إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (491)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    صفة التوبة من الذنوب والمعاصي الماضية

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من حجر، باعث الرسالة أحد المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف (د. س) يقول في أول سؤال له: إني فعلت ذنوباً كثيرة، وأريد أن أعود إلى الله وأتوب إليه توبة نصوحاً، فما هي صفة التوبة بارك الله فيكم؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن التوبة واجبة على جميع المسلمين، بل وعلى جميع الكفار المكلفين، على كل مكلف من كافر ومسلم أن يتوب إلى الله، فالكافر يتوب إلى الله من شركه وكفره ويدخل في الإسلام؛ لأن الله خلقه لذلك، يقول سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فعلى جميع الكفار من جن وإنس ونصارى ويهود وشيوعيين وغيرهم من أنواع الكفرة عليهم أن يدخلوا في دين الله، وأن يلتزموا بدين الله الإسلام، وأن يتوبوا مما هم عليه من الكفر والضلال قبل أن يموتوا.

    وعلى كل مسلم أن يتوب إلى الله من سيئاته وذنوبه، قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، وقال سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال سبحانه: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، فعلى الجميع أن يتوبوا إلى الله، والله سبحانه هو الجواد الكريم يقبل التوبة من عباده، كما قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25].

    والمذنب عليه أن يرجع إلى الله ويندم على ذنوبه الماضية، ويعزم أن لا يعود فيها، وبذلك يغفر الله له.

    وحقيقة التوبة تشمل ثلاثة أمور:

    الأمر الأول: الندم على الماضي والحزن على ما مضى من سيئاته: من زنا، أو شرب خمر، أو عقوق، أو ربا، أو أكل مال اليتيم، أو غير هذا من المعاصي، عليه أن يندم على ذلك ندماً عظيماً، ويحزن على ما مضى منه.

    وعليه أن يقلع من هذه الذنوب وعليه أن يتركها ويحذرها.

    وعليه أمر ثالث: وهو العزم الصادق أن لا يعود.

    هكذا التوبة تشمل هذه الأمور الثلاثة:

    أن يندم على الماضي منها مهما كانت عظيمة، حتى الكفر.

    والأمر الثاني: أن يقلع منها ويحذرها.

    الأمر الثالث: أن يعزم عزماً صادقاً أن لا يعود فيها.

    وهناك شرط رابع عام لجميع الأعمال وهو النية، أن تكون لله وحده، أن يتوب لله وحده؛ لأن الله قال: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ [التحريم:8] يقصد وجهه سبحانه رغبة فيما عنده، وحذراً من عقابه، فهو يندم على ما مضى ويعزم أن لا يعود ويقلع منها خوفاً من الله وتعظيماً له وإخلاصاً له سبحانه وتعالى، وهكذا بقية العبادات كلها لابد فيها أن تكون لله من صلاة وصوم وصدقة وغير ذلك.

    ومن تمام التوبة ومن أسباب بقائها: أن يلزم الأخيار، ويبتعد عن صحبة الأشرار الذين يجرونه إلى المعاصي، فهذا من أسباب بقاء التوبة ومن أسباب استمرارها وكمالها أن تبتعد عن جلساء السوء الذين كنت تجالسهم حتى تسلم من شرهم، وأن تحرص على صحبة الأخيار حتى تستفيد منهم ويعينوك على الخير.

    ومن أسباب تمامها وكمالها أيضاً: أن تزيل ما عندك من آثارها إن كان آلات لهو تزيلها .. خمر تريقه .. دخان تتلفه.. وهكذا ما كان عندك من آثارها وبقائها تزيله حتى لا يجرك الشيطان إليه، تريق الخمر .. تتلف الدخان .. تكسر آلات اللهو.. إلى غير هذا من كل ما يجرك إلى الشر تزيله عنك؛ حتى تتم لك التوبة وتبقى وتستمر.

    ولكنها مقبولة إذا استوفت الشروط حتى ولو كان عندك بقايا خمر، أو بقايا دخان، التوبة مقبولة، لكن عليك أن تحذر ما بقي عندك عليك أن تزيله، فبقاؤه عندك ولو بقي يوم أو بقيت يومين أو ثلاثة لا يبطل التوبة، التوبة ماشية وصحيحة إذا كنت صادقاً في التوبة في ندمك وإقلاعك وعزمك أن لا تعود صادقاً في ذلك راغباً بما عند الله، فالتوبة يمحو الله بها الذنوب، جميع الذنوب الماضية يمحو الله بهذه التوبة يمحوها الله عنك.

