إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (470)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    درجة حديث: (ثلاث من الكفر بالله)

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من جمهورية مصر العربية وباعثها المستمع (س. س. ع)، يسأل صاحب الرسالة ويقول: سمعت حديثاً نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من الكفر بالله: شق الجيوب، وحلق الشعور، ولطم الخدود)، وضحوا لي هذا الحديث وصحته أو ما في معناه؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فهذا اللفظ الذي ذكره السائل لا نعلم صحته عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، فهو حديث صحيح، وهذا وعيد (ليس منا) هذا من باب الوعيد الشديد والتحذير، ومعنى (لطم الخدود) عند المصيبة إذا مات قريبه، مات أبوه أو أخوه أو زوجته أو نحو ذلك، لا يجوز له لطم الخدود ولا شق الجيوب، بل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل والحمد لله، يرضى ويسلم ويحتسب ويصبر، ولا يجوز له الجزع فيشق الجيب أو يضرب الخد أو ينتف الشعر، كل هذا لا يجوز، هذا من الجزع ومن النياحة المحرمة، (ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية) هذا من عادة الجاهلية، ولو ضرب رأسه أو صدره فكذلك محرم، لكن من عادتهم ضرب الخدود وشق الجيوب، فلو شق غير الجيب أو ضرب غير الخد فهو داخل في التحريم، وهكذا الدعاء بدعوى الجاهلية والصياح والنياحة أو يقول ما يقوله الجاهليون: واعضداه واناصراه وانكسار ظهراه وما أشبه ذلك مما يقول الجاهلية.

    وفي الصحيحين أيضاً عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة) يعني: عند المصيبة، وقد فسر العلماء (الصالقة): بأنها التي ترفع صوتها عند المصيبة، تنوح ترفع صوتها، و(الحالقة): التي تحلق شعرها أو تنتفه، و(الشاقة): التي تشق ثوبها من الجيب أو من غير الجيب، فهذا يدل على تحريم هذه الأعمال وأنها من الجزع الذي حرمه الله.

    وإنما المشروع لمن أصيب أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155-156] يعني: إنا ملك لله، نحن ملكه سبحانه وعبيده. وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156] يعني: المصير إليه ومرجع العباد إليه جل وعلا فيجازيهم بأعمالهم سبحانه يوم القيامة، ثم وعدهم بخير كثير، فقال: أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157]، هذا جزاؤهم لما صبروا، وفي الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فالمؤمن يأخذ بالأسباب، يطلب الرزق، يعالج عند المرض، يتجنب أسباب الخطر، فإذا وقعت المصيبة يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، ولا يقل: لو فعلت كان كذا وكذا، بل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، يحمد ربه ويثني عليه، ويسأله حسن الخلف ويأخذ بالأسباب التي تجبر المصيبة والله المستعان.

    1.   

    حكم من عجز عن قضاء الصيام

    السؤال: أيضاً يسأل المستمع (ص. س. س) من جمهورية مصر العربية بعض الأسئلة، من بينها سؤال يقول: لقد وضعت أمي طفلاً في شهر رمضان من مدة طويلة ولم تصم ولم تطعم، وهي الآن لا تقدر على ذلك، كيف توجهونها جزاكم الله خيراً، هل تصوم ابنتها بدلاً منها؟

    الجواب: عليها أن تطعم ويكفي والحمد لله مادامت عاجزة عن الصوم، عليها التوبة إلى الله، والندم على ما مضى من عملها السيء، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من التمر أو من قوت البلد كالرز ونحوه، كيلو ونصف يدفع لبعض المساكين عن جميع الأيام التي ما صامتها، ويكفي والحمد لله.

    ولو لفقير واحد أو أهل بيت فقراء، يجمع ويعطاه أهل بيت فقراء أو جماعة آخرون فقراء مع التوبة والندم والعمل الصالح بعدد الأيام وإذا كانت لا تحفظ الأيام يكفي الظن والحمد لله.

    1.   

    ما يفعله من وجد ورقة فيها اسم الله أو آية في الشارع

    السؤال: سمعت أنه إذا وجد إنسان اسم الله في الشارع أو في مكان قذر يجب عليه أن يمسحه أو يأخذه ويدفنه في مكان طاهر، هل ما سمعته صحيح؟

    الجواب: نعم صحيح، إذا وجد ورقة فيها ذكر اسم الله أو آية من القرآن يأخذها ويحرقها أو يدفنها في مكان طيب.

    1.   

    حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع ذكره في الصلاة

    السؤال: إذا كان المسلم في الصلاة وسمع كلمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يقول عليه الصلاة والسلام وهو في الصلاة؟

    الجواب: لا حرج إذا قالها في النافلة لا بأس وأما في الفريضة فإن تركها فلا بأس وإن قالها بينه وبين نفسه فلا حرج إن شاء الله، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي).

    1.   

    ما يفعله من طرق عليه الباب وهو يصلي

    السؤال: ماذا يفعل المصلي وهو يصلي في البيت وحده وطرق الباب وليس في البيت أحد، هل يذهب ليفتح، مع العلم أنني قرأت أنه يذهب ليفتح ويخطو خطوات بسيطة، ولكن إذا كان هناك جدار وخطوات كثيرة ماذا يفعل؟

    الجواب: إذا استؤذن عليه وهو يصلي يتنحنح، أو يقول: سبحان الله سبحان الله، حتى يعلم من عند الباب أنه في صلاة، فينتظر ولا يقطع الصلاة، إلا إذا كان الباب قريباً يتقدم إليه بخطوات يسيرة حتى يفتح له فلا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه فتح الباب لـعائشة وهو يصلي.

    1.   

    حكم صلاة ركعتين بعد الأذان الأول يوم الجمعة

    السؤال: المستمع (م. س. م) من المدينة المنورة المليليح، بعث بعدد من الأسئلة من بينها سؤال يقول: إني أرى بعض الناس في يوم الجمعة يصلون يقومون بعد الأذان الأول وهم يقولون: إنها سنة، فهل ما قالوه صحيح، وأنا سمعت في برنامجكم هذا أنها بدعة، أرجو الجواب الكافي؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بعد الأذان الأول يوم الجمعة لا تشرع الصلاة؛ لأنه شرع للتنبيه، وكان هذا بعد النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان رضي الله عنه للتنبيه على أنه يوم الجمعة، ومن صلى فلا حرج إن شاء الله، لكن ترك ذلك أولى، وبعض أهل العلم قال: يصلي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) وهذا أذان شرعي أحدثه الخليفة الراشد عثمان للمصلحة الشرعية ولكن تركه أولى لأنه ليس داخلاً في الحديث؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) مراده: الأذان والإقامة، وهذا ليس بين الأذان والإقامة إنما بين أذانين، بين الأذان الأول والأذان الثاني، فالأولى ترك ذلك، أما وصفه بأنه بدعة فهو محل نظر.

    1.   

    حكم رفع المأمومين أيديهم للدعاء في خطبة الجمعة

    السؤال: يسأل أخونا ويقول: ما حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة للمأمومين، ذلكم أني أرى هذه الظاهرة منتشرة بكثرة؟

    الجواب: أما حال الخطبة فلا يرفع الإمام ولا يرفع المأمومون، ينصتون ولا يرفعون أيديهم ولا يرفعها الخطيب في الخطبة إلا في الاستسقاء، إذا استسقى لطلب الغوث وطلب المطر يرفع يديه ويرفعون أيديهم معه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أما الخطبة العادية التي ليس فيها استسقاء فإن السنة أنه لا يرفع هو ولا يرفعون هم ولو دعا، يدعو لكن من دون رفع.

    وهكذا خطبة العيد ليس فيها رفع إلا إذا طلب السقيا وطلب الغوث والمطر، فإن السنة أن يرفع يديه والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم في الجمعة وفي غيرها إذا استسقى يرفعون أيديهم حتى لو كان جالساً بين أصحابه، لو جلس العالم بين أصحابه واستسقى ورفع يديه يرفعون أيديهم في حلقة العلم أو في أي مكان وهم محتاجون للغيث ورفع يديه وهو في الحلقة قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا ورفعوا أيديهم كله طيب ولا حرج في ذلك.

    ولا حرج في ذلك أيضاً إذا رفع الإنسان يديه، يدعو ربه ويسأل ربه من فضله في بعض أوقاته في بيته، في المسجد بعد صلاة النافلة، أو في أي مكان إذا دعا ربه ورفع يديه، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا) يعني: خاليتين.

    فرفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت في عهده لا نرفع فيها؛ لأن تركه حجة وفعله حجة عليه الصلاة والسلام، فخطبة الجمعة وخطبة العيد لم يرفع فيهما، فلا نرفع إلا إذا كان في الاستسقاء في طلب الغوث والمطر، وهكذا بعد الفرائض إذا سلم من الفريضة ما كان يرفع يديه فلا نرفع بعد الفريضة، وهكذا في دعاء آخر الصلاة قبل أن يسلم كان يدعو قبل أن يسلم ولم يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين كان يدعو ولا يرفع يديه، فالشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجود في عهده وقد فعله نكون مثله لا نرفع أيدينا فيه تأسياً به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، والله المستعان.

    1.   

    أحكام اللقطة وأنواعها

    السؤال: أخيراً يسأل ويقول: أرجو منكم جزاكم الله خيراً توضيحاً شاملاً عن اللقطة بأنواعها وخاصة لقطة الغنم؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم (سئل عن اللقطة من الإبل فقال: دعها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)، فالإبل لا تلتقط، وهكذا ما في معناها من البقر وأشباهها مما يمتنع من صغار السباع.

    أما الغنم فإنها تلتقط، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب) فيأخذها ولا يدعها، وينشد عليها يعني: يطرب عليها، يقول: من له الشاة، من له العنز، من له التيس، وجدته في محل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فإذا وجد من يعرفه سلمه له سنة كاملة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها) فلابد من التعريف في العنز ونحوها كالفصيل الذي ما يمتنع من السباع وأشباه ذلك مما لا يمتنع من صغار الحيوانات.

    وهكذا لقطة الأموال كالذهب والفضة والأواني والملابس يعرفها بقوله: من له كذا وكذا، ولا يبين الصفات، فإذا جاء صاحبها وعرف الصفات سلمها له أو أقام بينة، سلمها له سنة كاملة؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (فليعرفها سنة) يعني: ينادي عليها سنة في مجامع الناس، في الشهر مرتين ثلاثاً أربعاً، من له اللقطة، من له العنز، من له كذا، فإذا وجد من يعرفها أعطاها إياه، ثم هو بالخيار في العنز إن شاء ذبحها وعرف قيمتها بمعرفة أهل الخبرة وحفظ القيمة وكتبها عنده وكتب علاماتها وصفاتها، صفات العنز أو الشاة أو الخروف يضبط الصفات، وإن شاء باعها وحفظ الثمن، وإن شاء أبقاها مع غنمه إذا كان ما فيها مشقة ترعى مع غنمه حتى يجدها ربها.

    وهكذا الأواني وأشباهها يحفظها حتى يجدها ربها مع النداء عليها والتعريف.

    1.   

    حكم الزيادة في الطواف والسعي والرمي في الحج

    السؤال: المستمع (ع. ص. س) بعث يسأل ويقول: حجيت وقمت بالطواف أكثر من سبعة أشواط وكذلك السعي، ورميت الجمرات أكثر من سبع حصيات، فهل حجي صحيح؟

    الجواب: نعم الحج صحيح، إذا كنت ما فعلت شيئاً يبطله، أما الزيادة فلا تضر، إذا كنت تعمدت الزيادة فهذا غلط وعليك التوبة والاستغفار؛ لأن السنة سبع في الجمار وسبع في الطواف وسبع في السعي، فالزيادة التي فعلتها إن كان عن احتياط شكيت أو احتطت فلا بأس، أما إذا كان تعمداً منك فهذا لا يجوز الزيادة على ما شرعه الله، ولكن لا يبطل الطواف ولا السعي ولا الرمي والحمد لله.

    1.   

    حكم عمل المرأة في أماكن الرجال المختلطة

    السؤال: من الجمهورية العراقية رسالة وصلت إلى البرنامج بتوقيع إحدى المستمعات من هناك تقول: أختكم (ش. م)، لها جمع من الأسئلة، من بينها سؤال يقول: ما حكم الشرع في خروج المرأة للعمل وكسب الرزق ومخالطتها للرجال والتحدث لهم بحكم طبيعة عملها، مع العلم أنها ملتزمة ومحجبة وتعرف حدود الله؟

    الجواب: لا بأس أن تخرج للعمل تطلب الرزق في المكاسب المباحة، في محلات النساء أو في محلات منفردة ليس فيها خطر، كل هذا لا بأس به، خياطة أو طبيبة أو غير ذلك من الأعمال، والله جل وعلا شرع لنا طلب الرزق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله) والإنسان مأمور أن يطلب الرزق، والله يقول: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ [العنكبوت:17]، والنبي عليه السلام يقول: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) هذا يعم الرجال والنساء. لكن لا يجوز لها أن تكون في محل فيه خطورة بين الرجال، أو في محل لا تأمن فيه بسبب ما حولها من الرجال لأنهم يتهمون بالتسلط عليها، لا تخاطر بنفسها، تكون في محل آمن لا بأس، أما بين الرجال في عملهم بحيث تختلط بهم وتتصل بهم فهذا لا يجوز؛ لأن وجودها معهم فتنة ولو مع الاحتجاب، لأن المماسة والمخالطة والمجالسة الدائمة والكثيرة سبب للشر.

    فإذا كانت في محل خاص، أو في عمل نسائي مع النساء فلا بأس، أما كونها مدرسة مع المدرسين، أو عاملة مع العمال تذهب معهم وتجيء معهم وتنقل معهم الحجر أو اللبن وتخالطهم في ذهابهم وإيابهم فهذا فيه خطر عليها، فالواجب الحذر من ذلك؛ لأن هذه المخالطة قد تفضي إلى فتنة، والرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تبتعد عن أسباب الفتنة، ونهى عن الخلوة ونهى عن التبرج، والمخالطة قد تدعو إلى خلوة وقد تدعو إلى تبرج وإبداء بعض الزينة.

    1.   

    صفات الزوج الصالح

    السؤال: تسأل أيضاً وتقول: كيف تختار المرأة المسلمة المحجبة المؤمنة بالله شريك الحياة؟ وما هي صفاته؟ بينوها لنا مأجورين؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: تلتمس الرجل الطيب المعروف بالخير المحافظ على الصلوات، صاحب العقيدة الطيبة، تسأل عنه من يعرفه من الثقات الذين تعرفهم إذا خطبها، ولو تخطبه هي لا بأس، إذا عرفته بالخير والاستقامة وأوصت عليه وليها أو غير وليها أنها توافق على خطبته لها فلا بأس، فقد أهدت امرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرها على ذلك عليه الصلاة والسلام، ولما لم يرغب فيها زوجها غيره عليه الصلاة والسلام، وعمر رضي الله عنه عرض ابنته حفصة على الصديق ، وعلى عثمان بعدما تأيمت من زوجها، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.

    فالمقصود: أن المرأة لا مانع أن تختار لنفسها الرجل الطيب المعروف بالاستقامة في دينه، ولكن لا تبت في ذلك إلا بطريق وليها، وليها هو الذي يزوجها، فإذا اتفقت مع وليها على رجل طيب فهذا هو المطلوب، وليس لوليها أن يجبرها على شخص ليس بطيب أو على شخص لا ترضاه، وليس لها هي أن تختار شخصاً يضر أولياءها ويسبب المشاكل بينها وبين أوليائها، عليها أن تسلك المسالك الحسنة، وأن تختار الطيب الذي ليس في اختياره مشاكل ولا مضرة على أوليائها.

    1.   

    كيفية التعامل مع الوالد المقارف للمعاصي

    السؤال: سؤالها الأخير يقول: إذا كان الوالد يحل المحرمات كالخمر ولعب القمار وعدم مراعاة العائلة والاهتمام بها، بالإضافة إلى أنه لا يعمل ويدعي المرض والله أعلم، وتصرفاته هذه أدت إلى أن قامت العائلة بمقاطعته وعدم احترامه، مع العلم أن الكثير من هذه العائلة يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعرف حدود الله، ومع ذلك فإن تصرفات هذا الأب تنسيهم في لحظة الغضب قول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، السؤال: كيفية التعامل مع هذا الأب والتصرف معه بما يرضي الله وعدم مخالفة قول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83] لأني ذكرت أعلاه أن أفراد العائلة في حيرة مع هذا الأب؟ أفيدونا مأجورين جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الواجب مناصحته والدعاء له بظهر الغيب أن الله يهديه ويرده إلى الصواب، مع الرفق به؛ لأن الله جل وعلا قال للولد في حق والديه الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ [لقمان:15]، فأمر أن يصحب والديه بالمعروف وإن كانا كافرين.

    فهكذا اليوم إذا كان الوالد كافراً أو عنده معاصٍ ظاهرة فلا يجوز للولد أن يقاطعه ولا أن يسبه، ولكن يرفق به ويصاحبه بالمعروف، بالدعاء له والنصيحة له، والدعاء له بظهر الغيب أن الله يهديه، والاستعانة على ذلك أيضاً ببعض الأقارب الطيبين لعل الله يهديه بأسبابهم، ولا يقاطعه ولا يعقه، بل يصبر ويحتسب حتى يجعل الله له فرجاً ومخرجاً، وإذا كان محتاجاً أنفق عليه.

    والحاصل والخلاصة أنه يرفق به، ويدعو له بظهر الغيب بالهداية، ولا يسبه ولا يقطعه من الزيارة ولا من البر، بل يبره ويحسن إليه ولا يعقه حتى يهديه الله أو يميته الله.

    1.   

    حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها

    السؤال: من المستمع حماد عقاب المطيري من الأرطاوية رسالة وضمنها سؤالين.

    السؤال الأول: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها، وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخيرها حديث؟

    الجواب: نعم، صلاها مرة متأخراً وقال صلى الله عليه وسلم: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)، وكان يستحب أن يؤخر العشاء بعض الشيء، فوقتها إلى نصف الليل، فإذا اتفق أهل القرية أو أهل المسجد على التأخير فلا بأس إلى ثلث الليل قبل نصف الليل، وإلا فالسنة أن يبكر بها حتى لا يشق على الناس، يؤخر بعض الشيء ولكن لا يطول حتى لا يشق على الناس كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، كان إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخرها، وأخرها في بعض الأوقات فقال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) وكان أخرها إلى ثلث الليل، وفي بعض الأحاديث إلى قرب شطر الليل.

    فالحاصل: أن الإمام لا يشق على الناس بل يصلي بهم كالعادة يبكر، لكن إذا كانوا يستحبون التأخير واتفقوا معه على التأخير إلى ثلث الليل قبل نصف الليل فلا بأس، فمهما تأخروا فهو أفضل إذا تراضوا عليه.

    1.   

    حكم إعطاء الزكاة للخادم وأهله

    السؤال: يسأل سؤاله الأخير ويقول: هل يجوز دفع زكاة المال على الخدم لإرسالها لأهلهم وأقاربهم؟

    الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كنت تعرف الخادم وأنه فقير وأن أهله فقراء وعندك يقين في هذا فلا بأس، إذا كان مسلماً وأهله مسلمون.

    أما الخدم الذين لا تعرف حالهم ولا حال أهلهم فلا، الواجب أن تلتمس الفقراء المعروفين بالإسلام حتى تدفع إليهم على بصيرة في بلدك، والخادم تكفيه أجرته والحمد لله.

    لكن لو تيقنت أنه فقير وأن الأجرة ضعيفة وأن لديه عائلة فقراء وهم مسلمون فهذا شيء لا شك فيه فلا مانع أن يعطى من الزكاة بشرط أن لا تكون وقاية لمالك حتى لا تزيد في الأجرة حتى لا يطالبك بأجرة زيادة.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! من المعروف أن الخدم إذا نالوا شيئاً من الزكاة تتحسن خدماتهم فما هو توجيهكم لو سمحتم؟

    الشيخ: إذا لم يكن شرطاً فلا بأس، وإن خاف يعطيها غيرهم احتياطاً لدينه.

    1.   

    حكم اكتحال المرأة وهي صائمة

    السؤال: من الجمهورية اليمنية الأخوات (أ. و. ن. د. الأحمدي )، بعثن برسالة يسألن فيها ثلاثة أسئلة.

    السؤال الأول: عن حكم اكتحال المرأة وهي صائمة؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يكون في الليل، أما الكحل فلا ينقض الصوم، لكن الأفضل أن يكون بالليل، فإن وجدت طعم الكحل في حلقها فبعض أهل العلم يراها تقضي، فإن قضت احتياطاً فحسن، وإلا فالصواب أن الكحل لا ينقض الصوم، لكن من باب الحيطة ينبغي أن يؤخر في الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

    المقدم: جزاكم الله خيراً. سنعود إلى رسالتكن يا أخواتنا من اليمن في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767948539