مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات من رأس تنورة، تقول: أرجو عرض سؤالي الآتي على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله، تقول في رسالتها: لقد تزوجت برجل من مدة ستة وعشرين سنة وأنجبت منه ابنين وأربع بنات، وقد مكثنا عشر سنوات على خير ما يرام، وبعدها بدأت ألاحظ على زوجي تغيراً في عينه، مما جعلني أخاف من ذلك وأكره هذا المنظر ولا أطيقه، وإذا دخل علي في البيت أرى كأن في عينيه ناراً، مما يجعلني لا أطيق الاجتماع به ولا السير معه ولا أجلس معه من أجل الخوف الذي يساورني إذا رأيته؛ لأنه في حالة غير طبيعية مما أشاهده في عيونه، وقد أخذني أخي إلى جدة ليعالجني هناك، خشية أن يكون بي مرض وأنا ليس بي مرض، وقد ذهبت إلى أهلي أربع مرات من أجل ذلك ويردونني عليه، وبعد ذلك أخذت إحدى البنات وذهبت إلى الرياض واستأجرت بيتاً وسكنت فيه، ثم جاء أهلي وأخذوني وردوني إلى بيت زوجي في المنطقة الشرقية، وقد اتهمت أيضاً بفقدان الذاكرة وأنا ليس بي شيء بحمد الله، وقال أخي: إن عندي انفصاماً في الشخصية وإني مجنونة، فأرجو من مكارم أخلاقكم أن تتفضلوا بتوجيهي كيف أتصرف حتى أعود إلى حياتي الزوجية كما كنت؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالذي أراه في مثل هذا عرض الحالة على من تظنين أن عنده خبرة بهذا المرض النفسي الذي حدث لك لعله يجد علاجاً لهذا، هذا مرض نفسي يعرض على أطباء علاج الأمراض النفسية لعله يجد لك علاجاً.
ومما يعالج به مثل هذا العناية بالقرآن الكريم تنفثي في يديك عند النوم وتقرأين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم وتمسحين بذلك على ما أقبل من جسدك على الرأس والوجه وما أقبل من الجسد ثلاث مرات عند النوم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل هذا إذا اشتكى شيئاً، مع التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحاً ومساء ثلاث مرات، وكذلك بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباحاً ومساء، وقراءة آية الكرسي عند النوم، كل ذلك من أسباب العافية والسلامة، وهكذا قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، مع تكرار السور الثلاث بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، كل هذا من العلاج لهذا المرض إن شاء الله؛ لأنه قد يكون هناك شيء إما عين وإما غير ذلك من أعمال سيئة من بعض خصومك أنت وزوجك.
فالمقصود: أن هذا قد يكون هناك عمل غير صورة زوجك في نظرك وفي مقابلتك له من عمل بعض المفسدين أو عين، ويسمونها النظرة، فإذا فعلت ما ذكر من القراءة والتعوذات فلا بأس ونرجو لك الشفاء، وإن عرضت نفسك على بعض أطباء النفس من رجال أو نساء وأخبرتيهم بالواقع فربما يكون عندهم شيء من العلاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
أما ما يتعلق بالنزاع والخصومة فهذا لدى المحكمة إذا كان هناك نزاع غير هذا المرض فهذا عند المحكمة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، يبدو أن النزاع أو الخلاف بسبب هذه الحالة؟
الشيخ: هذا الظاهر وما حصل لها من التغير في نظرها بالنسبة إلى زوجها، قد يكون هذا شيئاً واقعاً، وقد يكون شيء في عينها فقط، والله سبحانه وتعالى أعلم.
المقدم: سماحة الشيخ! نفترض أن الزوج يستمع إلينا الآن هل من كلمة للزوج والمرأة في هذه الحالة الحديثة عليه؟
الشيخ: نوصي الزوج بالعناية بها بالأساليب الحسنة والكلام الطيب والخطاب المناسب، والدعاء، كل منهم يدعو الله أن يزيل ما حصل، هي تدعو ربها أن الله يشفيها مما أصابها والزوج كذلك يدعو الله أن يشفيه مما وقع ويشفيها مما وقع، يسأل ربه أن يشفيه مما وقع إن كان هناك شيء.. ، ويسأل ربه لها أيضاً أن يشفيها ويعافيها مما أصابها.
الدعاء سلاح المؤمن، والله سبحانه يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] فنوصي كل منهما بسؤال الله العافية والشفاء مما حصل، وأن الله يعيد الحالة إلى حالتها الحسنة الأولى، هو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى.
المقدم: سماحة الشيخ! المريض قد لا يحسن معالجة نفسه، هل تنصحونها بأن يقرأ عليها بعض الناس أو يصف لها بعض الوصفات المناسبة؟
الشيخ: لا، هي تقرأ إذا كانت تقرأ أو يقرأ لها زوجها أو يقرأ لها أخوها أو أبوها أو امرأة صالحة تقرأ وتنفث عليها طيب.
الجواب: عليه التوبة إلى الله، البدار بالتوبة والندم، بأن يندم على ما حصل منه ويجزم على أن لا يعود، يعزم عزماً صادقاً أنه لا يعود ويكثر من الاستغفار والعمل الصالح؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه الكريم: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:69-70] سبحانه وتعالى، ويقول جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فكل ذنب من كفر أو غيره علاجه التوبة، وإذا كان في حد شرعي كالزنا ونحوه فبعلاجه الحدود الشرعية، ولكن العبد يستتر بستر الله ولا يبدي عورته، بل إذا وقع منه شيء عليه المبادرة بالتوبة فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى، واللجأ إليه وسؤاله أن يمن عليه بالتوبة ويندم على ما مضى ويعزم أن لا يعود ويجتهد في بعده عن أسباب الشر وعن مجالسة أهل الشر، والله يتوب على التائب سبحانه وتعالى.
الجواب: لا يجوز استعمال الطبل ولا غيره من آلات الملاهي، كالعود والكمان والموسيقى وأشباه ذلك، إنما يباح الدف فقط، إن وجد وإلا فلا لزوم، شيء آخر، يكفي التحدث والكلام والأغاني الجائزة بين النساء فيما بينهن لا بأس، وأما الطبل فلا يصلح.
الجواب: لا حرج في الرقص بين النساء خاصة إذا كان ما في أخلاط من الرجال، ولا نعلم فيه بأساً، وكذلك الأغاني العادية في مدح الزوج أو الزوجة أو أهل الزوج أو الزوجة، الأغاني التي ليس فيها فحش وليس فيها دعوى إلى منكر ولا تحبيب لمنكر، كل هذا لا بأس به.
الجواب: إذا سمحت صاحبة المال بالتقسيط فلا بأس وإلا فلا؛ لأنها لم تأذن لها بالتقسيط، إنما أمرتها بالبيع بكذا وكذا وما زاد فهو لها، فإذا سمحت بالبيع بالتقسيط فلا حرج في ذلك؛ لأن الحق حقها.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذا دفعت الثمن مقدماً وهي استلمت القيمة بالتقسيط.
الشيخ: إذا باعته بثمن مؤجل ومعجل، بأن قالت لها: بيعيه بعشرة آلاف وباعته بعشرة آلاف معجلة وثلاثة آلاف أو أربعة مؤجلة فالزيادة للبائعة الوكيلة؛ لأنها لم تضر الموكلة، المال الذي طلبته الموكلة أعطته إياه حصل لها، وهو عشرة مثلاً.
فالمقصود أنه إذا حصل مطلوب الموكلة الآذنة فالزائد للدلالة.
الجواب: عليه كفارة يمين ولو كررت اليمين مرات كثيرة، ما دام المحلوف عليه شيئاً واحداً فالواجب كفارة واحدة، مثل أن تقول: والله لا أكلم فلاناً، والله لا أكلم فلاناً، والله لا أكلم فلاناً، ثم كلمته عليك كفارة واحدة، أو والله لا أزور فلاناً، والله لا أزور فلاناً، والله لا أزور فلاناً، ثم زرته عليك كفارة واحدة، أما إذا كان على أفعال فكل فعل له كفارة، كأن تقول: والله لا أزور فلاناً، والله لا أكلم فلاناً، والله لا أفعل كذا شيئاً آخر كل واحد له كفارة.
الجواب: الطواف عبادة لله عز وجل من أفضل العبادات، ولكنه يختص بالكعبة، لا يطاف بغير الكعبة، فمن طاف بالقبور يريد التقرب إلى أهلها فقد أشرك، مثل من يدعوها ويستغيث بها وينذر لأهلها، أما إذا طاف بالقبر يقصد التقرب إلى الله، يحسب أنه جائز فهذا بدعة ومنكر، وعليه التوبة إلى الله عز وجل؛ لأنه ما قصد صاحب القبر وإنما قصد التقرب إلى الله يظن أنه يجوز، فهذا بدعة ومنكر وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يكون بهذا مشركاً إلا إذا قصد التقرب بالطواف للميت ليشفع له، هذا يكون مثل قوله: يا سيدي أغثني أو اشف مريضي أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر، أو ينذر له أو يذبح له.
الجواب: عليك أن تعلمها ولو برفع الصوت لأنها لا تسمع، هذا الرفع لا يضر لأنك إنما رفعت لتسمعها لا لإهانتها ولا لإدخال السوء عليها، والنهي الذي جاء في القرآن: وَلا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23] هذا إذا كان على سبيل الإيذاء والإهانة، أما إذا كان على سبيل التفهيم لأنها ضعيفة السمع فلا حرج في ذلك.
المقصود أنك تفهمها وتعلمها أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة بالنبي شرك أكبر، وأنه لا يجوز لها أن تستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا أن تدعوه مع الله، ولا تقل: المدد المدد، أو انصرني أو اشف مريضي، أو عافني يا رسول الله! أو رد علي كذا وكذا، هذا من خصائص الله لا يجوز طلبه من الموتى، لا من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من غيره، فالنبي صلى الله عليه وسلم يصلى عليه ويدعى له، أما أنه يطلب منه الدعاء ويطلب منه شفاء المرضى أو يطلب منه النصر على الأعداء أو ما أشبه ذلك فهذا شرك أكبر، لا يجوز معه ولا مع غيره من الناس.
وهكذا طلب المدد أو شفاء المرض أو الرزق أو طول الأجل أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يطلب إلا من الله سبحانه لا يطلب من غيره، لا من الأنبياء ولا من غيرهم، والله المستعـان.
الجواب: لا يجوز للمسلم أن يصلي في البيت وهو قادر على المسجد ويسمع النداء، بل عليه أن يجيب ويصلي مع المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قيل لـ
المقصود: أن الواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد وعدم الصلاة في البيوت.
واختلف العلماء هل إذا صلى في البيت تصح أو لا تصح، فالأكثرون: على أنها تصح مع الإثم، وقال آخرون: لا تصح؛ لأن من شرطها أن تؤدى في الجماعة مع القدرة.
فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على أدائها في الجماعة في بيوت الله عز وجل، وأن تحذر التساهل بذلك، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وما ذاك إلا لشدة الجريمة، فاحمد الله يا أخي على ما أ عطاك من العافية وبادر وسارع إلى أداء الصلاة في الجماعة ما دام المسجد قريباً تسمع النداء، لو كان النداء بالصوت العالي لا بالمكبر فإنه يلزمك الحضور، أما بالمكبر فإن المكبر يسمع من بعيد، فإذا كان بعيداً عنك يشق عليك الحضور وربما فاتت الصلاة إذا خرجت بعد الأذان لبعده فلا يلزمك، بل تصلي أنت وجيرانك في محل آخر حتى يبنى لكم مسجد، أما ما دمت تسمع النداء فالواجب عليك أن تذهب إليه، وإذا كان السماع بالمكبر واستطعت أن تذهب فهذا خير عظيم، وإن شق عليك ذلك جاز لك أن تصلي وحدك حتى يتيسر لك جماعة أو مسجد قريب؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من سمع النداء) وأنت لا تسمع النداء لولا المكبر، أما إذا كان تسمعه لو كان هناك نداء بدون مكبر تسمعه لقربك فإنه يلزمك الصلاة مع إخوانك.
الجواب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالصلاة التي ذكرتها، الصلاة عليه أن تقول ما أوصى به أمته: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) هذه الصلاة مع النبي عليه عليه الصلاة والسلام، لما سأله الصحابة وقالوا: (يا رسول الله! أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، هكذا أمرهم عليه الصلاة والسلام.
وهي ذات أنواع هذا أكملها، ومن أنواعها: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، هذا نوع، ومن أنواعها: (اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وإذا أتى المسلم بواحد من هذه الأنواع أو ما جاء في معناها كفى ذلك، ولكن أفضلها أن يجمع بين الصلاة على محمد وآله والتبريك على محمد وآله، فيقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) وهذا أكملها.
الجواب: المشروع لك تصليهما جميعاً القبلية والبعدية بعد الصلاة، إذا جئت في الظهر وقد أقيمت الصلاة فإنك تصلي مع المسلمين، ثم إذا فرغت من الصلاة والأذكار تصلي السنة القبلية أربع ركعات والبعدية ركعتين، هذا هو المشروع، وقد روى الترمذي بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، في بعض الأحيان لم يصل القبلية إلا بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام.
الجواب: السنة للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) حتى ولو كان الخطيب يخطب يوم الجمعة، حتى ولو كان في وقت النهي على الصحيح كالعصر أو بعد الفجر، فالسنة له إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ولا حاجة إلى أن يقول: أصلي ركعتين ويتلفظ بالنية تكفي نية القلب، والتلفظ بالنية بدعة في أصح قولي العلماء، فلا تتلفظ بالنية عند الوضوء ولا عند الصلاة، ولكن يصلي ركعتي التحية وهو ناوٍ بقلبه..، وهكذا ينوي الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويكفي، ولا حاجة إلى أن يتلفظ.
الجواب: أما في العشر الأخيرة فلا بأس كان النبي عليه الصلاة والسلام يحييها في رمضان بالعبادة، ويوقظ أهله عليه الصلاة والسلام، فأما في العشرين الأول فالأفضل لك أن لا تحييها بل تنام فيها بعض الوقت حتى تستعين بنومتك على قومتك، وعلى أعمالك النهارية، فتصلي ما يسر الله مع المسلمين في المساجد وتنام.
أما العشر الأخيرة فإنه يستحب إحياؤها بالعبادة.. بالقراءة والصلاة.
ثم المؤمن لا يتلفظ بالنية يقول: أصلي كذا وكذا، ينوي بقلبه ويكفي، سواء التراويح أو صلاة الفريضة أو الراتبة أو غير ذلك، لا حاجة للتلفظ، فلا يقل: نويت أن أصلي الظهر أو نويت أن أصلي ركعتي التحية، أو نويت أن أصلي صلاة الضحى، أو نويت أن أصلي صلاة العشاء، كل هذا لا أصل له.
كما أنه لا يقول أيضاً: نويت أن أتوضأ أو أن أطوف أو أسعى، كل هذا لا أصل له، القلب هو محل النية، ينوي بقلبه والحمد لله.
الجواب: أما صيام عاشوراء فالسنة أن يصوم الإنسان اليوم العاشر من المحرم، وأن يصوم معه يوماً قبله أو يوماً بعده، والأفضل أن يصوم التاسع مع العاشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) يعني: مع العاشر، والمروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خالفوا اليهود وصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده).
فالسنة للمؤمن أن يصوم التاسع والعاشر جميعاً أو يصوم العاشر ومعه الحادي عشر، أو يصوم الثلاثة جميعاً التاسع والعاشر والحادي عشر، كل هذا فيه مخالفة لليهود، والمؤمن يخالفهم يعني: مأمور بمخالفة أعداء الله من أهل الكتاب ومن غيرهم من الكفرة.
أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها، ولم يصم النبي صلى الله عليه وسلم أيام الهجرة لا اليوم الأول ولا غيره، وهكذا يوم بدر، وأيام الأحزاب كلها لا تصام، وهكذا يوم الفتح كلها لم يشرع الله سبحانه وتعالى صيامها، وإنما شرع لنا صيام يوم عاشوراء، صيام الإثنين والخميس، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا صامها في أيام البيض كان أفضل، صيام ست من شوال بعد رمضان، كل هذه أمور مستحبة، أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها بل يكون بدعة إذا قصد ذلك.
الجواب: إذا كنت تستطيع الصيام تصوم وتقضي والحمد لله، وإن كنت لا تستطيع الآن فيؤجل حتى تستطيع، وإذا استطعت تصوم والحمد لله وليس عليك شيء فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] والله سبحانه يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] والحرق الذي أصابك نوع من المرض.
أما إن قرر الأطباء أنك لا تستطيع الصوم وأن هذا المرض مستمر وأن هذا المرض صار ملازماً ما في حيلة فيما يظهر لهم، فإنك تطعم عن كل يوم مسكيناً، من الأيام التي أفطرتها، نصف صاع من التمر أو نحوه كالرز والحنطة ويكفي إذا كنت عاجزاً عن الصيام، حسب تقرير الأطباء أن هذا المرض الذي حصل بسبب الحريق ملازم ولا يرجى برؤه ويشق عليك الصوم معه تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد.
أما إذا قدرت فإنك تصوم، وإذا أخرت الصيام مع القدرة حتى جاء رمضان الآخر يكون عليك إطعام مع الصيام زيادة، تصوم وتطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأنه لا يجوز تأخير الصيام إلى رمضان الآخر وأنت قادر.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر