إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (309)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله؟

    ====

    السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة المستمع الطويل إدريس إبراهيم، أخونا عرضنا جمعاً من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: نرجو أن تتكرموا بإفادتنا عن قضية تارك الصلاة؛ هل يكفر أو لا يكفر، نريد منكم تفصيلاً كاملاً حول هذا، ونريد سرد الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في ذلك جزاكم الله خيراً؛ لأن هذا الموضوع شغل بال الكثير من المسلمين، وفقكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

    فهذه المسألة من المسائل العظيمة التي اختلف فيها العلماء، وهي مسألة ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً لا عن جحد لوجوبها، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك لأدلة كثيرة، منها: قوله جل وعلا: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ [المدثر:42-44] الآية، ومنها: قوله جل وعلا: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] فدل على أن من لم يصل ليس بأخ في الدين وإن لم يجحد الوجوب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه، وهذا كفر معرف بأل وشرك معرف بأل يدل على أنه الكفر الأكبر والشرك الأكبر، وقوله صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة) فشيء ترك عموده لا يبقى بل يسقط، وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يحدثون في الدين ويغيرون: (أفنقاتلهم؟ قال: لا. ما أقاموا فيكم الصلاة) وفي اللفظ الآخر قال: (لا. حتى تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) فجعل ترك الصلاة من الكفر البواح، الذي يوجب كفر من فعله. وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. فحكى عن الصحابة جميعاً أنهم يرون ترك الصلاة كفر، ولم ينقل عنهم اشتراط جحد الوجوب، فدل ذلك على أن تركها من غير جحد للوجوب كفر، وإطلاق الكفر في هذا المقام يقتضي أنه كفر أكبر؛ لأن هناك أعمالاً عند الصحابة تركها كفر وفعلها كفر، لكنه ليس كفراً أكبر، مثل: الطعن في النسب والنياحة على الميت سماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، ولكنه كفر أصغر، وهكذا البراءة من النسب سماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، براءة الإنسان من أبيه: (وإن كفراً بكم تبرؤ من آبائكم) هو كفر أصغر، فدل على أن الكفر الذي حكاه عبد الله بن شقيق عن الصحابة أنه الكفر الأكبر، وقال عمر رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وهذا القول هو أصح القولين وأرجح القولين من جهة الدليل، أما من جحد الوجوب فهو كافر عند الجميع وإن صلى مع الناس؛ لأنه مكذب لله ولرسوله إذا جحد الوجوب.

    فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يبادر ويسارع إلى الصلاة ويحافظ عليها في أوقاتها، وأن يتقي الله في ذلك ويحذر أن يكون مع الكافرين ومن ضمن الكافرين وهو لا يدري، فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالواجب على المسلمين جميعاً أن يحافظوا عليها، وأن يعتنوا بها، وأن يؤدوها في أوقاتها، وأن يصليها الرجل في الجماعة في مساجد الله طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحذراً مما وصف به من تركها من الكفر. ونسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية والعافية من كل ما يغضبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088537581

    عدد مرات الحفظ

    777198571