مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع (م. ش)، يسأل سماحتكم ويقول: أريد أن أعرف يا سماحة الشيخ هل هذا صواب أم خطأ، فإن كان صواباً أعينوني بما يزيد عندي اليقين والتوكل على الله: إنني مريض بالفشل الكلوي، ويقول الأطباء: لو صبرت عن الغسيل الكلوي عشرة أيام تموت، وإني قد عزمت العلاج بالطب النبوي الذي يحتم علي أن أترك الغسيل وأحتمي من الأكل متوكلاً على الله، وآخذاً بالأسباب التي هي أكل العسل الذي ذكره الله في القرآن، وشرب زمزم بنية العلاج وقراءة القرآن بالرقية، فهل إذا مت أكون أهلكت نفسي، أم هو أجل قد انتهى، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: كلها أسباب، عملك من باب الأسباب، وعمل الأطباء من باب الأسباب، فإن خضعت لقول الأطباء لأنهم أعلم بالمرض فلا بأس عليك ولا حرج والحمد لله، وإن أخذت بالأسباب الأخرى ولم تقبل علاج الأطباء فلا حرج؛ لأن العلاج ليس بلازم وليس بواجب، العلاج مستحب.
الجواب: عليك أن تسعى في رضاها وأن تنصحها فيما يتعلق بالغيبة ولا تقطعها، بل اجلس معها وانصحها وبين لها أحكام الغيبة، وإذا كانت تشكو إليك شيئاً من تقصير إخوانك، فساعدها في صلاحهم وتوجيههم حتى يستقيموا وحتى يبروها، وهكذا زوجاتهم، كن معها على الخير لا مع الشر، كن معها في نصيحة إخوانك وزوجاتهم وأن يعطوها حقها، وحذرها مما حرم الله من الغيبة وأشباهها، تجمع بين المصالح، جزاك الله خيراً.
الجواب: لا يجوز هذا، الواجب العناية بالوالدين، وعدم الاعتماد على الخدم في هذا الشيء، بل يجب العناية بالوالدين والإحسان إليهما وبرهما، والحرص على كل ما ينفعهما ويقيهما شر الأذى لا من الخادم ولا من الخادمة، يجب على الولد ذكراً كان أو أنثى أن يجتهد في بر والديه والإصلاح في كل ما ينفعهم، ومع توجيه الخادمة والخادم وتحريصهم على الشيء الطيب، لكن لا يكتفي بذلك، قد يقصر الخادم، قد ينسى، قد يكون كسولاً، فالحاصل أن الولد عليه أن يعتني بالوالدين وأن لا يتكل على مجرد عمل الخادم.
الجواب: الواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه من السرعة ومن الشرود من الحادث، عليك التوبة إلى الله من ذلك بالندم الصادق والعزيمة أن لا تعود، وعليك أن تجتهد في البحث عن الرجل حسب طاقتك، فإن علمت أنه مات أديت ديته وعليك الكفارة، وإن سلم فالحمد لله، إذاً: الواجب عليك ثلاثة أمور:
الأمر الأول: التوبة والندم والإقلاع والعزم أن لا تعود؛ لأن السرعة لا تجوز، بل يجب على المؤمن أن يسير في الطرقات سيراً بعيد عن الخطر، عليه وعلى غيره.
الأمر الثاني: أن تجتهد في البحث عنه، وماذا صار في أمره.
والأمر الثالث: أن تؤدي الحق متى عرفت أنه مات، تؤدي الدية، وتؤدي الكفارة، وإن أصابه شيء دون الموت أديت ما يجب من أجرة الطبيب المعالج وغير ذلك مما يلزم، نسأل الله لنا ولكم الهداية.
الجواب: هذا الحديث لا أصل له، بل هو كذب، ولكن على المؤمن أن يجتهد في الإخلاص لله والاستمرار في العمل الصالح والتوبة الصادقة حتى يموت، وأما كونه يقرأ سورة الإخلاص في مرضه ويسلم فهذا لا أصل له، لكن الذي عليه أن يلزم الإخلاص قولاً وعملاً، تكون أعماله لله وحده من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك، وعليه أيضاً أن يؤدي الفرائض من صلاة وغيرها ويحذر ما حرم الله عليه، وعليه أن يتوب إلى الله من سالف الذنوب، هكذا المؤمن في مرضه يجتهد في التوبة إلى الله بالندم على ما مضى من التقصير، بالحرص على أداء الفرائض حسب طاقته، وترك المحارم، أداء الحقوق التي عليه، الوصية بالحقوق التي قد لا تعرف إلا منه، يوصي بها لأهلها من ديون وغيرها، يجب على المؤمن أن يحتاط وأن يحذر في مرضه وفي صحته، يجب أن يؤدي الحقوق وأن يجتهد في إيصالها إلى أهلها بكل إخلاص وبكل صدق، وعليه أن يستمر في التوبة والإكثار من العمل الصالح في مرضه حتى يموت على خير حالة إن شاء الله.
الجواب: قول الزور أعم، وشهادة الزور أخص، الله جل وعلا قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30] قول الزور يشمل الشهادة وغير الشهادة وهو الكذب، كونه يكذب على الناس: صار كذا، بيع كذا، سافر فلان وهو يكذب، قدم فلان، إلى غير هذا من الكذب، وشهادة الزور كونه يشهد لفلان، أنه باع كذا أو اشترى كذا أو أن عليه ديناً لكذا أو أن عنده مالاً لفلان يشهد بشيء وهو كاذب، هذه من شهادة الزور، يشهد لفلان: أنه شرى من فلان كذا وكذا، أن له ديناً على فلان وهو يكذب، هذه شهادة الزور، يشهد أن فلاناً دعس فلاناً وهو يكذب، يشهد بأنه سبه بأنه قذفه وهو يكذب، كل هذا يقال له: شهادة الزور، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور)، فأخبر صلى الله عليه وسلم (أن أكبر الكبائر الشرك والعياذ بالله) وهو عبادة غير الله، صرف بعض العبادة لغير الله كالذي يدعو الأموات، يستغيث بالأموات، ينذر لهم، يذبح لأهل القبور، يذبح للجن، يستغيث بالجن، يذبح للأصنام من الأشجار والأحجار، للنجوم، هذا هو الشرك الأكبر، أو يجحد ما أوجب الله، كأن يجحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب صوم رمضان، أو يجحد ما أحل الله للمسلمين، كأن يجحد حل البر، حل الإبل والبقر والغنم، أو يجحد ما حرم الله، كأن يقول: الزنا حلال أو الخمر حلال، كل هذا كفر أكبر وشرك أكبر.
ثم يلي هذا العقوق للوالدين، فإنه من أكبر الكبائر، قتل النفوس بغير حق من أكبر الكبائر، يلي الشرك القتل والعقوق للوالدين نسأل الله العافية، الأب والأم والجد والجدة، بالسب والشتم أو الضرب أو غير هذا من أنواع الأذى، ثم قال: (شهادة الزور) الكذب نسأل الله العافية.
الجواب: صلاة التسبيح غير صحيحة وغير ثابتة، بل هي موضوعة وكذب، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، أنه لا أساس لها من الصحة، وإنما يصلي الإنسان الصلاة المعروفة بقراءة الفاتحة وما تيسر معها إلى آخره في كل ركعة.
الجواب: لا بأس بلبس القفاز في السعي وغيره، لبست القفازين عند خروجها للأسواق، عند وجود غير محرم، كل هذا طيب، وإن غطت يديها بغير القفازين بجلال أو بعباءة لا بأس، المقصود أن القفازين لا بأس بلبسهما في جميع الأوقات، إلا في حق المحرم، إذا كانت محرمة فلا تلبس القفازين، لا في السعي ولا في الطواف؛ لأن المحرم ممنوع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلبس القفازين) يعني: حال إحرامها بالحج أو بالعمرة إذا كانت لم تحل، أما إذا كان الإنسان قد حج وطاف طواف الإفاضة وسعى.. إذا كان قد رمى الجمرة وحلق أو قصر فقد حل، إذا كان قد طافت، رمت وقصرت تلبس القفازين، يعني: قد حلت من جهة اللباس كالرجل، أما إذا كان ما بعد رمت، أو رمت ولا طافت، فإنها لا تلبس القفازين حتى تحل، في حال الإحرام بالحج، وفي العمرة كذلك لا تلبس القفازين حتى تطوف وتسعى وتقصر، حتى تحل؛ لأنها محرمة، لكن تغطي يديها بغير القفازين، بالعباءة بالجلال بغير ذلك، المقصود أن القفازين مباحان للمرأة إلا في حال الإحرام وما دامت محرمة ولم تحل فلا تلبسهما.
الجواب: إذا كان غارماً وليس عنده وفاء فلا بأس، إن كان عليه دين ثابت وهو معسر بالقضاء؛ لأن الدخل لا يكفي فلا بأس أن تعطيه زكاتك، هذا هو الصواب وهذا هو الحق، لا بأس أن تعطي زوجك زكاتك إذا كان فقيراً أو غارماً عليه دين ليس له قضاء.
الجواب: ليس هذا بنوح، النوح رفع الصوت بالصياح، أما كون دمع العين أو سبق اللسان بكلمة لا أو شهقة وروعة فلا يضر؛ لأن الإنسان ليس قصده معارضة القدر، إنما هذا قد يقع من جهة شدة الروعة وشدة المصيبة فيشهق، أو يقول: لا، يعني: ليس بصحيح الخبر؛ لأنه استنكره فهذا ليس من النياحة، النياحة رفع الصوت، ولا يجوز رفع الصوت عند المصيبة، أما كون الإنسان يبكي بدمع العين لا يعذب بهذا ربنا، النبي صلى الله عليه وسلم قال لما مات ابنه إبراهيم: (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا
المقدم: جزاكم الله خيراً، تسأل أختنا: هل يكون هذا من عدم الصبر عند الصدمة الأولى؟
الشيخ: لا يضر هذا، الذي يضر كونها تنوح أو تخدش وجهاً أو تشق ثوباً، هذا هو الممنوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة) والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه، والشاقة: تشق ثوبها عند المصيبة، فالواجب الحذر من هذا.
الجواب: هذا فيه تفصيل: ترك صلاتها في جماعة لا يجوز، مشابهة لأهل النفاق، الواجب أن تصلى في الجماعة في المساجد، هذا هو الواجب، ويأثم من تأخر عن ذلك كبقية الصلوات، الواجب أن تؤدى في الجماعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر قيل لـ
وصيتي لكل مسلم ولكل مسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها، وعلى الرجل أن يؤديها في الجماعة في المساجد، وأن يتقي الله وأن يحذر مشابهة المنافقين، وأن يحذر تركها، أما تعمد تركها فهذا من الكفر نعوذ بالله، ونسأل الله العافية.
الجواب: تغفر الصغائر دون الكبائر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح: سبحان الله وبحمده وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) قيد هذا قوله جل وعلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فالله سبحانه قال: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فجعل التكفير مقيداً باجتناب الكبائر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر)، ولما ذكر الوضوء وأنه كفارة قال: (ما لم تصب المقتلة) أي: الكبيرة، فشرط تكفير السيئات اجتناب الكبائر، كبائر الذنوب كالزنا والسرقة وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وشهادة الزور وأكل الربا ونحو هذه، هذه الكبائر نعوذ بالله، وهي الذنوب والمعاصي التي فيها الوعيد الشديد.
الجواب: ننصحك ونوصيك بأن تجتهد في الالتحاق بكلية الشريعة، حتى تكمل الدراسة الجامعية، ثم التخصص بعدها إن شاء الله، نسأل الله لك التوفيق والعون.
الجواب: المزاح القليل لا بأس به، كان يمزح النبي صلى الله عليه وسلم قليلاً ولا يقول إلا حقاً، إذا كان المزاح قليلاً بحق فلا بأس، أما الكثرة من المزاح أو بالكذب فهذا لا يجوز، لكن المزاح القليل إذا كان بحق لا بأس بذلك.
الجواب: النية علمك بأنك تفعل كذا، حين تسحر علمك بأنك تسحرت لتصوم اليوم، هذه النية، حين تقوم إلى الصلاة هذه النية، النية كون القلب يعلم أنه قام لهذا الشيء أو شرع في هذا الشيء أو سيشرع في هذا الشيء تريد وجه الله سبحانه وتعالى. ولا يحتاج إلى تلفظ، لا يقول: نويت بلسانه بل بقلبه يكفي، أما التلفظ بالنية، نويت أن أصلي، نويت أن أطوف، هذا بدعة ولا أصل له.
الجواب: الذنوب كلها محرمة صغيرها وكبيرها، فالواجب الحذر مما حرم الله جل وعلا، الله جل وعلا نهى عباده عما فيه مضرتهم وأمرهم بمصلحتهم، والنبي عليه السلام يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)، والله سبحانه يقول: وََمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] يعم الصغائر والكبائر، والدخان شره عظيم وفساده كبير على الصحة والدين والمال والعرض، فالواجب الحذر منه، وفق الله الجميع.
الجواب: لا يضر الصوم، ما يخرج من اللثة عند السواك أو المضمضة أو شبه ذلك فلا يضر الصوم، هذا دم يسير يعفى عنه، وهكذا ما يخرج من العين من دم أو غيره من جراحات لا يضر الصوم، والحمد لله.
المقدم : جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر