إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (422)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    مدى صحة القول بوجود المجاز في القرآن

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى دول المغرب العربي كما يبدو من الخط، أما صاحبها فلم يذكر اسمه، هذه الرسالة تضمنت سؤالين:

    في سؤاله الأول يقول: هل يوجد المجاز في القرآن الكريم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالصواب أنه لا يوجد فيه مجاز الذي يعنيه أصحاب البلاغة والأدب، وهو أنه يجوز نفي الشيء عما أطلق عليه وإنما يجوز فيه توسع اللغة، فالمجاز مصدر جاز يجوز مجازاً مثل قال يقول مقالاً، والمعنى أنه يجوز في اللغة أن تقول: سألت قرية أو سألت العير، أو تقول: جناح الذل أو ما أشبه ذلك كما جاء في القرآن الكريم هذا من سعة اللغة وعدم تقيدها بألفاظ خاصة في مثل هذا.

    فالمقصود أنه من الجواز ضد المنع ليس من الجواز الذي يراه أهل البيان والبلاغة أنه يصح نفيه.

    1.   

    حكم صوت المرأة

    السؤال: يسأل سماحتكم فيقول: هل صوت المرأة عورة؟

    الجواب: صوتها ليس بعورة، قد كان النساء يسألن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألن الصحابة ولم ينكر عليهن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما العورة خضوعها بالقول وتغنجها؛ لقوله سبحانه: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].

    فالمشروع لها أن يكون صوتها وسطاً لا خضوع فيه ولا فحش فيه، ولهذا قال: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32].

    فهكذا ينبغي للمرأة أن تكون متوسطة في كلامها لا مفحشة في القول ولا خاضعة فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].

    1.   

    حكم التسمي بالأثري

    السؤال: أحد الإخوة المستمعين بعث بالأسطر التالية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، سماحة الشيخ حفظه الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حصل عند بعض الشباب إنكار للتسمي بالأثري والانتساب إلى الأثر، ويقولون: إن هذه النسبة تفرق المسلمين، فهل هذا صحيح أم أنها مجرد نسبة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الحق، وخاصة أن بعض العلماء الأعلام كـالحافظ العراقي تسمى بذلك؟ هل صحيح أنكم تراجعتم عن التسمي بذلك؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا أعلم حرجاً في ذلك إذا قال: إنه أثري، أو قيل عن فلان: إنه أثري إذا كان صحيحاً -إذا كان يعتمد الأحاديث النبوية والسنة المطهرة، ويسير على نهج السلف الصالح- فيقال له: أثري أو يقال: من أهل السنة والجماعة؛ كل هذا لا حرج فيه ودرج عليه أهل السنة .. إذا كان صادقاً في ذلك.

    المقدم: معنى هذا أن سماحتكم لم يتراجع عن التلفظ بهذا اللفظ؟

    الشيخ: أنا ما تسميت به، الذي سماني بعض الناس، لم أتسم بهذا، ما قلت عن نفسي: إني أثري، إنما بعض الناس قال عني ذلك.

    المقدم: ووجد في بعض الكتب.

    الشيخ الذي قال عني بعض الناس ذلك.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    الشيخ: أما أنا أقول: نعم أنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة.

    المقدم: اللهم آمين.

    الشيخ: وأنا إن شاء الله أثري أقوله الآن.

    1.   

    نصيحة لأب تزوج مرة أخرى وأهمل الأولى وأولادها

    السؤال: بعد هذا رسالة مطولة بعث بها أحد الإخوة يقول: أخوكم في الله (ب. ع. ز)، أخونا رسالته مطولة جداً، ملخص ما في هذه الرسالة أن أباه تزوج وأنجب من المرأة الجديدة، وحينئذ تغيرت مشاعره نحو أبنائه القدامى وأصبح لا ينظر إليهم نظرة الأب الحنون، ويرجو من سماحة الشيخ توجيه هذا الأب بالذات وتوجيه أمثاله، ولاسيما أنهم يصفونه بالإهمال حتى لبنت معوقة عمرها ثنتا عشرة سنة، جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الواجب على الوالد والوالدة العدل بين أولادهم في كل شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فالواجب على الأب أن يعدل في عطيته، وفي ملاحظته، وفي إنفاقه، وفي حسن خلقه، عليه أن يعدل في الجميع ذكوراً وإناثاً، والأم كذلك، هذا هو الواجب على الجميع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وهذا عام يعم العدل في النفقة والعطية وغير ذلك، ولأن عدم العدل يسبب الشحناء والعداوة والبغضاء، وتلك عواقبها وخيمة، نسأل الله للجميع الهداية.

    المقدم: اللهم آمين، سماحة الشيخ! لو تفضلتم.. في الواقع أن مما أساء إلى تعدد الزوجات تصرف بعض الناس مثل هذا التصرف. أطمع في هذا البرنامج بكلمة من سماحة الشيخ حتى لا يسيء الناس إلى شريعة الله بسوء تصرفاتهم. جزاكم الله خيراً؟

    الشيخ: الواجب على من تزوج زوجتين أو ثلاثاً أو أربع أن يعدل وأن يتحرى العدل بين زوجاته وبين أولاده جميعاً، فالله سبحانه حين شرع التعدد شرع أيضاً العدل وأمر بالعدل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يقسم بين نسائه: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)، وكان يقسم ويعدل عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الواجب على الرجل أن يعدل بين زوجاته وبين أولاده ويتحرى العدل في ذلك، وما عجز عنه ولم يستطعه فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    1.   

    حكم الزواج من بنات من ثبت الرضاع منها

    السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: المرسل أخوكم (إبراهيم . ع. م) الأخ إبراهيم له بعض الأسئلة في أحدها يقول: ما هو حكم الزواج من إخوة من الرضاع، وإذا كان قد حدث دون أن يعلم أحد بالرضاعة عدا الوالدة الجاهلة، هل يفسخ الزواج بعد أن تم فعلاً أم لا؟ وهل جميع الأبناء تحرم عليهم الزواج من بعضهم أم الذين قبل أن تتم عملية الرضاعة؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: السؤال فيه إجمال، فمتى ثبت الرضاع.. متى ثبت أن زيداً رضع من فلانة فإنه يحرم عليه بناتها وأخواتها، لأن بناتها أخوات، وأخواتها خالات، فالواجب عليه أن يحذر ذلك؛ لأن الرضاع يحرم ما يحرمه النسب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) لكن لابد أن تكون الرضاع ثابتة بشهادة امرأة عدل أو أكثر بأنها أرضعته خمس رضعات في الحولين، لابد أن تكون الرضعات خمساً ولابد أن تكون في الحولين قبل أن يفطم الطفل، ولابد أن يكون الشاهد عدلاً إن كان رجلاً أو امرأة أو أكثر من واحد، فإذا كانت الشاهدة غير معروفة بالعدالة لا تثبت شهادتها وهكذا الرجل، لابد أن يكون الشاهد بالرضاع عدلاً من الرجال أو النساء.

    1.   

    حكم من تصرفت في تركة أمها دون علم بقية الورثة

    السؤال: بعد هذا رسالة مطولة بعثت بها إحدى الأخوات المستمعات تقول عن نفسها: الحائرة في أمرها: (ف. ع) من مدينة أملد، أختنا بدأت رسالتها كالتالي: بسم الله الرحمن الرحيم، سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنني من المتابعين لبرنامج نور على الدرب، وشديدة الحرص على الاستماع إليه، وأشكركم -يا سماحة الشيخ- على ما تبذلونه لخدمة الإسلام والمسلمين، أعرض لكم مشكلتي التي أعاني منها بسبب تأنيب الضمير وتتلخص فيما يلي:

    إن لوالدتي المتوفاة أربع بنات وولدين، وكانت قبل وفاتها تعيش بمنزلي وأنا التي أقوم على خدمتها والعناية بها، وبعد وفاتها تركت مبلغاً من المال ما يقارب ألف ريال وعدد ست قطع من أساور الذهب، ولجهلي التام ولعدم سؤال إخوتي عما تركته والدتي فقد تصرفت بالمبلغ والقطع الذهبية، والآن بعد أن مضت أربع سنوات وعند استماعي إلى البرامج الدينية أدركت بأن لإخوتي الحق فيما تركته والدتنا، وأنا الآن لا أستطيع إعطاءهم نصيبهم لفقري الشديد ولعدم حاجتهم لها، وحتى الآن لم أخبرهم بما تركته والدتهم لخوفي من مطالبتهم، علماً بأني امرأة -تصف نفسها وتقول: علماً بأني امرأة صالحة وأخاف من الله وأخشاه، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: عليك التوبة إلى الله مما فعلت، وعليك أن تخبريهم، ولعلهم يسمحون إن شاء الله، فإن لم يسمحوا فإذا قدرت أعطيهم حقوقهم؛ لأن الله يقول جل وعلا: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ويقول سبحانه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، فلهم حقهم مما خلفت الوالدة من الأسورة والدراهم إلا أن يسمحوا، فإذا سمحوا أو بعضهم فالحمد لله، ومن لم يسمح فعليك أن تعطيه حقه إذا قدرت ولو بعد مدة، وعليك تقوى الله في ذلك والصدق والجد حتى توصلي لهم حقوقهم إلا إذا سمح الجميع عنها أو سمح البعض، ومن سمح فجزاه الله خيراً، ومن لم يسمح فعليك أن تتقي الله وأن تعطيه حقه.

    1.   

    حكم من يشق عليه صيام رمضان بسبب المرض

    السؤال: من الجمهورية اليمنية رسالة بعث بها مستمع من هناك يقول حسين عبده أحمد المنصوري من رداع، أخونا يقول: تعالجت لمدة سنتين من عام ألف وأربعمائة واثنين وذلك لأني أعاني من مرض مزمن ولا زال بي حتى الآن، وإذا جاء رمضان أحتار كيف أصوم لأنه يشق علي مشقة كبيرة، هل أطعم أم كيف توجهونني جزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟

    الجواب: عليك أن تقضي إذا شفاك الله؛ لقول الله سبحانه: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، لكن إذا قرر الطبيب الثقة أو أكثر من طبيب أن هذا المرض لا يرجى برؤه ويشق عليك الصوم فإنك تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من التمر أو الأرز أو الحنطة أو غيرها من قوت البلد تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، في أول الشهر أو في آخره أو في وسطه والحمد لله، أما مادمت ترجو العافية فإنه يلزمك القضاء إذا شفاك الله.

    1.   

    الصفات التي ينبغي أن تكون في إمام المسجد

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى جيزان قرية ذربة عبر رسالة بعث بها مستمع من هناك رمز إلى اسمه بالحروف (ع. ب. هـ)، أخونا بدأ رسالته كالتالي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أبعث برسالتي هذه إلى سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله، أما بعد: فإني أحبك في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياك ومن أحب في جنة النعيم إنه على كل شيء قدير، سماحة الوالد! ما هي الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن أراد أن يصير إماماً في مسجد يؤم المصلين؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: أولاً نقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتزاورين في، والمتجالسين في، والمتباذلين في)، وثبت أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، نسأل الله أن يجعلنا وإخواننا المتحابين في الله من هؤلاء. أما الصفات التي ينبغي أن تكون في الإمام مثلما بين النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً)، وفي لفظ: (فأقدمهم إسلاماً).

    فعليك -يا أخي- أن تجتهد في الإكثار من القرآن والعناية به، وحفظ ما تيسر منه، والتفقه في الدين والتعلم حتى تعرف أحكام صلاتك وأحكام سجود السهو ونحو ذلك مما يعرض للإمام، مع تقوى الله والاستقامة على دينه والحذر من معصيته سبحانه وتعالى.

    فإذا اجتهدت في ذلك فأنت صالح للإمامة، وأهم شيء العناية بالتفقه في الدين، والعناية بالقرآن الكريم، وحفظ ما تيسر منه، مع الاستقامة على طاعة الله والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى.

    1.   

    حكم الحج عن الأم المتلبس بها الجن

    السؤال: يقول: عندي والدة بها مس من الجن ولا تستطيع الجلوس في الزحام ولا تطيق الزحام ولم تحج حتى الآن، فهل لي أن أحج عنها أو لأبي؟ علماً بأن الوالد قد حج ولله الحمد، أفتونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: مثل هذه يرجى أن تشفى وأن تعافى، وعليكم أن تجتهدوا في القراءة عليها لعل الله يشفيها من هذا المس، تقرأ عليها أنت أو أبوك، يقرأ عليها أخوك، يقرأ عليها من هو معروف بالخير لعل الله أن يزيل عنها هذا البلاء، والمعروف أن المجنون إذا قرئ عليه الآيات القرآنية أو الدعوات الطيبة، ونوشد هذا الجني بالله وحذر من الظلم، أن الله سبحانه وتعالى يخرجه منها، فعليكم أن تجتهدوا في الأسباب لعل الله سبحانه يشفيها من هذا البلاء وتحج بنفسها والحمد لله، الحمد لله. لا يتعجلون لأنه يرجى برؤه، يرجى زواله ما هو بميئوس منه. وعليهم أن يبذلوا الأسباب.

    1.   

    معنى قراب الأرض الواردة في بعض الأحاديث

    السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا سوداني، يقول في رسالته: أسألكم عن قراب الأرض الواردة في بعض ألفاظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الجواب: جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله عز وجل: لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لقيتك بقرابها مغفرة)، قرابها يعني ما يقارب ملأها، قرابها يعني ملؤها أو ما يقارب ملأها، وهذا عبارة عن سعة جوده سبحانه وتعالى وكرمه.

    والمعنى أنك لو لقيتني بكل الذنوب ما عدا الشرك بالله فإنه جل وعلا يغفر لمن تاب إليه وأناب إليه، وهكذا الشرك إذا تاب صاحبه تاب الله عليه، لكن من مات على الشرك فإنه لا يغفر له بل له النار أبداً نسأل الله العافية؛ لقول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] ثم قال سبحانه وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فبين سبحانه وتعالى في كتابه العظيم أن الشرك لا يغفر وأن ما دونه تحت مشيئته سبحانه وتعالى، فمن جاءه بذنوب دون الشرك تائباً نادماً تاب الله عليه، وإن جاء غير تائب فهو تحت مشيئة الله، ويرجى له أن يتوب الله عليه وأن يعفو عنه إذا كانت له أعمال صالحة أو مات على حسن خاتمة.

    فالمقصود أن هذا فيه وعد فيه رجاء، وعد لمن مات على المعاصي إذا لقي الله موحداً ليس بمشرك أن الله يغفر له، فهذا من أحاديث الرجاء من أحاديث الوعد، وهناك أحاديث الوعيد لمن مات على المعاصي.

    فالواجب على العاصي، الواجب عليه أن يبادر بالتوبة، وألا يتعلق بأحاديث الرجاء، بل يجب أن يحذر وعيد الله سبحانه وتعالى، يحذر الوعيد ويحسن ظنه بربه جل وعلا فيبادر بالتوبة وترك المعاصي ولا يتعلق بالرجاء، ويقيم على المعاصي، فهو على خطر عظيم، لأنه متوعد بالنار إذا قام على المعاصي.

    فالواجب على المسلم أن يبادر إلى ما يرضي الله، وأن يدع ما حرم الله، مع حسن ظنه بربه ورجائه أن يغفر له ما قد يبقى من ذنوبه وسيئاته إذا مات على شيء من ذلك، يحسن ظنه بربه ويرجوه أن يغفر له، لكنه لا يتساهل ولا يعتمد على الرجاء ويقيم على المعاصي والسيئات، فأنت يا عبد الله عليك أن تحذر الإصرار، وأن تبادر بالتوبة النصوح من ذنوبك لعلك تفوز بالمغفرة والرحمة، لأن الله عز وجل وعد المغفرة من لم يصر كما في هذه الآية الكريمة مع الرجاء لمن مات على المعاصي يكون عنده حسن ظن بالله لا يقنط ولكن يحذر ويجتهد في التوبة، في ترك المعاصي مادام في قيد الحياة، حذراً من غضب الله وحذراً من عقابه سبحانه وتعالى.

    1.   

    الوعد والوعيد في شريعة الله

    السؤال: سماحة الشيخ! هل تتفضلون بالحديث ولو موجزاً عن الوعد والوعيد في شريعة الله وقد تطرقتم إلى هذا في إجابة هذا المستمع؟

    الجواب: نعم الوعد والوعيد ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة، فالوعد يوجد حسن الظن بالله، فإنه وعد الموحدين وعدهم بالمغفرة والرحمة من مات على التوحيد، وعدهم الله بالمغفرة والرحمة والجنة، وتوعد العاصين بالنار، توعد العاصين بالنار، فالواجب على المسلم ألا يقنط ولا يأمن، يكون بين الرجاء والخوف؛ لأن الله ذم الآمنين وذم القانطين، فقال سبحانه: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، وقال عز وجل: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87]، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53].

    فالواجب على المكلف رجلاً كان أو أنثى ألا ييئس ولا يقنط ولا يأمن، بل يكون بين الرجاء والخوف، يخاف الله ويحذر المعاصي ويجتهد في التوبة وسؤال الله العفو ولا يأمن من مكر الله فيقيم على المعاصي ويتساهل، ولكن يحذر معاصي الله ويخافه ولا يأمن، بل يكون بين الخوف والرجاء، يحسن ظنه بربه ولكن لا يأمن ولا يقنط وييئس، بل يخاف ويحذر ولا يقنط ولا ييئس، فلا قنوط ولا يأس ولا أمن من مكر الله ولكن بين ذلك يعبد الله بين الخوف والرجاء، يحسن ظنه بربه ويرجو رحمته مع خوفه من عقابه وغضبه ونقمته بسبب معاصيه وسيئاته.

    هكذا الواجب على المؤمن أن يكون في سيره إلى الله بين الرجاء والخوف، لكن في حال المرض يغلب عليه الرجاء وحسن الظن بالله، وفي حال الصحة رأى بعض السلف أن يغلب جانب الخوف حتى يحذر وحتى يتباعد عن المعاصي، وبكل حال فالواجب أن يسير إلى الله بين الرجاء والخوف لا أمن ولا قنوط، وفق الله الجميع.

    1.   

    كيفية التغلب على النعاس في حلقات الذكر

    السؤال: سماحة الشيخ! ما رأيكم في الذين يكثر نعاسهم ونومهم إذا أقيمت حلقات الذكر؟

    الجواب: عليه أن يجتهد ويحاسب نفسه ويتحرى أسباب يقظته وانتباهه ولو بشيء يتعاطاه من قرنفل أو غيره أو سواك يتعاطى الأسباب، يجتهد في الأسباب التي تعينه على الانتباه واليقظة وسماع الفائدة.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، سماحة الشيخ يقولون: إن النوم والنعاس عدوى ما هو رأيكم؟

    الشيخ: ما سمعته ما بلغني شيء في هذا.

    1.   

    حكم جهر الإمام في الصلاة السرية

    السؤال: المستمع أيضاً يسأل ويقول: إمام صلى بنا صلاة سرية إنما هو قد جهر فيها، فما هو توجيهكم؟

    الجواب: لا شيء عليه وإن سجد للسهو فهو حسن، ولكن لا يلزمه ذلك؛ لأن الجهر والإسرار سنتان، فلو جهر في السر أو أسر في الجهر فلا شيء عليه والحمد لله.

    1.   

    حكم من يصلي منفرداً في عمله نتيجة ظروف العمل

    السؤال: المستمع بخيت بن مبارك الدوسري بمدينة الجبيل بعث برسالة يقول فيها: أولاً نحن في الأمن الصناعي دوامنا ورديات، وبالطبع تمر علينا الصلوات، وأحياناً نضطر ليصلي كل واحد منا بمفرده، سؤالنا: هل تحسب لنا صلاة الجماعة وأجرها، علماً بأنا نصلي أحياناً فرادى جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا اضطر الإنسان لصلاة الفرد وهو معذور لمرض أو حراسة يرجى له فضل الجماعة لأنه معذور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم)، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك في المدينة، قال عليه الصلاة والسلام: (إن في المدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم، قالوا: وهم في المدينة؟ قال: وهم في المدينة حبسهم العذر)، وفي اللفظ الآخر: (حبسهم المرض)، فالمعذور له أجر العاملين إذا كان تخلفه من أجل العذر الشرعي.

    1.   

    حكم من لم يصل المغرب ودخل عليه وقت العشاء

    السؤال: يقول: إذا كان هناك إنسان أتى من مكان بعيد ولم يستطع أن يصلي مثلاً صلاة المغرب، وعندما وصل إلى البيت فإذا بصلاة العشاء تقام، هل يصلي العشاء أولاً أم يصلي المغرب جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يصلي معهم العشاء بنية المغرب لا يضيع الجماعة، يصلي معهم العشاء بنية المغرب ويجلس في الثالثة، ويسلم معهم بعد ذلك ثم يصلي العشاء حتى يحصل له فضل الجماعة، هذا هو المختار وهذا هو الأرجح.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحة الشيخ وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767960447