    فلا تقنط ولا تيئس، يقول الله جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] سبحانه وتعالى، وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين، ونهانا عن القنوط قال: (لا تقنطوا) يعني: لا تيئسوا من روح الله، فالمؤمن لا ييئس ولا يقنط بل يبادر بالتوبة، يحسن الظن بربه جل وعلا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فإذا تبت من الذنب بالندم، والإقلاع، والعزم أن لا تعود، فإنه يمحى عنك إذا فعلته لله سبحانه وتعالى.

    أما إن فعلته من غير إخلاص لله بل تركت الذنب وندمت عليه ولكن لم تفعله لله، بل لأنه أضرك أو مراعاة لخاطر أهلك، أو لأمر زيد أو عمرو لا لله فإنه يبقى عليك؛ لأنك ما تبت لله، التوبة تكون لله، تبقى عليك هذه الجريمة حتى تتوب لله من ذلك، لكن المستقبل الذي ما فعلت فيه الجريمة لا شيء عليك ما دام تركته، إنما عليك الجرائم الأولى التي فعلتها حتى تتوب إلى الله منها توبة صادقة خالصة لله، تضمن الندم على الماضي والإقلاع منها والحذر منها، والعزيمة أن لا تعود فيها، ترجو ما عند الله وتخشى عقابه سبحانه وتعالى.

    ثم إذا فعلت ذنباً بعد التوبة تؤخذ بالأخير، إذا فعلت ذنباً بعد التوبة أعدت الذنوب عليك إثم الأخير فقط، أما الأول فقد مضى، ومحي عنك بالتوبة إذا كنت صادقاً، أما إن كانت التوبة باللسان وأنت مقيم بقلبك على المعصية ومصر فهذه التوبة ما تنفع ولا تصح، لا بد من عدم الإصرار، وأن تتوب بقلبك، وأن تدعها بجوارحك وبدنك، تقلع منها، وتندم عليها وتعزم أن لا تعود فيها، هذه هي التوبة، فإذا نزغ الشيطان وعدت إليها تؤخذ بالذنب الجديد بس الذنب الجديد إلا أن تتوب أنت بعد ذلك، إذا تبت كذلك تاب الله عليك وهكذا، كلما عاد المسلم إلى التوبة تاب الله عليه، فلا يقنط ولا ييئس، والله يقول: وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87].

    ومما ينبغي للتائب أن يتبعها بالعمل الصالح، والاستكثار من الخير؛ حتى تستقيم وتنمو وتكمل، وحتى تبدل سيئاته حسنات أيضاً، إذا أتبعها بالعمل الصالح بدلها الله حسنات، قال تعالى لما ذكر الشرك والقتل والزنا، قال بعد ذلك: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-69] هذه نعمة من الله جل وعلا أن العبد إذا تاب توبة صادقة وأتبعها بالعمل الصالح أبدل الله سيئاته حسنات مع محو الذنب، تمحى الذنوب ثم تعطى بدل كل سيئة حسنة، بسبب إيمانك الصادق وعملك الصالح بعد ذلك، وهذا من فضله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى، وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].

    1.   

    نصيحة لمن يتأخر عن صلاة الفجر

    السؤال: يسأل أخونا سؤالاً آخر يقول: رجل يحافظ على الصلوات إلا أنه يتأخر عن صلاة الفجر بأوقات متفاوتة فبم تنصحونه، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ننصحه بالحذر من مشابهة أهل النفاق، فإن المنافقين يتأخرون عن صلاة العشاء والفجر ويكسلون عنهما، فالواجب الحذر، والصلاة ثقيلة على المنافقين، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) يعني: لو يعلمون ما فيهما من الأجر العظيم لأتوهما ولو حبواً.

    فالواجب على المؤمن أن يحذر صفات المنافقين وأن يبتعد عنها، وأن يحافظ على الصلوات الخمس كلها في الجماعة، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولا يجوز له التأخر عن صلاة الفجر أبداً، بل يجب أن يعتني بها وأن يصليها مع إخوانه كما يفعل مع الصلوات الأخرى، وإذا كان لا يستيقظ يستعين بالله ثم ببعض أهله يعينونه على اليقظة، أو بوضع الساعة عند رأسه يركدها على قرب الفجر ثم إذا ضربت قام، الله يسر هذه الساعات نعمة منه، يجعلها عند رأسه يوكدها على الساعة التي يريد قبل الفجر، أو عند الفجر فإذا ضربت سمع الصوت وقام.

    ومن الأسباب أيضاً: أن ينام مبكراً ولا يسهر، عليه أن ينام مبكراً إذا كان كثير النوم وربما شق عليه النوم عليه أن يبكر، عليه أن لا يسهر؛ حتى يقوم عند الفجر نشيطاً وليس به مانع.

    ولا يجوز له التساهل في هذا الأمر أبداً، بل يجب العناية بهذا الأمر لأمور، منها: التبكير في النوم لا يسهر، ومنها: وضع ساعة تعينه على ذلك يركدها على قرب الفجر، أو تكليف بعض أهله الذين يستيقظون أن يوقظوه، مع سؤال الله الإعانة على هذا الخير، والتوبة إليه مما سلف.

    1.   

    درجة حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين هو عماد الدين عبد القادر فضل الله من السودان، بعث يسأل ويقول: ما مدى صحة الحديث القائل: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)؟ وإن كان صحيحاً فهل معناه: أن الشخص الذي يجاور مسجداً لا تقبل له صلاة إلا في المسجد أم ماذا، أفتونا بارك الله فيكم؟

    الجواب: الحديث ضعيف، (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) ضعيف، ولكنه مشهور عن علي رضي الله عنه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يغني عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) يعم الجار وغير الجار، (ولما جاءه رجل أعمى، قال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب)، فإذا كان أعمى ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره؟!

    فالواجب على جميع المكلفين الحضور للصلاة في الجماعة وأداؤها في المسجد مع الناس، ولا يجوز له التخلف عنها بوجه من الوجوه.

    ولكن لو تخلف لكسل أو نوم صلاها ويفوته فضل الجماعة، صلاها وتصح صلاته لكنه يأثم إذا تعمد التأخر أما إذا كان مغلوباً على أمره بنوم أو غيره وليس باختياره، فالله جل وعلا يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    أما إذا كان يتساهل في النوم ولا يجعل ساعة ولا من يوقظه، فهذا يؤاخذ بذلك؛ لأنه مفرط فهو آثم بذلك، لكن لو جعل الساعة أو جعل من يوقظه ثم لم يسمع الساعة ولم يتيسر من يوقظه نام الموقظ فلا حرج عليه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نزل ذات ليلة في السفر في آخر الليل وأمر بلالاً أن يرقب لهم الفجر حتى يوقظهم فامتثل بلال واتكأ على ناقته ينظر الصبح حتى يخبرهم إذا طلع الصبح، فأخذه النوم ونام معهم ونام مثلما ناموا، فلم يستيقظوا إلا بعدما مسهم حر الشمس، فلما استيقظوا قال النبي صلى الله عليه وسلم لـبلال : أين كنت يا بلال ؟! فقال: لقد أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفسكم)، فلم يعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم، وتوضئوا وصلوا، تحولوا عن مكانهم يقال: إنه موضع حضر فيه الشيطان، ثم توضئوا وصلوا كما كانوا يصلون في وقتها.

    فالمقصود: أن الإنسان إذا فعل الأسباب واجتهد ثم لم تنفع الأسباب فلا شيء عليه، جعل الساعة ولكن ما سمعها، أمر زوجته وهي تقوم أو أمه أو أباه، ولكن قدر أنهم تلك الليلة ما قاموا فلا حرج عليه، لكن بشرط: أن لا يكون مصيفاً، أما إذا كان يتعمد الصيفة فهو مفرط، المصيف يشتد به النوم ولا يستمع ما يسمع صوت الساعة.

    فالحاصل: أنه لا بد من فعل الأسباب، ومنها أن يبكر بالنوم ولا يسهر..

    المقدم: المصيف معناه المتأخر سماحة الشيخ؟

    الشيخ: هو المتأخر الذي يتأخر عن النوم.

    فالحاصل: أن الواجب على المؤمن أن يفعل الأسباب التي تعينه على أن يصلي مع المسلمين في الوقت، الفجر وغير الفجر، ومن أشدها الفجر، وهي أشدها على المنافقين أيضاً، فلا يليق بالمؤمن أن يتشبه بأعداء الله المنافقين، بل عليه أن يبكر في النوم، لا يسهر حتى يستيقظ، وعليه مع هذا أن يستعمل الساعة التي يركدها على الوقت، وإذا كان عنده أهل عندهم يقظة في آخر الليل أم وإلا خالة وإلا زوجة جيدة تستيقظ، يؤكد عليهم أن يوقظونه، قد لا يسمع الساعة أيضاً فيؤكد عليهم حتى يوقظوه، يفعل الأسباب التي يستطيعها، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    1.   

    حكم رضاعة الولد من أمه بعد زواجها من رجل آخر

    السؤال: المستمع صلاح بن إبراهيم محمود مقيم في القصيم بعث يسأل ويقول: ولدتني أمي وهي في عصمة أبي، ثم طلقها أبي بعد ولادتي، وتزوج من أمي رجل آخر ولم أبلغ آنذاك الفطام، فرضعت من أمي بعد زواجها الأخير أكثر من خمس مرات مروية ومشبعة، فهل أكون بذلك ابناً لزوج أمي من الرضاعة وأخاً لأبنائه؟

    الجواب: لا تكون ابناً له، أنت ابن زوجته، ربيبه، لكن لو حملت أمك انقطع لبنها وحملت وأتت بولد أو بنت، وجاء لها لبن وأنت في الرضاع ما بعد فطمت، تكون ولداً له إذا أرضعك بلبنه الجديد، لو حملت وأنت صغير ثم ولدت ودر لها لبن على الولد الأخير وأرضعتك وأنت لم تبلغ الفطام ما فطمت فإنك تكون ولداً له من الرضاعة، أما كونك رضعت منها من لبن الأول من لبن أبيك بعدما تزوجت لا يجعلك ولداً له؛ لأن اللبن لبن أبيك باقٍ، لكن لو حملت من الزوج الجديد ودرت لبن بعدما وضعت الحمل وأنت لا تزال في الحولين ثم أرضعتك من لبن الزوج الجديد مع أخيك الجديد تكون ولداً له من الرضاعة.

    1.   

    حكم وصول الماء إلى بشرة اللحية أثناء الوضوء

    السؤال: المستمع (م. ع. ع) من شرورة بعث برسالة ضمنها ثلاثة أسئلة، في سؤاله الأول يقول: هل وصول الماء إلى بشرة اللحية واجب ضروري، أم يكفي مرور الماء فوق الشعر، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كانت اللحية كثيفة كفى مرور الماء عليها، وإن خللها وعركها فهو أفضل، وإلا كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر الماء عليها، وربما خللها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام.

    أما إن كانت صغيرة ما تستر البشرة فإنه يعركها حتى يصل الماء إلى البشرة، إذا كانت صغيرة ما تستر البشرة فإنه يغسل البشرة مع الشعر؛ لأنها حينئذ قليلة وجودها كعدمها، أما الكثيفة التي تستر البشرة لكثافتها فإنه يكفي مرور الماء عليها جميعها، إذا أجرى عليها الماء كفى، وإن خللها فهو أفضل.

    1.   

    حكم من أفطر في رمضان ولم يقضه حتى جاء رمضان آخر

    السؤال: يقول: أصابني مرض في عام مضى، وله أكثر من أربعة أعوام في شهر رمضان، ولم أصم ذلك الشهر ولم أقضه حتى الآن، فماذا يجب علي أن أفعل، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: عليك التوبة إذا كنت أخرته من غير عذر، عليك التوبة إلى الله سبحانه، والندم على ما مضى منك من التفريط، والعزم الصادق أن لا تعود في مثل هذا، وعليك أن تصوم، وتطعم عن كل يوم مسكيناً أيضاً إن كنت قادراً لأنك مفرط.

    وقد أفتى جماعة من الصحابة أن من فرط عليه أن يطعم مسكيناً مع القضاء، فعليك أن تقضي الأيام وعليك أن تطعم مع كل يوم مسكيناً نصف صاع من التمر أو الأرز أو الحنطة، كيلو ونصف لكل واحد عن كل يوم، وعليك مع ذلك التوبة إلى الله عن تقصيرك وتأخيرك؛ لأن الواجب البدار بقضائه قبل رمضان الجديد، وأنت أخرت كثيراً، فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وعليك قضاء الأيام سواء متتابعة أو مفرقة لا بأس، وعليك مع ذلك إن كنت قادراً أن تطعم عن كل يوم مسكيناً تجمع الطعام وتعطيه بعض الفقراء بعدد الأيام، كل يوم عنه نصف صاع، يعني: كيلو ونصف عن كل يوم، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، ولو فقيراً واحداً، أما إن كنت فقيراً ما تستطيع الطعام فإنك تصوم فقط مع التوبة ويكفي؛ لأن الله سبحانه يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    1.   

    حكم من تزوج بأخته من الرضاع وحكم ولده منها

    السؤال: يقول: رجل تزوج بامرأة وعلم أنها لا تجوز له من جهة الرضاعة؛ لكونه رضيع أختها الأصغر، ولم يعلم إلا بعد أن طلقها، وقد أنجبت له ولداً، هل يجب عليه كفارة أو ما شابه ذلك؟

    الجواب: ليس عليه شيء، ما دام ما علم وولده صحيح، ولده منسوب له، والحمد لله لأنه ما تعمد الباطل.

    1.   

    حكم رجل تزوج من امرأة رضعت من زوجة أبيه

    السؤال: المستمع إبراهيم ( ع. ك ) سوري الجنسية، بعث برسالة يقول فيها: تزوجت ابنة عمي، وأنجبت لي ولدين ولله الحمد، ومن فترة سافرت إلى سوريا واجتمعت العائلة عندي في البيت، وقالت لي عمتي والدة زوجتي: إن زوجتي رضعت من خالتي زوجة أبي أكثر من خمس رضعات، ومنذ ذلك اليوم ابتعدت عن فراش الزوجية ولم أخبر زوجتي بذلك، وأنا في حيرة من أمري، ما هو المطلوب مني، أفيدوني وفقكم الله؟

    الجواب: بهذا الرضاع تكون أختاً لك من أبيك، ويبطل النكاح إذا كانت المخبرة التي هي أمها ثقة، معروفة بالصدق والعدالة والاستقامة، ولا تتهم بأنها تريد فراقك لابنتها.

    المقدم: أو تريد فراق تلك.

    الشيخ: المقصود أنها لا بد أن تكون ثقة يعرفها الناس بالصلاة والاستقامة والصدق، وعدم وجود ما يقدح في شهادتها، لا بد أن تكون معروفة بالاستقامة والصدق والمحافظة على الصلوات، وليس فيها جرح يمنع شهادتها.

    أما أولادك فأولادك تابعون لك؛ لأنهم ولدوا على شبهة النكاح.

    فالحاصل: أن الواجب التثبت في هذا الأمر، تجتنب المرأة، تتثبت، تسأل، ولا مانع من إحضارها عند قاضٍ شرعي يسألها أو عند بعض العلماء هناك يخوفونها الله ويحذرونها من التساهل، ويعرفون ما لديها، وسؤال العارفين بها من جهة استقامتها وأنها ثقة دينة، ليست ممن يعبد القبور أو يسأل الأولياء والصالحين أو يتساهل بالصلاة، أو ليست من المعروفين بالمعاصي الأخرى، فإذا كانت ثقة ليس فيها جرح فاجتنب الزوجة حينئذ، وأعطها صكاً بطلقة حتى تعتمد على ذلك عند رغبتها في الزواج، تعطيها صكاً شرعياً، هذا بعد التثبت في الأمور، تعتزلها وتبقى تسأل وتنظر في الأمر وحتى تعرف ثقة والدتها، وأنها لا تتهم في شيء من ذلك، ويطمئن قلبك إلى فراق زوجتك بعد وجود المبررات التي لا يبقى معها شك في الشهادة، وإذا كان من طريق بعض القضاة الطيبين أو العلماء المعروفين تحضرها عندهم والشهود العارفين بها؛ حتى يكون الأمر عن بصيرة وعن فتوى أهل العلم.

    1.   

    وجوب التثبت في مسائل الرضاع

    السؤال: سماحة الشيخ! كثير من الناس عندما يتزوج وربما أنجب ولداً أو ولدين أو أكثر أو أقل يفاجأ فيأتي امرأة فتقول: إن بينك وبين فلانة رضاعاً، وهي تعتقد أن الرضاع هذا إن كان صحيحاً يوقع الفصال في الأسرة، بم تنصحون النساء في مواضيع الرضاع والتثبت والورع في هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذا واقع يقع، قد وقع عليه عقبة بن الحارث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، تزوج امرأة ثم جاءته امرأة أمة فقالت: قد أرضعتكما، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاه في ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف وقد قيل، دعها عنك) فأمره عليه الصلاة والسلام بفراقها، وهذا عند أهل العلم محمول على أنها ثقة المرأة، وأنها أرضعتها خمس رضعات أرضعتهما جميعاً.

    فالمقصود: أن هذا يقع كما وقع لـعقبة بن الحارث يقع، لكن الواجب التثبت في الأمور؛ لأن المرأة قد تكون عندها أسباب تحملها على الشهادة الباطلة: إما لأن بينها وبين الزوج شيئاً تريد أن تفرق بينها وبين ابنتها، أو لأسباب أخرى تدعوها إلى الشهادة التي تفرق بينه وبين أهله، أو قد تكون في نفسها لا تعتبر لفسقها أو كفرها من جهة ترك الصلاة أو التعلق بالأموات والاستغاثة بالأموات أو سب الدين، أو لغير هذا من الأسباب التي تدل على عدم دينها أو ضعف دينها فلا تعتبر شهادتها. نعم.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768252128