مستمعي الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: سليمان قدورة ، أخونا يسأل ويقول: هل لابد أن أقرأ القرآن على أحد طلبة العلم حتى ولو كنت أجيد القراءة، أم يكفي معرفتي حسب ما تعلمت جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإذا كنت قد تعلمت على من هو أهل للتعليم هذا يكفي والحمد لله، أما إذا كنت تشك في ذلك فيحسن منك أن تلتمس من القراء من يقرأ عليك حتى تتأكد من استقامة القراءة وأنها موافقة للقراءة المتبعة السليمة، فالمؤمن يحتاط ويحرص على تحسين صوته بالقراءة وإعطائه الحروف حقها، هكذا المؤمن حتى يقرأ كما شرع الله.
الجواب: تعليق التمائم لا يجوز، لا أوراق ولا خرق ولا غير ذلك، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ولم يرشد إلى هذا عليه الصلاة والسلام وإنما أرشد إلى قراءة القرآن والعلاج بالقرآن، وبحيث كل إنسان ينفث على نفسه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث في كفيه وقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات ثم مسح بذلك على ما أقبل من جسده رأسه ووجهه وصدره، أما أن يكتب فيها أوراقاً تعلق هذا لا يجوز، بل هذا من وسائل الشرك والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك)، هذه يقال لها: التمائم، ويقال لها: الحروز، ويقال لها: الحجب، ويسميها بعضهم الجامعات، كل هذا لا يجوز، لا يجوز التعليق لا قرآن ولا غير قرآن، فإذا كان من غير قرآن صار أشد في الإنكار كالطلاسم أو العظام أو الحديد أو ما أشبه ذلك ، (وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم على إنسان حلقة من صفر، فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة. قال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً).
فالمقصود: أن المؤمن يتجنب هذه الأشياء لا يعلق حديدة ولا ورقة ولا خرقة ولا غير ذلك يرى أنها حرز ينفعه من الجن أو ينفعه من العين، أو ما أشبه ذلك، ويسمونها الحروز، يسمونها التمائم، يسمونها الحجب، كل هذا لا يجوز، والصواب أنها لا تجوز حتى ولو كانت من القرآن، الصواب منعها سداً للذريعة وعملاً بالأحاديث العامة في منع التمائم والتعليقات، ويليها الشرك الأصغر فإن كان صاحبها يعتقد أنها تدفع عنه الشر بنفسها صار شركاً أكبر أعوذ بالله.
الجواب: نعم لك أن تقرأ الفاتحة، لكن إذا تيسر أن تقرأها في حال السكوت فهو أولى، فإذا كان لا يسكت أو لم يتيسر لك تقرؤها ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)، فإذا تمكنت من قراءتها في حال السكوت فافعل وإلا فاقرأها ثم أنصت.
لكن من نسيها من المأمومين، أو جهل حكمها، أو جاء والإمام راكع تجزئه الركعة والحمد لله؛ لأنها في حق المأموم أسهل، بخلاف الإمام والمنفرد فإنها ركن في حقهما.
أما في حق المأموم فالجمهور على أنها سنة في حق المأموم، رخصة أي أنها واجبة في حق المأموم، لكن إذا نسي أو جهل سقطت عنه أو جاء والإمام راكع ما أمكنه قراءتها أجزأته الركعة لحديث أبي بكرة الذي جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ثم دخل في الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد).
الجواب: إذا كنت أردت إلا بإذنك فليس عليك شيء، أما إذا كنت حلفت ألا تذهب، ولم تنو إلا بإذنك فإنها متى ذهبت عليك كفارة اليمين.
الجواب: الشك فيه تفصيل: إن كان مقصوده الشك في الطهارة، إذا تطهر وشك هل أحدث فالأصل الطهارة، أو شك هل طلق أو ما طلق الأصل السلامة ولا تطلق، أما إذا كان أردت الشك هل توضأ أو ما توضأ فالأصل عدم الوضوء يتوضأ إذا كان قد عرف الحدث ولكن شك هل توضأ أو ما توضأ فالأصل عدم الوضوء يتوضأ وكذلك شك هل أدى الدين الذي عليه لفلان أو ما أداه يسأله يقول: هل الدين أعطيت أو ما أعطيت حتى يعطيه حقه، فالشك فيه تفصيل.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، إذا وصل إلى أكبر من ذلك، مثلاً -سماحة الشيخ- بين الرجل وأهل بيته؟
الشيخ: الواجب عليه تقوى الله، وألا يسيء بهم الظن، وأن يبتعد عن ظن السوء، الله سبحانه يقول: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فإن رأى أمارات توجب الريبة نصحها ووجهها إلى الخير وحذرها من أسباب الريبة، ولا يجزم إلا بدليل.
الجواب: لا يلزمك؛ لأن النكاح أمره عظيم، فإذا كانت المرأة لا تناسبك فإنه لا يلزمك إنما الطاعة في المعروف.
لكن تستسمح والديك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن حتى تلتمس أنت ووالداك امرأة تناسبك، فإن الزواج من امرأة لا تناسبك ولا تريدها يضر ولا ينفع خسارة.
فالواجب على والديك ألا يجبراك على امرأة لا تريدها، والواجب عليك أن تستسمحهما وتستعمل معهما الرفق بالكلام الطيب حتى لا يقع بينك وبينهما شيء من العقوق والفرقة والاختلاف.
الجواب: القرآن هو كلام الله المعجز الذي جعله الله معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وجعله دليلاً على صدق رسالته وأنه رسول الله حقاً، فالقرآن هو كلام الله جعله سبحانه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم، ودليلاً على أنه رسول الله حقاً، يقرأ به المؤمن في صلاته وفي غيرها يتعبد بذلك، هو كلام الله حروفه ومعانيه، تكلم به سبحانه ونزل به جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو قول أهل السنة والجماعة، هو كلام الله حقاً ليس كلام غيره.
أما الحديث القدسي فهو كلام منسوب إلى الله، نسبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله يقال له حديث قدسي، يعني حديث عن الله جل وعلا، وهو أيضاً يعتبر من كلام الله لفظه ومعناه، كما إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله كذا فيعتبر من كلام الله، هذا هو الصحيح لفظه ومعناه، في الحديث يقول الله جل وعلا: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل، وهكذا ما جاء في معناه من الأحاديث التي ينقل النبي صلى الله عليه وسلم، ينقلها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله يقول هذا كلام الله هذا يسمى حديث قدسي، ولكن ليس له حكم في القرآن، ليس بمعجز، ولا يقرأ به في الصلاة، الصلاة يقرأ فيها بالقرآن خاصة، أما الأحاديث القدسية فيقرأها من باب الفائدة لنفسه أو مع إخوانه للفائدة.
أما أن يقرأ في الصلاة بالحديث القدسي فلا، ليس حكمه حكم القرآن في هذا، فالقرآن معجز ويقرأ في الصلوات فله حكم آخر، ولكن الحديث القدسي ينسب إلى الله ويقال: إنه كلام الله لفظه ومعناه لكن ليس بمعجز، وليس له حكم القرآن بأن لا يمس الكتاب الذي هو فيه إلا طاهر، وليس لهذا حكم القرآن في أن يقرأ به في الصلاة، هذا شيء وهذا شيء، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، يسأل سماحتكم: هل يجوز أن أروي الحديث القدسي بمعناه؟
الشيخ: إذا تيقنت وعلمت معناه يقيناً وليس عندك شك فاروه بمعناه مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا تيسر ذلك من دون مزاحمة للرجال ولا فتنة، إذا تيسر في وقت خلوة من الرجال فلا بأس، وإلا فإنها تطوف من وراء الناس في أطراف المطاف بعداً عن الفتنة.
الجواب: ليس عليها شيء الحمد لله لأنها لم تتسبب في ذلك، إلا إذا وضعتهما على البركة وتركتهما فهذا تفريط، أما إذا كانا في البيت على المعتاد وذهبت إلى شغلها وهما ذهبا إلى البركة فليس عليها شيء والحمد لله.
الجواب: نصحي لهم بأن يلتزموا ويستقيموا على طاعة الله ورسوله، وأن يحذروا الرياء والتزكية لأنفسهم، لكن إذا دعت الحاجة أنهم التزموا بكذا أو أنهم يحافظوا على كذا يخاطب بذلك لا للتزكية ولا للرياء فلا حرج عليه، والوصية أن يستقيم ويثبت ويسأل ربه التوفيق والهداية ولا يزكي نفسه ولا يرائي الناس، ويسأل ربه التوفيق ويحمد ربه على ما يسر له من الالتزام، ويحافظ على ذلك ويسأل ربه الثبات على الحق.
الجواب: نعم هذا من قيام الليل والحمد لله، وهذا من الحزم.
الجواب: نعم، أنت مأجور إذا اعتمرت عن أبيك أو حججت وعن أمك كذلك أنت مأجور إذا كانا ميتين أو عاجزين لكبر السن فأنت مأجور على كل حال فتحج عن أبيك أو تعتمر عن أبيك، وإذا أديت العمرة عن نفسك ثم اعتمرت عنهما كل ذلك حسن.
الجواب: هذا لا يجوز، هذا جهل منه، الواجب نبشه وإبعاده إلى المقابر ليدفن مع الناس ويصلى في المسجد، أما ما دام في المسجد فلا يصلى في المسجد حتى ينبش ويبعد وينقل إلى المقبرة العامة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، فإذا دفن أحد في المسجد ينبش وينقل، أما إذا كان قديماً ثم بني المسجد عليه فالمسجد هو الذي يهدم ويزال، أما ما دام بنى المسجد وعمره ثم دفن فيه فإنه ينبش وينقل إلى المقبرة العامة والحمد لله.
الجواب: ليس لهذا أصل أن تقرأ عن غيرك، بل تقرأ عن نفسك، والأحاديث التي في فضل قراءتها كل ليلة فيها ضعف أيضاً، ولكن تجتهد في قراءة القرآن من أوله إلى آخره، كلما ختمته أعدته جزاك الله خيراً، لنفسك لا لوالديك، بل تقرأ القرآن ترجو ثواب الله لنفسك وإذا دعوت لوالديك أو تصدقت عنهما فأنت مأجور.
أما القراءة لا تقرأ عن أحد، تقرأ عن نفسك ترجو ثواب الله، هذا هو المشروع، وسورة الملك ليس فيها حديث ثابت في قراءتها كل ليلة، ولكن تقرأ من أول القرآن إلى آخره، كلما أكملته ترجع وأنت على خير عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، ويقول: (من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها)، فأنت على خير إن شاء الله.
الجواب: الواجب عليكم الصلاة في المسجد الذي بجواركم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) وقد جاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، قال: (يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي. فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب)، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على من تخلف بيته، هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم؛ لأجل تخلفهم عن صلاة الجماعة في المسجد.
فالواجب على المؤمن وعلى جميع المؤمنين الصلاة في المساجد إذا كانت قريبة منهم، أما إذا كانت بعيدة لا يسمعون صوت المنادي صوت المؤذن في الأوقات المناسبة الهادئة فإنهم لا تلزمهم الصلاة في المسجد البعيد، يصلوا في محلهم لا بأس، أما صوت المكبر لا يكفي لأن المكبر يسمع من بعيد.
لكن إذا كان المسجد قريباً بحيث لو أذن المؤذن في الأوقات المعتادة سمعوه يلزمهم أن يصلوا فيه ويخرجون.
الجواب: المستحب إذا توضأ الإنسان يصلي ركعتين سنة الوضوء في أي وقت ولو في وقت النهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه).
فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ صلى ركعتين ورغب الناس في ذلك عليه الصلاة والسلام، ويقال لها: سنة الوضوء، فلا مانع أن تصلى في وقت النهي وغيره لأنها سنة مؤكدة.
الجواب: نرجو ألا يكون عليه شيء إذا كان بإذن المسئول نرجو ألا يكون عليه شيء، إلا إذا كان عن خيانة وعن قلة مبالاة فلا يجوز، إذا عطل العمل أو سامحه لأجل مصلحة خاصة لمديره أو ما أشبه ذلك، أما لعارض يعرض له وسامحه مديره أو رئيسه لعارض يعرض له فنرجو ألا حرج عليه، أما إذا كان على سبيل الخيانة والتساهل أو مصالح الرئيس أو المدير هذا لا يجوز.
الجواب: عليه أن يجتهد في محاربة الشكوك، وهو إن شاء الله على خير؛ لأن هذا غلبه عليه الخوف من الله والحذر من الشرك، فعليه أن يحاسب نفسه، وأن يسأل ربه العون والتوفيق، وأن يحذر مكائد الشيطان فإن الشيطان يؤذي الناس بالوساوس، فعليه أن يحذر مكائد الشيطان ويحسن ظنه بربه، ويجتهد في عمل العمل الصالح ولا يشغل نفسه بهذه الوساوس فإذا أحس بذلك تعوذ بالله من الشيطان، ويجتهد في أن تكون أعماله لله وحده، ليس فيها رياء ولا سمعة، والشيطان عدو مبين يجب أن يتحرز منه بالتعوذ بالله من الشيطان كلما شغل بهذه الوساوس.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكراً لسماحة الشيخ وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، ونحن في انتظار رسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية، الرياض، الإذاعة، برنامج نور على الدرب.
مستمعي الكرام: مرة أخرى شكراً لكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر