مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من بغداد، صاحب الرسالة مستمع من هناك يقول شحاتة كامل محمود وهو مصري يسأل ويقول: ما حكم وضع المصحف في المنزل بدون قراءة هل هو حرام أم حلال، مع العلم أنني لا أعرف القراءة؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا مانع من وضع المصحف في البيت لعله يأتي من يقرأ فيه من الزوار، أو أنت تتعلم بعد ذلك وتقرأ ولا حرج في ذلك.
أما إذا كان المقصود وضعه لدفع الشياطين أو دفع الجن، فهذا شيء لا أصل له، إنما تدفع بالتعوذ بالله جل وعلا وقراءة القرآن والذكر لا بوضع المصحف، أما إذا وضعته في البيت رجاء أن يأتي من يقرأ ويسمعكم القرآن أو زوجتك أو بناتك أو غيرهن ممن يتصل بكم فهذا طيب ومن باب الإعانة على الخير.
الجواب: لا أعلم صحة الأثر ويحتاج إلى مراجعة لأني لا أذكر الآن صحة الأثر عن ابن عباس وأما معناه واضح، فإن حواء خلقت من آدم وهي أم بني آدم،كما قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1] فإن حواء خلقت من آدم عليه الصلاة والسلام وآدم عليه السلام نفسه خلق من الطين، ولا شك أن النساء لهن شغف بالرجال وتشوف للرجال وفتنة بالرجال، ولا شك أن الإنسان أيضاً له شغف بالأرض وزراعتها والاستفادة منها كل هذا واقع، ولا شك أنه يجب على الأمة أن تعتني بالنساء وأن تصونهن عن الفتنة بالرجال هذا أمر معلوم من الشرع، فالواجب على رب البيت أن يصون أهله عن الفتنة بالرجال من خروجهن متبرجات يراهن الرجال، أو تعاطي ما يسبب الفتنة من الكلام مع الرجال أو غير هذا من أسباب الفتنة، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها وينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)
وقال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) فالفتنة بهن عظيمة وهن لا شك لهن ميول إلى الرجال وحرص على التمتع بالنظر إلى الرجال، وربما حرصت كثيراً على مكالمته فيما يتعلق بأسباب الفاحشة، فالواجب الحذر والمعصوم من عصمه الله والمحفوظ من حفظه الله.
وهذا الأثر ما أعلم فيه مخالفة للأحاديث الصحيحة بل ظاهر الأحاديث يوافق ذلك، لأن الفتنة بالرجال من النساء أمر معلوم، وهكذا الرجل يفتن بالمرأة لكن فتنتها به وكثرة ميلها إليه وقلة صبرها أمر معلوم، فينبغي للمرأة أن تحذر وأن تبتعد عن أسباب الفتنة وأن تحتجب عن الرجال وتصون نفسها، وأن يقوم أولياؤها بذلك أيضاً، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] وقال سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وقال سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، وقال عز وجل أيضاً: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]
فهذا كله يبين عظم الخطر في تساهل النساء في البروز للرجال وعدم الحذر من الفتنة.
الجواب: هذه من نعم الله العظيمة عليك حب الله ورسوله والمحافظة على ما شرع الله في الإسلام هذه من نعم الله ومن أسباب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، فنوصيك بالثبات على الحق والحذر مما قد يشتبه عليك لأنه قد تكون هناك أحاديث موضوعة مكذوبة وأحاديث ضعيفة يحصل لك بها شك وضيق وهي غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما قاله الله جل وعلا أو ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ففيه الخير والصلاح وفيه الهدى والرشاد وفيه الخير العظيم لمن تأمله وعرف معناه وتقبله بصدر رحب، فإن الله جل وعلا لا يأمر إلا بالخير ولا يدعو إلا إلى الخير وفي طاعته كل السعادة، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام عندما يدعو إلى الخير ويأمر بالخير عليه الصلاة والسلام، فالطاعة والسعادة في اتباع شرع الله وفي التمسك بدين الله والوقوف عند حدود الله، والهلاك والشقاء في مخالفة ذلك.
وإذا أشكل عليك شيء من ذلك فاسأل أهل العلم من أهل السنة والجماعة من أهل البصيرة عما أشكل عليك، وإذا كنت ذا معرفة باصطلاح أهل العلم في معرفة الحديث الصحيح والضعيف فراجع كلام أهل العلم واعرف درجة الحديث وصحته وضعفه أو كونه موضوعاً حتى تكون على بينة وحتى يزول ما في نفسك من الحرج، فكل ما كان من الشريعة فليس فيه بحمد الله إلا الخير والهدى والصلاح، والله جل وعلا بين لعباده ما فيه خيرهم وصلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وهو أرحم بهم من أمهاتهم سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك أرشدهم إلى أسباب النجاة ودعاهم إلى أسباب الخير، فأنت كن مطمئناً أن كل ما شرعه الله وكل ما ثبت عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فهو حق وهدى وصلاح، وما أشكل عليك وضاق به صدرك فلا تعجل حتى تعرف حقيقة الأمر وحتى تسأل أهل العلم عما أشكل عليك فربما فهمت من النص ما ليس هو معنى للنص وربما ظننت أنه صحيح وليس بصحيح بل هو من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة، فالواجب التثبت في الأمور وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2].
ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4] ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا [الأنفال:29] يعني: نوراً وبصيرة وهدى.
الجواب: أما قراءة بعض الكتب النصرانية فنوصيك بترك ذلك، ونوصيك بترك الكتب الأخرى الضارة، سواءً كانت من النصارى أو اليهود أو لغيرهم من الكفرة أو لأهل الكلام الباطل كالجهمية والمعتزلة وغيرهم ممن يخوضون في الكلام والأصول من غير طريق الكتاب والسنة، ونوصيك بالإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته، وتلاوة الأحاديث الصحيحة كـالبخاري ومسلم وكتب الحديث المعروفة كـأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه و موطأ مالك ، هذه كتب كلها خير ونفع وإن كان في السنن بعض الأحاديث الضعيفة التي بينها أهل العلم، وهكذا مثل كتاب رياض الصالحين، مثل بلوغ المرام، مثل الترغيب والترهيب فيها أحاديث عظيمة صحيحة مفيدة، اقرأها وتذاكر مع إخوانك طلبة العلم المعروفين بالخير والبصيرة حتى يرشدوك إلى ما قد يخفى عليك وحتى يعينوك على فهم بعض النصوص، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ ألا ترون أن هذه الوسوسة راجعة إلى هذه الكتب التي يقرأ فيها أخونا؟
الشيخ: قد يكون بعض ذلك قد يكون بعض ما يرد على قلبه من هذه الكتب الضارة، كتب النصارى وأشباهها فإنها ضرر عظيم، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى في يد عمر شيئاً من التوراة تغير وجهه وقال: (لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) عليه الصلاة والسلام.
فالمقصود: أن فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى فيه الكفاية، وفي تدبر القرآن الخير والبركة، يقول جل وعلا: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].
أما التوراة والإنجيل فقد حرفت وغيرت وزيد فيها ونقص منها، فهي كتب غير مأمونة، ثم قد نسخ ما فيها من الحق بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، ففيما جاء به الكفاية والهدى.
المقدم: جزاكم الله خيراً حتى يبقى صدر المسلم نظيفاً سماحة الشيخ بم تنصحونه؟
الشيخ: يبتعد عما يشوش عليه، فإن قراءة التوراة والإنجيل والكتب الأخرى التي ألفها أهل الباطل وأهل الكلام وأهل الشكوك وأعداء الإسلام كلها ضرر، كلها تسبب الشكوك والأوهام وضيق الصدر وتسبب أيضاً ترك الحق والميل إلى الباطل ومتابعة أهله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: جميع الطرق الصوفية البرهانية والشاذلية وغير ذلك من الطرق الصوفية والتيجانية كلها خطيرة، يجب الحذر منها والبعد منها وعدم الثقة بها. وهم أقسام منهم الكافر ومنهم غير الكافر.
فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن كتب الصوفية وقراءتها لأنها تضره وفيها من الباطل والشر الشيء الكثير، فينبغي لك يا عبد الله أن تبتعد عنها وأن تقرأ كتب أهل السنة والجماعة، التي فيها الخير، وفيها بيان ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وفيها الكفاية، وفي الإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه الخير العظيم والسعادة، وفي كتب السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير والبركة، فإن السنة تشرح القرآن وتفسر معناه وتبين ما أشكل على طالب العلم من ذلك، فالله أنزل كتابه هدى للناس، كما قال عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، وقال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] وقال سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29] وقال عز وجل: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155] والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا ما قد يشكل علينا وأوضح للأمة ما يحتاجون إليه، فعليك يا عبد الله أن تكتفي بما جاء به الكتاب والسنة، وأن تبتعد عن الكتب التي فيها الخرافات والضلالات والبدع، مثل كتب الصوفية وغيرها مما جمعه الكفرة أو المتكلمون أو أصحاب الطرق المنحرفة، فإن فيها من الشر والبلاء والمخالفة لشرع الله ما يضر العبد إذا تمسك به أو أخذ به أو قرأه وهو على غير بصيرة نسأل الله السلامة.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا عرفت أن هذه الأدوية فيها ما يسكر كثيره فاجتنبها، وأما إذا لم تعلم فالأصل الإباحة والحمد لله، الأصل في الأدوية الإباحة والأصل في الطعام الإباحة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا [البقرة:168] فالأصل الإباحة إلا ما عرفت أنه محرم، فإذا كان الدواء بين لك الأطباء أن فيه ما يسكر كثيره، يعني: مواد مسكرة فاجتنبه، وأما إذا لم يتبين لك ذلك أو نصحك الأطباء بأنه طيب فلا بأس والحمد لله.
الجواب: إذا عرف أنه ساحر فهو كافر عند أهل العلم يجب قتله ولا يستتاب، يجب على ولي أمر المسلمين أن يقتله، لقول الله عز وجل عن الملكين اللذين يعلمان السحر: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، يعلمانه بأن ما يقال لك فتنة وأنه كفر.
فالواجب على العبد أن يحذر السحر وتعاطيه والعمل به، كله شر وكله ضرر وكله كفر، قال في السحرة: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103] فدل على أن عملهم ضد الإيمان وضد التقوى.
فالواجب على ولاة أمر المسلمين إذا عرفوا أن فلاناً ساحر أو فلانة الواجب قتلهم لما فيهم من الشر ولما في بقائهم من الشر والفساد، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه: أنه كتب إلى عماله في الشام أن يقتلوا السحرة، وقد ثبت عن حفصة أم المؤمنين أنها قتلت ساحرة كانت عندها تخدمها.
فالمقصود: أن السحرة شرهم عظيم وفسادهم كبير، فالواجب على ولاة أمر المسلمين إذا عرفوا ذلك وثبت عندهم ذلك أن يحكموا عليهم بالإعدام، لما في ذلك من الخير العظيم للمسلمين، ولما في بقائهم من الشر على المسلمين.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا رجا دخوله في الحق وإجابته إلى الحق وتركه البدعة رد عليه السلام أو بدأه بالسلام ونصحه ودعاه إلى الخير، كما يرد السلام على الكافر إذا سلم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم) وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وقال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام) دل على أنهم لا يبدءون لكن يرد عليهم إذا سلموا.
فالمبتدع حاله أدنى من الكافر إذا كان ليس بكافر، ولكن قد يجب هجره لأنه مسلم يحتاج إلى تأديب وتوجيه فيهجر ليتأدب، فإذا رأى العالم أو الأمير أو أعيان الناس هجر المبتدع لعله يتوب فهذا حق مطلوب.
فقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون كعب بن مالك وصاحبيه لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى تاب الله عليهم فتابوا.
أما إذا كان يرجو من مكالمته ونصيحته أنه يهتدي وأنه يدع بدعته فإنه يكلمه وينصحه ويوجهه إلى الخير ويبين له سوء عمله وبطلان بدعته لعله يستجيب إلى الحق ويهديه الله على يديه، فهذا أمر مطلوب كما يدعى الكافر للدخول في الإسلام ويدعى العاصي إلى التوبة، فهكذا المبتدع يدعى ويوجه إلى الخير، قد يكون جاهلاً لبس عليه الأمر، فينصح ويوجه ويبين له بطلان ما تمسك به فإن اهتدى وإلا وجب هجره، إذا رجا الهاجر أن هذا الهجر ينفعه ويفيده ويردعه وإلا فليستمر معه إذا كان لا يرى الهجر مفيداً ويرى أن الاستمرار في الدعوة أفيد يستمر في دعوته إلى السنة وترك البدعة في الأوقات المناسبة لعله يستجيب حتى يسلم الناس من شره.
الجواب: لا، الواجب عليك أن تصلي صلاة مقيم؛ لأنك مقيم في الجامعة، فعليك أن تصلي صلاة مقيم أربعاً ولست بمسافر، وعليك أن تصوم مع الناس رمضان؛ لأن المسافر هو الذي يقيم إقامة محدودة أربعة أيام فأقل، فإذا كانت الإقامة أكثر من ذلك فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يلزمه الإتمام ويلزمه الصوم ولا يكون له حكم المسافر، وهذا قول جيد وفيه احتياط للدين وبعداً عن التساهل والأخذ بالرخص التي ليس عليها دليل واضح.
فنوصيك بأن تصلي مع الناس أربعاً وتحافظ على الجماعة وتصوم مع الناس رمضان، وأن لا تعتبر نفسك مسافراً لأنك مقيم إقامة طويلة لأجل الدراسة.
المقدم: جزاكم الله خيراً هذا إذا كان في المدينة الجامعية أما إذا كان في زيارة لأهله؟
الشيخ: وهكذا زيارة أهله ما دام نيته الإقامة عند أهله إذا فرغ من الدراسة وإنما أقام لأجل الدراسة فبلد أهله بلد له ووطن له، أما إذا نوى الانتقال إلى بلد الجامعة وترك وطنه فإذا جاء إلى أهله زيارة فله القصر، إذا كانت المدة أربعة أيام فأقل، ولا يصلي وحده إذا كان معه جماعة، أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس لأن الجماعة متعينة فيصلي مع الناس أربعاً، لكن لو فاتته مع الجماعة صلى ثنتين هذا إذا كانت الإقامة محدودة أربعة أيام فأقل، إذا كان ما عنده نية إقامة عند أهله إذا انتهى من الجامعة، أما إذا كان عندما أقام هناك لأجل الدراسة وإلا فنيته وعزمه الرجوع إلى وطنه والبقاء في وطنه، فهذا لا يزال وطنياً في وطن أهله.
ومن الأدلة على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة انتقال مستوطن للمدينة، ولما رجع إلى مكة صلى ثنتين لأنه مسافر، قد انتقل من مكة واعتبرها غير وطن له واعتبر المدينة هي الوطن، فلما رجع إلى مكة لحجة الوداع لم يتم بل قصر.
الجواب: إذا صلى المسلم وفي ثيابه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح ومعذور بالجهل والنسيان إذا انتهت صلاته قبل أن يعلم، لقول الله سبحانه: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الصلاة يوماً وفي نعليه قذر ، فأخبره جبرائيل في أثناء الصلاة أن بهما قذراً فخلعهما ولم يعد أول الصلاة بل استمر في صلاته، لأنه جاهل بذلك القذر، فهكذا من دخل في صلاته وفي ملابسه شيء من النجاسة ولم يعلم أو لم يذكر إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة في أصح قولي العلماء.
الجواب: إذا كان الوالدان يستطيعان أن يزوجاه وجب عليهما تزويجه، ولا يجوز تأخير ذلك إلى أن يكمل الدراسة لأنه معرض للفتنة، فالواجب على والديه إعفافه وإعانته على الخير، إذا كانا قادرين أو أحدهما، فأما إذا كانا عاجزين فليس عليهما حرج فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
أما إذا كان أبوه غنياً يستطيع تزويجه أو أمه كذلك، فإن الواجب عليهما تزويجه وعدم تأخير ذلك إذا طلب ذلك، بل يجب أن يحرصا على ذلك، ليصوناه عما حرم الله وليجتهدا في سلامته، فكما يجب عليهما أن ينفقا عليه ما يسد حاجته ويستر عورته فالإنفاق عليه فيما يبعده عن الحرام ويسبب غض بصره وحفظ فرجه أهم من ذلك. والله المستعان.
إنه مصاب بسلس البول كيف تنصحونه سماحة الشيخ ليؤدي صلواته على الوجه الأكمل؟
الجواب: صاحب السلس مثل المرأة صاحبة الاستحاضة، الواجب عليه كما بين أهل العلم أنه يتوضأ لكل صلاة إذا دخل الوقت ويصلي مع الناس والحمد لله، يتحفظ بشيء من القطن أو غيره على ذكره حتى لا يتأذى بالبول في ثيابه وبدنه، كما أن المستحاضة تتلجم وتتحفظ بشيء وتصلي الصلوات في أوقاتها وتتوضأ إذا دخل الوقت، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: (توضئي لوقت كل صلاة)، فصاحب السلس ومثله صاحب الريح الذي تخرج منه الريح دائماً ما يستطيع البقاء إلى وقت يؤدي فيه الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا دخل الوقت ويصلي مع الناس ولو خرج منه الريح أو خرج منه البول، كما تصلي المستحاضة ولو خرج منها الدم، لكن يتوضأ بعد دخول الوقت ما دام الحدث دائماً.
المقدم: المهم أنكم تنصحون كلاً من صاحب السلس وصاحبة الاستحاضة بالتحفظ عند تأدية الصلاة.
الشيخ: نعم، دائماً تتحفظ حتى يكون ذلك أسلم للبدن والثياب.
المقدم: بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر