مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من جمهورية إفريقا الوسطى، باعث الرسالة أحد الإخوة المستمعين يقول: تلميذكم محمد أحمد عمر وجنسيته تشادي، الأخ محمد يقول: إذا فاتتني صلاة وأنا مسافر هل أقضيها على هيئة صلاة المسافر قصراً وجمعاً، أم أتمها وكل صلاة في وقتها؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالمسافر إذا فاتته صلاة وهو في السفر وأداها في الحضر فإنه يؤديها أربعاً، يسردها كلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)، فإذا نسيها في السفر أو نام عنها فلم يتنبه إلا بعدما جاء بلده فإنه يصليها تامة كاملة ويسردها في الحال، سواء ثنتين أو ثلاثاً أو أكثر، يسردها في الحال ولا يؤخر.
وهكذا لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة وقد خرج وقتها تامة، إن كان قد نسيها فإنه يصليها أربعاً إذا ذكرها في السفر، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها في الحضر فإنه يصليها أربعاً؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة فيصليها أربعاً، أما لو فاتته صلاة السفر وذكرها في السفر صلاها ثنتين، مثلاً نسي الظهر يوم الثلاثاء وذكرها في يوم الأربعاء وهو ما زال في السفر يصليها ثنتين لأنه تركها في السفر وذكرها في السفر فيصليها ثنتين.
الجواب: هذه باطلة ومن الكهانة ولا يجوز الكف والفنجان وضرب الحصى والودع، كل هذا ضلال ومن دعوى علم الغيب، فإذا زعم أنه يعلم الغيب بهذه الأمور صار كافراً كفراً أكبر نعوذ بالله؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله ولا يعلم بضرب الحصى ولا بضرب الكف ولا الفنجان ولا بغير ذلك مما يتعاطاه المشعوذون، فعلم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، فمن زعم أنه بضرب الكف أو ضرب الحصى أو حساب بالأصابع أو بأي شيء من الأشياء أنه يعلم الغيب، كل هذا من الكفر بالله عز وجل، والله سبحانه يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، ويقول جل وعلا في كتابه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الأنعام:50]، فمن ادعى بعمل الكف أو عمل الحصى أو الودع أو غير هذا من الحسابات فكله باطل وكله كفر وضلال نسأل الله العافية.
الجواب: إذا كان الشك فيما يتعلق بالله والدار الآخرة أو الجنة والنار ونحو ذلك فهذا كله من الشيطان، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله الصحابة عن هذا الذي يعرض لهم قال: (قولوا: آمنت بالله ورسله) قال: (وليستعيذ بالله ولينته)، فقد وقع هذا في الصحابة وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: (يقع لأحدنا ما لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان)؛ لأن إنكار هذا الوسواس واستعظامه من صريح الإيمان ومن قوة الإيمان.
فالمؤمن إذا رأى مثل هذه الوساوس أنكرها بإيمانه وأنكرها بما أعطاه الله من البصيرة؛ لأنه يؤمن بالله واليوم الآخر، فيقول حينئذٍ: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يضره ذلك، ولا يقدح في إيمانه، إذا جاهده بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، (آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) هذا إذا كان فيما يتعلق بالله والدار الآخرة.
أما إذا كان يتعلق بالوسوسة في الصلاة فليعمل الإنسان ما شرعه الله في الوسوسة، يتعوذ بالله من الشيطان ويبني على اليقين في عدد الركعات، إذا شك هل صلى ثنتين أم ثلاثاً فيجعلها ثنتين يكمل ويسجد للسهو قبل أن يسلم، وإذا شك هل سجد سجدة أو سجدتين يبني على اليقين ويأتي بالسجدة الثانية ويكمل صلاته ويسجد للسهو قبل السلام سجدتين.
وهكذا يعمل بالشرع فيما يتعلق بالسهو، وهكذا إذا شك هل توضأ أو ما توضأ يعمل بالأصل، إن كان على طهارة فهو على طهارة، والشك لا يبطلها، حتى يعلم يقيناً أنه أحدث، وإذا شك ودخل الوقت ولكن التبس عليه الأمر هل صلى أو ما صلى، فالأصل عدم الصلاة ويصلي.
السؤال: يقول: سمعت شيخاً يقول: إنه يجب على المسلم الزكاة على الحلي التي تلبس إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، فما هو النصاب، وما قيمته، وكيف أخرج الزكاة عن الحلي الملبوسة إذا كنت لا أعرف قيمتها؟ أفيدونا أثابكم الله خيراً؟
الجواب: الصواب: أن فيها الزكاة، الحلي من الذهب والفضة، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب ومقداره اثنان وتسعون غراماً ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونصف الجنيه السعودي، والواجب ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون إذا حال الحول وتمت السنة، وهو يبلغ النصاب في كل ألف خمسة وعشرون.
أما الماس والجواهر الأخرى فليس فيها زكاة، إذا كانت للبس إنما الزكاة في الذهب والفضة خاص.
أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالعملة السعودية ستة وخمسون ريالاً من الريال الفضي، فإذا بلغت قيمة الحلي هذا النصاب من ذهب أو فضة زكاه ويستعين في ذلك بالمختصين أصحاب الذهب والفضة يسألهم ويعطيهم الذهب التي عنده والفضة حتى يعرفوا زنتها ويعلموه ويخبروه.
أما إن كان الحلي من غير الذهب والفضة بل ماس أو جواهر أخرى من العقيق ونحوها فهذه لا زكاة فيها، إلا إذا كانت للبيع والتجارة ففيها زكاة التجارة، أما إذا كانت للبس فليس فيها زكاة، إنما الزكاة في الذهب والفضة في أصح قولي العلماء.
الجواب: الحور العين نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي خلقهن، ولكنهن جميلات طيبات حسنات الأخلاق والسيرة، وإذا رآها المؤمن عرف حالها بعد ذلك، إذا دخل الجنة رآهن وعرفهن، وعرف أخلاقهن وجمالهن، لكن الآن يعرفن بإخبار النبي عليه الصلاة والسلام، وما ذكر عنهن في القرآن وأنهن حور عين والحوراء البيضاء جميلة وحسنة العين، هذا من جمالها، وأما كمال جمالها فيعرفه الإنسان إذا دخل الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها.
فالمقصود أنهن نساء خلقهن الله جل وعلا لإكرام أهل الجنة ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الذي خلقهن سبحانه وتعالى، بخلاف نساء الدنيا فهن من ماء مهين معروفات ويكن في الجنة في غاية من الجمال، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله جل وعلا هو الكريم الجواد وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواءً كن لأزواجهن في الدنيا أو لغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهن له في الآخرة.
وأما الناس فالله أعلم، جاء في هذا أحاديث فيها نظر، وأن المرأة إذا كان لها أزواج تخير، فتختار أحسنهم خلقاً، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، فقد تكون لزوجها، وقد تكون لغير زوجها، ويعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن على حسب أعماله الصالحة، وتقواه لله جل وعلا، ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين، هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها، يختلفون فيها على حسب أعمالهم الصالحة، في إعطائهم أنواع النعيم والقصور، وفيما يعطى الأزواج من الحور العين من الزيادة على الثنتين.
المقدم: جزاكم الله خيراً! هاتان الاثنتان من نساء الدنيا يا سماحة الشيخ أو من الحور؟
الشيخ: من الحور غير نساء الدنيا وغير الزيادة من الحور لمن شاء الله من أهل الجنة.
الجواب: الوهابية هم أتباع الشيخ الإمام: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي المتوفى سنة ست ومائتين وألف من الهجرة، كانت وفاته رحمه الله في الدرعية وقبره معروف هناك، وقد قام بالدعوة إلى الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، في نجد الدرعية وما حولها، دعا إلى توحيد الله وأنكر على الناس التعلق بالقبور والأموات والأصنام وتصديق الكهان والمنجمين وعبادة الأشجار والأحجار على طريقة السلف الصالح، على الطريقة التي بعث الله بها نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام، وعلى الطريقة التي درج عليها أصحابه، فدعا إلى الله ودعا معه العلماء الذين وفقهم الله لمعرفة الحق، من أقاربه وأولاده وغيرهم، وأظهر الله به الدين وأزال به الشر من نجد وما حولها، ثم انتشرت دعوته في اليمن والشام والعراق ومصر والهند وغير ذلك.
وعرف المحققون صحة دعوته واستقامتها وأنه على الهدى والطريق القويم، وأنه في الحقيقة مجدد لما اندرس من معالم الإسلام وليس مبتدعاً وليس له دين جديد ولا مذهب جديد، إنما دعا إلى توحيد الله واتباع شريعته والسير على منهج السلف الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم، هذا هو مذهب الوهابية، ساروا على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، ولكن لهم خصوم فكذب عليهم الكذابون حتى يستبيحوا دماءهم، كذبوا عليهم وقالوا: إنهم مذهب خامس وإنهم يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويسبون الصحابة، وكلها كذب وباطل، بل هم من أحب الناس للرسول صلى الله عليه وسلم وهم على طريق الصحابة، والرسول أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وأموالهم، وهم يدعون إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، يدعون إلى توحيد الله واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، والسير على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتبهم طافحة بذلك، كتب الشيخ محمد وأتباعه واضحة في ذلك من قرأها عرف ذلك، كتاب التوحيد، فتح المجيد، كشف الشبهات، ثلاثة الأصول، كذلك تيسير العزيز الحميد لحفيده سليمان بن عبد الله ، وكذلك الدرر السنية في فتاوى أهل نجد واضحة في ذلك، وهكذا كتبهم الأخرى ورسائلهم الأخرى كلها تبين ما هم عليه من الهدى والحق، وكلها تبين كذب أعدائهم، وخصومهم من الصوفية وغير الصوفية، ومن عباد القبور الذين كذبوا عليهم؛ لأنهم أنكروا عليهم عبادة القبور فكذبوا عليه، فخصومهم هم عباد القبور أو جهلة ما عرفوا الحقيقة وصدقوا عباد القبور، أما أهل العلم والإيمان في مصر والشام والعراق وغير ذلك فقد عرفوا صحة ما هم عليه، وشهدوا لهم بالحق، كالشيخ محمد رشيد رضا وغيرهم ممن عرف دعوتهم رحمة الله عليهم، وشهد لهم بالحق من علماء الإسلام في مصر والشام والعراق وغير ذلك.
المقدم: إذاً نشر كتبهم ألا يزيل هذه الغمة سماحة الشيخ؟
الشيخ: لا شك، وقد نشرت والحمد لله وعمت الأوطان وانتشرت بحمد الله.
الجواب: الواجب عليك البدار بالنذر، إذا نذر الإنسان نذراً يطيع الله فيه وجب عليه البدار، والله مدح الموفين بالنذر فقال سبحانه في سورة الإنسان: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).
فالواجب على من نذر طاعة أن يبادر بها، فإذا قال: لله عليه أن يتصدق بألف ريـال، لله عليه أن يصلي الضحى ركعتين، لله عليه أن يصوم يوم الإثنين أو يوم الخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر فإن عليه أن يبادر ويصوم كما نذر، مع أنه لا ينبغي النذر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)، فالنذر لا ينبغي ولكن متى كان طاعة وجب الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه).
فالمؤمن لا يتأخر، إذا نذر يوفي يبادر، وهكذا لو نذر أن يحج بادر بالحج أو يعتمر بادر بالاعتمار، وهكذا لو نذر أنه يصلي ركعتين.. أربع ركعات.. ست ركعات، بادر بذلك يسلم من كل ثنتين هذا هو السنة.
الجواب: نعم يجوز صيام الجمعة في التطوع وفي القضاء لا بأس، لكن لا يجوز تخصيصه بالصوم تطوعاً، أما إذا صام قبله يوماً أو بعده يوماً فلا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصومن أحد يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده)، فإذا صام قبله يوماً أو بعده يوماً فلا حرج في ذلك، أو صامه ضمن الأيام التي يصومها قضاءً أو تطوعاً فلا حرج في ذلك، المقصود المنهي عنه هو أن يصومه وحده تطوعاً فرداً، هذا هو الذي نهي عنه.
الجواب: راتبة العشاء ركعتان، هكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، وإن صلى أربعاً أو ثماناً أو أكثر فلا بأس، الليل كله محل صلاة، لكن الراتبة اثنتان ثم يصلي ما شاء الله له في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، ركعة واحدة يختمها ويقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، هذا هو السنة، سواءً في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، يصلي ما كتب الله له، ثنتين ويوتر بواحدة، يصلي أربعاً ويوتر بواحدة، يصلي أكثر ويوتر بواحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي عشراً، ويوتر بواحدة، الحادية عشرة، وربما صلى ثنتي عشرة وأوتر بواحدة وهي الثالثة عشرة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أكثر، صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة أو خمسين ركعة وأوتر بواحدة فلا حرج في ذلك، لكن يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، هذا السنة، يصلي ثنتين ثنتين في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة يقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وإذا أحب أن يقنت بعد الركوع قنت بما يسر الله له، بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن (اللهم اهدني فيمن هديت)، وإذا زاد معه بعض الدعوات طيب، وبعد الركوع هو الأفضل، وإن صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة فهو أفضل، مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وإن صلى أقل أو أكثر فلا حرج في ذلك، والأمر واسع بحمد الله.
الجواب: لأن فيها التوبة، تاب الله على النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين، وتاب فيها على الثلاثة الذين خلفوا، ولهذا سميت التوبة، كما سميت البقرة سورة البقرة لأن فيها ذكر البقرة، وهكذا سميت آل عمران آل عمران؛ لأن فيها إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ [آل عمران:33]، وهكذا سميت سورة الأنفال؛ لأن في أولها يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ [الأنفال:1].
المقدم: جزاكم الله خيراً لماذا هذه السورة لم تبدأ بـ(اسم الله الرحمن الرحيم)؟
الجواب: لأن عثمان رضي الله عنه والصحابة في وقته لما جمعوا القرآن شكوا هل هي مستقلة، أو مع الأنفال، فلم يضعوا بينها تسمية.
الجواب: ما يقوم بالقلوب من الرياء يسمى خفياً، إنسان كونه يصلي يرائي أو يقرأ يرائي الناس، أو يسبح ويهلل حتى يمدحوه، أو يتصدق حتى يمدحوه وهو في نيته مراءاتهم، هذا يقال له: شرك خفي، ويسمى الشرك الأصغر شركاً خفياً مثل: لولا الله وفلان، هذا من الله وفلان، يسمى شركاً خفياً ويسمى شركاً أصغر، وهكذا الحلف بغير الله والنبي أو بالنبي، أو بأبيك، أو وشرفك، هذا شرك أصغر، ويسمى شركاً خفياً لأنه يخفى على بعض الناس، وكذلك قوله: بالأمانة هذا شرك خفي؛ لأنه حلف بالأمانة أو بحياة فلان أو بالأنبياء أو بأبيك، كل هذا شرك خفي وكله شرك أصغر وكله محرم وكله لا يجوز.
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التختم في الأصبع الوسطى والسبابة، والظاهر -والله أعلم-: أنه أراد بذلك الرجال، أما النساء فلهن الزينة في كل شيء، الظاهر -والذي يظهر لنا والله أعلم-: أن المراد بذلك الرجال.
وأما كتابة (ص أو صلعم) فلا ينبغي وأقل أحواله الكراهة، بل السنة أن يصلي على النبي يقول: صلى الله عليه وسلم يكتبها كاملة ويكتب الله له بها عشراً (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا)، فالسنة للمؤمن إذا تكلم أن يقول: صلى الله عليه وسلم عند ذكر محمد عليه الصلاة والسلام، وإذا كتب اسمه يقول عنده: صلى الله عليه وسلم، في الكتابة وفي الكتب والرسائل اللهم صل عليه وسلم.
الجواب: إذا كانت ممتهنة فلا بأس في البطاطين التي يلتحف بها، أو في الفرش التي يوطأ عليها والكراسي لا بأس بذلك لأنها ممتهنة، وقد دلت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على جواز ذلك، وإذا تيسر له خير منها فهو أفضل، وإلا فلا حرج فيها والحمد لله.
الجواب: لا ينبغي أن يصوم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صام ولا أفطر) (لا صام من صام الأبد) فأقل أحواله الكراهة الشديدة، فلا ينبغي له أن يصوم الأبد، أفضل ذلك يوم يصوم ويوم يفطر، هذا هو الأفضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا أفضل الصيام) وهو صوم داود نبي الله عليه الصلاة والسلام، وإن صام الإثنين والخميس كفى، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر يكون طيباً، وإن لم يصم فلا حرج عليه، لا يجب عليه إلا رمضان إلا أن تجب عليه كفارة أو نذر، هذا مستثنى، وإلا فليس عليه شيء واجب بأصل الشرع إلا رمضان، ومن أحب أن يصوم الإثنين أو الخميس أو ستاً من شوال أو يصوم يوماً ويفطر يوماً فهذا كله طيب.
الجواب: العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود، عن الذكر ثنتان وعن الأنثى واحد، وهي سنة مؤكدة، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن تذبح يوم السابع، هذا هو الأفضل، وروي عن عائشة رضي الله عنها ذبحها في أربعة عشر وإحدى وعشرين، ولكن الأفضل يوم السابع فإن لم يتيسر ذلك وذبح في الرابع عشر أو في الحادي والعشرين كما قالت عائشة فحسن، وإن ذبح في غيرهما فلا بأس، ليس لها حد محدود بعد السابع، إذا ذبحها بعد أسبوع في اليوم السابع أو بعد أسبوعين أو بعد شهر أو شهرين أو أكثر فلا حرج، ليس لذلك حد، بل السنة أن يذبحها ولو تأخرت، يذبحها الوالد أبو الطفل، السنة في حق الوالد أن يذبحها ولو بعد الأسبوع، لكن الأفضل أن يتحرى يوم السابع، هذا هو الأفضل.
وحكمها أنها سنة وليست واجبة، يأكل منها ويطعم أقاربه أو جيرانه أو يوزعها على الفقراء، أو يأكل بعضها ويوزع بعضها، أو يصنع وليمة ويدعو إليها، كل ذلك حسن والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم جميعاً ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر