إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (501)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    بر الوالدين بعد وفاتهما

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء طيب مبارك يجمعنا بسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز في حلقة من حلقات برنامج نور على الدرب.

    مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ: عبد العزيز : أهلاً ومرحباً يا سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====

    السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة وصلت من اليمن السائل (ي. ع. أ) يقول: توفي والدي يرحمه الله وكنت أراه -والحمد لله- مداوماً على الصلاة محافظاً على الخير، وأريد أن أقدم له عملاً يزيد من حسناته ويخفف من سيئاته، فبماذا يتمثل هذا العمل، جزاكم الله خيرا هل هو بتلاوة القرآن وإهدائها له؟ أو التصدق أم الدعاء جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن بر الوالدين من أهم الواجبات، ومن أعظم الفرائض كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] قال سبحانه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] فبرهما من أهم القربات وأفضلها.

    قد سئل النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: (يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) كل هذا من حقهما.

    فنوصيك -أيها السائل- بكثرة الدعاء لوالديك، لأبيك وأمك، والصدقة عنهما كذلك بالقليل والكثير، على الفقراء والمحاويج ولا سيما فقراء الأقارب بالنية عن والدك وعن والدتك جميعاً وعن نفسك معهما كذلك، وإذا كان له وصية شرعية تنفذها كنصاب الثلث أو الربع في أعمال البر في وجوه الخير؛ في ضحايا .. في حج .. في صدقات فعليك التنفيذ.

    كذلك صلة الأقارب من أعمامك وبني عمك وأجدادك تصلهم وتحسن إليهم بالهدية.. بالصدقة.. بالدعاء.. بالزيارة، كذلك أصدقاؤه -إذا كان له أصدقاء- تكرمهم أيضاً وتحسن إليهم كل هذا من حق والدك، ومن حق أمك أيضاً.

    أما القراءة لهما فهي غير مشروعة، لم يرد في الشرع القراءة للأموات، تقرأ لنفسك تقرأ وتسأل ربك أن يتقبل منك وأن يثيبك، أما إهداء القرآن إلى غيرك فلا، لم يرد في الشرع، لكن الدعاء للوالدين والصدقة عنهما، الحج عنهما، العمرة عنهما بعد وفاتهما كل هذا طيب، إكرام أصدقائهما بالصدقة .. بالزيارة، إكرام أقاربك من أبيك وأمك من أعمام وعمات وأخوال وخالات وغيرهم كل هذا من بر الوالدين، وفق الله الجميع.

    1.   

    إثم الأب الذي لم ينصح أبناءه في أمور دينهم

    السؤال: في سؤاله الثاني يقول يا سماحة الشيخ: إذا كان بعض من إخواني سواء كان ذكور أو إناث يقصرون في بعض الصلوات، هل هذا يؤثر على والدي المتوفى، علماً بأن بعض الإناث متزوجات؟

    الجواب: إن كان قصر في حياته فلم يأمر أبناءه وبناته ولم يعلمهم فهو على خطر من ذلك، والدعاء له تدعو له أن الله يسامحه ويعفو عنه، أما إن كان لم يقصر بل اجتهد في تربيتهم وتعليمهم وأمرهم بالخير، ولكن قصروا بعد وفاته هم فالإثم عليهم، وليس عليه من ذلك شيء.

    إذا قصروا بعد وفاته في الصلاة أو غيرها فالإثم عليهم، لكن في حياته إذا كان قد تساهل في حقهم فهو على خطر، تدعون له بالمغفرة والرحمة والعفو، إذا كان تساهل معهم ولم يعلمهم ولم يؤدبهم فقد ترك الواجب عليه، فهو مسئول عن هذا، وهو خطر من هذا الشيء، لكن تدعون له بالمغفرة والرحمة والعفو، وعليكم أيضاً أن تتواصوا بالخير فيما بينكم، وأن تناصحوا وأن تجتهدوا في أداء حق الله، وأن تحافظوا على الصلاة في الجماعة.

    وأن تجتهد مع أخواتك أيضاً بنصيحة أخواتك وتوجيههن إلى الخير، وأمرهن بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها وغير هذا من وجوه الخير، كأداء الزكاة، وصوم رمضان، والمحافظة عليه، صلة الرحم، إكرام الجار، حفظ اللسان عما لا ينبغي، توصي جميع إخوتك من ذكور وإناث بتقوى الله، توصيهم بطاعة الله ورسوله، توصيهم بفعل الخير وترك الشر، توصيهم بكثرة التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والذكر وقراءة القرآن، توصيهم بإكرام جيرانهم، وإكرام أقاربهم وصلة أرحامهم، وأنت على خير، يقول الله عز وجل: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، من أفضل خصال الإيمان التواصي بالحق والتناصح، ويقول جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] ، ويقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

    فأنت -أيها السائل- عليك أن تتعاون مع إخوانك، ومع أقربائك ومع جيرانك على البر والتقوى، على طاعة الله ورسوله، على الصلاة في الجماعة، على بر الوالدين، على صلة الرحم، على حفظ اللسان عما لا ينبغي، كل هذا من التناصح والتواصي بالحق.

    1.   

    كيفية قضاء الركعتين الفائتتين في صلاة الجماعة الجهرية

    السؤال: السائل (ع. م. ع) من السودان يقول في هذا السؤال: إذا أدرك المصلي الركعتين الأخيرتين لصلاة العشاء مثلاً، فهل يقرأ ما فاته سراً أم جهراً؟ وهل يكمل ما فاته بسورة الفاتحة فقط، أفيدونا بذلك؟

    الجواب: الصواب أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ، يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة والوقار فما أدركتم -يعني: مع الإمام- فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ، وفي لفظ: (فاقضوا) يعني: أتموا، معنى القضاء التمام، وهذا يفيد أن ما أدركه الإنسان مع الإمام يكون هو أول صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين من العشاء فإنها تكون أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم يأتي بالركعتين الأخيرتين، يقرأ فيهما الفاتحة سرا؛ لأنها آخر صلاته.

    وهكذا إذا أدرك واحدة من المغرب فإن الثنتين الأخيرتين هما آخر صلاته، فالأولى يقرأ فيها الفاتحة وسورة أو آيات ويجهر بعض الشيء جهراً لا يشوش على من حوله، والأخيرة يقرأ فيها الفاتحة سراً؛ لأنها هي المكملة لصلاته.

    1.   

    رقية المريض لنفسه

    السؤال: السائلة من ليبيا تقول: تذكر بأنها فتاة متدينة وتحمد الله على ذلك، تقول السائلة: إذا قرأ الإنسان على نفسه، مثال ذلك: إذا قرأ القرآن وهو مريض من مرض الحسد هل يفيده أم لابد من شخص أو شيخ يقرأ عليه؟ أفتونا مأجورين.

    الجواب: إذا قرأ الإنسان على نفسه يفيده، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على نفسه عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن إذا أحس بمرض أو ضيق أو تكدر يقرأ القرآن، يكثر من قراءة القرآن، ويسأل ربه العافية والشفاء، وله بهذا خير عظيم، وله أسوة بالنبي عليه الصلاة والسلام، يقول الله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] ، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى جمع كفيه فقرأ فيهما عند النوم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات، يمسح في كل مرة على ما استطاع من جسده، ويبدأ برأسه ووجهه وصدره عليه الصلاة والسلام في كل مرة) هكذا أخبرت عائشة رضي الله عنها.

    قالت: (وفي مرض موته لما كان لا يستطيع أن يفعل ذلك، كنت أقرأ في يديه وأمسح بهما على وجهه ورأسه وصدره) رضي الله عنها.

    المقصود: أن المؤمن والمؤمنة يقرآن القرآن ويكثرا من ذلك، وللقارئ بكل حرف حسنة، قارئ القرآن له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.

    فالوصية لجميع إخواني المسلمين من الرجال والنساء الإكثار من قراءة القرآن في الليل والنهار، وأنت جالس على فراشك، أو في مجلسك، أو في أي مكان، وأنت ماشي في الطريق تقرأ بينك وبين نفسك، وإذا أحسست بمرض تقرأ في يديك ما يسر الله من القرآن ومن أهم ذلك سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين تقرؤهما في يديك ثلاث مرات، وعند النوم أفضل وتمسح بيديك على ما تيسر من جسدك، وتبدأ برأسك أو وجهك وصدرك ثلاث مرات اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام، وتدعو ربك أن الله يمن عليك بالشفاء والعافية.

    1.   

    آيات الوقاية من الحسد

    السؤال: السائلة تقول: ما هي الآيات التي تعالج الحسد، وهل له علاج غير القرآن والرقية أم لا؟ أفيدوني لسؤالي؟

    الجواب: نعم، القراءة والدعاء، الإنسان يسأل ربه العافية من شر كل حاسد كما قال جل وعلا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:1-5].

    هذه السورة إذا قرأها الإنسان في يديه ومسح بهما على رأسه ووجهه وصدره ثلاث مرات عند النوم هي علاج من كل داء من الحسد وغيره، وهكذا في غير النهار في الضحى في الظهر في العصر في أي وقت، لكن المحافظة على هذا عند النوم يكون أفضل تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام، والله جل وعلا يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] ، ويقول سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44].

    وفي الصحيحين أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مروا على جماعة من العرب ورئيسهم -أميرهم- قد لدغ لدغته حية فاشتد فاجتهدوا في علاجه فلم يتيسر له الشفاء، فجاءوا إلى الصحابة الذين مروا عليهم وقالوا: هل فيكم من راقي؟ قالوا: نعم، ولكنكم لم تقرونا لما نزلنا بكم ما ضيفتمونا، ما نقرأ إلا بجعل، فاتفقوا معهم على قطيع من الغنم لمن يقرأ عليه، فقرأ عليه أحد الصحابة الفاتحة -سورة الحمد- وجعل يتفل عليه ويكررها فعافاه الله وقام كأنما نشط من عقال فأعطوهم جعلهم، فقالوا فيما بينهم: لا نفعل شيئاً حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا المدينة أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم) يطيب نفوسهم بذلك، فدل ذلك على أن قراءة القرآن فيها شفاء من كل داء، وأنه لا بأس بأخذ الجعل على القراءة.

    1.   

    وجوب الإنصات عند سماع القرآن الكريم

    السؤال: السائلة تقول: هل يجوز أن يقرأ الشخص مع قارئ من القرآن من شريط مسجل أم لا يجوز؟

    الجواب: لا، يستمع ينصت، يستمع ويستفيد، يقول الله: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204].

    1.   

    وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

    السؤال: في أي وقت من يوم الجمعة تقرأ سورة الكهف أهو في كل وقت أم وقت محدد؟

    الجواب: في جميع النهار، في جميع اليوم في أوله وفي آخره، جاء فيها بعض الأحاديث الضعيفة، وثبت من فعل بعض الصحابة أبي سعيد كان يقرؤها كل جمعة، فإذا قرأها الإنسان فحسن.

    1.   

    حكم التصرف في الهدية

    السؤال: هذه رسالة وصلت من المغرب من أحد الإخوة المستمعين، يقول في هذا السؤال: شخص أهديت له هدية عبارة عن مجوهرات ذهبية، السؤال: هل له أن يبيعها ويستفيد بثمنها؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: نعم، إذا أهدي لك هدية وليست رشوة، هدية من أخ محب أو من قريب ليست في مقابل خيانة فلا بأس، تكون مالاً لك تتصرف فيها .. تبيعها .. تمسكها .. تهديها إلى غيرك لا بأس، أما إن كانت رشوة حتى تميل عن الحق أو حتى تحكم بالجور أو حتى تظلم أحداً فلا يجوز ذلك، إذا كانت هذه الهدية رشوة لك حتى تظلم أو تخون في قضية عندك، أو أنت قاضي وتحكم بغير الحق كل هذا منكر.

    وأما إذا كان هدية لله وفي الله؛ لأنك صديقه؛ لأنك أخوه في الله؛ لأنك قريبه؛ ليس لأي أمر آخر من أمور الخيانات والظلم فلا بأس بذلك، هي مال لك تتصرف فيها، والسنة لك أن تقابله أن تثيبه على هديته، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، يعني: يعطي عليها مقابلاً، هذا هو الأفضل.

    1.   

    عقوبة من يتكاسل عن إخراج الزكاة

    السؤال: هذا السائل من الرياض رمز لاسمه بـ (ع. أ. أ) يقول: رجل لديه أموال طائلة ولا يزكي عليها لعدة سنوات وأكثر من عشر سنوات لم يزك عليها، وعندما نصحناه قلنا: زك هذه الأموال، قال: سأزكي عليها بعد كل خمسة عشر سنة، ونرجو منكم التوجيه في هذا؟

    الجواب: هذا منكر لا يجوز، فالواجب على المسلم أن يزكي كل سنة، ولا يجوز التأخير لا سنتين ولا أكثر، يجب أن يزكي عند نهاية كل عام عن جميع الأموال التي عنده من الذهب والفضة وعروض التجارة، وهكذا إذا كان يزرع يزكي زكاة الزرع .. زكاة التمور.. زكاة العنب، كل سنة في سنتها إذا بلغت النصاب، هذا هو الواجب؛ لأن الله قال جل وعلا: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، قال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43] هذه للفورية، أقيموا الصلاة في وقتها، وآتوا الزكاة في وقتها.

    وأخبر جل وعلا أن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله أنهم موعودون بالعذاب الأليم، قال جل وعلا: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35]، هذا جزاء من بخل بالزكاة، ولم يخرج حقها، كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب عليه صاحبه يوم القيامة.

    وفي الحديث الصحيح: (أن الذين لا يؤدى الزكاة يوم القيامة يعذبون، تحمى عليهم تلك الأموال من الذهب والفضة وما يقوم مقامها فيعذبون بها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وصاحب الإبل والبقر والغنم يبطح لها بقاع قرقر تمر عليه تطؤه بخفافها وأظلافها، الإبل بخفافها، والبقر والغنم بأظلافها، تنطحه البقر والغنم بقرونها، وتعظه الإبل بأفواهها، كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) هذا جزاؤه نسأل الله العافية.

    فالواجب على من كان عنده مال زكوي أن يخرج الزكاة كل سنة.

    وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله وأن يخرج الزكاة عما مضى من السنين، عليه التوبة والندم والإقلاع والاستغفار والبدار بإخراج الزكاة عن السنوات الماضية.

    1.   

    حكم توكيل المرأة غيرها في رمي الجمرات

    السؤال: هذا سائل يقول: في رمي الجمار هل يجوز للزوج أن يرمي عن زوجته جميع الجمار؛ وذلك لأنه سيكون معه طفل رضيع، وإن تركه مع أحد وذهب ليرمي الجمار سيبكي هذا الطفل، وفي حالة عدم وجود طفل هل للزوجة أيضاً أن يرمي عنها الزوج وذلك ليجنبها الزحام الشديد حتى وإن قويت على السير؟

    الجواب: هذا الموضوع فيه تفصيل، والناس يخطئون فيه كثيراً، فإذا كانت المرأة قوية تستطيع الرمي وجب عليها الرمي في الليل أو في النهار، فإذا كان زحمة في النهار ترمي بالليل بعد غروب الشمس إلى آخر الليل كله رمي، ليلة أحد عشر وليلة اثني عشر وليلة ثلاثة عشر كله رمي.

    أما إذا كانت مريضة أو عجوز كبيرة أو عندها أطفال ليس عندهم من يحفظهم توكل زوجها أو غيره يرمي عنها والحمد لله، وهكذا الشيخ الكبير والمريض يوكلون، وهكذا الأطفال يرمي عنهم من حج عنهم.

    أما المرأة القوية التي قد عافاها الله تنظر الوقت المناسب وترمي فيه، ولا توكل.

    1.   

    التوبة تجبّ ما قبلها

    السؤال: رجل ارتكب كبيرة، وتاب إلى الله توبة نصوحا، ولكنه ستر نفسه ولم يعلم أحد بذلك إلا الله عز وجل، ولم يقم عليه الحد في الدنيا، فهل إقامة الحد في الدنيا شرط لقبول التوبة والتطهر من دنس المعصية، وما موقفه يوم القيامة هل سيقام عليه حد العذاب أو يعذب بمقدار ما اقترف، علماً بأنه تاب توبة نصوحا، أفيدونا بشيء من التفصيل مأجورين؟

    الجواب: التوبة يمحو الله بها ما مضى من الذنوب، الحد يكفر الله به السيئة، إقامة الحد تكفيه، والتوبة تكفيه، فإذا تاب توبة نصوحاً كفر الله عنه الذنب وإن لم يقم عليه الحد، فحصل له الستر والعافية والحمد لله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تجب ما قبلها) ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] أجمع العلماء رحمة الله عليهم على أن هذه الآية في التائبين: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ [الزمر:53] يعني: بالذنوب والمعاصي أو بالشرك لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] ينهاهم عن القنوط واليأس من رحمة الله، ثم يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53] يعني: للتائبين.

    فإذا تاب توبة نصوحاً بالندم عن الماضي، والإقلاع من الذنب وتركه والعزم الصادق ألا يعود فيه، تعظيماً لله ورغبة فيما عنده وحذراً من عقابه تاب الله عليه، ومحا عنه الذنب ولا حاجة إلى الحد، يستر نفسه والحمد لله.

    لما جاء ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد زنى أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة، فلم يزل يلح حتى أقام عليه النبي صلى الله عليه وسلم الحد.

    المقصود: أن التوبة تكفي، فالتوبة كفارة، والحد كفارة، فإذا من الله عليه بالتوبة في حياته وتاب توبة صادقة بالندم والإقلاع والعزم ألا يعود غفر الله له ذنبه، ومحا عنه السيئة، وصار كمن لا ذنب له، والحمد لله.

    المقدم: الحمد لله، جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ.

    1.   

    حكم التحدث عن الذنوب الماضية بعد التوبة منها

    السؤال: البعض من الناس أقول: بعد عودته إلى الله عز وجل يذكر الناس بما عمل في أيامه الماضية مع أن الله عز وجل ستره، هل من توجيه حول هذا؟

    الجواب: لا يجوز له أن يقول: فعلت وفعلت، يحمد الله الذي ستره، الإنسان إذا ستره الله لا يفضح نفسه، ولكن يحث الناس على التوبة ويرغبهم فيها ويذكر لهم الآيات والأحاديث، هذا هو الواجب عليه، أما أن يقول: فعلت كذا وكذا فلا يجوز، من ستره الله يحمد ربه على الستر.

    1.   

    وقت انتهاء صلاة العشاء

    السؤال: السائلة (ن. هـ. س. الشمري ) حائل تقول: سمعت من بعض الناس أنهم يقولون بأن صلاة العشاء تؤخر إلى الساعة العاشرة فقط وينتهي وقت الصلاة، فهل هذا صحيح؟

    الجواب: صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، والليل يختلف، يطول ويقصر الليل، فالواجب أن تقدم الصلاة قبل قبل النصف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وقت العشاء إلى نصف الليل) فالواجب على الرجال والنساء أن يقدموا الصلاة قبل النصف، فالرجل يصلي في الجماعة في المساجد، والمرأة تلاحظ هذا حتى تصلي قبل النصف.

    1.   

    حكم الإتيان بالصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول

    السؤال: السائلة تقول في سؤالها الأخير: إذا صليت صلاة العشاء وجلست للتشهد الأول ونسيت وقرأت التشهدين هل علي شيء؟

    الجواب: ليس عليك شيء، السنة إذا قرأت التشهد الأول أن تقومي إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الأفضل أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قمت بعد قولك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله فلا بأس، وإن صليت على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قمت فلا بأس، أما التعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وبقية الأدعية فتكون في الأخير، لكن لو أن إنساناً أتى بها في الأول نسياناً فلا شيء عليه.

    1.   

    شرح حديث: ( الحج عرفة )

    السؤال: هذا السائل يقول في هذا السؤال: فضيلة الشيخ! أرجو توضيح حديث: (الحج عرفة) وما هو الواجب على القادم للحج؟

    الجواب: معناه عند أهل العلم: أنه ركن أعظم في الحج، الركن الأعظم عرفة، من فاته عرفة فاته الحج، فإذا أتاها يوم عرفة يوم التاسع بعد الزوال وقف فيها ما يسر الله ولو قليلاً أو في الليل قبل طلوع الفجر ليلة النحر -ليلة العيد- أدرك الحج، من الزوال إلى طلوع الفجر، يعني: بقية النهار مع الليل كله، ليلة النحر وهي ليلة العيد كلها موقف، فإذا وقف بعد الزوال أو بعد العصر أو بعد المغرب أو بعد العشاء إلى آخر الليل فقد أدرك الحج وهو محرم إذا كان محرماً ناوياً الحج فإنه يكون مدركاً للحج، فعليه أن يأتي بالأعمال بعد ذلك، يذهب إلى مزدلفة يبيت فيها تلك الليلة، يرمي الجمار يوم العيد، يطوف ويسعى إلى بقية أعمال الحج، وإن كان أحرم بحج وعمرة عليه الهدي ذبيحة تذبح في مكة للفقراء، يعني: بقية الأعمال، لكن الركن الأعظم هو (الحج عرفة)، من فاته عرفه فاته الحج، والركن الثاني: الطواف، والركن الثالث: السعي، والرابع: الإحرام، كونه ينوي الدخول في الحج أو في العمرة هذا ركن، ينوي الإحرام بالحج هذا الركن الأول، والواجب أن يكون من الميقات الذي يمر عليه حين يأتي من بلده، أول ميقات يمر عليه يحرم منه، هذا واجب عليه يحرم من الميقات، أما كونه يحرم، كونه ينوي بقلبه الحج هذا ركن الحج، العمرة ركن العمرة.

    ثم الركن الثاني: الوقوف بعرفة، ثم الركن الثالث: الطواف بالبيت بعد النزول من عرفة، والركن الرابع: السعي في حق القارن والمفرد والمتمتع جميعاً، السعي لابد منه، لكن المتمتع عليه سعيان، السعي الأول للعمرة قبل الحج، والسعي الثاني للحج، أما القارن والمفرد ليس عليهما إلا سعي واحد، إذا أتيا به مع طواف القدوم كفى ولم يبق عليهما إلا طواف الحج بعد العيد ثم طواف الوداع.

    المقدم: شكر الله -يا سماحة الشيخ- وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.

    شكر الله لسماحته على ما بين لنا، وشكراً لكم أنتم، وفي الختام تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ومن هندسة الصوت سعد خميس .

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975851