إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (457)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    وجوب طاعة الولد لوالده في المعروف

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة مطولة جداً باعثها أحد الإخوة المستمعين يقول في نهايتها: محمد سعيد عبد الرحمن، بدأ رسالته كالتالي، يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله آمين! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    أتوجه إلى سماحتكم عبر هذا البرنامج النافع المفيد بالسؤال التالي: لي قريب وهو في الوقت نفسه صديق عزيز جداً أحب له الخير وأخاف عليه من الشر، شاب جامعي ذو أخلاق طيبة جداً محافظ على الصلوات في المسجد، ويحضر المحاضرات والندوات الدينية في كثير من الأحيان، طلق والده والدته منذ حوالي سنتين أو أكثر وتزوج غيرها، ووالدته لها عدة أولاد ذكور، لكنها استقرت عنده هو لرحمته لها وبره بها، وقد قال لي والده يوماً لمعرفته أنني صديق لابنه المذكور: إن كنت تحب فلاناً فانصحه فإنه عاق لي، ثم أخذ يشتكي من معاملته له وأنه لا يحترمه، فوعدته خيراً وذهبت لصديقي وذكرته ببر الوالدين وأن بره بأمه يجب أن لا ينسيه بره بوالده، وأن لوالده عليه حقاً مهما كانت علاقته سيئة مع أمه، رغم أنني أقول: إن والده رجل محافظ على الصلوات حسب علمي قائم بواجبه نحو أولاده وصالاً لرحمه، وإن كان فيه بعض القسوة على زوجته التي طلقها، ولقد دهشت جداً حينما قال لي صديقي: إن هذه المعاملة هي التي يستحقها والده واشتكى منه وأنه يعامله معاملةً سيئة ولا يحترمه، لذلك فهو يعامله بنفس معاملته، فذكرت له أن ذلك لا ينبغي وأن الوالد وإن ضرب ولده أو كان فاحشاً عليه بالكلام ولو بدون سبب ولو أمام الناس، فإن الولد يجب أن يصبر، ومن الدين والشرف والكرامة طاعة الوالد وعدم معصيته فما بالك بمخاصمته ورد الكلام عليه؟! فقال لي صديقي: هذا أبي يعرف قدر نفسه جيداً ولو حدث وفعل معي ما ذكرته لضربته ولجعلته عبرةً لغيره، فلما سمعت هذه المقالة علمت أن النصيحة لصاحبي من قبلي لن تجدي، وأنه إما يجهل عظم عقوق الوالدين أو أنه عاص لله على علم وبصيرة، فلجأت إلى الله ثم إلى سماحتكم لعله يستمع إلى سماحتكم ويعود إلى صوابه جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلقد نصحت هذا الرجل وأحسنت في نصيحته، ولقد أخطأ فيما قال لك وأساء فيما يتعلق بوالده، والواجب عليه أن يبر والده وأن يخاطبه بالتي هي أحسن، وأن يتذكر حق الوالد وإن كان قد طلق أمه، فالوالد له حق عظيم والوالدة لها حق عظيم، كلاهما له حق، ولا شك أن حق الوالدة أكبر وأعظم، ولكن ذلك لا يمنع من أداء الواجب للوالد، فالواجب على صديقه أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يبر أباه ويحسن إليه وإن أساء أبوه إليه، لا يقابل الإساءة بالإساءة، ولكن يقابل الإساءة بالإحسان والكلام الطيب والأسلوب الحسن، والدعاء لوالده بالخير والاستقامة والهداية، هذا هو الواجب عليه، وقد دلت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة على ذلك، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ إِحْسَانًا [لقمان:14] وفي الآية الأخرى: حُسْنًا [العنكبوت:8]، ويقول جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، ويقول جل وعلا: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، ويقول جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24].

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور)، فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقد قرنه النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك، فوجب على هذا الرجل وعلى غيره أن يبر والده وأن يتقي الله في ذلك ولو أساء إليه والده، ولكن هو يدعو لوالده بالتوفيق والهداية ويطلب من إخوانه الطيبين من أعمام أو غيرهم أن ينصحوا والده حتى لا يقسو عليه وحتى يرحمه وحتى يعطف عليه بالكلام الطيب، أما هو فالواجب عليه أن يبر والده، وأن لا ينسيه بره لوالدته بره لأبيه بل يتقي الله ويعامل أباه بالحسنى، وقد قال الله عز وجل في الولد مع أبويه الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] وهما كافران فكيف بالمسلم؟!!

    فعلى صديقك هذا أن يتقي الله وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وأن يبر والده ويحسن إليه، وأن يتلطف به ويدعو الله له بالتوفيق والهداية، وأن يستعين على ذلك بخواص إخوانه الطيبين من أعمام أو أخوال أو أصدقاء، حتى ينصحوا والده ليرفق به ويعامله بما ينبغي من اللطف، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    حكم تربية الكلاب

    السؤال: نعود في هذه الحلقة إلى رسالة المستمع ناجي طه حسين إذ عرضنا بعض أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي له جمع من الأسئلة من بينها سؤال يقول فيه: ما حكم تربية الكلاب؟

    الجواب: لا تجوز تربية الكلاب إلا لثلاث: للصيد، وحراسة الماشية، والحرث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع؛ فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان)؛ ولأن في تربية الكلاب وسيلةً إلى نجاستها وتقذيرها وإيذاء أهل البيت بها، وقد (أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب) فالواجب البعد عنها والسلامة منها، إلا من احتاج إليها للصيد أو للحرث أو للماشية لحراسة الغنم، أما تربيتها لغير ذلك تقليداً للنصارى وأشباههم فهذا لا يجوز، نسأل الله السلامة.

    1.   

    حكم الاستشفاء بالحجب والمقصود منها

    السؤال: يقول: في قريتنا وسائر القرى المجاورة عندما يصيبنا مرض نذهب إلى إمام القرية ونطلب منه حجاباً، فهل هذا صحيح؟

    الجواب: لا يجوز هذا، هذا عمل منكر، الحجب منكرة وهي التمائم، ويقال لها: الحروز، ويقال لها: الجوامع عند بعض الناس وهي منكرة لا تجوز، وليس للإمام أن يعطيكم هذه الحجب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وفي رواية أخرى: (من تعلق تميمةً فقد أشرك)، فالتمائم لا تجوز وهي الحجب لا يعلقها في عضده ولا في رقبته لا الرجل ولا المرأة ولا الطفل ولا الكبير، كل هذا منكر حتى ولو كانت من القرآن أو من الأدعية المباحة لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق ولم يستثن شيئاً، ولسد الذريعة أيضاً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال)

    السؤال: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:28]؟

    الجواب: هذا هو آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من طين من التراب، فالصلصال هو الطين الذي يبس حتى صار له صلصلة، والحمأ المسنون هو الطين الذي صار له رائحة لطول مكثه مع الماء، فالحاصل أن الله خلقه من صلصال من حمإ مسنون وهو التراب الذي مزج بالماء حتى صار له صلصله وحتى أنتن فصار حمأً له رائحة.

    1.   

    شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم الخاصة والعامة

    السؤال: حدثونا عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أني سمعت عن هذا بعض الشيء، وأريد أن أستدرك كثيراً مما فاتني حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم له شفاعات: منها: شيء يختص به، ومنها: شيء يشترك معه الناس فيها، فأما الشفاعة التي تختص به فهي الشفاعة العظمى في أهل الموقف، يشفع بينهم، يسجد بين يدي ربه ويحمده بمحامد عظيمة، ثم يأذن الله له في الشفاعة فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذه هي المقام المحمود الذي ذكر الله في قوله جل وعلا في سورة بني إسرائيل: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79] وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام، فإنه تتوجه إليه الخلائق في يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون إليه بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى فكلهم في حيرة، كلهم يعتذرون، يأتون آدم ويعتذر، ونوحاً ويعتذر وإبراهيم وموسى وعيسى كلهم يعتذرون، ثم يقول لهم عيسى : (اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) يعني: محمد عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه فإذا طلبوا منه تقدم عليه الصلاة والسلام إلى ربه وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه، ثم يقال له: (يا محمد! ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع) فيشفع عند ذلك بعد إذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يقول جل وعلا: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255]، فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى.

    وهناك شفاعة أخرى خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة؛ فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام، فهذه خاصة به أيضاً عليه الصلاة والسلام.

    وهناك شفاعة ثالثة خاصة به وبـأبي طالب عمه، وهو أنه شفع له حتى صار في ضحضاح من النار، وهو مات على الكفر بالله، وصار في غمرات من نار، فشفع له صلى الله عليه وسلم أن يكون في ضحضاح من النار؛ بسبب نصره إياه؛ لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فشفع له صلى الله عليه وسلم أن يكون في ضحضاح من النار، وهذه شفاعة خاصة بـأبي طالب مستثناة من قوله جل وعلا: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] إلا في هذه الخصلة مع أبي طالب خاصة، وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنه في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه نسأل الله العافية، وأهون الناس عذاباً أبو طالب وأشباهه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أهون الناس عذاباً يوم القيامة من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه) نسأل الله السلامة، وفي رواية: (من يوضع على قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه)، فهو يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وأبو طالب من هذا الصنف نسأل الله العافية.

    1.   

    وجه عدم كتابة (التسمية) في أول سورة التوبة

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: في سورة التوبة لم يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، وأنا أقول: أعوذ بالله من النار ومن شر الكفار ومن غضب الجبار، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فهل هذا صحيح؟

    الجواب: لا نعرف لهذا أصلاً، ولكن يتعوذ بالله من الشيطان، إذا بدأ بها يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ، والصحابة لما كتبوا المصحف لم يكتبوا (بسم الله) أمامها، ذكر عثمان رضي الله عنه وأرضاه أنه شك في كونها مستقلة أو مع الأنفال؛ فلهذا لم يكتب أمامها بسم الله الرحمن الرحيم.

    فالسنة للقراء إذا بدءوا بها أن يبدءوا بالتعوذ.

    أما الصيغة التي ذكرها السائل فهذه لا نعلم لها أصلاً، بل يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويكفي.

    1.   

    حكم الذكر الجماعي بعد الصلوات المفروضة

    السؤال: عادتنا ونحن نصلي جماعة مع الإمام وبعد صلاة الجماعة، فإننا نذكر الله جميعاً فهل هذا صحيح؟ وهل الذكر بجماعة أفضل أم كل على حدة؟

    الجواب: ليس بصحيح بل هذا بدعة، كل واحد يذكر الله في نفسه، أما أن يذكروا الله ذكراً جماعياً بصوت واحد فهذا من البدع، وعلى كل واحد إذا سلم يذكر الله بنفسه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)

    السؤال: من الجمهورية الجزائرية المستمع مصطفى بن أحمد ، الأخ مصطفى له جمع من الأسئلة من بينها سؤال عن قول الحق تبارك وتعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] من هم المذكورون في هذه الآية؟

    الجواب: الصواب أن المراد بذلك: المطهرون من الأحداث، من الجنابة والحدث الأصغر، فلا يمس المصحف إلا المطهر الذي على طهارة من الحدث الأصغر والأكبر جميعاً، ولهذا كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر) وكان الصحابة رضي الله عنهم يفتنون بأن لا يمسه إلا طاهر، يعني: من كان على طهارة من الحدثين الأكبر والأصغر وهو القرآن الكريم، ولهذا قال بعده: تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة:80].

    أما قراءته فلا بأس أن يقرأ وإن كان على غير طهارة صغرى، أما الكبرى فلا بد منها حتى ولو كان من غير المصحف، لا يقرأ وهو جنب، أما من عليه حدث أصغر فلا بأس أن يقرأه عن ظهر قلب ولا يشترط فيه الطهارة، لكن لا يمس المصحف إلا بطهارة، واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل هما كالجنب أم لهما أن تقرأا عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول، والصواب أنهما ليستا كالجنب؛ لأن مدتهما تطول فلا تقاسان على الجنب، والصواب أن لهما القراءة عن ظهر قلب كالمحدث حدثاً أصغر.

    1.   

    كيفية قص الشوارب وإعفاء اللحى

    السؤال: سمعت في إحدى حلقات هذا البرنامج سؤالاً يتعلق بكيفية قص الشارب وإعفاء اللحى، ولكن فاتني تمام الجواب، أرجو أن تعيدوا لي ذلك جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: السنة قص الشارب بحيث لا يحفه كله بل يجتهد في قصه قصاً تاماً، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحفوا الشوارب) لكن لا يكون حلقاً، يكون له أساس بقية حتى يعرف أنه شارب، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (قصوا الشوارب)، (جزوا الشوارب) وقوله: (أحفوا الشوارب) يفسر بقوله: (جزوا) ليس معناه الحلق وإنما معناه المبالغة حتى لا يكون له سبالات وحتى لا يكون يقع في شرابه إذا شرب، بل يكون خفيفاً جداً لا يتأذى به في شربه ولا في كلامه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى)، (قصوا الشوارب ووفروا اللحى) ولا يجوز ترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: (وقت لنا في قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة) ورواه أحمد وغيره بلفظ: (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهذا شيء من الرسول صلى الله عليه وسلم يتضمن أن لا يزيد على أربعين ليلة، بل يقص شاربه قبل ذلك، وهكذا يقلم أظفاره وينتف إبطه ويحلق عانته قبل كمال الأربعين، يلاحظ هذا ويواظب عليه.

    1.   

    حكم الدعاء الجماعي عقب صلاة التراويح

    السؤال: يقول المستمع مصطفى بن أحمد من الجمهورية الجزائرية: لدينا عادة في شهر رمضان المعظم عقب صلاة التراويح، أننا ندعو دعاءً جماعياً يردده المصلون ويختمون به الصلاة، فما حكم هذا العمل؟

    الجواب: هذا بدعة، مثلما تقدم لا الذكر ولا الدعاء، لا يكون جماعياً كل واحد يدعو لنفسه وللمسلمين بينه وبين ربه جل وعلا، لا يكون دعاءً جماعياً ولا ذكراً جماعياً.

    1.   

    وجوب توبة من أسرف على نفسه بالمعاصي

    السؤال: رسالة مطولة من المستمع حنوف من محافظة المنوفية في جمهورية مصر العربية يقول: إنني في سن العشرين وقد ارتكبت كثيراً من المعاصي، هل يغفر لي ما فعلت إذا تبت إلى الله ولم أعد لعملها مرةً أخرى؟

    الجواب: نعم. من تاب تاب الله عليه، إذا تبت إلى الله توبةً صادقة مشتملة على الندم على الماضي والإقلاع من الذنب والعزم أن لا تعود فيه تاب الله عليك، وإن كان عندك حق لأحد تعطيه حقه، إذا كان عندك مظلمة في مال أو في دم تعطي صاحب الحق حقه، وهذا من تمام التوبة؛ لأن الله سبحانه يقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يعني: لا تيئسوا، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] سبحانه وتعالى، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين، متى تابوا غفر الله لهم سبحانه وتعالى، حتى الشرك الذي هو أعظم الذنوب، من تاب وأسلم تاب الله عليه سبحانه وتعالى.

    فعليك بحسن الظن بالله ولا تقنط واستقم على التوبة.

    1.   

    حكم ذبيحة النصارى الذين يذبحونها باسم الأب والابن

    السؤال: يقول: إننا نقيم في وسط مجموعة من النصارى ونأكل من ذبائحهم، وقد سمعناهم إذا بدءوا الذبح يقولون: باسم الأب والابن، فهل يجوز أن نأكل من تلك الذبائح؟

    الجواب: ما دام سموا عليها باسم الابن ما يصلح؛ لأن هذا شرك والعياذ بالله، والمعنى سموا عليها غير الله جل وعلا، فلا يأكلوا منها.

    أما إذا لم تعلموا فلكم الأكل منها؛ لأن الله أباح ذبيحة أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، وإذا لم تعلموا كيف ذبحوها فلكم الأكل، أما إذا علمتم أنهم سموا عليها باسم عيسى باسم الابن وهو عيسى، أو سموا عليها باسم مريم أو باسم أي صنم أو أي معبود من دون الله تحرم، وهكذا لو ذبحوها على غير الذبح الشرعي تحرم.

    1.   

    حكم رجل ترك بعض الصلوات بسبب العمل

    السؤال: يقول: كثيراً ما تفوتني صلاة الظهر والعصر؛ بحكم العمل الذي نقضي فيه ما يقرب من ثمان ساعات، فبم تنصحونني؟ وهل يجوز القضاء؟

    الجواب: الواجب عليك المحافظة على جميع الصلوات، وأن تتقي الله عز وجل في ذلك، وأن تتوب إليه مما سلف، ومن تركها عامداً تاركاً لها قصداً يكفر بذلك وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا يقضي، وإن قضى فلا بأس خروجاً من خلاف من قال: لا يكفر إذا كان لم يجحد وجوبها، أما من جحد وجوب الصلاة كفر بإجماع المسلمين، لكن من لم يجحد وجوبها ولكن يتكاسل في بعض الأحيان فهذا جملة من أهل العلم يقولون: لا يكفر وعليه القضاء، ولكن الصواب أنه يكفر بذلك وأن التوبة تكفي، فإذا قضى فلا بأس، نسأل الله السلامة.

    1.   

    كيفية أداء الصلوات الفائتة بسبب نوم أو نسيان

    السؤال: مستمع أيضاً يسأل سؤالاً قريباً من السؤال السابق يقول: إذا فاتني أداء صلاة العصر والمغرب؛ وذلك لسبب خارج عن إرادتي ودخل العشاء، فهل يجوز قضاؤها مع العشاء؟

    الجواب: تبدأ بصلاة العصر ثم المغرب ثم تصلي العشاء، وعليك أن تجتهد في البعد عن أسباب الترك والحذر، فإن المؤمن لا يتساهل في هذا الأمر، والله سبحانه يقول: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فالأمر عظيم، ولا يتخلف عنها إلا منافق نسأل الله العافية.

    فالواجب عليك الحذر من مشابهة أهل النفاق، الواجب عليك المحافظة عليها في وقتها، فإذا نسيت منها شيئاً أو نمت عنها أو شغلت عن شيء فعليك بالترتيب، تبدأ بالعصر ثم المغرب ثم العشاء هكذا بالترتيب.

    1.   

    هل الإنسان مسير أو مخير؟

    السؤال: المستمع صلاح علي عبد العزيز من جمهورية مصر العربية محافظة سوهاج بعث بعدد من الأسئلة من بينها سؤال يقول فيه: هل الإنسان مخير أم مسير؟

    الجواب: هو مخير ومسير، هو مخير قال الله تعالى لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:28-29]، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22]، فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه، وأن الله قد سبق في علمه كلما يفعله العباد، قد قدر الأمور وقضاها سبحانه وتعالى وكتبها عنده، ولكن أعطى العبد عقلاً وسمعاً وبصراً واختياراً وفعلاً، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله ولا عن قدر الله السابق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10])، فعلى العبد أن يعمل ويكدح ويجتهد في طاعة الله، ويحذر معاصيه سبحانه وتعالى، وليس له أن يحتج بالقدر، فقدر الله نافذ في عباده، ولكنه جعل للناس أسماعاً وأبصاراً وعقولاً وأعطاهم قوى وأمرهم بالأسباب.

    1.   

    حكم من أنشأ سفراً لفريضة الحج من غير بلده

    السؤال: هل تجوز فريضة الحج إذا أنشأت لها من خارج بلدي؟

    الجواب: لا بأس إذا كنت مثلاً من أهل الرياض وأنشأت السفر من المدينة وأنت زرت المدينة، وأنشأت السفر منها إلى مكة بالحج كفى ذلك، أو زرت جدة للحاجة ثم أدركت الحج وأحرمت من جدة أجزأ الحج، أو مكة نفسها زرتها لحاجة أو لقريب أو صديق ثم جاء الحج تحرم مع الناس بالحج ويكفيك ذلك ويجزئك، وعليك العمرة أيضاً إن كنت ما اعتمرت.

    1.   

    كيفية التسليمات بعد صلاة الوتر

    السؤال: المستمع صبري عبد الله حبيب الجوري فيما يبدو بعث برسالة يسأل فيها عن صلاة الوتر، ويقول: هل يشترط لها تسليمتان أم تسليمة واحدة تكفي؟

    الجواب: بل تسليمتان مثل بقية الصلوات، نعم، تسليمتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمتين في النافلة والفريضة عليه الصلاة والسلام.

    المقدم: إذاً يصلي ركعتين ويسلم ثم يأتي بواحدة؟

    الشيخ: نعم هذا السنة، هذا الأفضل، وإن سرد الثلاث فلا بأس.

    1.   

    كيفية قضاء صلاة الوتر في النهار

    السؤال: يسأل عن قضاء صلاة الوتر في النهار وكيف يكون ذلك؟

    الجواب: إذا نام الإنسان عن صلاة الوتر أو نسيها أو أصابه مرض شغله عنها يصلي من النهار ما تيسر، والأفضل أن يصلي بعددها لكن لا يوتر بل يشفع، فإذا كان عادته خمساً صلى ست ركعات، يسلم من كل ثنتين، وإذا كان عادته في الليل سبعاً صلى من النهار ثماناً، يسلم من كل ثنتين وهكذا، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم أو مرض عن وتره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة في الليل، فإذا شغل عنها بنوم أو مرض زاد ركعة وصلى ثنتي عشرة يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى، وأرجو أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وشكراً لمتابعتكم مستمعي الكرام، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767947393