إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (334)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم!

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع البشير حسن عثمان من السودان، أخونا البشير يقول: يوجد بقريتنا مسجد واحد، وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال ويطاف حولها ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة، وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون هناك قبور عن شماله أو خلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستغاثة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها، كل هذا من المحرمات العظيمة، بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه، وهكذا القبور يتقرب إليهم بالطواف هذا من الشرك الأكبر، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله ولا يتقرب بها للقبر فهو بدعة ومنكر ومن وسائل الشرك؛ لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة، فالطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركاً أكبر، وإن كان قصد التقرب إلى الله يظن أنه قربة فهذا كله بدعة ومنكر وباطل؛ لأن الطواف من خصائص البيت العتيق وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29].

    المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور، وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق، كما قال الله سبحانه: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم، ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها قبور تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم، وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز، بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما أخبرت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور واتخذوا عليها الصور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين أنهم شرار الخلق، وصح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) رواه مسلم في الصحيح، فلا يجوز أن يبنى على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص، ولا أن تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية للسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك، وأما دعاؤها والاستغاثة بأهلها وطلبه المدد، فهذا من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان يا سيدي فلان المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر نعوذ بالله، كما يفعل ذلك عند بعض القبور كقبر البدوي والحسين في مصر والشيخ عبد القادر في العراق، وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة.

    فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم، حيث قال الله عنهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23] ذمهم على هذه الحال، فالواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم ويتبصر، يسأل أهل العلم ولا يحتج بالعادات الجاهلية ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088533587

    عدد مرات الحفظ

    777176358