل وسلم عليه.

    1.   

    الكتب المؤلفة في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام

    السؤال: هل ترشدون المستمعين سماحة الشيخ إلى كتب معينة يقرءون فيها صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: نعم، في كتاب لـابن القيم رحمه الله في صفة الصلاة، كتاب جيد، وفي صفة الصلاة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وفي مثل الترغيب والترهيب، ورياض الصالحين، والجواب الكافي، أرشد إلى أشياء كثيرة رحمة الله عليهم، لكن المؤمن يتحرى كتب الحديث، كتب الحديث مثل رياض الصالحين، والصحيحين البخاري ومسلم ، ومثل السنن الأربع، لأن هذه اعتنت بالأحاديث، ورياض الصالحين نقل منها، وهكذا مثل الترغيب والترهيب ومثل غيره مثل صفة الصلاة للشيخ ناصر الدين الألباني ، ومثل أشباهه الذين اعتنوا بالأحاديث.

    ولنا رسالة في هذا، بل رسائل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مطبوعة وتوزع.

    1.   

    حكم حج من لم يزر المسجد النبوي

    السؤال: ننتقل بعد هذا إلى رسالة وصلت من جمهورية مصر العربية باعثها المستمع: ( أحمد . م)، يسأل جمعاً من الأسئلة في أحدها يقول: هل الحج لا يصح إلا بزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك السلام عليه؟

    الجواب: الحج مستقل ما له تعلق بالزيارة، ولا يربط بالزيارة، الحج إذا أداه المؤمن على ما شرعه الله تمت ولو ما زار المدينة، أما زيارة المدينة فسنة، زيارة المسجد النبوي نافلة، من زاره فله أجر، ومن ترك فلا شيء عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، وقال عليه الصلاة والسلام : (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرم، وصلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة في مسجدي هذا)، فدل ذلك على أن الزيارة للمسجد سنة فيها مضاعفة للصلاة، ولكن ليست واجبة، الواجب إتيان المسجد الحرام للحج والعمرة، هذا هو الواجب، مرة في العمر، إذا حج مرة، واعتمر مرة، سقط عنه زيارة المسجد بعد ذلك، وإذا أتى المسجد الحرام للعمرة والحج ولو مرات كثيرة هذا سنة، التزود من الحج مرات ومن العمرة مرات هذا شيء مطلوب مشروع، وهكذا زيارة المسجد النبوي، إذا زاره للصلاة فيه والقراءة والتعبد مشروعة ولو تكرر.

    هكذا المسجد الأقصى، لكنه دون المسجدين، والصلاة فيه بخمسمائة صلاة، مسجد القدس كل هذه سنة زيارتها، ولو تكررت كثيراً، لكن الواجب الزيارة للمسجد الحرام للحج والعمرة فقط، هذا الواجب مرة في العمر، الحج مرة، والعمرة مرة، والبقية كلها نافلة، بعد الحج مرة واحدة، والعمرة مرة يكون نافلة، وزيارة المسجد النبوي نافلة، وزيارة المسجد الأقصى نافلة، ما في فرض إلا إذا نذر، قال: نذر لله أني أصلي في المسجد النبوي يكون واجباً حتى يؤدي النذر، أو قال: نذر لله علي أن أصلي في المسجد الأقصى يكون واجباً، أو نذر لله أن يصلي في المسجد الحرام يكون واجباً بالنذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، ولا شك أن الصلاة في المسجد النبوي طاعة، وفي المسجد الأقصى طاعة، فلا بأس أن يؤديه ولو بشد الرحل، أما لو قال: لله علي أن أصلي ركعتين في مسجد قباء أو في مسجد دمشق غير المسجد الأقصى فلا يلزمه، وليس له شد الرحل في هذا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا، فيصلي في أي مسجد ويكفي، لكن إذا خص الثلاثة يلزمه شد الرحل، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم : (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، فلو نذر صلاة في أي مكان لم يلزمه الوفاء أو الصوم إلا في هذه الثلاثة، في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى.

    1.   

    شروط التوبة النصوح

    السؤال: يسأل أخونا فيقول: هل من فعل الخطيئة ثم تاب من بعد ذلك يتوب الله عليه، كما أرجو أن تبينوا لنا بالتفصيل شروط التوبة النصوح؟

    الجواب: من تاب توبة صادقة تاب الله عليه، ولو من الشرك، إذا تاب توبة صادقة مشتملة على الشروط الشرعية، فإن الله يتوب عليه جل وعلا، كما قال جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53]، وقد أجمع العلماء على أن المراد بالآية: التائبون، من تاب تاب الله عليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (التوبة تهدم ما كان قبلها)، وقال عليه الصلاة والسلام : (التوبة تجب ما كان قبلها)، وقال عليه الصلاة والسلام : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وقال جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

    فبين سبحانه أن التائب مفلح، شروط التوبة ثلاثة:

    الشرط الأول: الندم على الماضي، كونه يحزن ويندم على ما مضى منه من المعصية.

    الشرط الثاني: إقلاعه منها وتركه لها، خوفاً من الله وتعظيماً لله.

    الشرط الثالث: العزم الصادق أن لا يعود فيها، فأما أن يقول: ندمت وهو يفعلها فما هو تائب، لابد من الندم على الماضي والترك لها، كونه يقلع منها ويتركها، إن كان زنا ترك الزنا، إن كان سرقة تركها، إن كان عقوقاً ترك العقوق، إن كان قطيعة رحم ترك قطيعة الرحم، إن كان معاملة ربوية ترك المعاملة الربوية، وهكذا.

    والثالث: أن يعزم عزماً صادقاً أن لا يعود إلى المعصية، هذه شروط ثلاثة لابد منها، إذا تمت وتوافرت صحت التوبة، ومحا الله عنه الذنب، إلا إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين كظلم أحد فلابد من شرط رابع: أن يتحللهم أو يعطيهم حقوقهم، إذا كان -مثلاً- سرق من إنسان مالاً، ما تتم توبته حتى يرد المال على صاحبه، أو يتحلله منه، أو ضربه أو قطع يده أو ما أشبه ذلك، لا بد من تحلله أو يعطيه القصاص، يقتص منه.

    1.   

    نصيحة بأهم الكتب النافعة

    السؤال: يسأل سماحتكم فيقول: ما هي الكتب المفيدة والتي تعين على ترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس الناس؟

    الجواب: أعظمها وأنفعها وأصدقها كتاب الله، فيه الهدى والنور، فأنا أنصح كل مسلم وكل مسلمة أن يعتني بالقرآن، وأن يكثر من تلاوته، فإنه هو الدواء الناجع لجميع الذنوب، وجميع ما يخالف الشرع؛ لأن الله سبحانه يقول: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] .. قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44] .. وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155] ويقول سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89].

    فالوصية العناية بالقرآن تلاوة وتدبراً وتعقلاً وعملاً، هذا هو العلاج هذا هو الدواء النافع، ثم كتب الحديث الصحيح، مراجعة الأحاديث الصحيحة، حتى يستفيد منها، مثل صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، سنن أبي داود ، الترمذي ، النسائي ، ابن ماجه ، رياض الصالحين، الترغيب والترهيب، يسمع الأحاديث يستفيد، يعالج أمراض قلبه بما يسمع من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام مع القرآن الكريم، ثم حضور المواعظ والمحاضرات المفيدة من العلماء المعروفين، والإصغاء إلى خطب الجمعة والاستفادة منها، كل هذا مما يعين على التوبة وعلى ترك الذنوب، كون المؤمن يعتني بسماع المحاضرات من أهل العلم، والندوات العلمية، وخطب الجمعة، يكون حاضر القلب، يستفيد مع العناية بالقرآن، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والعناية بمراجعة الأحاديث الصحيحة، والاستفادة منها، هذا هو العلاج، مع الضراعة إلى الله وسؤاله أن الله يهديه وأن الله يصلح قلبه وعمله، وأن الله يرزقه البطانة الصالحة، والجلساء الصالحين، فإن الجلساء الصالحين من أعظم العون على الخير، كونه يتحرى الجلساء الصالحين والأصحاب الطيبين، ويتباعد جداً عن أصحاب السوء، وعن أصحاب الشر.

    1.   

    كيفية الهوي إلى السجود في الصلاة

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن -صنعاء- وباعثها المستمع صادق نعمان يسأل ويقول: إذا سجدت أيهما أضع أولاً الكفين أم الركبتين؟

    الجواب: الأفضل الركبتان تضع الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، هذا هو السنة تبدأ بالركبتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (نهى عن البروك كما يبرك البعير)، البعير يبدأ بيديه، فأنت تبدأ بركبتيك لأنها برجليك، وفي الحديث الآخر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) وهو حديث حسن لا بأس به، يتفق مع أحاديث البروك.

    فالمقصود أن السنة والمشروع البداءة بالركبتين ثم يديك ثم جبهتك وأنفك، وعند الرفع ترفع رأسك ثم يديك ثم ركبتيك، هذا هو الأصح.

    1.   

    زواج الشغار

    السؤال: حدثونا عن نكاح الشغار بالتفصيل، فهناك كثير من الأقرباء والأصدقاء كل منهم متزوج أخت الآخر والعكس بالعكس؟

    الجواب: الشغار: هو الذي يكون بالشرط زوجني وأزوجك، هذا الشغار، أما إذا قال: زوجني وأزوجك، ما أزوجك حتى تزوجني هذا هو الشغار ولا يجوز، والنكاح باطل لا يجوز، أما إذا خطب منه، وهذا خطب منه من دون مشارطة فلا بأس، زوجه أخته، وزوجه أخته، بنته بنته عمته عمته لا بأس، لكن من دون مشارطة، أما أن يقول: لابد تزوجني وأزوجك، إذا ما تزوجني ما أزوجك، هذا يقال له: نكاح الشغار، والرسول نهى عنه عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    النذر المعلق على ارتكاب معصية معينة

    السؤال: من الرياض المستمع أحمد عبد الله سليمان بعث يسأل ويقول: ارتكبت معصية وبعدها نذرت نذراً وهو صيام شهر إذا كررتها مرة أخرى، وحيث أنني فعلت هذه المعصية مرة أخرى، هل يلزمني الوفاء بهذا النذر أم يعتبر من الأيمان وأكفر كفارة يمين؟

    الجواب: إذا كنت نذرت الشهر أن تمتنع ليمنعك من العودة إليها، فالحكم حكم كفارة اليمين، عليك كفارة يمين ويكفي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، إذا كان المقصود من النذر الامتناع من العود إليها، نذرت هذا النذر رجاء أن يمنعك الله به منها، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة يمين.

    1.   

    حكم الصلاة بحضرة الطعام

    السؤال: يقول: بعض أفراد عائلتي يصلون في البيت دون المساجد، وفي بعض الأوقات وأحياناً تكون هناك مناسبة غداء فيحين وقت الصلاة متزامناً مع وقت الغداء فماذا نفعل، أنقدم الأكل أم الصلاة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب تقديم الصلاة إذا كان الغداء ما قدم، تقدمون الصلاة ثم ترجعون، صلاة العصر أو صلاة الظهر، أما إذا كان قد قدم بين أيديكم فابدءوا به، لكن كونكم تتحرون الوقت هذا ثم يقدم لا، ابدءوا بالصلاة، لكن لو كان قدم بين أيديكم ثم أذن المؤذن ابدءوا به مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)، وقال صلى الله عليه وسلم : (لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان)، فإذا قدم فالمشروع البداءة به، أما إذا كان ما قدم فابدءوا بالصلاة ثم اطلبوه بعد ذلك.

    1.   

    حكم إلقاء الرجل السلام على المرأة والعكس

    السؤال: إذا ابتدأ الرجل المرأة بالسلام هل ترد عليه أم لا؟

    الجواب: نعم ترد عليه، وهكذا لو بدأته يرد عليها، فإن الأحاديث عامة والآية الكريمة عامة وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، فإذا قالت: السلام عليكم، يقول: وعليكم السلام، وكان عليه الصلاة والسلام إذا مر على النساء سلم عليهن، فإذا سلم على النساء يردن يقلن: وعليكم والسلام، أو يزيدون ورحمة الله، أما إن قال: السلام عليكم ورحمة الله فإنهم يلزمهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله مثلما قال، لأن الله قال: (أَوْ رُدُّوهَا) فردها واجب والزيادة مستحبة، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وجب أن يقول المسلم عليه : وعليكم السلام ورحمة الله، فإن كملها وبركاته صار أفضل، زاده خيراً.

    1.   

    الإسراف في مناسبات الزواج

    السؤال: الأخت أم محمد من جدة بعثت تقول: كثير من النساء يرتدين الملابس الغالية الثمن، ويبذلن فيها أموالاً طائلة خاصة في مناسبات الزواج، فما هي نصيحتكم لهن؟ وكذلك يصاحب هذه المناسبات إسراف في المآكل والمشارب؟

    الجواب: النصيحة التوسط في كل شيء، النصيحة الوسط في الملابس وفي الطعام وفي كل شيء، قال الله جل وعلا -يمدح عباد الرحمن-: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67] وقال سبحانه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29]، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التوسط في الملابس وفي الأكل والشرب وفي كل شيء، فلا إسراف وتبذير، ولا بخل وتقتير، ولكن بين ذلك في جميع الأمور، في المآكل والمشارب والمفارش والملابس وغير ذلك، الله يهدي الجميع، نسأل الله للجميع الهداية، مصيبة عامة لا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    حكم إجابة الدعوة إن اشتملت على منكر

    السؤال: هل يجب على المرأة تلبية دعوة الزواج وخاصة أنه قد يحصل هناك بعض الأخطاء فهل تنصحونهن بنصيحة؟

    الجواب: نعم إن كان هناك منكرات كثيرة فلا يحضر المنكرات، إما إن كان ما هناك منكر فالحضور مشروع، وإجابة الدعوة مشروعة، لكن إذا كان هناك منكر مثل الخمر، مثل آلات الملاهي فلا يحضر، معذور إلا إذا كان حضوره يترتب عليه إنكار المنكر يحضر وينكر حتى يزيل المنكر، يجمع بين المصلحتين، بين إجابة الدعوة وبين إزالة المنكر، أما إذا كان حضوره لا يؤثر ولا يسمع له، ولا يطاع له، فإنه لا يحضر.

    1.   

    حكم تعليق الآيات والأحاديث على الجدران

    السؤال: المستمع وليد خالد من سوريا بعث يسأل ويقول: هل يصح وضع آيات أو أذكار عن النبي صلى الله عليه وسلم على الجدران في الغرف بهدف التذكير بالله تعالى وكذلك النظر فيها، وجهونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الصواب لا حرج إذا كان للتذكير وضع آيات في الجدار أو أحاديث للتذكير لا بأس بذلك، إذا كان للتذكير والفائدة كأحاديث السلام وأحاديث الدعاء، وأحاديث تحريم ما حرم الله، أو الحث على طاعة الله، أو آيات لا حرج في ذلك في المجلس أو في المكتب.

    1.   

    حكم رسم الكعبة والمسجد النبوي على الجدران فرحاً بعودة الحجاج

    السؤال: في قريتنا يقوم أهل الحاج إلى بيت الله بالتحضير لاستقباله بأن يرسموا الكعبة والمسجد النبوي على الجدار، ويكتبوا عبارات الترحيب، كما يلونون الحجارة باللون الأبيض، فهل ذلك جائز أم أنه بدعة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أما وضع صور الكعبة والمسجد فالأولى ترك ذلك، لأن هذا قد يفضي إلى الغلو في هذه الأشياء، قد يفضي استقبال الكعبة ولو إلى غير القبلة؛ لأنه وضعت في غير القبلة، قد يفضي إلى اعتقاد أن هذا سنة وقربة، فالذي ينبغي ترك ذلك، أما تزيين البيت وتجميل البيت هذا أمره واسع، كنس البيت، تجميل الجدران إذا كانت فيها وساخة هذا شيء لا بأس به، من باب التجمل، أما كونه يرسم الكعبة أو المسجد الحرام أو المسجد النبوي فينبغي ترك ذلك، ولا يجوز رسم الكعبة؛ لأن الناس قد يغلون فيها، وقد يدعونها من دون الله، قد يستقبلونها في الصلاة وهي في جهة غير القبلة، فالحاصل أن هذا لا ينبغي.

    1.   

    حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة

    السؤال: ما هو حكم المصلي خلف الإمام في الصلوات الجهرية، هل يستمع فقط أم يصلي الصلاة كما وجبت عليه إذا صلى منفرداً، إذ أنني أسمع بعض المصلين يعيدون الفاتحة بعد الإمام بسرعة حيث لا يتدبرون معناها؟

    الجواب: المسألة فيها خلاف بين العلماء والصواب أنه يقرأ في الجهرية والسرية جميعاً، إن سكت إمامه قرأ في السكوت، وإن لم يسكت إمامه قرأها ثم أنصت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)، وهذا عام في الجهرية والسرية، لكن يقرؤها سراً ثم ينصت.

    المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج المملكة العربية السعودية - الرياض - الإذاعة - برنامج نور على الدرب، مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767980119