إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (523)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    عقيدة السلف الصالح في أسماء الله وصفاته

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب، أيها الإخوة المستمعون الكرام! هذا لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب، ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ معنا، أهلاً ومرحباً سماحة الشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: الله يحييك يا سماحة الشيخ.

    ====السؤال: هذا سائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! بينوا لنا كيف كانت عقيدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله سبحانه وتعالى، وفي توحيد الله، وفي القرآن، وفي البعث والجزاء جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا سؤال عظيم جدير بالعناية، عقيدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أسماء الله وصفاته وفي البعث والنشور وفي غير ذلك هي ما دل عليه القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهم رضي الله عنهم تلقوا عن نبيهم العقيدة التي دل عليها القرآن العظيم وهي: الإيمان بالله وأنه ربهم ومعبودهم الحق سبحانه وتعالى الذي لا تجوز العبادة إلا له سبحانه وتعالى، فهو الذي يصلى له، ويدعى ويستغاث به، وينذر له، ويصلى له، ويسجد ويذبح له.. إلى غير ذلك، فالعبادة حقه سبحانه وتعالى.

    فعقيدتهم أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يصرف منها شيء لغير الله، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، وقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار ويدعونها ويستغيثون بها، فلما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهداهم الله للإسلام عرفوا أن ما هم عليه هو الباطل وأنه الشرك الأكبر، وأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده.

    وعقيدتهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها وإمرارها كما جاءت، وعدم التكييف والتمثيل، فهم يؤمنون بأن الله هو السميع البصير الحكيم العليم الرحمن الرحيم، وأنه على العرش استوى فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى، وأنه الحي القيوم، وأنه مصرف لعباده كيف يشاء، مدبر الأمور وخالق الخلق ورازق العباد، لا شبيه له، ولا مثل له، ولا كفء له، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، ويقول سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    فهذه عقيدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أسماء الله وصفاته، يؤمنون بأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم، وأن الأعمال الصالحة ترفع إليه كما قال جل وعلا: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، وقال جل وعلا: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ [المعارج:4]، والعروج: الصعود من أسفل إلى أعلى، وقال جل وعلا: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12]، قال: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، وقال في حق عيسى : إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]، وقال: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158].

    فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، فهو العلي الأعلى، كما قال تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ [غافر:15]، فهو فوق العرش، قد استوى عليه، والاستواء: هو العلو والارتفاع فوق العرش، استواءً يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم ولا في كلامهم ولا في غير ذلك، فهو سبحانه وتعالى العلي الأعلى فوق العرش بلا كيف، فأهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم لا يكيفون، لا يقولون: استوى كيف استوى؟ بل يقولون: استوى على العرش بلا كيف، يعني: على الكيف الذي يعلمه سبحانه، لا نعلم كيفية صفاته جل وعلا، بل نقول: استوى بلا كيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو العزيز الحكيم، وهو السميع البصير بلا كيف، لكن نعلم يقيناً أن صفاته كاملة، وأنه لا شبيه له، ولا مثل له، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    فلا يجوز لأحد أن يكيفها ولا أن يمثلها، فالمشبهة كفار، فمن شبه الله بخلقه فقد كفر وكذب قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، ومن عطل صفاته وأنكرها كالجهمية كفر، أو عطل معانيها كالمعتزلة كفر، فالواجب إثبات أسمائه وصفاته؛ لفظها ومعناها، يجب إثبات الأسماء والصفات لفظاً ومعنى لله عز جل، فهو موصوف بها وهو سبحانه وتعالى له معناها، فهو العلي وله العلو، رحمن له الرحمة، سميع يسمع، بصير يبصر.. إلى غير ذلك، كلها حق على الوجه اللائق بالله، لا شبيه له في ذلك ولا كفء له ولا ند له سبحانه وتعالى.

    وكلام الله منزل غير مخلوق، تكلم بالقرآن، وهكذا كلم موسى، وكلم محمداً صلى الله عليه وسلم، ويكلم الملائكة، وكلامه حق يسمع، ليس كمثله شيء، كلامه تقول فيه كسائر الصفات، كلام صحيح حقيقي لا يشبه كلام المخلوقين، صفة من صفاته، كالسمع والبصر والرضا والغضب والرحمة وغير ذلك من صفاته جل وعلا.

    فالواجب على جميع المكلفين الإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن دون زيادة أو نقص بل يجب إثبات ما أثبته الله ورسوله ونفي ما نفاه الله ورسوله، هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة وعقيدة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

    وأما الذين غيروا وبدلوا فليسوا من الصواب في شيء، وليسوا من أهل السنة في شيء كالجهمية، والمعتزلة، والرافضة.. وغيرهم.

    وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله سبحانه واحد لا شريك له، ويعتقدون معنى قول: لا إله إلا الله، وأن معناها: لا معبود حق إلا الله فهم يؤمنون بأنه سبحانه المعبود الحق، وأنه لا إله غيره ولا شريك له، ويؤمنون بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن أسماءه كلها حسنى، وأن صفاته كلها علا لا يشبه شيئاً من خلقه سبحانه وتعالى في شيء من صفاته.

    والواجب على جميع المكلفين الإيمان بذلك والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأنه يستحق العبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته وأنها حق، وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا مثل له، ولا كفء له، ولا يقاس بخلقه عز وجل، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، سبحانه وتعالى، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74]، هذا هو دين الله، هذا هو الحق الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم خدمة الزوجة لزوجها

    السؤال: هذا سائل من السودان أرسل بهذه الرسالة وكتب بأسلوبه الخاص، يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السؤال: لدينا أخت في الله وهي من الداعيات إلى الله عز وجل بقدر ما عندها من العلم الشرعي البسيط، وهي خريجة جامعية وقد تزوجت من أحد الإخوان، وبعد زواجها بفترة جاءت الأخت المشار إليها بفكرة أن طاعة الزوجة في خدمة زوجها في البيت غير واجبة على المرأة وإنما الواجب عليها فقط الفراش، فهي لا تطبخ، ولا تكنس البيت، ولا تقوم بأي عمل من الأعمال، وأصرت على رأيها، وقد قام الإخوة بنصحها كثيراً ولكن دون جدوى، وهي تقول: بأنها تريد فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بهذا، وقد كان الاتصال بها مباشرة في نصحها وإرشادها فطلبت منكم التوجيه جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب على الزوجة السمع والطاعة لزوجها، وأن تعاشره بالمعروف كما يعاشرها بالمعروف، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228].

    فالواجب عليها السمع والطاعة في الفراش وحاجته إلى نفسها، والواجب عليها أيضاً خدمته الخدمة المعتادة التي يخدم مثلها مثله، فإذا كانت يخدم مثلها فعليه أن يخدمها، وإذا كان مثلها لا يخدم في عرف بلادهم وأنهم يخدمون أزواجهم وجب عليها أن تخدمه؛ لأن هذه مسائل عرفية والرسول صلى الله عليه وسلم أطلقها والقرآن أطلقها، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228].

    فإذا كانت من بيت يخدم نساؤه ولا يخدمون أخدمها مع القدرة، وإذا كانت في عرفهم أنها تخدم زوجها وتقوم بحاجة البيت من الطبخ وغيره فعليها أن تقوم بذلك، وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخدمونه في البيت، يخدمونه صلى الله عليه وسلم في بيته ويقدمون له الطعام والحاجات وهن أشرف النساء، رضي الله عنهن وأرضاهن.

    فالواجب على المرأة أن تقوم بالواجب وأن تخدمه في بيته، وأن تقدم له المعتاد من طعام وشراب ولباس وغير ذلك إلا إذا كان قد استقر في البلد وعرف في البلد أن مثلها لا يخدم وإنما يخدم فيما يتعلق بالطبخ ونحوه فإنه يأتي لها بخادمة إذا تيسر واستطاع ذلك.

    1.   

    حكم إبلاغ أهل المرأة التي تكلم الرجال عبر الهاتف بعد النصح والتوجيه

    السؤال: السائلة في هذه الرسالة تذكر بأنها فتاة ملتزمة لديها ابنة خالة في بيت واحد، هذه البنت تعمل أعمالاً كثيرة من الأخطاء والتي لا ترضي الله عز وجل ولا ترضيني، تقول: إنها تهاتف رجلاً في الهاتف وتؤخر الصلاة، وأيضاً تقول: قمت بنصحها وتكلمت معها ولكن لم ينفع معها النصح والتذكير، تقول: ومن ضمن هذا الهاتف بأن أحد الأشخاص وعدها بالزواج كباقي القصص التي نسمعها، هل يجوز لي أن أقوم بكشفها وفضحها أمام أهلها أم أستر عليها، وجهونا سماحة الشيخ؟

    الجواب: الواجب نصيحتها والستر عليها، تنصح وتوجه إلى الخير وأن المهاتفة إذا كانت قد تفضي إلى الزنا لا تجوز، أما المهاتفة بأن تسأل عن حال الذي يخطبها، ويسألها عن حالها لأجل الخطبة فلا بأس، أما مهاتفة يخشى من ورائها أن يجتمعا على الفاحشة فهذا لا يجوز، يجب أن تنصح وتحذر من هذا الأمر المنكر ولا مانع من وعيدها وتخويفها بأنه يرفع بأمرها إلى أهلها لعلها تستجيب ولعلها تخاف، من باب الترهيب، والستر مطلوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة) فيستر عليها وتحذّر وأن الواجب عليها الكف عن هذا الشيء إلا إذا كان الرجل خاطباً أو يريد أن يخطب ويتحدثا في الخطبة فقط فلا حرج في ذلك.

    1.   

    حكم من أفطر عمداً في نهار رمضان ثم تاب

    السؤال: هذه السائلة تقول: أخت كانت تأكل في رمضان أياماً متعددة وتسأل: هل يجب عليها القضاء بعد أن تابت والتزمت بشرع الله، أم أنها تدخل تحت قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:173]؟

    الجواب: عليها أن تقضي، فما دام مسلمة عليها أن تقضي وتتوب إلى الله مما فرطت، الله جل وعلا يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فإذا كان المريض المعذور يقضي والمسافر المتساهل المفطر عمداً من باب الأولى مع التوبة إلى الله، أما إن كانت كافرة لا تؤمن بالدين أو لا تصلي فعليها التوبة ولا قضاء؛ لأن الكافر تحبط أعماله، فعليها أن تجدد من جديد، أما إذا كانت مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر وتصلي ولكنها تساهلت في رمضان فعليها القضاء والتوبة والكفارة، فهذه ثلاثة أمور: قضاء الأيام، والتوبة إلى الله مما فعلت بالندم والإقلاع والعزم أن لا تعود، وإطعام مسكين عن كل يوم -وهي الكفارة- نصف صاع كيلو ونصف تقريباً، هذا عن كل يوم من قوت البلد من تمر أو رز أو حنطة من قوت بلدها.

    1.   

    علامات قبول التوبة

    السؤال: هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ (س. ع) من المملكة الأردنية الهاشمية يقول: أرجو من سماحة الشيخ الإجابة على أسئلتي: ما هي علامات قبول الله عز وجل لتوبة المؤمن وقبوله لأعماله من الصلاة والصوم مأجورين؟

    الجواب: من علامات قبول الله لتوبة العبد وأعماله استقامته على الحق والهدى والسير على المنهج القويم، فهذا من علامات أن الله وفقه وقبل به، متى تاب إلى الله وأناب إليه واستقام على الحق فهذا من علامات التوفيق وأن الله قد تاب عليه، وانحرافه وعدم استقامته دليل على أن التوبة غير صادقة، أو أن الله لم يقبلها منه.

    فالمقصود أن استقامة العبد بعد التوبة وسيره على المنهج القويم إن كان لا يصلي استمر في الصلاة، وإن كان لا يصوم استمر في الصوم، وإن كان عاقاً لوالديه استمر في بر الوالدين، إذا استمر على هذا فهذه علامة الخير، مثلما أن الإنسان بعد رمضان إذا استمر في الخير فهذه علامة أن الله قبل صيامه، وإذا انحرف فهذه علامة عدم التوفيق نسأل الله العافية.

    1.   

    مدى وجود صلاة خاصة لتفريج الهم

    السؤال: يقول هذا السائل في سؤاله: هل هناك صلاة لتفريج الهم وتكون بركعتين ثم يدعو الإنسان بدعاء: اللهم فارج الهم وكاشف الغم أجب دعوتي أو أجب دعوة المضطر إذا دعاك؟

    الجواب: لا أعلم في هذا صلاة خاصة، لكن مثلما قال الله جل وعلا: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، فإذا استعان بالصلاة فصلى وسأل ربه في سجوده وفي جلسته للسلام بعد التحيات فهذا طيب من أسباب الخير، الله جل وعلا أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فإذا صلى الإنسان ركعتين في الضحى أو في الليل ودعا ربه في سجوده أو قبل السلام إذا فرغ من التحيات أو بعد الصلاة ورفع يديه ودعا فهذا كله من أسباب الخير، ومن أسباب التوفيق.

    1.   

    من أسباب عدم إجابة الدعاء

    السؤال: يقول يا سماحة الشيخ في هذا السؤال: هل عدم قبول دعاء المؤمن وعدم تحقق دعوته تكون عقاب له على خطيئته وارتكابها؟

    الجواب: قد يقع هذا، فتأجيل الإجابة يكون من العقوبة؛ لأنه ما اعتنى بالتوبة ولا تاب توبة نصوحا، وقد تكون لأسباب أخرى؛ ذنوب ومعاصي أخرى اقترفها.

    فالمقصود أنه يلح على ربه ويجتهد في التوبة، ويلح أيضاً في طلب التوفيق، وأن الله يكفيه شر نفسه وعدم الوقوع في معاصي أخرى، ويكون عنده إلحاح وصدق في توبته وصدق في طلب العافية والسلامة من الذنوب الأخرى، وهذه من علامات التوفيق، فإذا ألح في طلب العافية وطلب التوفيق وندم على ذنبه ندامة صحيحة وأقلع منه وأتبعه بالعمل الصالح فهذا من الدلائل على أن الله وفقه، قال جل وعلا: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، وقال في حق المشرك والقاتل والزاني: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70]، قال تعالى: (إلا الذين تابوا وعملوا الصالحات).

    فالمقصود: أن المؤمن الصادق يعمل مع توبته أعمالاً صالحة تدل على قوة رغبته في التوبة، كونه يجتهد في الإكثار من الصلاة والصدقات، الإكثار من الذكر، كثرة التسبيح والتهليل.. إلى غير هذا من وجوه البر، يعني: يجتهد في أنواع البر وأنواع الخير لعل الله يكفر سيئته ولعل الله يقبل حسناته.

    1.   

    أنواع القدر ومدى تأثير الدعاء في تغيير المكتوب

    السؤال: له فقرة أخرى يقول يا سماحة الشيخ: هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟

    الجواب: الدعاء من القدر، والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتوم لا حيلة فيه، وقدر معلق، فيكون بعض القدر معلقاً بالدعاء فإذا دعا زال المعلق، قد يكون معلقاً بأن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلى.. إذا صام.. إذا فعل فعلاً معيناً، فهذا قدر معلق يرفعه الله جل وعلا عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة.

    فالأقدار تعالج بالأقدار، مثلما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته إلى الشام ووقع الطاعون أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع، ثم استقر أمره على الرجوع من المدينة وعدم القدوم على الطاعون، فقال: تفر من قدر الله؟ فقال رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن لا نقدم على هذا المرض، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فأخبر عمر (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن لا يقدم عليه) ففرح عمر بذلك وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة.

    وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب، يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع فيأكل حتى يزول الجوع، يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو يغتسل، يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه المرض في عينيه فيعالجها بأنواع العلاج، يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العلاج كلها تفر من قدر الله إلى قدر الله.

    1.   

    بيان كيفية الاستخارة

    السؤال: يقول هذا السائل من الأردن في سؤاله: أرجو التفضل بتوضيح صلاة الاستخارة، وهل عدم تغيير نية الإنسان وعدم تغيير الظروف المحيطة يعني أن هذا الموضوع فيه خير للإنسان؟

    الجواب: الاستخارة تشرع عندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه تردد، فيهم بأن يتزوج.. يهم بالسفر.. يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد، فهذا يستخير الله، يصلي ركعتين كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ربه، يرفع يديه ويدعو: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي بفلانة بنت فلان، اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى البلد الفلانية، وما أشبه ذلك ، فيعين المطلوب- خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه- شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، وقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به).

    فهذا دعاء الاستخارة، وإذا كان ما يعرف هذا الدعاء يدعو بمعناه، يقول: اللهم إن كان هذه الحاجة فيها خير لي، وفيها مصلحة لي ومنفعة فيسرها لي، وإن كان خلاف ذلك فاصرفها عني واصرفني عنها، المقصود: يدعو بهذا المعنى، بالدعاء الذي يعرفه والمعنى الذي يعرفه ولا بأس، هذا مسنون ومشروع بعدما يسلم من الركعتين، وإن دعا من دون صلاة، أو دعا بعد صلاة النافلة المعتادة بعد سنة الظهر أو سنة المغرب أو سنة العشاء أو غير ذلك فلا بأس، أو دعا وهو جالس دعاء عادياً فلا بأس.

    1.   

    توجيه لمن يشعر بتقصيره وهو قائم على طاعة الله

    السؤال: السائل يقول: هناك موضوع يقلقني -سماحة الشيخ- أرجو أن توجهوني إليه، وهو: أنني أخاف جداً من عقاب الله عز وجل، وأشعر أنني أرتكب سيئات كثيرة في حياتي، وأحاول التقرب إلى الله بالصلاة والتسبيح ولكن مع ذلك أشعر بأنني مقصر جداً في حقوق الله وخصوصاً عندما أقرأ عن منازل المؤمنين في الجنة، وجهوني سماحة الشيخ؟

    الجواب: هذه وساوس يا أخي فاتق الله، اطرحها من بالك، وتعوذ بالله من الشيطان، إذا كنت لا تعلم شيئاً من الذنوب فاطرح هذه الوساوس واعلم أنها من الشيطان، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا بأس أن تتفل عن يسارك ولو في الصلاة ثلاث مرات وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إن كنت تعلم شيئاً من الذنوب فبادر بالتوبة، تعلم أنك عاق لوالديك، أو أنك تركت شيئاً من الصلوات، أو تعلم أنك ضربت أحداً، أو أخذت مال أحد فبادر بالتوبة، الذنب الذي تعرفه بادر بالتوبة منه، والتوبة الندم على الماضي والعزم الصادق أن لا تعود للذنب مع تركه، والإقلاع منه خوفاً من الله وتعظيماً لله، وإن كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ترد عليهم حقوقهم، أو تستحلهم من حقهم، فمن تمام التوبة أن تعطيهم حقوقهم، فالمال الذي أخذته من أحدهم أو ضربته أو قتلت ولده أو ما أشبه ذلك تعطيه حقه بالقصاص، برد المال، هذا من تمام التوبة، أما الوساوس التي ليس لها أساس، ولا تعرف ذنوباً فعلتها فهذا من الشيطان فلا تبال بها واطرحها وسل ربك العافية منها وتعوذ بالله من الشيطان وأبشر بالخير.

    1.   

    حكم ضالة الغنم

    السؤال: هذا السائل يوسف محمد سوداني ويقول في سؤاله: له غنم وضمت هذه الأغنام واحدة ليست له، وصارت لها مدة طويلة من الزمن وتكاثرت ولم يعرف صاحبها ماذا يفعل بها؟

    الجواب: هذه الغنم بين أمرين:

    إما أن يعرفها التعريف الشرعي سنة كاملة؛ لأن الغنم تعرف، وإذا تم السنة ولم تعرف فهي ماله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (هي لك أو لأخيك أو للذئب) وقال: (من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها) فإذا عرفها سنة فهي له، أو يسلمها للحاكم الحاكم الشرعي، والحاكم الشرعي يعمل فيها ما يرى من حفظها أو بيعها أو إدخالها بيت المال إذا لم يوجد لها أحد.

    المقصود: هو أن الحاكم الشرعي يتصرف في جعل من يعرف أو جعلها في بيت المال، ينظر في أشياء تحف بها، قد تكون مثلاً لها مدة طويلة قد تكون يمكن أن تعرف.

    فالحاصل أنه الذي وجدها يعرفها سنة كاملة، فإذا لم تعرف فهي له، وإن تخلص منها وأعطاها الحاكم أو الأمير أو اللجنة المعدة للقطات برئ منها.

    1.   

    حكم الرجلين إذا حلفا على شيئين متناقضين

    السؤال: يقول في سؤاله الثاني سماحة الشيخ: ذهبت إلى أحد أصدقائي وحلفت بالحرام بأن لا أجلس معه، في هذا الوقت وهو حلف أيضاً بالحرام بأن أجلس، وحلفنا في نفس الوقت ماذا علينا أن نفعل؟

    الجواب: الذي لم يتم أمره عليه الكفارة، الحرام حكمه حكم اليمين، فإذا قال: علي الحرام ما أجلس وذاك قال: علي الحرام أن تجلس. الذي ما حصل مطلوبه عليه الكفارة منهما، مثل: عليه الحرام ما يأكل، والآخر يقول: علي الحرام أن تأكل، وهذا يقول: علي الحرام أن تتقهوى، وهذا يقول: علي الحرام ما أتقهوى، الذي تمت يمينه ما عليه شيء، والذي ما تمت يمينه عليه الكفارة، فإذا قال: عليه الحرام ما يتقهوى وتقهوى عليه الكفارة، قال: عليه الحرام ما يتغدى ثم تغدى عليه الكفارة وهكذا، وهي كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، كل مسكين له نصف صاع تمر أو رز أو حنطة، فحكمه حكم اليمين.

    1.   

    حكم صلاة الجنب إذا لم يستطع الغسل بسبب البرد

    السؤال: هل تجوز الصلاة إذا كان الإنسان غير طاهر عليه جنابة مثلاً، وكان البرد شديداً جداً، ماذا يفعل هذا؟

    الجواب: إذا وجد النار فليسخن بها الماء، ويكون في محل بعيد عن الهواء والبرد، في محل كن كغرفة أو في حمام ويغتسل، أما إذا كان عليه خطر وما وجد ماء، أو ماءً بارد ولا يستطيع الاغتسال به، وما عنده ما يدفئه به، أو في صحراء وما عنده ما يتقي به خطر البرد فيتيمم مثلما فعل عمرو بن العاص لما اشتد البرد عليه في السفر تيمم ولم يغتسل من الجنابة، فإذا كان هناك خطر تيمم والحمد لله، أما إن استطاع أن يسخن الماء وأن يكون في محل كن؛ في محل مسقوف، محل ليس فيه خطر فليغتسل، هو أعلم بنفسه، هذا يختلف الخطر يختلف. نعم.

    المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

    الشيخ: الله المستعان.

    المقدم: أيها الإخوة الأحباب أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك.

    في الختام تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية الزميل المهندس فهد العثمان ، من هندسة الصوت زميلي مهندس الصوت سعد عبد العزيز خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767974899