مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين آثر فيها عدم ذكر اسمه، أخونا يسأل جمعاً من الأسئلة في أحدها يقول: ما حكم عدم حلق شعر المولود في الأسبوع، وتربية هذا الشعر إلى ما شاء الله، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى)، فالسنة حلق رأسه يوم السابع هذه السنة، والتسمية كذلك والعقيقة، وهي شاتان في حق الذكر، وشاة واحدة في حق الأنثى، هذا هو السنة فينبغي العمل بها وتنفيذها.
الجواب: إن كانت مظلومة أو ظلمها وتعدى عليها فهي معذورة، أما إذا كانت تطلب الطلاق من غير بأس فلا يجوز لها ذلك؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة)، كونها تطلب الطلاق من غير علة شرعية لا يجوز، الواجب عليها الصبر والاحتساب، وعدم الطلب للطلاق.
أما إذا كانت هناك علة لأنه يغضبها ويؤذيها، أو لأنه يتظاهر بالفسق وشرب المسكرات، أو لأنه لم تقع في قلبها محبة له بل تبغضه كثيراً ولا تستطيع الصبر فلا بأس، مثلما فعلت زوجة ثابت بن قيس طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرق بينها وبينه، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقالت: إنها لا تطيقه بغضاً، إنها لا تطيقه بغضاً، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (أتردين عليه حديقته؟ -يعني: المهر، الحديقة: بستان - فقالت: نعم، فأمره أن يقبل الحديقة ويطلقها تطليقة)، والعلة أنها لا تستطيع البقاء معه من أجل البغض، والحياة مع البغض ما تستقيم.
فلهذا يلزمها أن ترد المهر، فإذا ردت المهر فعليه أن يطلق، والله يقول سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء:130].
وهكذا إذا كان يتعاطى السكر، أو معروف بالتساهل في الزنا وتعاطي الفحشاء، هذا لها عذر لأن البقاء معه يضرها، أما إن كان لا يصلي فلا يجوز لها البقاء معه، إذا كان لا يصلي فالواجب عليها الامتناع منه، وعدم تمكينه من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، وإن لم يجحد وجوبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، فالأمر عظيم، فإذا كان لا يصلي فليس لها البقاء معه، نسأل الله العافية والسلامة.
الجواب: إذا كان المحل مستوراً لا يطلع عليها أجنبي لا بأس، وأما ما جاء من الوعيد فهو محمول على التساهل لفعل الفاحشة، وأما إذا كانت تغير في محل مصون أو في بيت أخيها أو عمها أو أبيها أو نحو ذلك فلا بأس، بشرط أنها في محل مصون.
الجواب: الحلي فيها الزكاة، فإن الذهب والفضة فيها الزكاة على الصحيح من أقوال العلماء، سواء كانت المرأة ذات زوج أم ليست ذات زوج، بكراً أو ثيباً، الواجب الزكاة إذا كان يبلغ النصاب.. إذا كانت الحلي تبلغ النصاب من الذهب أو الفضة، والنصاب من الذهب عشرون مثقالاً، إحدى عشر جنيهاً ونصف سعودي، اثنين وتسعين غراماً، ومن الفضة ستة وخمسون ريالاً، مائة وأربعين مثقالاً، ستة وخمسون ريالاً فضة وما هو أكثر منها، فإذا كانت الحلي تبلغ هذا المقدار ففيها الزكاة، في الألف خمسة وعشرون، وفي الألفين خمسون وهكذا، أما إذا كانت أقل من ذلك فليس فيها شيء.
الجواب: عليها أن تزكي ولو ببيع بعض الحلي، تبيع بعض الحلي وتزكي، إلا إذا سمح زوجها أو أخوها أو أبوها أو أمها يزكون عنها فلا بأس، إذا تيسر من يزكي عنها بإذنها وموافقتها فلا بأس، وإلا فإن عليها أن تبيع من الذهب أو الفضة أو تستدين حتى تخرج الزكاة.
الجواب: إذا كان الجنين سقط قبل أربعة أشهر، فلا يسمى وليس له عقيقة، إنما العقيقة والتسمية لمن سقط في الخامس أو بعده ممن نفخ فيه الروح؛ لأنه يكون آدمياً له حكم الأفراط، فيذبح عنه ويسمى ويغسل ويصلى عليه إذا سقط في الخامس فما بعده بعد نفخ الروح فيه.
أما ما يسقط في الرابع أو في الثالث هذا ليس له حكم الأفراط، لكن إذا كانت الخلقة بينة فيه، يعني: قد تبين فيه صفات آدمي من رأس أو يد أو رجل أو نحو ذلك، يكون لأمه حكم النفاس لا تصلي ولا تصوم، وأما هو فليس له حكم الموتى وليس له حكم الأجنة بل يدفن في أي مكان ويكفي ولا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه لا يكون آدمياً ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان قد نفخت فيه الروح في الخامس وما بعده، أما إذا سقط في الرابع أو في الثالث إنما هو لحمة قد بان فيها خلق الإنسان من رأس أو رجل أو نحو ذلك فإنها لا تصلي ولا تصوم، مدة النفاس أربعين يوماً فأقل، ومتى طهرت في الأربعين صلت وصامت، وإذا تمت الأربعين اغتسلت وصلت ولو معها دم، دمها يكون دم فساد، بعد الأربعين دم فساد، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة.
أما إن طهرت في الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها.
أما إن كان دماً لم يتبين فيه شيء يعني قطعة لحم أو دم ما بان فيها شيء فهذا دم فاسد لا تدع الصلاة ولا الصوم ولا تحرم على زوجها، إذا كانت اللحمة التي سقطت ليس فيها خلق الإنسان، لا رأس ولا رجل ولا يد ما بان شيء ولا اتضح شيء، فإن هذا الدم لا يعتبر وعليها أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة إن كان معها دم، تتوضأ لكل صلاة كسائر الدماء الفاسدة كالمستحاضة.
الجواب: نعم لكن إذا كانوا مسافرين فلهم أن يصلوا في البيت قصراً، إذا كانوا مروا بك مسافرين ليسوا مقيمين في البلد مدة تزيد على أربعة أيام، بل عزمهم السفر، إنما مروا ضيوفاً وهم اثنان فأكثر فلهم أن يصلوا قصراً في البيت، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعاً.
أما إذا كانوا ضيوفاً من أهل البلد، أو عزمهم الإقامة أكثر من أربعة أيام فعليهم الصلاة في المسجد مع الناس، والواجب عليهم السمع والطاعة وألا يخالفوك، بل يجب عليهم أن يخرجوا إلى المسجد ويصلوا مع الناس، وإذا أبوا فقد أديت ما عليك، وعليك أن تصلي مع الناس ثم ترجع إليهم، تخرج وتصلي مع الجماعة ثم ترجع.
الجواب: عليك أن تنفق المبلغ في حاجات البيت، الذي تصرفت فيه عليك أن تعيده وأن تنفقه في البيت، أو تعيده إلى أبيك، أو تستسمحه، تقول: جرى كذا وجرى كذا سامحني، حتى إذا كان هناك حاجة لك تخبره بها، وإلا فعليك أن تنفقه في أهل البيت كما أمرك أبوك، أو إن كان قد وصل تعيده إليه وتقول: هذا بقي عندي.
الجواب: تركه أحوط وأولى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (نهى عن افتراش جلود النمار) وفي لفظ آخر: (جلود السباع) واتخاذ النعال منها مثل افتراشها، فالأحوط لك ترك ذلك، وعدم استعمال النعل من جلود الأسود أو غيرها من السباع، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن ألا يتخذ من جلودها فرشاً ولا غيرها.
الجواب: لا حرج في ذلك والحمد لله، الله أباح الكلام في الطواف الحمد لله.
الجواب: الأفضل البداءة بالطواف ثم صلاة ركعتين، فإن لم يتيسر ذلك أو كان الإنسان عنده شيء من الكسل عن الطواف يصلي ركعتين تحية المسجد، فإن بدأ بالطواف فهو أفضل، وإن صلى ركعتين وترك طواف النافلة فلا بأس، أما إن كان قدم للعمرة أو الحج فالسنة المتأكدة البداءة بالطواف إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلى ركعتين ثم طاف بعد ذلك إذا تيسر في وقت مناسب.
الجواب: الحمد لله على هدايتها، ولكن ليس لها أن تمكن زوجها الذي لا يصلي من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، فعليها أن تبتعد عنه وأن تخبره بأنها لا تحل له، وأخبروه أنتم أيضاً حتى يتوب، فإذا تاب وصلى فهي زوجته، وإن استمر في ترك الصلاة فهي تحرم عليه، ونسأل الله لنا وله الهداية.
الجواب: الذين يتقربون إلى أصحاب القبور بالدعاء أو الاستغاثة أو الذبائح مشركون لا تؤكل ذبيحتهم، فالواجب ترك ذبيحتهم والإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الله، وتوجيههم إلى الخير لعلهم يهتدون، الله سبحانه وتعالى حرم ذبيحة الكافر، إلا أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا ذبحوها لغير آلهتم.. إذا ذبحوها للحم وذكروا اسم الله عليها.
أما عباد القبور ودعاة الأموات والمستغيثون بالأموات هؤلاء ذبيحتهم حرام، فالواجب الحذر من أكلها مع دعوتهم إلى الله، وإرشادهم وتعليمهم، لعل الله يهديهم بأسبابكم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم تسأل عن علاقة والدتها بأولئك الذين يتقربون للموتى، وبوالدهم الذي ذكرت صفته، ثم تقول: هل يؤثر ذلك على معتقدها؟
الشيخ: على كل حال الواجب عليها الإنكار والتعليم، ولا يضرها إذا أنكرت عليهم وعلمتهم فقد أدت ما عليها، والحمد لله.
المقدم: أما الوالدة فكيف يكون معتقدها؟
الشيخ: عليها تعليمها وإرشادها وتعليم الوالد والاستعانة بأهل الخير الذين عندهم علم حتى يساعدوها في دعوتها إلى الله والإحسان إليهم، الله قال جل وعلا في حق ولد الكافرين قال: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]، فعليها أن تحسن إليهما وأن ترفق بهما، وأن تخاطبهما بالتي هي أحسن، مع الجد في دعوتهما إلى الخير، والاستعانة بالناس الطيبين في دعوة والديها إلى الخير، من العلماء والأخيار، لعلهما يهتديان. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم إذا كان والدها متوفياً فكيف يكون تصرفهم حينئذٍ؟
الشيخ: لا يدعون له ولا يستغفرون له، إذا مات على الكفر لا يدعى له ولا يستغفر له؛ لأنه مات على الكفر، قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113]، فالمقصود: أنهم لا يستغفرون لهم، ولا يدعون لهم، ولا يتصدقون عنهم ما داموا ماتوا على عبادة القبور والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، نسأل الله العافية.
الجواب: هذا كلام طيب، ومأجورة ومشكورة، إذا حفظت بعض المال الزائد وأخبرته بذلك حتى يشترى به منزل، هذا طيب، لا تقتر على الأهل النفقة، فإذا أنفقت عليهم الشيء اللازم والشيء المناسب، فالإسراف لا خير فيه ولا يجوز فتحفظ الزائد، وتجعل مع ما يتيسر من عندها ولا بأس أن تعلمه بعد ذلك حتى يشترى منزل ينفعهم جميعاً.
الجواب: الانتفاع بها بإذن صاحبها لا بأس به، لكن صاحب القرض لا، لا ينتفع، لأنه قد يكون حيلة، أما غير صاحب القرض الذين عندهم الأجهزة وسمح لهم صاحبها فلا بأس، والواجب عليه قضاء الحق وعدم المماطلة، فإذا اضطر صاحب الدين أن يبيعها فليراجع المحكمة حتى تأذن له، وتبعث مندوباً يعرف الحقيقة، ويكشف على الحقيقة، المقصود أن البيع يكون مربوطاً بالمحكمة، إلا إذا تسامح هو وصاحب الحق، إذا توافق هو وإياه على بيعها بواسطة من بريان فلا بأس، إذا سمح صاحب الأجهزة أن تباع، أما إذا امتنع فلا بد من مراجعة المحكمة.
الجواب: نعم لا بأس أن تتصدق، فإن أجاز ذلك وإلا ترده إذا حضر وطالب حقه، فإن أجاز الصدقة فله الأجر، وإن لم يجزها كان الأجر لك، وعليك أن تعطيه ماله.
الجواب: إن كان أراد بذلك محلاً يحفظ فيه فلا يجوز إلا بإذنه، أما إذا كان في محل مثل القمامة قد انتهى منه ولا يأخذه ولا يرغب فيه، فلمن أراد أخذه الأخذ، أما إذا كان المحل تحفظ فيه الحاجات ولو كان فيه تساهل، لكنه ليس بتارك له، وطيبة نفسه به، بل إنما يجعله فيه لوقت ما، فلا بد من استئذانه وموافقته.
الجواب: إن كان الشيء يسيراً ما غير الماء تغييراً يسلبه اسم الماء، فيه الشيء اليسير من صابون أو من غيره فالماء باقي فلا بأس.
أما إذا كان صار حليباً أو صار صابوناً أو صار نوعاً آخر لا، ما عاد صار ماء صار شيئاً آخر، كالمرق وكالشاهي ما يجوز استعماله، لكن إذا كان شيء يسير خالطه شيء يسير لم يسلبه اسمه، بل فيه شيء يسير من صابون أو غيره فلا بأس، أما إذا تغير صار صابوناً أو صار سدراً، أو صار شاهياً أو حليباً أو لبناً فلا يجوز استعماله ما يحصل به رفع الحدث، ولا إزالة النجاسة، لأن اسم الماء ذهب عنه.
الجواب: إذا كان قد أذن لك، أو تعتقد أنه يأذن لما بينك وبينه من الصحبة الأكيدة، فالمبلغ الزيادة لك، وإلا فرد عليه الربح؛ لأنك لم تستأذن ولم تعلم منه حسب ما تعرفه من حاله أنه يسمح بهذا الشيء، والأمانة لا يتصرف فيها الإنسان إلا بإذن صاحبها، إلا إذا اعتقد أنه يسمح له؛ لأن بينه وبينه من الصلة ما يعتقد معه أنه لا يكره ذلك.
فالحاصل: أن هذا الربح يكون له، لصاحب المال إلا إذا سمح لك، أو كنت تعتقد أنه يسمح لك به، ولهذا تصرفت.
الجواب: نعم السنة الجهر، يشرع في الكسوف لأن الرسول جهر فيها عليه الصلاة والسلام.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، ونحن في انتظار رسائلكم على عنوان البرنامج، المملكة العربية السعودية، الرياض، الإذاعة، برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر