إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (523)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب، أيها الإخوة المستمعون الكرام! هذا لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب، ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ معنا، أهلاً ومرحباً سماحة الشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: الله يحييك يا سماحة الشيخ.

    ====السؤال: هذا سائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! بينوا لنا كيف كانت عقيدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله سبحانه وتعالى، وفي توحيد الله، وفي القرآن، وفي البعث والجزاء جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا سؤال عظيم جدير بالعناية، عقيدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أسماء الله وصفاته وفي البعث والنشور وفي غير ذلك هي ما دل عليه القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهم رضي الله عنهم تلقوا عن نبيهم العقيدة التي دل عليها القرآن العظيم وهي: الإيمان بالله وأنه ربهم ومعبودهم الحق سبحانه وتعالى الذي لا تجوز العبادة إلا له سبحانه وتعالى، فهو الذي يصلى له، ويدعى ويستغاث به، وينذر له، ويصلى له، ويسجد ويذبح له.. إلى غير ذلك، فالعبادة حقه سبحانه وتعالى.

    فعقيدتهم أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يصرف منها شيء لغير الله، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، وقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار ويدعونها ويستغيثون بها، فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهداهم الله للإسلام عرفوا أن ما هم عليه هو الباطل وأنه الشرك الأكبر، وأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده.

    وعقيدتهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها وإمرارها كما جاءت، وعدم التكييف والتمثيل، فهم يؤمنون بأن الله هو السميع البصير الحكيم العليم الرحمن الرحيم، وأنه على العرش استوى فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى، وأنه الحي القيوم، وأنه مصرف لعباده كيف يشاء، مدبر الأمور وخالق الخلق ورازق العباد، لا شبيه له، ولا مثل له، ولا كفء له، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، ويقول سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    فهذه عقيدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أسماء الله وصفاته، يؤمنون بأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم، وأن الأعمال الصالحة ترفع إليه كما قال جل وعلا: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، وقال جل وعلا: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ [المعارج:4]، والعروج: الصعود من أسفل إلى أعلى، وقال جل وعلا: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12]، قال: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، وقال في حق عيسى : إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]، وقال: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158].

    فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، فهو العلي الأعلى، كما قال تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ [غافر:15]، فهو فوق العرش، قد استوى عليه، والاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، استواءً يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم ولا في كلامهم ولا في غير ذلك، فهو سبحانه وتعالى العلي الأعلى فوق العرش بلا كيف، فأهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم لا يكيفون، لا يقولون: استوى كيف استوى؟ بل يقولون: استوى على العرش بلا كيف، يعني: على الكيف الذي يعلمه سبحانه، لا نعلم كيفية صفاته جل وعلا، بل نقول: استوى بلا كيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو العزيز الحكيم، وهو السميع البصير بلا كيف، لكن نعلم يقيناً أن صفاته كاملة، وأنه لا شبيه له، ولا مثل له، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    فلا يجوز لأحد أن يكيفها ولا أن يمثلها، فالمشبهة كفار، فمن شبه الله بخلقه فقد كفر وكذب قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، ومن عطل صفاته وأنكرها كالجهمية كفر، أو عطل معانيها كالمعتزلة كفر، فالواجب إثبات أسمائه وصفاته؛ لفظها ومعناها، يجب إثبات الأسماء والصفات لفظاً ومعنى لله عز جل، فهو موصوف بها وهو سبحانه وتعالى له معناها، فهو العلي وله العلو، رحمن له الرحمة، سميع يسمع، بصير يبصر.. إلى غير ذلك، كلها حق على الوجه اللائق بالله، لا شبيه له في ذلك ولا كفء له ولا ند له سبحانه وتعالى.

    وكلام الله منزل غير مخلوق، تكلم بالقرآن، وهكذا كلم موسى، وكلم محمداً صلى الله عليه وسلم، ويكلم الملائكة، وكلامه حق يسمع، ليس كمثله شيء، كلامه تقول فيه كسائر الصفات، كلام صحيح حقيقي لا يشبه كلام المخلوقين، صفة من صفاته، كالسمع والبصر والرضا والغضب والرحمة وغير ذلك من صفاته جل وعلا.

    فالواجب على جميع المكلفين الإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن دون زيادة أو نقص بل يجب إثبات ما أثبته الله ورسوله ونفي ما نفاه الله ورسوله، هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة وعقيدة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

    وأما الذين غيروا وبدلوا فليسوا من الصواب في شيء، وليسوا من أهل السنة في شيء كالجهمية، والمعتزلة، والرافضة.. وغيرهم.

    وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله سبحانه واحد لا شريك له، ويعتقدون معنى قول: لا إله إلا الله، وأن معناها: لا معبود حق إلا الله فهم يؤمنون بأنه سبحانه المعبود الحق، وأنه لا إله غيره ولا شريك له، ويؤمنون بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن أسماءه كلها حسنى، وأن صفاته كلها علا لا يشبه شيئاً من خلقه سبحانه وتعالى في شيء من صفاته.

    والواجب على جميع المكلفين الإيمان بذلك والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأنه يستحق العبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته وأنها حق، وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا مثل له، ولا كفء له، ولا يقاس بخلقه عز وجل، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، سبحانه وتعالى، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74]، هذا هو دين الله، هذا هو الحق الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511726

    عدد مرات الحفظ

    777043145