مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن الجنوبي، وباعثة الرسالة إحدى الأخوات من هناك تقول: أم أيمن ، أم أيمن عرضنا لها أربعة أسئلة في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة لها جمع من الأسئلة، فتقول في أحدها: إنني فتاة ملتزمة بتعاليم ديني والحمد لله، ولا أريد أن أتزوج إلا من شاب ملتزم مجاهد بنفسه ومجاهد بماله في سبيل الله، ولكن أهل القرية التي أعيش فيها يصلون ويصومون فقط، ويتغاضون عن بعض التعاليم الإسلامية، ولا أنكر إيمانهم، فإن الله عليم بذات الصدور، وسؤالي هو: هل أتزوج على أي شاب من هؤلاء إذا تقدم إلي، أم أرفضهم؛ لأنهم قاعدون عن الجهاد بالنفس، علماً بأن ظروفي الأسرية قاسية وكذا ظروفي المادية، وأنا لا أريد الخروج إلى العمل؛ لأن جميع مرافق العمل تعاني من ميكروب الاختلاط الفتاك، خذوا بيدي إلى طريق الخير والرشاد، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
نصيحتي لك أيتها السائلة أن تزوجي بمن ظاهره الإسلام والاستقامة، ما دام يصلي وظاهره الإسلام ولم تعلمي عنه ما يوجب كفره بالله فتزوجي، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفق الدولة لديك للالتزام بالإسلام والدعوة إليه، ونبذ ما خالف الإسلام، وأنت اجتهدي في التماس الرجل الصالح واسألي عنه أنت وأولياؤك، اسألي عنه أهل الخير، فإذا كان ملتزماً بالصلاة مستقيماً في دينه فلا بأس أن تتزوجي عليه وإن كان ليس بكامل، وإن كان عنده بعض النقص في بعض المعاصي والسيئات، ما دام مسلماً لا يدعو القبور ولا يستغيث بالأموات وليس شيوعياً، وإنما هو مسلم لا يرضى بالشيوعية ولا يعتقدها ولا يوالي أهلها، بل هو مصل صائم مستقيم، فلا بأس عليك بتزوجه وإن كان عنده شيء من النقص كأخذ بعض لحيته أو تدخين، أو ما أشبه هذا من المعاصي التي تقع من بعض الناس، ولا تجلسي هكذا بدون زوج، ونسأل الله أن يسهل لك الرجل الصالح، وأن يصلح أحوال الجميع، وأن يهدي الدولة ويوفقها لما فيه رضاه، وأن يهديها حتى تدع ما يخالف الشرع المطهر، وحتى تستقيم على دين الله الذي به سعادتها ونجاتها، وسعادة شعبها ونجاة شعبها، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: إذا كان الزوج ليس معه إلا أبوه أو ولده أو جده فلا بأس؛ لأنهم محارم للزوجة، فلا بأس أن يروها، أما إذا كان معه غيرهم، معه إخوة أو أصدقاء، فالواجب عليك أن تكوني محتجبة حتى يخرج هؤلاء ويبقى الزوج، لا تكشف لهم عن زينتها وجمالها عن وجهها أو شعرها، ولكن تكون مستورة محتجبة، فإذا خرج غير المحارم فالحمد لله تكشف لأبي زوجها أو لجده أو لولده، هؤلاء محارم، ولا يجوز أن ترضى بهذه العادة وتكشف عن زينتها وجمالها لهؤلاء الذين مع الزوج ليلة الزفاف، والله سبحانه يقول: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ [النور:31] الآية، فأخو الزوج ليس محرماً، وهكذا عمه وهكذا جيرانه وهكذا أزواج أخواته ليسوا محارم، والعادة المخالفة للشرع لا يجوز الرضا بها ولا الخضوع لها، فعلى المرأة المزوجة وقت الزفاف إذا كان مع الزوج غير محارمها أن لا تكشف لهم حتى يخرجوا.
الجواب: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر داخل سور المسجد فلا يصلى فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك)، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، والبناء على القبور اتخاذ لها مساجد، إذا بني عليها للصلاة، فلا يجوز الصلاة عندها ولا يجوز أيضاً اتخاذها مساجد بالبناء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمين المسجد أو شماله أو أمامه مفصول بالجدران فلا حرج، وأما في داخل المسجد فلا يجوز، وإذا كان القبر جعل في المسجد فالواجب نبشه، إذا كان القبر هو الأخير والمسجد سابق، فإن القبر ينبش وينقل الرفات إلى المقبرة العامة ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم والمسجد بني عليه تعظيماً له، فالمسجد هو الذي يهدم ولا يصلى فيه، وتبقى القبور على حالها بدون مساجد ولا يصلى فيها ولا عندها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لعن من فعل هذا وحذر من ذلك عليه الصلاة والسلام، والحكمة في ذلك أن الصلاة عندها واتخاذها مساجد من وسائل الشرك بأهلها ودعائهم من دون الله، واتخاذهم آلهة مع الله، فلهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك سداً لذريعة الشرك وحسماً لوسائله، ولا يجوز أن يصلى خلف الأئمة الذين يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم ويعظمونهم، هؤلاء مشركون إذا كانوا يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم وينذرون لهم، هؤلاء يكونون مشركين لا يصلى خلفهم، وإنما يصلى خلف الأئمة المستقيمين على دين الله المعروفين بالتوحيد والإيمان لا بالشرك، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: ليس هذا من الربا؛ لأن بيع التقسيط غير بيع النقد المعجل، فبيع النقد المعجل يكون أرخص، فإذا كانت السلعة ثوباً أو إناءً أو سيارة تساوي مبلغاً معيناً بالنقد ومبلغاً أكثر بالتقسيط فلا حرج في ذلك، فإذا اشتريت الثوب نقداً بعشرة وإلى آجال بخمسة عشر، أقساط كل شهر خمسة أو كل سنة خمسة فلا حرج في ذلك، إذا كان المبيع مملوكاً للبائع وعنده وحاضراً لديه في حوزته، فبيع التقسيط يكون أوسع، يكون أكثر ثمناً من بيع المعجل، ولا حرج في ذلك.
الجواب: نعم، ننصح كل مسلم وكل مسلمة بشرائه أيضاً كتاب التوحيد للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، وهو كتاب جيد مفيد، جمع فيه الأدلة من الكتاب والسنة على أشياء كثيرة من أمور الشرك وأمور البدع والأشياء المحرمة، فهو كتاب مفيد جيد ننصح باقتنائه وبحفظه، وهكذا شرحه المسمى: فتح المجيد لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن نوصي أيضاً باقتنائه وهو شرح مفيد، وهكذا شرحه الثاني: تيسير العزيز الحميد لحفيده الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد فهو أيضاً شرح مفيد، وننصح أيضاً بكتاب: كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهو كتاب مفيد أيضاً، وهكذا: ثلاثة الأصول، والقواعد الأربع للشيخ محمد وهو كتاب مفيد ومختصر، وهكذا القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب مفيد، وهكذا: العقيدة الواسطية له أيضاً كتاب مفيد في العقيدة الإسلامية السنية، وننصح أيضاً بكتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد للعلامة ابن القيم رحمه الله، وهو كتاب عظيم قد اشتمل على بيان العقيدة الصحيحة والسيرة النبوية وأحكاماً كثيرة في الصلاة وغيرها وهو كتاب جيد ومفيد.
الجواب: لا حرج في ذلك إذا كان برضا الزوج عند الحاجة إلى ذلك؛ لكثرة الأولاد أو لكونها تتألم كثيراً، أو لأسباب معقولة تضر المرأة فلا بأس بتنظيمه بالحبوب حتى لا يضرها الحمل، وحتى لا يضرها في التربية أيضاً.
الجواب: إذا كان فيه مصلحة، وإذا كان لها زوج ورضي الزوج بذلك فلا بأس، وإلا فالأولى تركه؛ لأنه جمال، وقد ثبت أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قصصن شعورهن بعد وفاته؛ لما فيه من الكلفة في مشطه والعناية به، فإذا كان فيه مشقة وقصت بعض رأسها للتخفيف، وكان الزوج راضياً إن كان لها زوج فلا بأس بذلك، أما تركه فهو أفضل لما فيه من الجمال والزينة للمرأة.
الجواب: لا يجوز لبس الملابس التي فيها صور حيوان من إنسان أو أسد أو ذئب أو كلب أو قط أو غير ذلك، لا للرجل ولا للمرأة ولا للطفل ولا للكبير؛ لأن وجودها في الملابس فيه نوع من التعظيم لها، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الصور ولعن المصورين، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تدع صورة إلا طمستها)، وقال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة)، إلا إذا كانت صور ممتهنة في البساط أو الوسادة فهذا لا بأس لا تمنع، إذا كانت ممتهنة في مثل البساط الذي يوطأ، في مثل الوسادة، في مثل الكنبة التي يجلس عليها فهذه ممتهنة، أما الملابس فلا، لكن إذا جعلت هذه الملابس وسائد أو لحف تمتهن فلا بأس، أو جعل على الرأس شيئاً يزيله رقعة تزيله وتخفيه وتستره فلا بأس بذلك.
الجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من أجازها لما فيها من الامتهان والتسلية للأطفال، وتمرين البنات على حضانة الأطفال وتربية الأطفال، واحتجوا على هذا بما ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: (أنه كان لها بنات تلعب بهن، وكان يأتي إليها البنات يلعبن معها في ذلك) وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقرهن على ذلك، وقال آخرون من أهل العلم: بل يجب منع هذه الصور المجسمة، وقالوا: إن البنات اللاتي عند عائشة ليست مجسمة، وإنما هي على عادة العرب في إيجاد لعب من عظام أو أعواد تلبس ملابس كأنها صورة وليست مصورة، فالأحوط للمؤمن عدم هذه الألعاب المصورة، الأحوط والأقرب أنه ينبغي تركها؛ حذراً مما جاء في الأحاديث الصحيحة من اللعن على ذلك والشدة في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على عائشة ورأى عندها ستراً فيه تصاوير غضب وهتكه، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، وقال لـعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها)، فالمسلم يتباعد عن الشيء الذي نهى الله عنه، وهذه التي تسمى اللعب يخشى أن تدخل في ذلك، فالأحوط للمؤمن تركها، أما الجزم بتحريمها فهو محل نظر، ولكنها بكل حال أقل ما فيها أنها مشتبهة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
الجواب: المشروع أن الأذان يكون للرجال وهكذا الإقامة؛ لأن الأذان دعوة إلى حضور الصلاة وإعلام بالوقت، فهو يكفي للنساء؛ لأنهن علمن بالوقت بالأذان، فليس هناك حاجة إلى أن يؤذن، والإقامة إنما تشرع للحاضرين حتى يعلموا حضور الصلاة وإقامتها، والنساء صلاتهن في البيوت، ولسن في حاجة إلى ذلك، فالمشروع هو أن تصلي بدون أذان وإقامة، أما ما يروى عن عائشة فلا نعلم صحته ولا عن غيرها في هذا شيئاً، من جهة الأذان والإقامة، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل، والأصل عدم ذلك، وإنما شرع الله الأذان والإقامة للرجال.
الجواب: ننصحك بأن تقضي هذه الأيام التي عليك بحسب الظن، وتحتاطي، فإذا كنت تظني من كل سنة سبعة أيام أو ثمانية أيام اجعليها ثمانية، وإذا كنت تشكي هل ثمانية أو تسعة اجعليها تسعة، اعملي بالاحتياط، وصوميها كلها، وأطعمي عن كل يوم مسكيناً أيضاً زيادة؛ لتفريطك وتأخيرك للصيام، وهو نصف صاع عن كل يوم كيلو ونصف تقريباً من تمر أو حنطة أو أرز، هكذا أفتى جمع من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في حق من أخر الصيام إلى رمضان آخر أنه يطعم مع القضاء، إذا لم يكن له عذر، وأنت أخرت بلا عذر سنوات، فالواجب عليك التوبة إلى الله والقضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم في الأيام الماضية كلها، والله يعينك ويهديك.
الجواب: الواجب على الأئمة جميعاً أن يتقوا الله، وأن يتحروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم وفي كل شئونهم، والواجب على الجماعة أن يتقوا الله أيضاً وأن يكونوا عوناً للأئمة على فعل السنة، فالإمام يتحرى السنة في صلاته، في قراءته وركوعه وسجوده حتى لا يشق على الناس، ويتحرى السنة أيضاً في أن لا يتأخر عنهم ويحبسهم في المسجد، يأتي في الأوقات المحددة، ويراعي الأوقات المحددة حتى لا يشق على الناس، ويرفق بهم، والجماعة عليهم أن يراعوا ذلك أيضاً فلا يشقوا عليه ويلجئوه إلى أن يخالف السنة، أو يلجئوه إلى أن يبكر حتى تفوت الصلاة كثيراً من الناس، بل كل منهما يتعاون مع أخيه الإمام، والجماعة يتعاونون على البر والتقوى، وعلى العناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، حتى يكون أداؤهم للصلاة على وجه مرضي، وإذا كان الإمام يعاندهم ولا يعتني بالسنة يرفع أمره إلى الأوقاف، وإذا كانت الأوقاف لم تلب الدعوة ولم تبال يرفع إلى المحكمة، حتى تنظر المحكمة في الموضوع أو إلى الهيئة من باب التعاون على البر والتقوى، وإن استقام الأمر فالحمد لله، والواجب على الإمام أن لا يلجئهم إلى الرفع إلى المحكمة أو إلى الأوقاف، بل يتحرى السنة هو ويقنعهم بالسنة ويعلمهم السنة حتى يعلموها وحتى يقتنعوا بأن عمله طيب، وإذا لم يقتنعوا فالمحكمة أو الهيئة ترشد الجميع إذا كانت الأوقاف لم تقم بالواجب، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: الله سبحانه حكيم عليم جل وعلا فيما يشرع لعباده، فقد شرع للرجل إذا أحرم أن لا يغطي رأسه وأن يلبس إزاراً ورداءً لا قميصاً ولا عمامة، وهو الحكيم العليم جل وعلا، فالمحرم الرجل يلبس الإزار والرداء، ولا يلبس السراويل ولا القميص ولا العمامة، وله أن يغطي يده بغير الرداء إذا دعت الحاجة، يغطي بدنه باللحاف في البرد لا بأس، لكن لا يغطي رأسه ولا يلبس القميص إلا إذا اضطر لذلك، لمرض، فإنه يغطي رأسه ويفدي الفدية الشرعية: وهي صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، فالمقصود أن الله هو الحكيم العليم فيما يشرعه لعباده، فكما شرع للرجل أن لا يغطي رأسه وأن لا يلبس القميص والسراويل، هكذا المرأة شرع لها أن لا تنتقب، والنقاب هو ما يخاط على قدر الوجه ويكون فيه خرقان للعينين، نقبان، وشرع لها أن لا تلبس القفازين وهما غشاءان لليدين دسان لليدين، ولكن لها أن تغطي وجهها بغير النقاب، وتغطي يديها بغير القفازين، كما أن الرجل لا يلبس القميص ولا يلبس السراويل ويغطي بدنه بالإزار والرداء، فهي كذلك لا تغطي وجهها بالنقاب ولا تغطي يديها بالقفازين، ولكن تغطي ذلك بالخمار، ترخيه على وجهها، وتغطي يديها بعباءتها أو بجلالها لا بأس، قالت عائشة رضي الله عنها: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فكنا نكشف وجوهنا، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفنا)، فدل على أنهن كن يسترن وجوههن عند الرجال، لكن بغير النقاب وبغير القفازين، هذه الحكمة والله أعلم التي شرع من أجلها أن لا يغطي الرجل رأسه وأن لا يغطي بدنه بالقميص والسراويل، هي الحكمة التي شرع للمرأة فيها أن لا تغطي وجهها بالنقاب ولا يديها بالقفازين، هذا شعار للمحرم، يشعر به المحرم أنه محرم، ويتذكر به يوم القيامة حين يقوم الناس لرب العالمين، حفاة عراة غرلاً، هو شعار خاص بالمحرمين لله فيه الحكمة، فكما أن الرجل لا يغطي رأسه مطلقاً ولا يغطي بدنه بالقميص والسراويل، فالمرأة كذلك تغطي رأسها؛ لأنها عورة، ولكن لا تغطي وجهها بالنقاب ولا تغطي يديها بالقفازين، ولها أن تغطي وجهها بالخمار ويديها بغير القفازين، والله جل وعلا أعلم.
الجواب: نعم حجك صحيح، ولكنه ناقص؛ لعدم طواف الوداع، وعليك دم يذبح في مكة عن ترك الوداع؛ لأنه واجب من واجبات الحج، فتوصي بعض الثقات أن يذبحوا عنك شاة في مكة للفقراء، جبراً لحجك بدلاً من طواف الوداع الذي تركته، فإن كنت عاجزاً تصوم عشرة أيام بدلاً من الذبيحة في بلدك، والذبيحة تكون في مكة، أما الصوم ولو في بلدك فلا بأس.
الجواب: هذان الشرطان لا أصل لهما، المهم أن يكون معروفاً بعدالته واستقامته وإجادته للقراءة، أما كونه من أهل البلد أو من غير أهل البلد فليس بلازم، ولو كان غريباً، إذا عرف صلاحه واستقامته فالحمد لله، فليس من الشرط أن يكون من أهل البلد أو مولداً في البلد، ولكن المهم أن يكون صالحاً للإمامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) الحديث، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ليؤمكم قراؤكم)، فالإمام يكون من خيرة الناس سواء كان من أهل البلد الذين هم مستوطنون في البلد مولدون فيها أو ممن ورد إليها ونزل بها واستقر فيها، وإن كان ليس من أهلها إذا كان صالحاً للإمامة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر