مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات، تقول في رسالتها حسنية محمد با وزير من حضرموت: هناك شخص ما زال يدرس وليس له مال من عمله، ولكن تحصل على بعض المال من أقاربه، وهذا المال يكفي لقضاء كفارة، هل عليه أن يكفر عن يمينه أولاً، أم يتصرف في هذا المال لقوته وقوت يومه، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإذا كان الطالب المذكور عليه يمين وليس لديه ما يقوم بحاله إلا ما حصل له من أقاربه بقدر نفقته فإنه لا تلزمه الكفارة بالمال، ولكن يكفر بالصيام، وذلك صيام ثلاثة أيام كما نص عليه الرب عز وجل في كتابه العظيم في سورة المائدة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً: قوت اليوم أولى من تقديم الكفارات والكفارة تبقى مؤجلة في ذمته؟
الشيخ: يعتبر فقيراً، فالكفارة باقية، وإذا صام ثلاثة أيام أجزأت.
الجواب: عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن المعاصي دواؤها التوبة، يقول جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، فالواجب على كل مسلم اقترف ذنباً أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل، وذلك بالندم على الماضي من سيئاته، وبالإقلاع منها والحذر منها، وبالعزم الصادق أن لا يعود فيها خوفاً من الله وتعظيماً له وإخلاصاً له سبحانه، هذا هو الواجب على كل عاصٍ من الرجال والنساء. وعليه كفارة اليمين، إذا حلف أن لا يعود ثم عاد عليه كفارة اليمين مع التوبة وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، ومقداره كيلو ونصف تقريباً، أو كسوتهم كل واحد يعطى ما يجزئه في الصلاة قميص أو إزار ورداء، أو عتق رقبة، فمن لم يستطع هذا كله يصوم ثلاثة أيام، والتوبة لا بد منها من جميع المعاصي.
الجواب: لا، الواجب الفورية، متى وجبت الكفارة فالواجب البدار بها، سواء كانت كفارة ظهار أو كفارة وطء في رمضان أو كفارة قتل أو كفارة يمين، الواجب البدار؛ لأن أوامر الله على الفور إلا ما دل الدليل على التراخي فيه، والله سبحانه قال: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا [النور:31]، فالتوبة واجبة من المعاصي والكفارة جزء من التوبة، فإن العاصي إذا كان في ذنبه كفارة يجمع بين الأمرين، فالذي ظاهر من زوجته عليه التوبة والكفارة، والذي وطئها في رمضان عليه التوبة والكفارة مع قضاء اليوم الذي حصل فيه الجماع، والذي حلف وتعمد الحنث عليه التوبة إذا كانت المعصية مع الكفارة مثل أن يقول: والله! ما أشرب الخمر، والله! ما أعق والدي، والله! ما أغتاب أحداً ثم يفعل فإن عليه التوبة والكفارة جميعاً، فكما أن عليه البدار بالتوبة عليه البدار بالكفارة لأنها من تمام التوبة ومن كمالها.
الجواب: الكفارات تختلف في اليمين، يجزئ ولا يجوز الصيام إلا عند العجز، ليس له أن يصوم إلا عند عجزه عن الكفارة بالإطعام أو بالكسوة أو بالعتق، فإذا عجز عن الثلاث صام، أما في مسألة القتل فإن المقدم فيه العتق على الصيام، وهكذا في الظهار إذا قال عن زوجته: عليه كظهر أمه فإن عليه كفارة أولاً عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، مرتبة، وهكذا القتل؛ العتق أولاً فإن عجز صام شهرين متتابعين، إذا قتل خطأً، وهكذا الوطء في رمضان إذا وطئ زوجته في رمضان فالكفارة مرتبة، عليه عتق رقبة مؤمنة فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف الصاع، أما كفارة اليمين فإن فيها ترتيب وفيها تخيير، تخيير بين الثلاثة التي هي الإطعام والكسوة والعتق هذه مخير، إذا فعل واحدة من الثلاث أجزأ، أطعم أو كسا العشرة أو أعتق كفى، فإن عجز عن الثلاثة انتقل إلى الصيام صيام ثلاثة أيام.
الجواب: ليس عليك إعادة، عليك سجود السهو؛ لأنك زدت ركوعاً سهواً، فعليك بعد الفراغ من التحيات والدعاء سجدتان للسهو تسجدين سجدتين مثل سجود الصلاة تقولين فيهما: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتجلسين بينهما مثلما تجلسين بين السجدتين تقولي: رب اغفر لي، رب اغفر لي بين السجدتين ثم تسلمين، هذا الذي عليك، وهكذا لو زدت سجوداً أو زدت ركعة خامسة في الظهر أو العشاء أو العصر أو رابعة في المغرب أو ثالثة في الفجر سهواً ثم تذكرت تسجدي للسهو.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كانت قدمت من مصر للعمرة فالواجب إحرامها من ميقات أهل مصر وهو الجحفة -رابغ- إذا وازنته في البحر أو في الجو تحرم، وإن كان من طريق البر إذا وصلت إلى الجحفة من طريق الساحل تحرم، وإن كان من طريق المدينة تحرم من ميقات المدينة هذا الواجب عليها، فإذا أحرمت من جدة يكون عليها دم يذبح في مكة للفقراء، وشاة تجزئ الضحية أو سبع بدنة أو سبع بقرة، هذا هو الواجب عليها عن ترك الميقات، شاة واحدة يعني: جذع ضأن أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء، أو سبع بدنة أو سبع بقرة يذبح في مكة للفقراء، هذا إذا كانت نوت العمرة من بلادها من مصر مثلاً، لكن ما أحرمت إلا من جدة تساهلت أو جهلت فهذا إحرامها صحيح من جدة وعمرتها صحيحة لكنها ناقصة تجبر بدم لأنها تركت الميقات الشرعي الذي يجب عليها، أما إن كانت جاءت من مصر وما نوت العمرة، جاءت لحاجة فلما وصلت جدة طرأت عليها العمرة وأنشأت العمرة من جديد بنية جديدة فإحرامها صحيح من جدة وليس عليها شيء؛ لأنها لم تنو العمرة إلا من جدة ولم تنشئها إلا من جدة، وهكذا مثلاً من جاء من الرياض إلى جدة أو من المدينة إلى جدة أو من الشام إلى جدة أو من غير ذلك وما عنده نية عمرة، فلما وصل جدة طرأ عليه وأنشأ العمرة وأحب أن يعتمر فليس عليه شيء، ميقات إحرامه صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت قال: (ومن كان دون ذلك -يعني: دون المواقيت- فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)، يعني من كان دون المواقيت يكون إحرامه من حيث أنشأ نية الإحرام، جدة أو الشرايع أو التنعيم أو بالسلم أو غير ذلك إلا الحرم إذا كان في وسط الحرم يخرج إلى الحل، إذا طرأ عليه وهو في مكة أن يعتمر يخرج إلى الحل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر عائشة أن تخرج إلى الحل لما أرادت العمرة قال: (اخرجي إلى التنعيم) والتنعيم أدنى الحل، فإذا كان في مكة وطرأ عليه العمرة عن نفسه أو أبيه الميت أو أمه الميتة أو عن غيرهم من أمواته، أو عن أبيه العاجز لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه يخرج إلى الحل، مثل عرفات، مثل التنعيم، تسمى مساجد عائشة، مثل الجعرانة خارج الأميال وراء الأميال من الحل ثم يلبي بالعمرة ويدخل.
الجواب: جدة ميقات لأهلها، وميقات لمن وصل إليها وما عنده نية عمرة ولا حج ثم طرأ عليه في جدة يحرم منها، وصل إلى جدة من أمريكا .. من أوروبا .. من أفريقيا.. من أي مكان وما عنده نية، إذا جاء جدة للتجارة أو لأسباب أخرى ثم بعدما وصلها أنشأ العمرة وأحب أن يعتمر أو أحب أن يحج في وقت الحج يحرم من جدة ولا شيء عليه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، هل هناك صنف ثالث؟
الشيخ: إذا كان إنساناً لا يوازن الميقات إلا إذا وصل جدة، جاء من بلد لكن ليس في حذائه في البر أو في الجو ليست طائرته ولا سفينته تحاذي ميقات إلا جدة ما يمر على ميقات حتى يصل جدة، هذا يحرم من جدة إذا وجد، يقال: إن بعض الخارجين من السودان إذا جاء من جهة الغرب رأساً ما يكون له ميقات إلا جدة، ما يحاذي شيئاً إلا جدة، من بور سودان، يقول بعض علماء السودان، فإذا وجد إنسان سافر من ميناء في السودان أو غيرها لا يحاذي جدة ما يمر على الميقات حتى يصل جدة يكون إحرامه من جدة.
المقدم: من يقول طالما أن الدم يسدد النقص وسوف أحرم من جدة، ما رأيكم؟
الشيخ: ما يجوز له يتعمد، بل يلزمه الميقات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لما وقت المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد حجاً أو عمرة)، وقال في اللفظ الآخر: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة) ويهل خبر بمعنى الأمر، وفي اللفظ الآخر: (ليهل -باللام لام الأمر- ليهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وأهل اليمن من يلملم، وأهل العراق من ذات عرق)، فهذه مواقيت حددها الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلى من أراد الحج أو العمرة أن يحرم منها إذا مرها وجوباً، إذا كان يريد الحج أو العمرة، أما إذا كان ما أراد إلا التجارة أو زيارة قريب أو صديق أو حاجات أخرى لا يلزمه الإحرام، لكنه يشرع له إلا إذا كان ما أدى عمرة الإسلام ولا حج حج الإسلام، من مر عليها يلزمه الإحرام؛ لأنه وصل إلى مكة حينئذ، فإذا وصل إلى مكة وهو ما أدى عمرة الإسلام فإنه يحرم ويلزمه الاعتمار،يلزمه أن يحرم من الميقات بالعمرة لما من الله عليه بالاستطاعة أو جاء في وقت الحج يلزمه ذلك أيضاً إذا كان ما حج.
الجواب: عند جمهور أهل العلم عليه القضاء مع التوبة إلى الله، عليه أن يتوب إلى الله ويندم على ما فعل من الجريمة السيئة، ويقضيها وذهب بعض أهل العلم أنه إذا تعمد هذا يكون كافراً وعليه التوبة ولا يلزمه القضاء؛ لأن جريمته عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وهذا تعمدها حتى خرج وقتها فيكفر بذلك ولا يلزمه القضاء وعليه التوبة، ولكن إذا قضاها احتياطاً وخروجاً من الخلاف مع التوبة إلى الله يكون حسناً إن شاء الله.
الجواب: نعم؛ إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت صلاته، جميع الصلوات الخمس إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت؛ لأنها ركن في الصلاة وما زاد عليها مستحب وليس بواجب، لكن السنة أن يزيد عليها في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والسنة أن يزيد عليها في الفجر أيضاً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يزيد عليها، لكنه قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فدل على أنها ركن والباقي مستحب.
المقدم: جزاكم الله خيراً، من لم يقرأ الفاتحة في صلاته -سماحة الشيخ- كيف توجهونه لو سمحتم؟
الشيخ: أما إذا كان إماماً أو منفرداً فإن صلاته غير صحيحة ولابد يعيدها؛ لأن الفاتحة ركن الصلاة.
المقدم: ولا يجبرها شيء؟
الجواب: أبداً، لابد من إعادتها، أما إذا كان مأموماً فإن العلماء اختلفوا في المأموم هل تلزمه الفاتحة أم لا، والأكثرون على أنها لا تلزمه، وأن الإمام يقوم مقامه في ذلك، والصواب أنها تلزمه الفاتحة يقرؤها ولو مع الإمام، ثم ينصت إذا كان في الجهرية لعموم قوله عليه الصلاة والسلام قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ولأنه عليه الصلاة والسلام: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فهذا نص في المأمومين، وهو صحيح، فوجب الأخذ به، لكن لو فاته القيام لأنه تأخر ولم يأت إلا في الركوع أجزأه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ثم دخل في الصف لم يأمره بقضاء الركعة لأنه معذور بفوات القيام، ومثله من كان مع الإمام ولكن سها عن قراءة الفاتحة أو يعتقد قول الجمهور أنها لا تجب عليه فصلاته صحيحة، أو جاهل بالحكم الشرعي فلم يقرأ يحسب أنه لا يلزمه القراءة مع الإمام فهذا صلاته صحيحة كالذي جاء والإمام راكع بجامع العذر.
الجواب: الأقرب -والله أعلم- أنها تصح صلاة الجمعة، لكن لا يجوز لك حتى تخبرهم بأنك لا تستطيع أن تترك الجمعة، فإما أن يسمحوا لك أن يضعوا بدلك، ولا تفرط في عملك إلا بإذنهم، يعني: الحراسة أمرها عظيم والخطر في تركها كبير، في بعض الأحيان الواجب عليك أن تستأذن أو تعتذر تقول: لا أوافق على هذا الأمر، أو تستأذنهم، فإذا أذنوا لك صليت الجمعة وإلا فالزم الحراسة وصل في مكانك ظهراً.
الجواب: هذا عمل طيب، خروجها للتعليم أو النصيحة أو عيادة المريض أو زيارة الأقارب الطيبين كل هذا عمل طيب، لكن عليها أن تتحرى الأمر الشرعي، تكون متسترة، بعيدة عن أسباب الفتنة، لا تبرج ولا تبد شيئاً من زينتها، وتكون متحفظة متسترة بعيدة عن أسباب الفتنة، ولا تخرج بطيب؛ لأن الطيب يفتن الناس أيضاً، فتذهب إلى المسجد أو إلى المستشفى أو إلى جيرانها أو أقاربها لا بأس بذلك ولو وحدها، تمشي على قدميها إذا كان ما في خطر، إذا كان المحل آمناً فلا حرج أن تذهب على رجليها مثلما كان نساء الصحابة يخرجون في المدينة، أما إذا كان هناك خطر فليس لها الخروج إلا مع من تأمن، إما جاراً أميناً أو امرأة طيبة تمشي معها في السوق حتى تصل، أما مع السواق في السيارة فلا؛ لأنه خطير، قد يذهب بها السواق إلى ما لا تحمد عقباه وليس باختيارها، فلا تذهب مع السائق وحدها لابد يكون معها آخر، إما زوجة السائق أو شخص آخر أو محرمها إذا تيسر أو امرأة أخرى، يعني: تكون على طريقة آمنة تذهب معها في طريقة مأمونة، لا تتهم فيها ولا تكون وحدها معه، بل يكون معهم ثالث أو ثالث ورابع، لا بد من هذا، أما وحدها فلا تذهب معه وحدها، أو مع ثالث لكن تتهم به لأن الثالث ليس بجيد يتهم فلا تكون معهم، لا تكون في السيارة مع السائق إلا في طريقة آمنة وطريقة طيبة ليس فيها خلوة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! فاتني أن أذكر أمراً رابعاً ألا وهو إجابة الدعوة ولا سيما في الأفراح؟
الشيخ: لا بأس أيضاً هذا خروج شرعي، إجابة الدعوة للعرس أو لوليمة دعاها إليها أقاربها أو جيرانها وهي وليمة ليس فيها فتنة ولا فساد فلا بأس، تجيب الدعوة لعموم الحديث، يقول صلى الله عليه وسلم في حق المؤمن: (ويجيبه إذا دعاه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعي أحدكم فلجيب)، وهذا يعم الرجال والنساء، وفي الحديث الآخر: (من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) رواه مسلم ، إجابة الدعوة في حق الرجال والنساء أمر مطلوب واجب، لكن في حق الزوجة تكون الإجابة بإذن زوجها وتكون على طريقة آمنة ليس فيها خطر في دينها، فإذا كانت الدعوة سليمة والمحل سليماً والإذن -والزوج إن كان لها زوج آذن- فلا حرج.
الجواب: لا أعلم فيه حرجاً، لف الشعر وربطه لا أعلم فيه شيئاً، قد يشبه أسنمة البخت التي جاءت في الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس -يعني ظلماً- ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)، هؤلاء النساء المذمومات أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من علاماتهن أن رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، قال أهل العلم في البخت المائلة: إن لها شبه السنامين بينهما فجوة، فإذا لبدت على رأسها أشياء تجعلها كالسنامين كره ذلك؛ لأنها تشبهت بهؤلاء النسوان اللاتي هذه علامتهن، أما إذا كان هذا التلبيد قليلاً ولا يشكل شبه سنامين وليس له ما يقربه من هذا الوصف فلا حرج فيه، إذا كانت قصدها أنه يؤذيها بعض الأحيان أو ترى أن هذا أستر لها في خروجها ودخولها بين أحمائها وغير أحمائها فلا حرج في ذلك، لكن عند الصلاة تحلها، وعند مسح الرأس تتركها حتى تمسح رأسها بالوضوء حتى يعم المسح الرأس، من مقدم الرأس إلى آخر منابت الشعر، إلى مؤخر الرأس، تطرح العمايل حتى تمسح على جميع رأسها من مقدمه إلى آخره، وما انحدر من العمايل بعد ذلك لا يجب مسحه، المسح يكون من منابت الشعر المقدم إلى المؤخر، وتطرح العمايل حتى تمسح على مقدم رأسها ومؤخره، ولا تفعل أشياء مما يشبه من قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم: (كأسنمة البخت المائلة) تبتعد عن هذا الوصف مهما أمكن.
الجواب: نعم، يصدق عليهما أنهما صلاة الضحى، إذا جلس بعد الصلاة يذكر الله أو يقرأ القرآن أو يعلم العلم ثم صلى ركعتين بعد ارتفاع الشمس حصل له هذا الخير العظيم، ولا أعلم أن فيهما: (لا يحدث فيهما نفسه) هذه جاءت في حديث آخر أن صلى ركعتين صلاة شرعية حصل له هذا الأجر، أما لفظ: (لا يحدث فيهما نفسه) هذه جاءت في حديث آخر، في حديث عثمان رضي الله عنه فيمن توضأ كوضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين بعد الوضوء لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه، هذه في صلاة سنة الوضوء، والمشروع في جميع الصلوات الإقبال على الصلاة وعدم تحديث النفس في جميع الصلوات النافلة والفريضة، المشروع فيها جميعاً أن يقبل المؤمن على صلاته وأن يخشع فيها ويحذر الاشتغال بحديث النفس، يجاهد نفسه في هذه الأمور حتى يفرغ قلبه لخشوعه في صلاته والإقبال عليها نافلة أو فريضة والفريضة أهم، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، وهذا يعم الصلاتين: الفرض والنفل، لكن الفرض أهم وأعظم، فالواجب على المؤمن أن يعتني بصلاته وأن يصلي صلاة تامة مطمئناً فيها حتى يكون أداها كما شرع الله، وإذا اجتهد في الخشوع كان أكمل، الخشوع يكون بخشوع القلب، بخشوع الجوارح، وترك العبث، يقبل بقلبه وقالبه، بقلبه وبدنه على الصلاة حتى يخشع فيها لربه، وأقل ذلك الطمأنينة الواجبة، أقل شيء أن يطمئن في ركوعه وسجوده وجلوسه بين السجدتين والاعتدال بعد الركوع، لا بد له من الطمأنينة فإن نقرها ولم يطمئن فيها بطلت، قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رأى أعرابياً دخل المسجد فصلى ولم يتم صلاته فأمره أن يعيد الصلاة ثلاث مرات؛ لأنه ما أتقنها وما أكملها، فقال الأعرابي: (يا رسول الله! والذي بعثك بالحق نبياً! لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء -يعني: كمل الوضوء- ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن -وفي رواية أخرى: ثم اقرأ بأم القرآن، يعني: الفاتحة وبما شاء الله- ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، هكذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم. فالواجب على جميع المصلين العناية بهذا الأمر؛ الطمأنينة وعدم النقر، والمشروع أن تكون الحالة أكمل بأن يخشع بقلبه وقالبه وأن يجتهد مع الطمأنينة أن يخشع خشوعاً كاملاً في قلبه وجوارحه، قد أقبل على صلاته وخشع فيها لربه وأحضر فيها قلبه فلا يعبث ولا يحدث نفسه بوساوس أخرى، بل يقبل بقلبه وقالبه ويجتهد في ذلك، فإن صلاته بها تكون أكمل والأجر يكون أعظم. والله المستعان.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر