مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة إحدى الأخوات المستمعات من الرياض، رمزت إلى اسمها بالحروف (خ. أ. ع) تقول في أحد أسئلتها: علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة كأن يكون طولها شبراً وإن لم يصلح فما مقدار طولها؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فاتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة والتي هي عصا صغيرة لها حربة تركز أمامه عليه الصلاة والسلام ويصلي إليها، كان في المسجد يصلي إلى السترة عليه الصلاة والسلام، فالسنة لكل مصلٍ من رجل أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها)، السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة عليه الصلاة والسلام دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع.
فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار أو السارية أو الكرسي أمامه أو ما أشبهه مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل، قال العلماء: وهي تقارب الذراع، أو ثلثي الذراع إذا كانت السترة القائمة نحو ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة أو خط، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطاً، ثم لا يضره من مر بين يديه).
فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة، فإن وجد جداراً صلى إليه أو سارية أو كرسياً أو مركى مما يتكأ عليه يجعله أمامه أو عصا لها حربة يركزها في الأرض، أو ما أشبه ذلك مما يكون له قاع أو له ظل قائم، كذراع أو ثلثي ذراع أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك جعل وسادة أمامه أو عصا مطروحة أمامه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] حسب التيسير أو خط إذا كان في الأرض كالصحراء وليس عنده شيء ويكفي على الصحيح والحديث لا بأس به، كما قال الحافظ ابن حجر : إسناده حسن، رواه ابن ماجه وأحمد وجماعة بإسناد حسن.
فالحاصل: أن هذا الحديث الذي فيه الخط لا بأس به على الصحيح وهو عند الحاجة وعند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة.
وليست السترة واجبة، بل لو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، لكن يكون ترك السنة، لأن السنة أن يصلي إلى سترة وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار أو امرأة بالغة أو كلب أسود قطع الصلاة، كما في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود)، في حديث ابن عباس : (المرأة الحائض) يعني: البالغة.
وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع والرجل لا يقطع وهكذا الإبل والغنم لا تقطع وسائر الدواب ما عدا الحمار، وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، لكن لا ينبغي أن يمر شيء يمنع المار بين يديه، للحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)، فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك فإنك تدفعه وترده، ولو أنها شاة أو طفلة تردها إذا تيسر ذلك، لكن لو مر لا يقطع، ولا يفسد عليك صلاتك إلا إذا كان المار امرأة بالغة أو حماراً أو كلباً أسود مر بين يديك قريباً منك .. أقل من ثلاثة أذرع أو بينك وبين السترة ولو كان أكثر، إذا كان بينك وبين السترة، وأما ما مر من وراء السترة فإنه لا يضر ولو كان المار كلباً أسود أو امرأة أو حمار إذا كان من وراء السترة.
الجواب: صلاته أجزأته فريضة والحمد لله، وإذا صلى مع الناس الحاضرين صارت له نافلة، كما في حديث أبي ذر يقول صلى الله عليه وسلم: (إنه يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، فصل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة، ولا تقل: صليت فلا أصلي)، فهي تكون نافلة مع الآخرين، وهكذا لما صلى في منى عليه الصلاة والسلام يوم حجة الوداع وسلم رأى رجلين لم يصليا معه فدعا بهما فجيء بهما إليه، فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا -يعني: في مخيمنا- فقال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه، فإنها لكما نافلة)، فالمؤمن إذا صلى في مسجد من المساجد أو في محل آخر ثم أدرك جماعة يصلون فصلى معهم كانت له نافلة.
الجواب: نعم، تفتح عليه، إن فتح عليه الرجال فالحمد لله، وإلا تفتح عليه وصوتها ليس بعورة، إنما العورة التغنج والخضوع هذا هو المنهي عنه، كما قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]، والخضوع: اللين والتكسر في الصوت، فيطمع الذي في قلبه مرض الشهوة، أما الصوت العادي لا بأس به، ولهذا قال: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32]، يعني: قولاً ليس فيه فحش وعنف وليس فيه تغنج ولا تكسر ولا خضوع، بل بين ذلك قولاً عادياً، فتفتح عليه بكلام عادي ليس فيه تكسر وخضوع وليس فيه عنف وشدة، ولكن القول المعتاد ولهذا قولاً معروفاً وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32] يعني: قولاً معتاداً ليس فيه خضوع، وهكذا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله وترشد إليه ولو مع الرجال، تدعوهم إلى الله وتنكر عليهم المنكر بقول طيب ليس فيه خضوع وليس فيه عنف، كما تعلم أخاها وابنها وبناتها والحمد لله، تعلم الأطفال الصغار الذين دون السبع تعلمهم وترشدهم بالقرآن.
المقصود: أنها تدعو إلى الله وتعلم بصوت ليس فيه خضوع إذا كان المعلم ممن له شهوة كالمراهق والرجل.
المقصود: أنها لا تمتنع من قول الحق من أجل قول بعض الناس: إن صوتها عورة، لا. ليس بعورة، فالصوت المجرد ليس بعورة، كان النساء يتكلمن مع النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه ومع الصحابة ويخاطبهن ويخاطبونه، ولم يقل: إن أصواتكن عورة، وقد حضر معهن ذات يوم جمعهن وعلمهن وأرشدهن وأجاب عن أسئلتهن عليه الصلاة والسلام، هذا أمر معروف، وإنما المنكر الخضوع الذي يسبب الفتنة بها أو يظن بها السوء من أجله، أما القول العادي فلا بأس به.
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا جاء المؤمن وأخوه يصلي وحده ثم جاء ووقف عن يمينه وجعله إماماً له وصلى به أخوه لا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في الليل وحده فجاء ابن عباس فصف عن يساره فأداره النبي صلى الله عليه وسلم وجعله عن يمينه وصلى به، والنبي صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة وحده ليس بإمام ولم ينو جماعة، ولكن لما جاء ابن عباس وصف عن يساره جعله عن يمينه وصلى به عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الإنسان يصلي فاتته الصلاة وجاء أخوه وصف عن يمينه وصلوا جماعة فلا بأس بذلك، يبتدئ النية من أثناء الصلاة نية الجماعة ونية الإمام من أثناء ما وقف معه أخوه.
الجواب: الوتر يكون هو الأخير بعد قيام الليل، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، وقال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى) فالسنة أن تكون صلاة الوتر هي الأخيرة يتهجد ويصلي ما بدا له، مثنى مثنى، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، هذا هو السنة.
الجواب: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، فإن النياحة على الميت منكر من المنكرات ولا تجوز النياحة لأنها منكرة ومعصية، أما البكاء بدمع العين فقط فلا يضر، دمع العين من دون صوت هذا لا يضر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم : (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا بفراقك يا
حزنك عليها والبكاء الذي ليس معه صوت لا يضر، أما النياحة والصوت فهذا لا يجوز، أو شق الثوب أو لطم الخد أو نتف الشعر كل هذا لا يجوز، يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة، كل هذا لا يجوز، أما الدعاء لها والصدقة عنها هذا شيء مطلوب ومشروع ولك فيه أجر، أنت مأجورة على ذلك، الدعاء للوالدة والترحم عليها هذا أمر مشروع إذا كانت ماتت على الإسلام يدعى لها بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار ورفع الدرجات وتكفير السيئات يتصدق عنها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، وفي الصحيح أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إن أمي ماتت ولم توص أفلها أجر إن تصدقت عنها، قال النبي عليه الصلاة والسلام: نعم)، يعني: لها أجر، فالصدقة من ولدها أو من غير ولدها كله طيب، صدقة عن الوالدة عن الوالد عن الأخ عن الأقرباء عن غيرهم من المسلمين ينفع الأموات.
وهكذا الدعاء لهم والحج عنهم والعمرة كل هذا ينفع الميت وقضاء دينه ينفعه.
أما تمني الموت واللحاق بالموتى أو الدعاء به فهذا لا يجوز، سواء كان الميت أباً أو أماً أو أخاً أو غيرهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدعو به من قبل أن يأتيه، فإن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرا) هكذا رواه مسلم في الصحيح، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا محالة فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، هذا الدعاء طيب، وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، فهذا الدعاء طيب، أما أن يقول: اللهم أمتني أو اللهم ألحقني بفلان يعني: فأمتني هذا لا يجوز لا مع الوالدة ولا غيرها، فعليك التوبة من ذلك والحمد لله قد تبت، نسأل الله أن يتقبلها منك.
أما إذا قال الإنسان: (اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) هذا لا بأس به، أو قال كما في حديث عمار : (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، فكل هذا طيب فعله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أوكل أمره إلى الله ولم يتمن الموت ولم يدع به وكل أمره إلى الله سبحانه وتعالى وهو أعلم بأحوال عباده وما يصلحهم سبحانه وتعالى.
الجواب: نعم تجب فيه الزكاة كل سنة وهي ربع العشر من كل ألف خمس وعشرون، ومن كل مائة اثنان ونصف.
فالواجب على ولي القاصرين وعلى الكبار أن يخرجوا الزكاة، ولا ينبغي أن تبقى هذه الدراهم في المصرف، ينبغي أن تسلم لمن يتجر فيها ويتسبب فيها حتى تنمو، ولا ينبغي أن يعامل بها المصرف معاملة ربوية بفائدة معينة كالخمسة في المائة أو عشرة في المائة هذا لا يجوز، لكن لا تبقى في المصرف بل ينبغي دفعها إلى بعض الثقات يتصرف فيها ويتجر فيها بالربع.. ربع الربح.. نصف الربح.. ثلث الربح، يعني: جزء مشاع معلوم هذه مضاربة لا بأس بها، فإذا دفع المال إلى إنسان ثقة يتجر فيه بنصف الربح أو بثلث أو بربع أو نحو ذلك هذا أولى من جلوسها في المصرف، تنقصها الزكاة ولا يستفيد منها القاصرون، ولا يحوز أن يعامل بها البنك بالربا ولكن ولي القاصرين يأخذ الدراهم ويجعلها في يد إنسان ثقة يتسبب فيها ويتجر بنصف الربح أو بأقل أو بأكثر، يعني: جزء مشاع معلوم. وأقل النصاب ما يعادل عشرين مثقالاً من الذهب أو اثنين وأربعين مثقالاً من الفضة، هذا أقل النصاب، يساوي هذا من الذهب والفضة أو عروض التجارة يكون فيه الزكاة، وهو ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب وهو حوالي اثنين وتسعين غراماً إلا كسراً يسيراً، هذا يسمى نصاباً وهكذا ما يساوي مائة وأربعين مثقالاً من الفضة هذا يسمى نصاباً فما يساوي هذا أو يزيد عليه يسمى نصاباً وفيه الزكاة إذا حال عليها الحول.
الجواب: مثلما تقدم تجب فيه الزكاة إذا كان يبلغ عشرين مثقالاً من الذهب، والمثقال: يعادل اثنتين وسبعين شعيرة معتدلة، وهو يعرف بالذي يعرفه الصاغة بالوزن يعرفون المثاقيل، فينبغي إذا كانت الحلي تبلغ النصاب كما تقدم عشرين مثقالاً من الذهب وهو يعادل أحد عشر جنيهاً سعودياً وإفرنجياً وثلاثة أسباع الجنيه، وبالفضة يعادل مائة وأربعين مثقالاً ويعادل ستة وخمسين ريالاً فضياً من العملة السعودية، فإذا كانت الحلي تزيد على هذا تزكى وفيها ربع العشر حسب قيمتها في الأسواق، كأن تساوي مثلاً ألف دولار أو ألف ريال سعودي أو ألف دينار عراقي أو أردني أو ما أشبه ذلك من العمل التي في بلاد الإسلام، يزكي ربع العشر من كل ألف خمسة وعشرون، هذا ربع العشر، والصواب: أن الحلي فيها الزكاة وإن كانت معدة للاستعمال، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم.
الجواب: نرجو أن لا إثم في ذلك، لكن لو تيسر الحفظ والعناية كان هذا هو الذي ينبغي لما من الله بالحفظ، ينبغي الحرص على هذا والاستقامة عليه والثبات عليه ومراجعته حتى تبقى هذه الآيات، أما من نسيها فلا حرج عليه إن شاء الله؛ لأن الإنسان محل نسيان، وأما ما ورد في بعض الأحاديث: (أن من حفظ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم) فهو حديث ضعيف، ومن طبيعة الإنسان النسيان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر مثلكم وأنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) فالإنسان بشر لكنه معصوم صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله، معصوم أنه لا يبلغ عن الله إلا الحق والصواب، وأنه لا ينسى شيئاً مما أمره الله بتبليغه، لكن قد ينسى في الصلاة فينبه كما ينبه بقية البشر وهذا حق واقع، فإذا نسيه لم يقر على خطأ، بل ينبه ويتنبه عليه الصلاة والسلام أو ينبهه غيره فيذكره.
الجواب: إذا قلت لهم: إنها كلها من زمزم فهذا غلط وكذب، أما إذا قلت: إني خلطت معها ماء من غير زمزم فلا بأس، وإلا فلا حاجة إلى هذا كله، الماء الذي معك تعطيه من تشاء أو تشربه أنت أو تستعمله أنت على بصيرة ولا تكذب، والأمر في هذا سهل إن شاء الله، لكن ينبغي لك أن تكون على بصيرة في هذه الأمور وأن لا تتعاطى الكذب، لا ينبغي للمؤمن أن يتعاطى الكذب أبداً، ينبغي له أن يكون حريصاً على الصدق في أقواله وأعماله، فإذا كنت تحب أن تهدي تهدي شيئاً تعلم أنه زمزم، وتقول: إنه زمزم، تصدق وإلا فلا حاجة إلى ذلك والحمد لله أنت غير ملزوم بالهدية.
الجواب: نعم. الصواب أن الرجل إذا تزوج امرأة لا تصلي أو تزوجها وهي تصلي وهو لا يصلي أن العقد لا يصح في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه، وهناك أحاديث أخرى كذلك تدل على هذا المعنى.
فإذا وقع هذا النكاح بين رجل يصلي وهي لا تصلي أو بالعكس فإنه يجدد من شاهدين عدلين والمأذون الشرعي مع الولي لابد من الولي، إما بحضور الولي وإلا وكيل الولي، وليس هناك ضرورة إلى المحكمة ولا إلى المأذون بل إذا حضر الولي والزوج وشاهدين وزوجه وليها بعدما تاب الله على من لا يصلي واستقامت الأحوال فإنه يكفي، يقول له الولي: زوجت، ويقول الزوج: قبلت بحضرة شاهدين إذا كانت راضية المرأة بذلك فالحمد لله.
أما الأولاد فهم يلحقون لأجل شبهة النكاح، وذهب الأكثرون إلى أنه يصح النكاح، ولو كان لا يصلي إذا كان موحداً لله مؤمناً بالإسلام يؤمن بالآخرة وليس عنده من النواقض إلا ترك الصلاة، فقال الأكثرون: إن تركها لا يكون كفراً أكبر بل يكون كفراً دون كفر، ولا يكون كفراً أكبر يبطل النكاح، ولكن الصواب قول من قال بأنه كفر أكبر للأحاديث السابقة وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك، ولأن الصلاة عمود الإسلام لا يقاس عليها غيرها، هي عمود الإسلام، فالواجب على من تركها أن يبادر بالتوبة وأن يدخل في الإسلام من جديد بتوبته إلى الله سبحانه وتعالى، ويجدد النكاح إذا كانت زوجته طيبة مصلية سليمة وهو المقصر بترك الصلاة يجدد النكاح، أو بالعكس هي لا تصلي وهو يصلي يجدد النكاح وليس من شرط ذلك أن يكون عند المحكمة أو عند المأذون إذا وجد الولي والشاهدان العدلان والزوج وهي راضية كفى والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيرا.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر