إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (497)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات من الخبر، أختنا عرضنا لها سؤالاً في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تسأل وتقول: ما حكم كشف الوجه على بعض أبناء العمومة، وذلك بسبب أننا نعيش جميعاً في منزل واحد إذ من الصعب تغطية الوجه، أما باقي الأعضاء فالحمد لله مغطاة، وأنا لا أضع أي نوع من المساحيق في وجهي، مع العلم أننا لا نأكل جميعاً على مائدة واحدة، بل النساء منعزلات عن الرجال، كذلك لا نتخالط كثيراً بل مجرد الصعود والنزول من الطابق العلوي إلى السفلي وبالعكس، نرجو توجيهنا؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن المرأة عورة يجب عليها الحجاب عن غير محارمها، ولا يجوز لها إبداء الزينة لغير محارمها، سواء كانوا من بني العم أو بني الخال أو من غيرهم، يجب الحجاب عنهم وإن كانوا أقرباء إذا لم يكونوا محارم، لقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] هذه الآية عامة تعم جميع النساء، وإن كان الخطاب لأزواج النبي رضي الله عنهن وصلى الله عليه وسلم ولكن غيرهن من باب أولى، فإذا أمر أتقى النساء بذلك فغيرهن من باب أولى، ثم بين العلة التي تعم الجميع، قال: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) فإذا كان أطهر لقلوب الصحابة وهم الأخيار خير هذه الأمة بعد الأنبياء وأطهر لقلوب الصحابيات من أمهات المؤمنين وغيرهن، فغيرهن في حاجة إلى هذه الطهارة، بل في أشد الضرورة إلى هذه الطهارة، ويقول جل وعلا في آية أخرى من سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ [النور:31] الآية.

    والزينة هي الزينة الظاهرة والباطنة، وأعظمها الزينة الخلقية، زينة الوجه والشعور والذراع واليد والساق والقدم ونحو ذلك، هذه الزينة التي تفتن الناس.

    أما زينة الملابس فقد تفتن لكنها دون هذه الأشياء، وإذا ظهرت إلى غير محارمها يكون عليها ملابس غير فاتنة، وهكذا في الأسواق تكون ملابس عادية ليس فيها فتنة، ولكن أعظم من ذلك ظهور الزينة الخلقية زينة الوجه أو اليد أو الشعور أو الساق أو الذراع أو القدم، كل هذه تحتاج إلى ستر، لأن الآية عامة: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية.

    وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صفوان يسترجع لما رآها في السفر حين تخلفت -خلفها الغزو- يحسبون أنها في الهودج قالت: فلما سمعت صوته خمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني، فلما سمعت صوته خمرت وجهي، فدل ذلك على أن نزول الحجاب يقتضي تخمير الوجه وأنه يخمر.

    وفي السنن عنها رضي الله عنها أنهن كن في حجة الوداع إذا دنا منهن الرجال سدلت إحداهن جلبابها على وجهها فإذا بعدوا كشفت.

    هذا يدل على أن الوجه مما يستر، ومن الزينة التي يجب أن تستر، وهي أعظم زينة المرأة تعرف بوجهها، إن كانت دميمة، قيل: دميمة وإن كانت جميلة قيل: جميلة من وجهها، فهو أعظم الزينة وأعظم من اليد وأعظم من الرجل وأعظم من الساق وأعظم من الشعر، فإذا وجب ستر الشعر فستر الوجه من باب أولى.

    أما الحديث الذي يحتج به بعض دعاة السفور وهو حديث عائشة في قصة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه)، رواه أبو داود ، وفي بعض الروايات عند غير أبي داود : (وأشار إلى نصف الساعد) فهذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو ضعيف وباطل من عدة أوجه:

    الوجه الأول: أن الراوي له عن عائشة هو خالد بن دريك وهو منقطع لم يسمع منها كما قال أبو داود رحمه الله وغيره، والمنقطع لا حجة فيه.

    الثاني: أنه من رواية سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته.

    الثالث: أنه من رواية قتادة بالعنعنة وقتادة مدلس ، ولا تقبل روايته إذا دلس إلا إذا صرح بالسماع إلا فيما جاء في الصحيحين، فروايته في الصحيحين معروفة ومنتقاة.

    الرابع: لو صح لكان محمولاً على حال النساء قبل الحجاب، كن يبدين وجوههن وأيديهن قبل نزول الحجاب ثم أنزل الله الحجاب فمنعن من ذلك.

    خامساً: في متنه ما يدل على نكارته؛ لأن في الحديث: أن عليها ثياباً رقاقاً، فهل يليق بـأسماء أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق زوج أختها وهي امرأة من أصلح النساء زوجة الزبير بن العوام هذا لا يمكن أن يقع من أسماء ، بل دينها وخلقها وعفتها وإيمانها يمنعها من هذا أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق لا تسترها، فلا يجوز أن يظن هذا بـأسماء رضي الله عنها وأرضاها.

    فهذه وجوه خمسة كلها تدل على عدم صحة الاحتجاج بهذا الحديث، وتدل أربعة منها على عدم صحته وأنه غير صحيح، والخامس لو صح لكان محمولاً على ما قبل الحجاب، والله ولي التوفيق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088554642

    عدد مرات الحفظ

    777296555