إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (323)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: سماحة الشيخ! مع بداية هذه الحلقة أمامي رسالتان، الأولى: من الأخت المستمعة (ج. أ. ف) من العراق، والثانية: من الأخت نادية آل محمد السعيد من الجزائر، الرسالتان اتحدتا في السؤال عن خطبة زوج لا يصلي ولاسيما إذا تدخل الوالدان في ذلك وأرغما البنت على القبول بهذا الخاطب رغم أنه لا يصلي، كيف يكون تصرف المخطوبة جزاكم الله خيراً، وهل تلجأ إلى الجهات الرسمية كي تسلم من هذه الخطبة؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يولي على العراق حاكماً صالحاً يحكم فيهم بشرع الله، وأن يصلح حكام الجزائر ويوفقهم لما فيه رضاه وأن يعينهم على تحكيم شريعته، وأن يصلح أحوال الجميع، نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الشعب العراقي وأحوال الشعب الجزائري، وأن يولي على العراق من يحكم فيهم بشرع الله، وأن يولي على جميع بلاد المسلمين من يحكم فيهم بشرع الله.

    أما جواب السائلتين فلاشك أن من لا يصلي لا يجوز للمسلمة أن تقبل الزواج منه؛ لأن ترك الصلاة كفر، والصواب: أنه كفر أكبر، وقال الأكثرون: إنه كفر أصغر.

    والصواب: أنه كفر أكبر وإن كان لا يجحد الوجوب، أما إذا كان يجحد الوجوب فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء ليس فيه خلاف، ولكن الخلاف فيما إذا كان لا يجحد الوجوب ولكنه يتكاسل عن الصلاة، يتركها كلها أو بعضها، فالصواب في هذا الصنف وأمثاله أنه كافر كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) والأصل في هذا الكفر الأكبر، الكفر المعرف والشرك المعرف بأل، فهو كفر أكبر.

    وروى الإمام أحمد رحمه الله وأهل السنن رحمهم الله بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن الأمراء الذين تعرف منهم بعض المنكرات وعن الخروج عليهم، قال له: (اسمعوا وأطيعوا) ونهى عن الخروج عليهم- قال: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) وفي رواية أخرى قال: (ما أقاموا فيكم الصلاة) فدل على أن عدم إقامة الصلاة كفر بواح.

    فالحاصل: أن ترك الصلاة مطلقاً أو بعضها كالظهر أو الفجر أو نحو ذلك كفر أكبر، فلا يجوز للولي سواء كان أباً أو غير أب أن يجبر المولية على نكاح من لا يصلي وهي تصلي وهي مسلمة، بل هذا خيانة للأمانة، بل يجب عليه أن يلتمس لها الرجل الصالح الطيب حتى يضع الأمانة في محلها، ولا يجوز للبنت أن تطيعه في ذلك ولو كان أباها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ولها أن ترفع الأمر إلى ولي الأمر إلى الحاكم الشرعي حتى يخلصها من هذا البلاء.

    والواجب على الأولياء أن يتقوا الله، وأن لا يزوجوا مولياتهم إلا على الأكفاء، وأهم شيء الكفء في الدين إذا كانت المولية مسلمة، والله جل وعلا يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] فالكافر ليس ولياً للمؤمنة، ولا يجوز لوليها أن يزوجها بتارك للصلاة أو معروف بالفسق إذا لم ترض بذلك، وهذا فيما يتعلق بغير الكفر، أما بالكفر فلا يجوز لها الرضا، ولو رضيت فلا يجوز لها أن تتزوج بالكافر وهي مسلمة.

    لكن لو كان عنده بعض الفسق كشرب الخمر وهو يصلي، أو يتعاطى بعض المعاملات الربوية، أو يتهم بشيء من الأعمال المنكرة، أو الأعمال التي هي تعتبر معصية، فهذا يجوز للمسلمة أن تتزوجه، لكن تركه أولى والتماس الطيب أولى بالمؤمنة، أما الكافر فليس لها أن تتزوجه، كالذي يسب الدين، أو يستهزئ بالدين، أو يترك الصلاة أو ما أشبه ذلك مما يوجب كفره، كالذي يستحل الخمر أو يستحل الزنا، هذا كفر أكبر نسأل الله العافية، أو يستحل الربا.

    فالحاصل أن الواجب على الأولياء أن لا يزوجوا مولياتهم المسلمات إلا بمسلمين، وليس له أن يزوج موليته المسلمة بمن يترك الصلاة أو يتعاطى ما يوجب كفره نسأل الله السلامة والعافية.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً كلمة للوالدين لعله من المناسب أن تتفضلوا بها الآن؟

    الشيخ: تكلمنا سابقاً ليس للوالدين ولا غير الوالدين أن يزوجوا المولية بمن يخالفها في الدين، إذا كانت مسلمة ليس له أن يزوجها كافراً، لا نصرانياً ولا يهودياً ولا وثنياً ولا تاركاً للصلاة ولا غيرهم ممن يحكم عليه بكفر، كالساب للدين، والمستهزئ بالرسول أو بالدين ونحو ذلك ممن يحكم بكفره، حتى العاصي ينبغي أن لا يزوجها العاصي وإن كان مسلماً، ينبغي أن يلتمس لها الطيب الكفء، لكن لو تزوجت بمسلم عاص برضاها صح، لكن كونه يلتمس لها الطيب البعيد عن المعاصي فهذا من أداء الأمانة، وإذا كرهت الزواج بالعاصي فلا يجبرها عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530550

    عدد مرات الحفظ

    777157623