مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين من الرياض، رمز إلى اسمه بحرفين هما (س. أ) أخونا له جمع من الأسئلة تصل إلى سبعة أسئلة في أحدها يقول:
أسأل سماحتكم عن نصاب الذهب، لدي ما يقرب من مائة جرام لزوجتي هل الزكاة تجب في هذا المقدار، أم تجب فيما زاد عن النصاب، وأنا أعلم أن النصاب ثلاثة وثمانون جراماً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فنصاب الذهب كما بين أهل العلم عشرون مثقالاً، ومقدار المثقال بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه؛ لأن الجنيه مثقالان إلا ربع، وهي تحصل من أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع يكون الجميع عشرين مثقالاً، والمعنى: أحد عشر جنيهاً ونصف؛ لأن الكسر اليسير يغتفر في هذا، هذا النصاب من الذهب بالجنيه.
أما بالجرام فقد اختلف المقدرون لذلك على حسب ضبطهم للجرام، والذي نفتي به أن النصاب اثنان وتسعون غراماً بعدما سألنا كثيراً من أهل الخبرة عن زنة الغرام، فالجميع اثنان وتسعون، هذا هو النصاب للجرام، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار وجبت فيها الزكاة، سواء كانت أسورة أو قلائد أو غير ذلك المرأة تجمعها، فإذا بلغ الجميع أحد عشر جنيهاً ونصف، اثنان وتسعين غراماً وجب عليها الزكاة، في جميع ما لديها سواء كانت تلبسها أو لا تلبسها، أو تلبس بعضها وتدخر بعضها، الجميع فيه الزكاة على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها إذا كانت تلبسها لا زكاة فيها، والصواب أن فيها الزكاة مطلقاً؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها -وفي لفظ: حقها- إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار ..)، الحديث، ولأنه صلى الله عليه وسلم: (دخلت عليه امرأة في يدها مسكتان من ذهب -يعني: سوارين من ذهب- فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما قالت: هما لله ولرسوله) خرجه النسائي رحمه الله وأبو داود بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وأخرجه الترمذي بإسناد آخر ضعيف، ولكن العمدة على رواية النسائي وأبي داود .
ولحديث أم سلمة رضي الله عنها، أنها قالت: (يا رسول الله -وكانت تلبس أوضاحاً من ذهب- أكنز هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز)، هو لم يقل لها: ليس فيه زكاة؛ لأنه حلي، بل قال: (ما بلغ أن يزكى -يعني إذا بلغ النصاب- فزكي فليس بكنز).
يعني وأما ما لم يزك فإنه يسمى: كنز، يعني: يعذب به صاحبه ولو كان حلياً، والنبي عليه السلام يشير بهذا إلى قوله جل وعلا في سورة التوبة: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34]، فالكنز ما لم يزك وإن كان على وجه الأرض، وإن كان في الصناديق، وإن كان في البنوك يسمى: كنز، وما زكي فليس بكنز ولو كان في بطن الأرض، ما يسمى كنز وذلك إذا أدي حقه.
أما حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ليس في الحلي زكاة)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا يصح الاعتماد عليه.
والزكاة ربع العشر في المائة اثنان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون وهكذا، ربع العشر كل سنة، فإذا كان أقل من النصاب فلا شيء عليه، وإذا كان الموجود نصاباً فأكثر عليه ربع العشر، سهمان ونصف من المائة، خمسة وعشرون من الألف وهكذا.
الجواب: الزكاة عليها ليست عليك، الزكاة على المرأة المالكة للحلي، إن وجدت مالاً وإلا تبيع من الحلي وتزكي، وإذا نقص وزن الحلي عن النصاب سقطت الزكاة بعد ذلك.
أما إن زكيت عنها بإذنها وموافقتها فجزاك الله خيراً لا بأس، أو زكى عنها أبوها أو أخوها بإذنها ورضاها فلا بأس.
الجواب: قد أوضحنا هذا لكن في مسألة خلاف بين العلماء، لكن الله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، رددناه إلى الكتاب العظيم، فالله يقول جل وعلا: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، هذا عام في الأموال من الذهب والفضة، ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34].
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مال لا يؤدى زكاته فهو كنز)، وهذا يسمى مالاً، فإذا لم تؤد زكاته هو كنز، وعرضناه على السنة أيضاً في حديث عبد الله بن عمرو فوجدنا فيه أن في الحلي زكاة، وفي الأحاديث العامة في الذهب والفضة، فعمتها عمت الحلي، والله يقول: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، هذا حكم الله فيما ظهر لمن قال بهذا القول من أهل العلم، وهو الراجح أن فيها الزكاة لهذه الأدلة.
أما من اعتمد على قول أولئك هل يأثم لكونه لم يزك؟
الجواب: على حسب اجتهاده، إذا كان عامياً عليه أن يأخذ بالحق الذي سمعه ويطمئن إليه من أهل العلم، يتأمل، فإذا اطمأن إلى من أفتاه من أهل العلم أخذ بقوله؛ لأن العامي يقتدي بمن أفتاه ويأخذ بمن أفتاه من أهل العلم، وإذا سمع القولين فعليه أن يحتاط لدينه وأن يخرج الزكاة حتى يسلم من العهدة، وفي الأخذ بالزكاة الأخذ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما الذين قالوا بعدم الزكاة فليس عندهم إلا القياس على العوامل التي تعمل من الإبل أو البقر ولا ترعى، تكون تستعمل سواني. هذه ليس فيها زكاة؛ لأنها عوامل فلا يقاس عليها، فالحاصل أنه ليس في أيديهم فيما نعلم إلا أقيسة وليس في أيديهم حجة من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من الكتاب العظيم على أنه لا زكاة فيها، نعم معهم بعض أقوال الصحابة وأقوال الصحابة ليس فيها حجة إذا خالفت النص، النص مقدم على أقوال الصحابة وعلى غيرهم.
إذاً: الأحوط لدين الإنسان أن يزكي الحلي، والحلي جائزة للنساء، من الذهب والفضة، بل هي من زينتهن.
والرجال مثل لو كان عنده خواتيم لهم يبيعها أو يستعمل ما شاء منها تبلغ النصاب يزكيها من الفضة يعني إذا بلغ نصاب الفضة، أو كان عنده سلاح فيه ذهب يزكي الذهب الذي يبلغ النصاب، إذا كان عنده سلاح فيه ذهب، أو أدوات أخرى فيها ذهب كأواني أو غيرها يلزمه أن يزكي الذهب، وليس له استعمال الأواني، بل عليه أن يكسرها حتى يستفيد من ذهبها وفضتها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم استعمال الأواني من الذهب والفضة.
الجواب: إذا كان أفطر لأنه لم يستطع إكمال الصوم بسبب شدة الظمأ أو بسبب الإرهاق الذي أصابه وخاف على نفسه الموت أو مرض شديد فهذا له عذر، وليس عليه إلا أن يقضي يوماً بدل اليوم، يعني: ثلاثة أيام بدل ثلاثة أيام فقط لا زيادة، إذا كان فطره بالماء، أما إذا كان فطره بالجماع فهذا شيء آخر، لكن إذا كان فطره بالماء فعليه قضاء اليوم فقط، والحمد لله.
أما إذا كان تساهل وإلا ما هناك ضرورة فعليه التوبة مع قضاء يوم فقط، عن كل يوم يوم، ثلاثة ثلاثة، مع التوبة إلى الله، أما إن كان الأمر خطيراً، يعني أصابه شدة عظيمة، وخاف من مرض شديد أو من موت فهذا عذر، الله يقول جل وعلا: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ قد يفطر بعض الناس لأمر ما، كهذا الأمر الذي حل بأخينا، فإذا ما أفطر لا يستمر في صيامه بعد ذلك، بل يستمر مفطراً فيأكل ويشرب ويستبيح المأكولات؟
الجواب: لا يجوز له، يفطر بقدر الحاجة، يشرب ثم يمسك إذا كان من أجل الظمأ، يأكل ما يسد رمقه إذا كان الخطر من أجل الجوع ثم يمسك حتى غروب الشمس، ما يستمر في الفطر، إنما أكل وشرب للضرورة ثم يستمر، وهكذا لو أن الإنسان أراد إنقاذ إنسان من غرق أو من عدو ولم يستطع إلا بالفطر أفطر وأنقذ أخاه ثم أمسك، أمسك إلى غروب الشمس وقضى اليوم فقط، يقضي اليوم فقط؛ لأنه أفطر للضرورة؛ لأن إنقاذ المسلم واجب، إنقاذ أخيه المعصوم واجب.
الجواب: ليس بواجب، إن شاء نام إلى القبلة وإن شاء إلى غيرها، الحمد لله الأمر واسع.
الجواب: سبق أن أفتينا من طريق هذا البرنامج مرات كثيرة أن الحائض لها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف، هذا هو الصواب، وهذا القول هو أصح قولي العلماء، وفي القول الآخر لبعض العلماء: المنع، وأنها لا تقرأ كالجنب، والصواب أنها تقرأ عن ظهر قلب؛ لأن الجنب يستطيع أن يتخلص من الجنابة بسرعة بالغسل فيقرأ، هو ممنوع من القراءة حال كونه جنباً، يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً لا يقرأ عليه الصلاة والسلام، كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة.
هكذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا كان جنباً يدع القرآن، أما المرأة الحائض والنفساء فمدتهما تطول وليستا من جنس الجنب.
فالصواب أن لهما أن تقرآ من طريق الحفظ، من طريق الغيب، لا من طريق القراءة في المصحف، لكن إذا احتاجت المصحف لمراجعة القرآن أو ما تحتاج إليه من تصحيح الأخطاء أو ما أشبه ذلك فلا بأس بحائل، يكون عليها قفازان أو حائل آخر حتى تفتش عن القرآن وتراجع ما تحتاج إليه، أو يراجع لها غيرها، أما حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا يصلح للاحتجاج، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة في حجة الوداع وهي حائض أن تفعل ما يفعل الحجاج قال: (إلا الطواف، غير أن لا تطوفي حتى تطهري).
فدل ذلك على أنها لها أن تقرأ القرآن؛ لأنه لم ينهها عن القرآن، إنما نهاها عن الطواف حتى تطهر، والصلاة معروف أن الحائض لا تصلي، فالمقصود أنه نهى عن الطواف حتى تطهر، فدل ذلك على أنها لا تنهى عن القرآن؛ لأن المحرم يقرأ القرآن، الحاج يقرأ القرآن، فلو كانت الحائض لا تقرأ القرآن لنبهها رضي الله عنها أن لا تقرأ حتى تطهر، كما نبهها على الطواف.
الجواب: ستر الوجه واجب على الصحيح من قولي العلماء مطلقاً، ولو كانت غير جميلة ستر الوجه واجب، أما إذا كانت جميلة فهذا عند الجميع لا أعلم فيه خلاف إذا كانت قد تفتن الناس.
فالواجب ستر الوجه في الطواف وفي السعي وفي المسجد وفي كل مكان، عليها أن تستر وجهها؛ لأن كشفه فتنة، وهكذا رأسها وكذا بقية جسدها فتنة، فالواجب عليها الحجاب؛ لقوله جل وعلا في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وقوله سبحانه في المؤمنات: َلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية، والوجه أعظم الزينة، لكن لو تحجبت بالبرقع الذي ليس يظهر منه إلا العين أو العينان فلا حرج، كان العرب يلبسون البراقع ويقال لها: النقاب، والنبي صلى الله عليه وسلم: (نهى المحرمة أن تلبس النقاب وهي محرمة).
فدل على أنها تلبس إذا كانت غير محرمة، والنقاب هو ما يغطى به الوجه، ما يصنع للوجه وفيه نقب للعين أو نقبان للعينين، بقدر العينين فقط، لا حرج في ذلك على الصحيح الذي لا شك فيه، وإذا تخمرت بغير النقاب بما يستر وجهها كله، على وجه لا يمنعها رؤية الطريق فلا بأس فهو أكمل وأبعد عن الفتنة.
إذاً يشترط في البرقع كونه ساتراً ما عدا العينين، وإذا كان فيه فتنة تدع الفتنة، تلبس برقعاً ما فيه فتنة.
الجواب: (يس): هذه من جملة الحروف المقطعة التي ابتدأ الله بها سبحانه جملة من السور مثل: (الم - الر- المص- حم - عسق) هذه حروف مقطعة، الصواب فيها عند أهل العلم أنها لا يعرف معناها بالتعيين، ولله فيها الحكمة البالغة سبحانه وتعالى.
وقال بعضهم: إن الله جعلها مفتاحاً للسور، كما جعل (الحمد لله) مفتاحاً للفاتحة، ومفتاحاً لسورة سبأ ولسورة فاطر، وجعل سبحانه وتعالى (سبحان) مفتاحاً لسورة بني إسرائيل، هو سبحانه وتعالى الحكيم العليم جل وعلا.
أما قوله: (والقرآن الحكيم) فهذا قسم من الله، حلف بالقرآن كما في سورة ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص:1].
يقسم سبحانه أن محمداً من المرسلين عليه الصلاة والسلام، (إنك لمن المرسلين) يقسم ويحلف جل وعلا أن نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من المرسلين، كما قال جل وعلا: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران:144]، وقال سبحانه في سورة محمد: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح:29]، فهو رسول الله كما أخبر الله في كتابه وأقسم عليه سبحانه وتعالى، وهو رسول الله بإجماع المسلمين، بإجماع أهل العلم والإيمان من أهل السنة والجماعة هو رسول الله حقاً، من كذب بذلك فهو كافر، ومن قال: إنه رسول للعرب دون العجم فهو كافر، هو رسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس، كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158]، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]، فهو رسول الله إلى العرب والعجم والذكور والإناث والحكام والمحكومين والملوك والرؤساء والجن والإنس، هو رسول الله إلى الجميع عليه الصلاة والسلام، من أجاب دعوته واتبع شريعته فاز بالسعادة والجنة والكرامة، ومن حاد عن سبيله واتبع غير هداه باء بالخيبة والندامة وصار من أهل النار يوم القيامة نسأل الله العافية.
الجواب: الزيارة ليست واجبة، صلة الرحم هي الواجبة، قطيعة الرحم محرمة، أما الزيارة ما هي بلازمة إذا منعك والدك لا بأس، تسترضيه بالطرق الطيبة، فالمقصود سواء كانت سائلة أو سائل إنما الزيارة غير واجبة، إذا حصل صلة الرحم بالمكاتبة، بالهاتف، بالتلفون، بالمراسلة بغير الكتابة مع الأصدقاء والأحباب، تسأل عن حالهم كيف أنتم؟ عساكم طيبين، كفى ولو ما زرتهم والحمد لله، والزيارة قد يمنع منها موانع ومشاغل قد يكون الإنسان مسافراً مدة طويلة، ووالدك قد يكون له عذر شرعي يخاف عليك من الزيارة من أشياء، فالحاصل أن الوالد له مقاصد إن شاء الله طيبة، فلا تعجلي، وإذا دعت الحاجة للزيارة فشاوريه بالأسلوب الحسن، أو بواسطة أمك أو إخوانك أو أعمامك حتى يرضى، وحتى تكون الزيارة على طريقة مأمونة ليس فيها خطر؛ لأن الزيارات تختلف، إذا كانت الزيارة للأخت أو الأخ أو العم لا بأس، أما الزيارة لبني العم أو بني الخال فلا، هذا فيه خطر لأنهم ليسوا محارم.
فالحاصل أن عليك الاستئذان من والدك وعدم التعجل، والدعاء للأقارب بالتوفيق والهداية والسؤال عنهم، والوصية لهم بالسلام مع الأصدقاء والأحباب أو بالتلفون كل ذلك طيب، يحصل به المقصود والحمد لله، وإذا كانوا فقراء، فمن الصلة صلتهم ومواساتهم والإحسان إليهم، وإذا ظلموا من الصلة الشفاعة في رد الظلم عنهم ونصر المظلوم، وإذا دعت الحاجة إلى قضاء دينهم فمن الصلة المساعدة في قضاء الدين إذا كان القريب قادراً إلى غير هذا من وجوه الخير.
الجواب: هذا يحتاج إلى سؤال أهل الخبرة به من الصلحاء والأخيار والثقات، فإذا علمت توبته فالحمد لله، لا مانع من بقائه في المسجد والصلاة خلفه، أما إذا كان متهماً بإبقائه على عمله السيئ واستخدام الجن فلا يصلى خلفه، بل يجب الإنكار عليه ورفع أمره إلى الجهة المسئولة إلى الهيئة أو إلى المحكمة، حتى يمنع من هذا العمل السيئ ويؤدب بما يستحق، لكن متى ثبتت توبته ورجوعه إلى الله وتركه هذا العمل السيئ من طريق الثقات الأثبات أو من طريق المحكمة فلا بأس من الصلاة خلفه.
الجواب: هذا ليس بصحيح، لو غاب عنها سنوات هو على نكاحه، إلا إذا فسخه الحاكم الشرعي، إذا اشتكت إلى الحاكم الشرعي وفسخه الحاكم الشرعي فهذا يراجع فيه الحاكم، إذا أراد العودة إليها بعقد جديد يراجع الحاكم، أما إذا كانت على حالها لم تطلب الطلاق ولم تفسخ فنكاحه باقي، وزوجته باقية في حباله وعصمته، وليس هناك حاجة للعقد، سواء كانت مدة قصيرة أو طويلة.
لكن ينبغي للمؤمن أن يجتهد في عدم الإطالة؛ لأن المرأة خطر وهو عليه خطر أيضاً كذلك لطول الغيبة، فينبغي له أن يكون عنده عناية بزوجته وأن لا يطول الغيبة عنها، والله يقول سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وليس من المعروف طول الغيبة، بل ينبغي له أن يأتي إليها بين وقت وآخر حتى تنتهي مدته، كل ثلاثة أشهر، كل شهرين، كل أربعة أشهر، حتى لا تطول الغيبة.
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن هذا من جهة الغزاة فوقت لهم ستة أشهر، فإذا غاب ستة أشهر لحاجة مهمة فلا بأس إن شاء الله، ولكن كل ما أمكن من التقصير وعدم التطويل فهو أولى وأحوط، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثرت فيه الشرور، وقلّ فيه الصبر، فينبغي للمؤمن أن يعرف قدر وقته، وأن لا يطيل الغربة عن زوجته بل يزورها بين وقت وآخر من سفره، أو يحملها معه حيث أمكن حملها معه في السفر، وإلا فليأت بين وقت وآخر أقل من ستة أشهر، في شهرين.. ثلاثة.. أربعة، كلما تيسر له جاء وزارها أياماً ثم رجع حتى ينتهي عمله، نسأل الله للجميع التوفيق.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر