مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلينا من إحدى الأخوات المستمعات، تقول: أم أحمد ، عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي لها مجموعة من الأسئلة، من بينها سؤال حول من أفطرت عدة رمضانات بسبب حال النفاس، ولم تقضها حتى الآن، كيف تتصرف؟ وتسأل: هل يجزئ ذلك الصيام في رجب، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالواجب على من أفطرت في رمضان من أجل النفاس أو الحيض القضاء قبل أن يأتي رمضان الآخر الذي بعده؛ لقول الله جل وعلا: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] والحائض والنفساء من جنس المريض والمسافر عليهما القضاء، فإذا طهرت من نفاسها، وطهرت من حيضها، تقضي والبدار أفضل، ولا يجوز لها التأخير إلى رمضان، بل يجب أن تبادر حتى تقضي ما عليها قبل رمضان، ولا مانع أن تصوم في رجب أو غيره، ولا حرج أن تؤخر إلى شعبان، قالت عائشة رضي الله عنها: كان يكون علي الصوم من رمضان، فلا أستطيع أن أقضي إلا في شعبان.
فالواجب على المرأة أن تعتني بهذا الأمر، وأن تبادر بالقضاء قبل رمضان، ولو مفرقاً، ولو موزعاً، لا يجب التتابع، فتصوم وتفطر حتى تكمل، وإذا أخرته عن رمضان وجب عليها التوبة من ذلك، وعليها القضاء والإطعام، إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع عن كل يوم من التمر أو غيره من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريباً، كفارة عن التأخير، فيكون عليها ثلاثة أشياء: التوبة، وقضاء الصيام، مع الإطعام عن كل يوم؛ إذا كان التأخير لغير عذر.
أما إن كان أخرت ذلك لمرض لم تستطع معه الصوم، فلا حرج عليها، تصوم بدون إطعام، وتقضي بدون إطعام، وليس عليها إثم، لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]سبحانه وتعالى، والواجب على المؤمنة أن تتقي الله، وأن تعتني بقضاء ما عليها، وأن تتحرى الأوقات التي تستطيع فيها القضاء قبل أن يأتي رمضان، حتى تفرغ من ذلك قبل أن يأتي رمضان الدائر الذي هو بعد رمضان الذي أفطرت فيه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
الجواب: يكره إفراده بالصوم تطوعاً؛ لأنه من شأن الجاهلية، كانوا يعظمونه بالصوم، فكره أهل العلم إفراده بالصوم تطوعاً، أما إذا صامه الإنسان عن صومٍ عليه من قضاء رمضان، أو من كفارة، فلا حرج في ذلك، أو صام منه ما شرع الله مثل أيام الإثنين والخميس، أو الثلاثة الأيام البيض، كل هذا لا حرج فيه، الحمد لله، مثل غيره من الشهور.
الجواب: صومهما سنة في حق الجميع، في حق الرجال والنساء، لكن إذا كانت ذات زوج؛ ليس لها الصوم إلا بإذنه؛ لأن المرأة التي عندها زوج ليس لها أن تصوم نافلة إلا بإذنه إذا كان حاضراً؛ لأن الرسول عليه السلام نهى عن هذا، قال: (ليس للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) إلا رمضان فرمضان واجب على الجميع، لكن إذا أرادت أن تطوع بصوم الإثنين أو الخميس أو ستٍ من شوال، صوم ثلاثة أيام من الشهر، فلابد من استئذانه إذا كان حاضراً، إما إن كان غائباً فلا حرج أن تصوم بغير إذنه، إذا كان غائباً، يعني: مسافراً.
الجواب: لها أن تحتجب بكل شيء أسود أو غير أسود، ما فيه شيء مخصوص، تحتجب بسواد، أو بأخضر، أو بأزرق، أو أبيض، أو بغير ذلك، ليس في هذا نوع مخصوص، إنما الواجب الحجاب عن الرجل الأجنبي.
الجواب: ليس بمحدد، ولم يرد في الشرع ما يقتضي التحديد، لكن يستحب للمؤمن أن يرفق بإخوانه، وأن يرضى بالفائدة القليلة؛ رحمةً لإخوانه وتعاوناً معهم على الخير؛ لأن (المسلم أخو المسلم)، و(من كان في حاجة أخيه؛ كان الله في حاجته)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تعسروا) فإذا سامح إخوانه ورضي بالقليل من الفائدة فهذا خير، ولكن ليس هناك حد محدود، لا الثلث ولا الربع ولا النصف، فلو اشترى سلعةً بأربعين وتغيرت الأحوال جاز أن يبيعها بمائة، ما فيه حد محدود، على حسب تغير الأسواق.
أما أنه يغش الناس كأن تكون السلعة في الأسواق بأربعين، ويبيع عليهم بخمسين أو ستين ولا يخبرهم بالأسعار فلا يجوز له؛ لأن هذا ظلم لإخوانه، فإذا كانت السلعة في الأسواق تباع بهذا ومعروفة عند الأسواق يبيعونها بأربعين، فإنه يخبرهم ويقول: السلعة بأربعين تباع في الأسواق لكن أنا لا أبيعها بهذا المبلغ، إذا أردت تشتريها مني بالزيادة فلا بأس، وإلا يمكن تجدها في الأسواق الأخرى، وهكذا لو كان مثلاً طعام الصاع بكذا، أو الكيلو بكذا في الأسواق، لا يبيع بأكثر حتى يعلم صاحبه، يقول: يباع في الأسواق بكذا، تشتري مني بزيادة وإلا تروح الأسواق تشتري منها.
والحاصل أنه لا يغش إخوانه في الأسعار، يخبرهم بالحقيقة، إذا كان السعر معروفاً في الأسواق أما إذا كان السعر ما هو محدد، يتغير، يزيد وينقص يبيع بما قسم الله له.
المقدم: جزاكم الله خيراً، بمعنى أنه لابد أن يلتزم السعر السائد في السوق؟
الشيخ: نعم، يخبر به الناس، نعم حتى لا يغشهم.
الجواب: إذا كان المقصود شكر الله جل وعلا على نعمته، فيدعو إخوانه وأحبابه وجيرانه، فلا بأس، أما إن كان عن اعتقاد، يذبح من أجل الجن، أو من أجل خوف الجن، هذا لا يجوز، وهذه عادة معروفة عند الناس إذا نزلوا بيتاً جديداً عمروه أو اشتروه، في الغالب يدعو إخوانه وأقاربه ويدعو جيرانه، يكرمهم شكراً لله على نعمة السكن، فإذا كان بهذه المثابة فلا شيء في ذلك، هذا من شكر الله، أما إن كان عن اعتقاد سيء، يذبحها من أجل الجن، أو خوف شر الجن، فلا يجوز.
الجواب: السنة الترتيب، كما رتب الصحابة المصحف، هذا هو الأفضل، ومن نكس فلا حرج، لو قرأ آل عمران، ثم قرأ من البقرة؛ فلا حرج، لكن الأفضل أن يسير على ما رتب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حين جمعوا القرآن في عهد عثمان ، إذا قرأ البقرة يقرأ بعدها من آل عمران، أو ما بعد ذلك، وإذا قرأ مثلاً سورة: (لم يكن)، يقرأ ما بعدها: الزلزلة، العاديات، وهكذا. هذا هو الأفضل على ترتيب المصحف، لكن لو نكس، وقرأ من آخر القرآن ثم قرأ من مقدم القرآن فلا حرج في ذلك، جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ في الأولى بسورة النحل من صلاة الفجر، وفي الثانية سورة يوسف. وهي قبلها، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران.
الجواب: هذا يتعلق بالمحكمة والدوائر الحكومية المتعلقة بهذا الأمر؛ حتى يوجه إلى ما يجب في حقه، تعرف الجنازة، ويعرف المستحقون للدية، وهو عليه الكفارة إذا كان تساهل في الأمر؛ لأن عليه أن يجتنب الحفر، ويتأمل الطريق، ويتباعد عن الأخطار، فإذا تساهل في هذا فهو ضامن، كما يضمن إذا أسرع سرعةً زائدة، أو تساهل في أمر آخر من جهة الكفرات، ومن جهة ما يتعلق بإيقاف السيارة الفرملة، وما أشبه ذلك.
المقصود إذا كان منه تفريط؛ يلزمه الكفارة، والدية على العصبة، على العاقلة، لكن هذا يتعلق بالمحكمة، تنظر فيه المحكمة بواسطة رجال المرور، وما يثبتون عليه إذا كان عنده إنكار لشيء، ويعرفون حال الميت، ويسألون عنه بالطرق التي تمكنهم معرفة جنسيته، وأهله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، يقول: أعتقد أن سبب سقوطه أنه كان على درجة عالية من السكر، كما ثبت ذلك طبياً، فهل الحكم واحد حينئذ؟
الشيخ: هذا تفريط عظيم، إذا كان سكران يضمن؛ لأنه ما يجوز له أن يمشي في السيارة، ويسير بالسيارة وهو سكران.
المقدم: ليس هو السائق السكران، الراكب هو السكران؟
الشيخ: هذا مشكل، هذا محل نظر يحتاج إلى نظر المحكمة؛ لأنه قد يكون تساهل السائق في عدم ربط الباب، وقد يكون هذا السكران هو الذي فتح الباب، فهذا محل نظر يحتاج إلى عناية المحكمة، والتثبت في الأمر.
الجواب: إذا كان هذا بعد الطهر فلا يجب عليها شيء، بل هذا مثل البول عليها أن تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة، لقول أم عطية رضي الله عنها، -وهي صحابية جليلة-: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً).
فإذا كان بعد الطهر ورأت سائلاً فيه صفرة أو كدرة، فلا عبرة به، بل هو كالبول، تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة.
الجواب: لا يجوز، هذا من الحلف بغير الله، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت) فليس لأحد أن يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بالأمانة، ولا بالملائكة، ولا بأبيه، ولا بحياة أبيه، ولا شرف أبيه، ولا بالملوك، الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من العود إلى مثل هذه الأيمان، فلا يقول: والنبي أن تعطيني كذا، ولا والنبي أن تفعل كذا، ولا والأمانة، ولا بالأمانة، ولا بالنبي، كل هذه الأمور لا تجوز، الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى، يقول صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) ويقول صلى الله عليه وسلم: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من حلف بالأمانة فليس منا).
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله كائناً من كان.
الجواب: ليس بصحيح، اللبان إذا كان يعلجه ويبلع ريقه، هذا شبه الطعام؛ لأن له طعماً وذوقاً، مثل الذي يمضغ الحلوى يفطر، أما لو جعلها في فمه ثم لفظها ولا بلع شيئاً ما يضره، لكن ما دام يعلج ويبلع، هو مثل من يعلج الحلوى، أو التمر ويبلع.
الجواب: لا، ما يجعل في الشعر من الزيت أو الدهن أو غير ذلك، أو الحناء ليس بمفطر. المفطر هو الشيء الذي يأكله الإنسان بفمه، أو من طريق أنفه، أو من طريق التغذية بالإبر -بالحقن- هذا المفطر، وهكذا ما جاء في الشرع أنه مفطر كالحجامة، والجماع، وخروج المني بالشهوة.
الجواب: هذا لا أصل له، هذا يقوله بعض العامة، بعضهم يقول: إذا ولدت إحدى زوجتيه ولداً؛ خرجت من العدة، وخرجت ضرتها أيضاً من العدة معها، إذا كانت ولدت ذكراً، هذا كله خرافات لا أصل لها، كل هذا من خرافات العامة. بل الولد والأنثى واحد في هذا إذا ولدت وهي حامل خرجت من العدة، سواء مطلقة، أو متوفى عنها، وسواء كان المولود ذكراً أو أنثى، والمرأة الثانية التي لم تلد هي على عدتها حتى تكمل، عدة الطلاق أو عدة الوفاة، ولا تعلق لها بجارتها، وليس له رجعة إذا كان الطلاق بائناً، أو كانت خرجت من العدة بوضع الحمل، ليس له رجعة بعده، سواء كان الحمل ذكراً أو أنثى، متى وضعت الحمل خرجت من العدة ولو كان الحمل ذكراً، يعني: إذا كان لم يراجعها قبل وضع الحمل، وكان الطلاق واحدة أو ثنتين، ليس بثلاث.
الجواب: هذا سؤال عظيم، وهو جدير بالعناية، لأنه واقع في كثير من البلدان الإسلامية، وهو سؤال الأموات، والاستغاثة بالأموات، وطلبهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء، وهذا من الشرك الأكبر، وهذا دين الجاهلية، دين أبي جهل وأشباهه من عباد القبور، وعباد الأصنام، يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] كما حكى الله سبحانه وتعالى عنهم، قال الله جل وعلا: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18]، وقال سبحانه في سورة الزمر: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
فالحاصل أن هذا العمل من الشرك الأكبر، وصاحبه إذا مات عليه يكون من أهل النار مخلداً فيها نسأل الله العافية، إلا إذا كان لم تبلغه الدعوة، كان من أهل الفترات الذين ما بلغتهم الدعوة، في محلات ما بلغتهم الدعوة، ما بلغهم القرآن، ولا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حكمه إلى الله جل وعلا يوم القيامة يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب جواباً صحيحاً دخل الجنة، ومن أجاب جواباً غير صحيح دخل النار.
فالمقصود أنه يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب ما طلب منه دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، أما من كان في الدنيا قد بلغه القرآن، وبلغته السنة، ويعيش بين المسلمين، فهذا لا يعذر بدعواه الجهل، هو قد أسرف على نفسه وتساهل ولم يسأل أهل العلم، ولم يتبصر في دينه، فهو مؤاخذ بأعماله السيئة الشركية، نسأل الله السلامة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً عملية العذر بالجهل هذه.
الشيخ: لا، العقائد التي هي أصل الإسلام، ما فيها عذر بالجهل، الله جل وعلا قال عن الكفار: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30] ما عذرهم بحسبانهم أنهم مهتدون، ما عذرهم بجهلهم، وقال في النصارى : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف:103-104].
فالحاصل أنهم بهذا كفروا، قال بعد هذا سبحانه: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا [الكهف:105-106] ما عذرهم بالجهل، لتساهلهم وعدم عنايتهم بطلب الحق، قال سبحانه: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار)رواه مسلم في صحيحه، ولم يقل: وفهم عني، أو تبصر، أو علم، بل علق بالسماع: (والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أهل النار) نسأل الله العافية.
الجواب: كل من عنده علم يدعو إليه، إذا كان عنده علم وبصيرة في شيء يدعو إليه، ولو كان ليس من العلماء، لكن في حدود علمه، مثل ما يحذر من الزنا، الزنا معروف، يحذر من اللواط، يحذر من الخمر، يدعو من يشرب الخمر إلى التوبة إلى الله، هذا ما يحتاج علماء، هذا معروف عند العامة والخاصة، يحذر من الغيبة والنميمة، يحث الناس على الصلاة في الجماعة في المساجد، يحث الناس على بر الوالدين، وصلة الرحم، وعدم العقوق، هذه أمور معلومة للخاص والعام، لكن المسائل التي تخفى عليه، وليس عنده فيها علم لا يتكلم فيها، ما يجوز له أن يتكلم في شيء لا يعلمه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! هل في الإمكان أن تتفضلوا بتوضيح من هو العالم؟
الشيخ: العالم هو الذي عنده معرفة جيدة بكلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة المعنى من كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه درس على أهل العلم، وتبصر وتفقه في الدين، وعرف بذلك، واشتهر بين المسلمين بعلمه وفضله، لا بمجرد الدعوى، بل اشتهر بين المسلمين وبين أهل العلم بعلمه وفضله، فهذا يقال له: عالم، ويقال للجماعة: علماء، إذا عرفوا بعلمهم العظيم، بالقرآن العظيم، والسنة المطهرة، وعرفهم الناس بذلك من أهل العلم، ودلوا عليهم، وأرشدوا إليهم، وبهذا يكون العامة على بصيرة في هذه الأشياء، إذا سمعوا ذلك من أهل العلم الذين يعرفونهم؛ أن فلاناً من أهل العلم، وأنه يحسن أن يؤخذ بفتواه، وأن يستفاد منه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر