مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة الأخت المستمعة نجمة عبد الله محمد من العراق محافظة نينوى حي العامل، الأخت نجمة عرضنا بعض أسئلتها في حلقات مضت، وفي هذه الحلقة تسأل وتقول: هل صورة المتوفى عند وضعها في إطار وتعليقها على الحائط تضر المتوفى، وهل يلحقه إثم، وهل هذا حرام ممن يفعله أم لا؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فتعليق الصور لا يجوز، لا في المكاتب ولا في المجالس ولا في غير ذلك، أعني: صور ذوات الأرواح، كصورة الرجل أو الأسد أو الذئب أو القط أو غير ذلك، كلها لا تجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعلي : (لا تدع صورة إلا طمستها)، وقال عليه الصلاة والسلام لما رأى ستراً عند عائشة فيه تصاوير هتكه، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فلا يحوز للمسلم أن يعلق صورة، ولا لمسلمة أن تعلق صورة في بيت زوجها أو بيتها، أو في مكتب أو مجلس أو نحو ذلك.
وأما الميت فلا يضره ذلك إذا كان لم يأمر بهذا ولم يرض بهذا، إنما يضر من علقه، الإثم على من علقه، أما الميت الذي لم يرض بهذا ولم يأمر به فليس عليه من ذلك شيء؛ لأن الله سبحانه يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] ولكن المعلق هو الذي يأثم بذلك.
الجواب: الواجب عليك أيها الأخت في الله الواجب عليك الصبر، وأن تنصحيه وترشديه بالكلام الطيب وترغبيه في التعلم والتفقه في الدين، كما أشرت إلى ذلك، أما عصيانه أو كراهته لكونه لم يجتهد فيما ذكرت من التعلم والتفقه وأن يكون من المسارعين ومن المبادرين إلى الصلاة ونحو ذلك، هذا لا يوجب بغضه أو طلب الطلاق، فلا يجوز لك طلب الطلاق، ما دام الرجل يصلي وليس هناك ما يوجب كفره من نواقض الإسلام، ولكنه ليس عنده المعلومات التي عندك وليس عنده التحمس إلى المسارعة والمسابقة إلى الصلاة، ولكنه يصلي والحمد لله.
فالواجب عليك السمع والطاعة في المعروف، وعدم طلب الطلاق، والتعاون معه على الخير، من جهة حثه على المطالعة والمذاكرة وحضور حلقات العلم، وسماع هذا البرنامج نور على الدرب حتى يستفيد وحضور حلقات العلم إذا وجدت عندكم من علماء السنة وأهل الخير حتى يستفيد، أما طلب الطلاق فلا وجه له، وليس من اللازم أن يكون زوجك مثلك في العلم، قد يكون الزوج دون المرأة، وقد تكون فوقها في العلم، وإذا من الله عليك بالعلم فأحسني إليه ووجهيه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ورغبيه في الخير وساعديه بكل ما تستطيعين وشجعي أقاربه كأبيه أو أخيه حتى يرغبوه وحتى يساعدوه في التفقه في الدين والتعلم، ولا أنصحك أبداً أن تطلبي الطلاق، بل لا يجوز لك ذلك، طلب الطلاق ليس هنا ما يوجب طلبه، ولا يسبب طلبه، وفي الحديث: (أيما امرأة طلبت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة).
فالواجب عليك الصبر والاحتساب والتعاون معه على الخير وإرشاده إلى الخير واحتساب الأجر في كل ما تبذلين في طريق تثقيفه وتفقيهه حتى يكون إن شاء الله كما طلبت وكما رغبت في العلم والفضل، وفق الله الجميع.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، النقص في الإنسان شيء وارد سماحة الشيخ، وقد يسيء الإنسان من حيث يعتقد أنه يحسن، أختنا طلبت ما طلبت من زوجها وربما طلبت منه فوق طاقته، أن يحفظ القرآن، أن يقوم الليل، أن يجاهد في سبيل الله، ربما أنه لا يستطيع هذا، أطمع بكلمة زائدة في هذا الموضوع؟
الشيخ: على كل حال مثل هذه المطالب هو مخير فيها، حفظ القرآن ليس بواجب، والتهجد بالليل ليس بواجب، ولكن يسن له أن يحفظ ما تيسر من القرآن إذا أمكنه ذلك، يسن له التهجد بالليل والوتر ولو في أول الليل، كل هذا أمر مشروع، والجهاد في سبيل الله فيه تفصيل، إذا استطاع الجهاد وتمكن من الجهاد فالجهاد من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، وقد يكون فرض كفاية، وقد يكون فرض عين، وقد يكون سنة، ففيه تفصيل.
فالمشروع لها أن تشجعه على الخير وأن تحثه على الخير، ولكن لا تطلب الطلاق من أجل هذا.
الجواب: لا حرج في ذلك، لأن هذا عيب، إذا أصلح فلا بأس، ليس من التفليج الذي نهي عنه، فإذا كان به عيب زائد أو بارز فلا بأس من إصلاحه.
الجواب: إذا كانت لا تصلي بعض الأحيان فلا تحجي عنها؛ لأن من ترك الصلاة كفر، وليس أهلاً لأن يحج عنه ولا يدعى له، أما إذا كانت تصلي ولكن ليست نشيطة وإلا هي تصلي كل وقت فإذا حججت عنها فأنت مشكورة ومأجورة، ويكون تطوعاً منك، وإذا حجت عنها أمها أو غيرها من أقاربها فلا بأس، لكن لابد أن يكون الذي يحج عنها قد حج عن نفسه، فإذا حج عن نفسه وحج عن غيره فلا بأس من الأموات أو العاجزين كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي لا تستطيع الحج لا بأس أن يحج عنها غيرها من أقاربها ممن حج عن نفسه، فإذا كنت حججت عن نفسك وأردت التبرع لها بالحج فجزاك الله خيراً إذا كانت تصلي، أما إذا كانت تارة وتارة، تارة تصلي وتارة لا تصلي فلا تحجي عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام من تركها أو تركها بعض الأحيان كفر نسأل الله العافية.
الجواب: هذا ليس بصورة، الصورة أن تصور على الهيئة التي خلق عليها الإنسان، أما هذه الخياطات وهذه التي تفعلينها فليست بصورة، هذه لعب، لعب الأطفال التي يفعلها الناس بالقطن أو الصوف، أو تجعل عظام أو أعواد تلبسها ملابس كأنها صورة وليست صورة، كونها تخيط شيئاً يشبه الفم أو شيئاً يشبه العين أو تجعل خلق فيها كل هذا ليس بصورة في الحقيقة وإنما هي لعبة تلهي الطفل.
الجواب: إذا كنت رجعت من المدينة بغير نية العمرة فلا شيء عليك، أما إذا كنت ناوياً العمرة فالواجب عليك أن تحرم من ميقات المدينة، فإذا لم تحرم من ميقات المدينة وأنت ناوي العمرة فعليك دم، إذا أحرمت من مكة أو من جدة أو نحو ذلك؛ لأنك تركت الميقات، أما إذا رجعت من دون إحرام ولا قصدت عمرة فلا شيء عليك، أو قصدت عمرة ولا أحرمت فعليك أن ترجع إلى الميقات وتحرم من الميقات إذا عزمت على العمرة، وإلا فلا عمرة عليك.
ولكن سفرك إلى المدينة من أجل السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم هذا ليس بمشروع، المشروع أن تقصد المسجد ثم يكون السلام تبعاً لذلك، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، ما قال: لا تشد للسلام إلى كذا، قال: إلا إلى ثلاثة مساجد، فسمى المساجد.
فالمشروع: أن يكون شد الرحال لقصد المساجد، فإذا جئت المسجد النبوي سلمت على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، وشرع لك أيضاً أن تزور البقيع وتسلم على أهل البقيع، كما يشرع لك أيضاً أن تزور مسجد قباء وتصلي فيه ركعتين، هذه كلها مشروعة لمن زار المدينة، لكن يكون القصد الأول في الرحلة الصلاة في المسجد النبوي، وإذا أردت مع ذلك السلام على الرسول عليه الصلاة والسلام فلا بأس يكون تبعاً لزيارة المسجد، أما أن تكون الرحلة أصلها كله للسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة القبر فهذا غير مشروع، ولكن تكون الرحلة لقصد المسجد، ولا بأس أن يكون معها وتضم إليها زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلام عليه تبعاً للمسجد، ولكن الشيء الذي لا يصلح أن تكون الزيارة للقبر فقط والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم.
فينبغي التنبه لهذا؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، فمعناه: أنه لا تشد الرحال لقصد زيارة القبور لا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وإنما تشد لقصد هذه المساجد الثلاثة، وزيارة القبور تكون تبعاً إذا أتى المدينة زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وسلم عليه وسلم على صاحبيه، شرع له أن يزور البقيع، ويزور الشهداء في أحد ويسلم عليهم، تبعاً لهذه الزيارة للمسجد.
الجواب: هذا العمل منكر وحرام لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية) رواه الشيخان البخاري و مسلم في الصحيحين، فهذا من المنكرات، وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه أو تقصه، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، كل هذا منكر، فالواجب على المرأة التي فعلت هذا التوبة إلى الله، والتوبة تجب ما قبلها، عليها التوبة الصادقة بالندم على ما مضى والعزم الصادق أن لا تعود في ذلك.
الله يقول سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] فعليها أن تستغفر الله وتتوب إليه وتندم على ما مضى، وتعزم أن لا تعود في ذلك، والله سبحانه يتوب على التائبين الصادقين.
الجواب: من نام عن الصلاة وجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، وهكذا إذا نسيها يجب عليه أن يصليها إذا ذكرها، لقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ولا يجوز تأخيرها إلى وقتها في اليوم الآخر، بل يجب أن يصليها في الحال إذا استيقظ في الضحى أو في الظهر أو في العصر ليس لها وقت نهي، متى استيقظ أو ذكر وهو ناسي بادر وصلى، هذا هو الواجب، وعلى المسلم والمسلمة أن يتحريا أسباب القيام في الوقت، ومن ذلك أن يبكر كل منهما بالنوم في أول الليل حتى لا يثقل في آخر الليل، ومن ذلك أن يضع الساعة المنبهة ويجعلها على الوقت المناسب عند دخول الوقت وقبل الفجر بقليل حتى يستيقظ ويتمكن من الوضوء والغسل إن كان عليه غسل إن كان صاحب زوجة.
المقصود: أنه يجب على المؤمن والمؤمنة فعل الأسباب، فإذا كان النوم من أجل السهر وجب عليه أن لا يسهر، وإذا كان النوم من أجل أنه ليس عنده ساعة يجعل عنده ساعة حتى يوقتها على الوقت المناسب؛ لأنها تنفع وتفيد.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أسفاره نزل في أثناء الليل وناموا فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس فأمر بالوضوء والصلاة وصلوا في الحال بعدما قادوا رواحلهم عن مكانهم قليلاً وقال: (إنه موضع حضر فيه الشيطان) فاقتادوا رواحلهم عنه قليلاً وصلوا في الحال، ثم السنة أن يصليها الرجل بأذان وإقامة، والمرأة تصليها كذلك بغير أذان ولا إقامة، لكن مع السنة الراتبة، يصلي ركعتين النافلة الراتبة، والمرأة كذلك تصلي الراتبة ثم تصلي الفريضة.
وإذا كان رجل أو جماعة من الرجال أذنوا وأقاموا، ولو أنه في الضحى أذنوا وأقاموا وصلوا كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، تقرأ على هيئتها كما تصلى في الوقت ولا تؤخر إلى وقتها الدائر إلى مثل وقتها من اليوم الآخر، بل يجب البدار بفعلها من حين يستيقظ أو يذكر.
الجواب: إن كانت المادة سوداء تجعل الشيب أسود فلا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)، أما إذا كانت تجعله أحمر أو أصفر فلا حرج، المحرم هو السواد، تغيير الشيب بالسواد.
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا كانت السلع موجودة عند الشركة في حوزتها أو في ملكها واشتراها إلى أجل معلوم ليبيعها ويقضي حاجته فلا بأس، وهكذا لو اشتراها من غير الشركة ممن هي عنده موجودة ثم باعها وقضى حاجته وقضى دينه أو تزوج أو دفع أجرة البيت أو ما أشبه ذلك لا حرج في ذلك، لكن لابد أن تكون السلعة موجودة عند البائع قد حازها، أما أن يبيعها ثم يذهب يشتريها من التجار فلا، لابد أن تكون السلعة موجودة عند البائع وفي حوزته وفي قبضته ثم يبيع على غيره بنقد أو إلى آجال معلومة، لا بأس بهذا ولا حرج، لعموم قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] والنبي صلى الله عليه وسلم استدان وأقر الدين فلا حرج في ذلك، لكن إذا اشتراه قبل أن يشتريه البائع وهو عند الناس عند التجار فلا يجوز هذا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبع ما ليس عندك)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك)، ولما سأله حكيم بن حزام قال: (الرجل يأتيني يا رسول الله يريد السلعة فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك)، فلا يجوز له أن يبيع ما ليس عنده.
فالشركة وغيرها ليس لها أن تبيع الشيء وما هو عندها، وإنما تبيع ما كان حاضراً عندها موجوداً في حوزتها وفي ملكها، وهكذا الرجل الذي يداين الناس ليس له أن يبيع إلا شيئاً عنده قد ملكه وحازه وقبضه من التجار، وانتهت إجراءات شرائه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذا كان هذا الرجل متفقاً مع تجار معينين، بأنه عندما يأتيه رجل يحوله إليهم ليأخذ منهم البضاعة التي عندهم، هل تختلف الصورة؟
الشيخ: ما في شيء إذا حوله عليهم، يسلمونه السلعة التي اشتراها منهم، أما أنه يكون وكيلاً، أما إذا كان قد اشتراها وتم شراؤها ثم حولها عليهم باع السلعة عليه إذا كان قد قبضها وحازها في مكان آخر لا يبيعها وهي عندهم أيضاً، لابد يبيعها وقد حازها ونقلها من أصحابه الذين اشترى منهم، فإذا حوله عليهم وقد باعها عليه لثمن اتفقا عليه وقد حولها عنهم وحازها، أو حوله عليهم لينظرها ويتأملها ثم يكون البيع بعد ذلك فهذا فيه تفصيل: إن كان قد حازها فلا بأس أن يبيعها عليه، ويحولها على من هي عنده، بأن اشتراها من زيد ثم حولها إلى بيت عمرو أو إلى السوق، وقال له: هي في المحل الفلاني وهو يعرفها الشخص أو تنضبط بالأوصاف وباعها عليه ثم حوله على مكانها الذي قد حازها إليه ونقلها إليه فلا بأس، أما أن يبيعها وهي عندهم وما قبضها بعد فلا، لا يبيع وهي عندهم حتى يقبضها.
المقدم: حتى وإن كان هناك اتفاق بين التاجر والشركة؟
الشيخ: ولو. ما دام الشركة ما اشترت، لابد أن تشتري الشركة أولاً من التاجر أو تحوز السلعة عندها ثم تبيع، أما أن تبيع شيئاً عند التجار فلا، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تبع ما ليس عندك) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك)، الرسول عليه الصلاة والسلام نص على هذا.
الجواب: ليس ملزماً بل سائغ، إذا أراد أن يتبع مذهباً من المذاهب فهو سائغ، إذا كان ما يعرف الدليل ليس بطالب علم يعرف الأدلة وسار على مذهب من المذاهب الأربعة فلا حرج عليه، ولكن ينبغي له بل يجب عليه أن يتحرى في ذلك سؤال أهل العلم المتبصرين الذين هم في نظره وفي رأيه أقرب من غيرهم إلى الورع والعلم والفضل حتى يتحرى لدينه، ولا بأس سواءً كان شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً أو حنفياً لا حرج في ذلك، أما العالم الذي يعرف الأدلة الشرعية فالواجب أن يتحرى الأدلة ويأخذ بالدليل ولا يقلد غيره، هذا هو الواجب عليه، إلا عند الحاجة والعجز فيقلد من هو في رأيه واجتهاده أعلم من غيره وأقرب إلى الحق من غيره.
الجواب: هذه ذم الله بها عاد قوم هود ذمهم الله بهذا، وأنهم ظلمة يبطشون بالناس بغير حق ويظلمونهم بالضرب والقتل ونهب الأموال، هذا ذم لهم وعيب لهم فلا يجوز ذلك، بل الواجب على المسلم أن لا يأخذ المال إلا بحقه، وأن لا يضرب أحداً إلا بحقه، ليس له التعدي على الناس ولا البطش بالناس، بل يطلب الحق بطريقه الشرعي، إن كان له حق يطلبه من طريق المحكمة، من طريق الإصلاح، من طريق الإمارة، لا يبطش بالناس بالظلم والعدوان والإيذاء، ولا يظلمهم في نهب أموالهم بالمصادرة والبطش، بل الواجب عليه أن يأخذ حقه من طريقه الشرعي، ومن بابه الشرعي، فهذا ذم وعيب لعاد الذين أهلكهم الله بالريح العقيم، كانوا يظلمون الناس ويتعدون على الناس نسأل الله العافية.
الجواب: ليس عليك حرج في ذلك، إذا كنت تغيب لحاجة ومصلحة، كطلب العلم أو طلب الرزق والتسبب في طلب الرزق أو ما أشبهه من الحاجات التي تدعوك إلى السفر، وإذا كانوا في محل آمن ليس عليهم خطر، ليس على المرأة خطر ولا على الأولاد خطر، فلا حرج في ذلك، أما إذا كان السفر لما حرم الله فلا يجوز لك، أو كان عليهم خطر إذا ذهبت عنهم، على المرأة خطر في عرضها وعلى أولادك خطر، فالواجب عليك أن لا تسافر، وإن سافرت فانقلهم معك حتى يكونوا بجوارك وقربك ولا تفرط في حقهم فهم أمانة عندك.
فالواجب عليك أن تصونهم وتحميهم من الخطر، فإما أن تسافر بهم وإما أن تبقى عندهم، أما إذا كان عندهم من يصونهم ويرعاهم كأبيك أو أخيك ونحو ذلك وليس هناك خطر ولا أسباب توجب بقاءك فالحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر