مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من مكة المكرمة، وباعثتها إحدى الأخوات المستمعات تقول: (هـ. أ. هـ) أختنا لها عدد من الأسئلة من بينها سؤال تقول فيه: أنا فتاة صليت صلاة الفجر في جماعة في المسجد، وأثناء قراءة الإمام السورة التي عقب الفاتحة كبر وسجد سجود التلاوة، وأنا لم أكن أعلم أنه سجد للتلاوة فركعت، حتى النساء اللاتي بجواري ركعن، ثم كبر الإمام وبدأ يكمل السورة ثم ركع، فركعت معه مرة ثانية وبعض النساء سجدن، فما حكم تلك الصلاة بالنسبة لي وبالنسبة للنساء أمثالي، جزاكم الله خيرا؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالحكم في هذا أن النساء اللاتي ركعن معه بعدما ركع صلاتهن صحيحة، وركوعهن الأول صدر عن جهل فلا يضر صلاتهن، صلاتهن صحيحة وركوعهن الأول الذي ركعنه وهو ساجد للتلاوة لا يضر من أجل الجهل، أما اللاتي لم يركعن معه بل سجدن ثم استمررن في الصلاة ولم يركعن معه ولم يأتين بركعة بعد السلام، فعليهن قضاء تلك الصلاة، عليهن قضاؤها الآن بالنية عن تلك الصلاة؛ لأنهن أخللن بركعة من الصلاة فطال الفصل، فعليهن أن يأتين بالصلاة ويقضينها كاملة، والله ولي التوفيق.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كان المار بين يديه أو بينه وبين السترة امرأة أو حمار أو كلب أسود انقطعت الصلاة وبطلت، فرضاً أو نفلاً، إذا كان المار بينه وبين السترة، إذا كان يصلي إلى جدار، أو إلى كرسي، أو إلى سترة أخرى ثم مر بينه وبينها حمار أو كلب أسود أو امرأة بطلت صلاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود) وهكذا إذا مرت بين يديه قريبة منه المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود، إذا كان ما عنده سترة ما له سترة، إذا مرت المرأة أو مر الحمار أو الكلب الأسود بين يديه في حدود ثلاثة أذرع فأقل من قدمه فإنها تبطل صلاته.
أما إن كان بعيداً وليس هناك سترة فإن الصلاة صحيحة، أو كان المار وراء السترة من خلفها فالصلاة صحيحة والحمد لله، أما إن كان المار غير الثلاثة مر رجل أو كلب غير أسود أو شاة أو ما أشبه ذلك غير الثلاثة فالصلاة صحيحة، وإن كان ينقص ثوابها لكن الصلاة صحيحة.
الجواب: ليس عليها أن تخلل شعرها بل تمر الماء على شعرها ويكفي، سألت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (يا رسول الله! إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيض؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تغتسلين فتطهرين) في الجنابة تحثو عليه ثلاث مرات وفي الوضوء تمر يديها عليه بالمسح يكفي ولا حاجة إلى النقض لا في الغسل ولا في الوضوء، لكن في الغسل تحثي عليه ثلاث حثيات، مثلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي، وفي الوضوء تمسح تمر يديها عليه على ظاهر الرأس ويكفي، نعم تمسح أذنيها أيضاً تضع أصبعيها في بأذنيها في الصماخين وتمسح بإبهامها على ظاهر الأذنين ويكفي والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذا كان على شكل ضفائر هل يلزمها أن تفك تلك الضفائر؟
الشيخ: لا لا، تمسح عليها وهذا يكفي، إلى حدود أسفل الرأس .. منابت الشعر، أما فك الضفائر ليس لها لزوم إلا في الغسل تمر الماء عليها كلها، أما في الوضوء إلى منابت الشعر إلى أسفل الرأس في المنابت وإذا طال الشعر فوق ذلك ما يضر.
المقدم: جزاكم الله خيراً، لكن في الغسل لا يجب عليها فك الضفائر؟
الجواب: لا تفك ولكن تعمه بالماء، وتصب الماء عليه كله.
الجواب: الصواب أنه لا حرج أن تقرأ عن ظهر قلب وتسجد هذا هو الصواب؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنب مدته قصيرة يغتسل ويقرأ، فلا يقرأ الجنب، ولا يسجد، لكن الحائض والنفساء مدتهما تطول، فالصواب أن لهما أن تقرأا عن ظهر قلب، فإذا مرتا بالسجدة سجدتا؛ لأن سجدة التلاوة ليست صلاة، وإنما هي خضوع لله، مثل الذكر لا بأس.
الجواب: هذا الأفضل كلما كررت القراءة يتكرر السجود هذا الأفضل، وإن اكتفى القاري بالسجدة الأولى فالحمد لله فلا بأس، السجود كله نافلة، سجود التلاوة كله نافلة، لكن إذا كرره يكون أفضل، فإن اكتفى بالسجدة الأولى حين قرأ القراءة الأولى كفى والحمد لله.
الجواب: إذا كان الأولاد كبار فلا بأس، أما إذا كانوا صغار دون السبع السنين فلا، لابد من وجود من يزيل الخلوة، فلا يدخل على بيته من يعلم أولاده وهم صغار وليس عند امرأته أحد من الكبار؛ لأن هذه خلوة، أما إذا كانوا كباراً أبناء سبع فأكثر فلا حرج إن شاء الله.
الجواب: هذا ربا، يعطيهم قسطاً ويعطونه زيادة، هذا من جنس التأمين الذي يؤمن كذا يعطى كذا، هم يتصرفون في القسط يستفيدون منه وعند مضي المدة يعطونه مقابل ذلك، نعم، ما يصلح هذا.
الجواب: البرقع هو إطار يصنع للوجه تبدو منه العينان، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك في حال الإحرام ليس للمرأة أن تلبس البرقع حال إحرامها للعمرة أو للحج، وليس لها أن تلبس القفازين وهما الغشاءان في اليدين حال إحرامها، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) الجوربان في اليدين يقال لهما: القفازان، لا يجوز لبسهما للمحرمة بالحج والعمرة، وهكذا النقاب الذي يصنع للوجه وهو فيه نقبان للعينين لا يجوز للمرأة أن تلبسه في الإحرام، لكن تغطي وجهها بالشيلة أو بغيرها من القطع التي تستر على الوجه، لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنا مع النبي في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا إذا دنا منا الركبان ونحن محرمات سدلت إحدانا جلبابها من فوق رأسها على وجهها فإذا بعدوا كشفنا).
أما غير المحرمة فلها لبس البرقع، غير المحرمة لا بأس أن تلبس البرقع، لكن بشرط أن يكون النقب صغيراً بقدر العينين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما نهى المحرمة، فدل على أن غير المحرمة لا بأس أن تلبسه مع مراعاة أن يكون النقبان ضيقين، بقدر العينين لأجل تهتدي إلى طريقها فلا بأس بهذا، مع مراعاة عدم التكحل الذي قد يفتن تكون عيناها على العادة ليس فيها شيء يلفت النظر فهذا إن شاء الله لا حرج فيه.
الجواب: إذا كان السقط في الخامس أو ما بعده قد نفخت فيه الروح فيسمى ويعق عنه أفضل، ليس بواجب لكن الأفضل أن يعق عنه ويسمى، أما إن كان السقط في الرابع وما قبله فليس له تسمية ولا يسمى ولد ولا يصلى عليه يدفن في أي بقعة ولا يعق عنه؛ لأنه لم يتم خلقه ولا نفخت فيه الروح فلا يكون فرطاً، الفرط هو الذي يولد في الخامس فما بعده، وقد نفخ الروح فيه، فهذا يستحب أن يسمى وأن يعق عنه إذا كان ذكر يعق عنه بذبيحتين وإن كان أنثى بواحدة من الغنم، هذا هو السنة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الجواب: الأفضل أن تفرقها في محلك إذا كان فيه فقراء محتاجين، وإن نقلتها إلى أقاربك الفقراء في بلدك؛ لشدة حاجتهم فلا حرج في ذلك، بعد التأكد من حاجتهم إلى الزكاة.
والأفضل أن ترسلها نقوداً إليهم، فإن كانت الحاجة ماسة إلى أن ترسلها ملابس أو طعام بواسطة الثقات؛ لأنهم نساء أو أيتام يخشى أن يتلاعبوا بالنقود فلا بأس، ولكن الأفضل إرسال النقود بواسطة الثقة حتى يسلمها لهم نقوداً، إذا كانوا أهلاً لذلك، أما إذا كانوا أيتام فتسلم لوكيل الأيتام، وإن كانوا نساءً مرشدات فتسلم لأيديهن، فإن كن ليس مرشدات فبيد الوكيل الذي لهن، وإذا رأيت أن الأصلح أن تدفع لهم الزكاة ملابس أو طعام خشية التلاعب بالنقود فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك.
ولا مانع من تقديمها قبل الحول، لا مانع من تقديم الزكاة لهم قبل تمام الحول لا حرج في التعجيل.
الجواب: لا حرج في الدعاء بالقرآن، لا حرج أن تدعو بالدعوات التي في القرآن بنية الدعاء لا بنية القراءة، مثل هذا الدعاء الذي قلت: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان:74] مثل: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] مثل: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا [آل عمران:8] فلا بأس بنية الدعاء لا بنية القراءة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن القراءة في الركوع والسجود، المصلي لا يقرأ في الركوع ولا في السجود، وإنما القراءة في حال القيام، لكن إذا أتيت بالدعاء الموجود في القرآن بنية الدعاء وقصد الدعاء فلا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: إذا كان فاتك ركعة وسلم إمامك تقوم تأتي بالركعة ولا تسلم معه وإذا سلمت معه ناسياً فلا حرج تقوم وتكمل صلاتك ثم تسجد للسهو بعد السلام أفضل؛ لأن سلامك مع إمامك سهواً لا يضر، ولا يجوز لك أن تعمد ذلك، إذا تعمدت ذلك وأنت تعلم الحكم الشرعي بطلت الصلاة، لكن إذا كنت جاهلاً أو ناسياً ثم تنبهت تكمل الصلاة ثم تسجد للسهو بعد السلام من أجل سلامك مع الإمام ناسياً، وإن سجدت للسهو قبل السلام وقد قضيت ما عليك فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل في مثل هذا أن يكون السجود للسهو بعد السلام.
الجواب: مشكور جزاكم الله خير طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) يعني: قريبه فإذا قضيت أنت والأب ما على الميت جزاكم الله خير هذا عمل مشكور ومأجور وينفع الميت.
الجواب: لا حرج في ذلك كونه يرى شعر الرأس للأخ أو العم أو الأب أو الابن لا حرج، لكن التستر والحشمة يكون أفضل، كونها تغطي رأسها عند محارمها يكون هذا أحوط وأفضل، ولاسيما في هذا العصر عصر ضعف الإيمان وقلة الوازع.
فالمقصود أن وجودها بينهم مستورة الشعر والبدن ما عدا الوجه والكفين يكون هذا أبعد عن الفتنة وأسلم، ولكن لو رأوا رأسها أو صدرها أو ساقها لا حرج، لا حرج في ذلك؛ لأنهم محارم، كالنساء إذا رأت المرأة من أختها في الله صدرها أو رأسها أو ساقها لا بأس، لكن كونها تتحشم عند محارمها ولاسيما الأخوال والأعمام والإخوة، فإنه أشد خطر، فالتحشم عندهم كون الملابس كاملة إلا الوجه والكفين يكون هذا أحوط وأكمل وأبعد عن الخطر.
الجواب: المشروع لك أن تقرئي وتجتهدي ولا تعجلي حتى تتعرفي على الكلمات التي تشكل عليك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران) فأنت احتسبي واصبري ولا تعجلي، تأملي الكلمة حتى تعرفيها وإذا تيسر أن تقرئي على أخيك أو أبيك أو إحدى أخواتك حتى تتعلمي وتستفيدي هذا طيب.
المقصود المشروع لك أن تقرئي وأن تجتهدي حتى تحسن قراءتك، وحتى يزول عنك بعض التوقف، وإذا تيسر لك القراءة على من هو خير منك وأعلم منك من المحارم أو بعض النساء هذا طيب.
الجواب: أعمام أمك أعمام لك، وهكذا أخوالها أخوالك، وعم أبيك عمك، وخال أبيك خال لك فهم محارم، الإخوان لأمك ولجدتك والأعمام لأمك ولجدتك كلهم أعمام لك وأخوال لك محارم.
الجواب: لا أعلم زكاة في الخوخ والتفاح والرمان والباذنجان وأشباه ذلك؛ لأنها ليس فيما يكال ويدخر، بل يؤكل من مثل الفواكه الأخرى والخضروات، فليس فيه زكاة فيما نعلم وإن تصدقتم بشيء فجزاكم الله خيراً.
الجواب: من يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب هذا كافر، لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماماً. علم الغيب لا يعلمه إلا الله، ليس في الدنيا أحد يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] فعلم الغيب إليه سبحانه وتعالى، فلا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب من جن أو إنس هو كاذب وكافر، نسأل الله العافية، وعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا.
الجواب: لا أعلم له أصلاً أنه حديث، لكن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مشروعة ويرجى لصاحبها، الخير العظيم، ولو أقل من ألف مرة ولو عشر مرات ولو مرة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) فالمشروع لكل مسلم وكل مسلمة الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت، أما ذكر ألف مرة بهذا اللفظ هذا لا أصل له فيما نعلم، لكن يشرع للمسلم والمسلمة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت في الليل والنهار، ولاسيما في يوم الجمعة يشرع الإكثار من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيها، فإن صلاتكم معروضة علي قالوا: يا رسول الله! كيف تعرض عليك وقد أرمت، يعني: بليت؟ قال: إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).
فالمقصود أن الصلاة عليه مشروعة في كل وقت عليه الصلاة والسلام، ولاسيما عند ذكره إذا مر ذكره يصلى عليه وفي يوم الجمعة ينبغي الإكثار من الصلاة عليه والسلام، وبعد الأذان والإقامة يجيب المؤذن والمقيم ثم بعدما ينتهي فيقول: لا إله إلا الله يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد) هذه سنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) فضل عظيم، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) هذا فضل عظيم. فيشرع للمؤمن والمؤمنة الإكثار بهذه العبادة بعد الأذان والإقامة.
الجواب: هذا من أحاديث الوعد من أحاديث الفضائل مثل غيره من أحاديث الفضائل، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة) وفي لفظ آخر: (من حفظها دخل الجنة) متفق على صحته، هذا فيه حث على العناية بأسماء الله وتدبرها حفظاً وإحصاء حتى يستفيد من هذه المعاني العظيمة، وحتى يكون هذا من أسباب خشوعه لله وطاعته له والقيام بحقه سبحانه وتعالى، وهي من أسباب دخول الجنة لمن حفظها وأدى حق الله ولم يغش الكبائر، أما من غشي الكبائر من المعاصي فهو معرض لوعيد الله، وتحت مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة، لكن حفظ هذه الأسماء وإحصاءها من أسباب دخول الجنة، لمن سلم من الموانع الأخرى، فإن دخول الجنة له أسباب وله موانع، فالإقامة على المعاصي من أسباب حرمان دخول الجنة مع أول من دخلها مع الداخلين أولاً فيعذب، ثم بعدما يطهر ويمحص إذا كان مات على المعاصي يدخل الجنة، وقد يعفو الله عنه ويدخل من أول وهلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر) يعني: كبائر الذنوب وهي المعاصي التي فيها وعيد أو غضب أو لعنة، مثل: الزنا، مثل: شرب الخمر، مثل: عقوق الوالدين أو أحدهما، مثل: أكل الربا، مثل: الغيبة والنميمة، وأشباهها من المعاصي، هذه خطيرة أمرها خطير وصاحبها إذا مات عليها تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده وإسلامه، وإن شاء عذبه على قدرها ثم بعدما يطهر ويمحص في النار يخرجه الله من النار إلى الجنة.
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كثيراً من العصاة يدخلون النار بمعاصيهم ويعذبون فيها على قدر معاصيهم، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار، بعضهم بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم بشفاعة غيره من الملائكة والأنبياء والأفراط، وبعضهم بمجرد عفو الله إذا طهر عفا الله عنه؛ لقول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فهذه المعاصي مسألة معلقة، إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عذبهم على قدر معاصيهم ثم يخرجون من النار، بعد التطهير ولا يخلدون، ويدخلون الجنة بعد ذلك، ولا يخلد في النار إلا أهل الكفر بالله والشرك، أما أهل المعاصي ولو دخل بعضهم النار فإنه لا يخلد عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن سار على مذهبهم الباطل، فإنهم يرون أن العصاة يخلدون في النار وهذا مذهب باطل أما أهل السنة والجماعة فيقولون: العصاة تحت المشيئة إذا ماتوا على التوحيد والإسلام وعندهم معاصي فهم تحت المشيئة، إذا لم يتوبوا. وفق الله الجميع.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى؛ على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر