أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام: هذا لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب.
ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز أهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.
المقدم: حياكم الله وبارك فيكم.
====السؤال: هذا السائل جمال صالح يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! ما حكم الإسلام في نظركم في المغالاة في المهور وعدم تزويج الشباب وتحميلهم أعباء كثيرة على الزواج من حيث الترتيبات، وما نصيحتكم لأولياء الأمور في هذه المسألة الخطيرة التي يجب أن تعالج من قبلكم جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فنصيحتي لجميع المسلمين من الرجال والنساء عدم المغالاة في المهور، وعدم التكلف تسهيلاً للزواج لعفة الرجال والنساء جميعاً، فهذه نصيحتي لهم، وقد جاءت الأحاديث والآثار عن السلف بالدلالة على ذلك فالسنة للمؤمن عدم المغالاة.
وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يحرصوا على تزويج بنيهم وبناتهم بالطرق الممكنة الميسرة التي ليس فيها ضرر على الجميع، والأوقات تختلف، ولكن يتحرون المهر المناسب الذي يحصل به المطلوب من دون مشقة على الزوج؛ لأن كثيراً من الناس قد يتأخر عن الزواج بسبب المغالاة ولا يقدر، وربما تعطل كثير من النساء بسبب ذلك وحصل من الفساد ما لا يحصيه إلا الله عز وجل.
فالمشروع للجميع العناية بهذا الأمر؛ الرجل يعتني والمرأة تعتني، الرجل يعتني ويحرص على التخفيف والتيسير لتزويج بناته وأخواته وغيرهم، والنصيحة لهن في ذلك، والمرأة كذلك تتقي الله وتحرص على التخفيف مع بنتها ومع أختها ومع قريباتها حتى يتعاون الجميع على التخفيف والتيسير، وبهذا يتيسر الزواج لجميع الشباب من الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجود الزواج مع المئونة القليلة خير من تعطيل الرجل أو تعطيل المرأة، كونها تتزوج ويعفها الرجل بمهر مناسب ليس فيه تكلف خير لها في الدنيا والآخرة، وهكذا الرجل كونه يتزوج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر لعل الله جل وعلا يكتب لذلك النجاح.
الجواب: إقناع الناس قد لا يتيسر، لكن الذي على الداعية البيان، يبين ويوضح والله هو الذي يهدي من يشاء، قال الله جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا [فصلت:33]، وقال سبحانه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، وقال جل وعلا: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ [التوبة:115]، ما قال: حتى يتبين، قال: (حتى يبين لهم ما يتقون).
فالمقصود البيان والإيضاح، والله يقول: هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم:52]، هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ [آل عمران:138]، فالمقصود البلاغ والبيان، والله هو الذي يهدي من يشاء، يقول سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272]، فليس من شرط الدعوة أن تقنعه، فقد يكون المدعو مكابراً، وقد يكون معانداً لا يقنع، وإن كان الكلام مقنعاً والإيضاح مقنعاً لكن قد لا يقتنع، قد يقول: ما اقتنعت، فلا يلتفت إلى قوله، متى بلغ وأنذر وحذر وجبت عليه الحجة ووجب أخذه بها ولا يلتفت إلى قوله: أنا ما قنعت، إنما المقصود البيان، فمتى أبلغ الحجة وبين له الأمر وجب أن يعامل بمقتضى ذلك، فإن كان لا يصلي وجب أن يعامل بما يقتضيه الحكم الشرعي من قتله إن لم يتب، وإن كان يسب الله ورسوله أو يتعاطى أموراً من الردة عومل بما يستحق وهكذا في جميع المسائل يعامل بما يستحق بعد البيان والإيضاح، ولو قال: إني لم أقتنع، يبين له باللغة التي يفهمها.
الجواب: أقسام التوحيد ثلاثة معروفة بالاستقراء، وهي: الإيمان بتوحيد الربوبية والإلهية والأسماء والصفات، وإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عن صدق كفى ذلك ويبين له ما قد يجهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قبل من الناس من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وصدق عمله قوله ممن انقاد للشرع ووحد الله جل وعلا فهو مسلم؛ لأن في ضمن الشهادة الإيمان بأن الله ربه وخالقه، والإيمان بأنه مستحق العبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته؛ لأن الشهادة بأنه لا إله إلا الله وأنه المعبود بالحق يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فإنه سبحانه هو الإله الحق، ومن كان بهذه المثابة فهو رب الجميع وخالق الجميع وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فتوحيد الربوبية الإيمان بأنه الخلاق الرزاق، وتوحيد الإلهية الإيمان بأنه يستحق العبادة جل وعلا، وأن الآلهة المدعوة معه باطلة سواء كانت جماداً أو حيواناً، سواء كان المدعو ملكاً أو نبياً أو غير ذلك، كل من يدعى من دون الله فعبادته باطلة، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، فجميع من يدعى من دون الله معبود بالباطل سواء كان المعبود رسولاً أو ملكاً أو جنياً أو حجراً أو شجراً أو غير ذلك، وهكذا الإيمان بأسماء الله وصفاته، إذا آمن بأن الله سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى وأنه الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله كفى ذلك.
فتوحيد الأسماء والصفات الإيمان بأنه سبحانه موصوف بالأسماء الحسنى والصفات العلى وأنه لا شبيه له ولا نظير له ولا مثل له، والإيمان بالربوبية بأنه هو الخلاق الرزاق مدبر الأمور مصرف الأشياء لا خالق غيره ولا رب سواه.
وتوحيد الإلهية معناه الإيمان بأنه مستحق أن يعبد ويدعى، ويستغاث به، وينذر له، ويذبح له.. إلى غير هذا، هو مستحق للعبادة من صلاة وصوم ودعاء وذبح وغير ذلك لا يستحقها سواه، فإذا أقر بالشهادتين فقد دخل هذا في ضمن شهادته، فإنه إذا شهد أن لا إله إلا الله معناه أنه هو المعبود بالحق، وأنه الخلاق الرزاق، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، كل هذا داخل في ضمن الشهادة.
الجواب: إذا كان الذي أقام الصلاة قد تأخر بعد الأذان المدة التي يجتهد فيها لوضوح الصبح وبيانه فأنت عليك القضاء، يستقضي عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان أقام بعد الأذان إنسان يتعجل وأنت انتهيت بعد الأذان حالاً فلا يضرك؛ لأن الأذان على ظن الصبح ليس على رؤية الصبح، فإن الناس يؤذنون على التقويم والحساب فقد يكون أذانهم قبل الصبح بقليل.
فالحاصل: أنه لا يتيقن طلوع الصبح، فأنت إذا أمسكت عند فراغ الأذان فالصوم صحيح إن شاء الله، لكن إذا تأخرت كثيراً فإن الغالب أنك أدركت الصبح، فعليك القضاء عند أكثر أهل العلم.
الجواب: لا، تكفي الإشارة لهم بالهدوء، ولا تقطع الصلاة بل استمر في صلاتك وبعد السلام تنصحهم وتوجههم ولا تقطع الصلاة، فأنت يلزمك إن دخلت فيها أن تتمها، ولكن بالإشارة لا بأس أن تشير إليهم بيدك حتى يهدءوا.
الجواب: السلام بالكلام لا بأس حتى مع غير العجائز، لك أن تسلم على النساء شباباً أو عجائز من دون خلوة ومن دون نظر، بل مع غض البصر ومع عدم الخلوة، ترد السلام أو تبدأ بالسلام على قريباتك من بنات العم أو بنات الخال أو نحوهن أو زوجة أخيك أو زوجة عمك لا بأس بهذا ولو كانت شابة، ترد السلام أو تبدأ بالسلام، أو تقول: كيف أولادك، كيف حال والديك.. وما أشبه ذلك، لكن لا يجوز مع الخلوة، ولا يجوز مع وجود التكشف والتعري وعدم التستر بل يجب إذا وجدت شيئاً من هذا أن تنصح، إذا كانت غير متسترة تنصحها وتقول تحجبي، ولا بأس أن تسلم ولا بأس أن تسأل عن حالها لكن تنصحها إذا قصرت في شيء، تأمرها بالحجاب تأمرها بعدم الخلوة بالأجنبي تبين لها الحكم الشرعي.
الجواب: لا أعلم لهذا الأثر أصلاً، والكوثر نهر في الجنة كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] نهر في الجنة)، لكن هذا الأثر الذي فيه أن يضع الإنسان إصبعيه على أذنيه حتى يسمع خرير نهر الكوثر هذا لا أصل له.
يقول في السؤال الأول: هل تصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الشمس؟
الجواب: مخير، من فاتته سنة الفجر مخير إن شاء صلاها بعد الصلاة وإن شاء صلاها بعد طلوع الشمس، جاءت السنة بهذا وهذا، فإن صلاها بعد الفجر فلا بأس، وإن أخرها إلى طلوع الشمس فلا بأس.
الجواب: ما أعلم في هذا حداً محدوداً، المقصود تحملها إذا كانت تتحمل الزواج ما لها حد محدود، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت سبع ودخل بها وهي بنت تسع، فإذا كانت الفتاة تتحمل زوجها وليها، وأما إذا كانت لا تتحمل لصغر جسمها أو ضعفها فلا يعجل عليها حتى تكون أهلاً للزواج، وأما السن فيختلف قد تكون بنت عشر تتحمل وقد تكون بنت خمسة عشر ولا تتحمل لضعفها وضعف جسمها أو لمرض عرض لها أو نحو ذلك.
فالمقصود: أن ولي المرأة وأمها وقريباتها ينظرون في حالها فلا يزوجونها إلا إذا كانت تتحمل الزواج.
الجواب: هذه مسألة خصومة، عليها أن تراجع المحكمة إلا أن يتيسر الصلح بينهما في هذا الموضوع من أهل الخير وإلا فالمرجع المحكمة حتى تنظر في أمره وأمرها.
الجواب: نعم، جاء بهذا في الحديث وله طرق كثيرة وهو من باب الحديث الحسن لغيره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بعد الفجر في مصلاه يهلل ويدعو الله ويذكره سبحانه حتى تطلع الشمس وترتفع.
الجواب: السنة للمؤمن الإنصات أثناء الخطبة، ينصت لسماع الخطيب ولا يتكلم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)، فلا يجوز له أن يتكلم ولا يقول: أنصت يا فلان ولا اسكت يا فلان بل ينصت لكن يشير إشارة فلا مانع من الإشارة للمتكلم حتى يسكت، أما أنه يتكلم فلا، ومعنى (فقد لغوت) يعني: لغت الجمعة يعني فضلها يعني: فاته فضلها وإلا الصلاة صحيحة، لكن .. فاته الفضل.
الجواب: هذا فيه تفصيل: الذبح إن كان قصده الضحية عن الميت يضحي عنه فالضحية مشروعة للحي والميت، كونه يضحي عنه أو يذبح ذبيحة يتصدق بها ويعطيها الفقراء عنه فلا بأس، أما الذبح له تقرباً إليه كما يذبح عباد الأصنام لأصنامهم فهذا شرك أكبر، أما أن يذبح يتقرب إلى الله أضحية عن الميت أو صدقة يعطيها الفقراء عن الميت، أو يتصدق بدراهم أو بطعام عن الميت فهذا لا بأس به، بل فيه نفع للميت، يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، قال رجل: (يا رسول الله! إن أمي ماتت ولم توص أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم)، فهذا فيه خير عظيم.
أما القراءة عند القبور فبدعة لا يشرع القراءة عند القبور، ولا الصلاة عند القبور، بل هذا من البدع، بل هو من وسائل الشرك، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً) دل على أن القبور ما يصلى فيها ولا يقرأ عندها، (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) ، هذا يدل على أن البيوت هي محل الصلاة والقراءة، أما القبور فليست محل الصلاة والقراءة، فالبيت تصلى فيه النافلة، يصلي فيه المريض إذا عجز عن المسجد، يقرأ في البيت كل هذا طيب، أما القبور فإنما تزار للدعاء لهم والترحم عليهم والإحسان إليهم بالدعاء، أما أن يتخذها للصلاة عندها أو للذبح عندها أو للقراءة عندها فهذا بدعة.
الجواب: الوعظ لا بأس به، النبي وعظ عند القبر، جاء عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي ومن حديث البراء بن عازب أنه وعظ الناس عند القبر وهم ينتظرون، وعظهم وذكرهم عليه الصلاة والسلام.
الجواب: مادمت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر والتوبة تجب ما قبلها، فلا تقضي الصوم ولا الصلاة؛ لأن من ترك الصلاة كفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، لكن لو قضيت الصيام خروجاً من خلاف من قال: إنه لا يكفر كفراً أكبر إذا كان لا يجحد وجوبها فلا بأس، لكن الصواب أنه يكفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها، والكافر يكفيه التوبة، قال الله جل وعلا: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، وقال جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53]، فالتوبة تجب ما قبلها وليس عليك قضاء إذا كنت لا تصلي كما قلت في السؤال.
الجواب: نرجو أن يحصل له هذا الخير إذا صلى ركعتين بعدما توضأ ودخل المسجد صلى ركعتين ناوياً سنة الوضوء وسنة التحية والراتبة كراتبة الظهر مثلاً، نرجو أن يجمع الله له الخير كله؛ لأن الركعتين مشروعة لتحية المسجد ومشروعة للوضوء ومشروعة للراتبة قبل الظهر، فإن الراتبة قبل الظهر أربع ركعات يسلم من كل ركعتين، فإذا نواها راتبة وتحية للمسجد وسنة الوضوء نرجو أن يجمع الله له ذلك كله، ولا أعلم مانعاً من ذلك.
الجواب: الحديث واضح، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء)، فالمعنى أن الله جل وعلا هو الذي بيده تثبيت الأمور، فالمؤمن يسأل ربه الثبات على الإيمان والثبات على الحق، فالقلوب تتقلب وهي بين إصبعين من أصابع الله، هذا يجرى على ظاهره، يثبت لله الأصابع على الوجه اللائق بالله، وأن الله جل وعلا بيده تصريف الأمور وتقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه، وهذا يقلب فيسلم، وهذا يقلب قلبه فيقع في المعاصي، فالقلوب بيد الله جل وعلا، هو الذي يصرفها كيف يشاء سبحانه وتعالى.
والمؤمن يسأل ربه يقول: اللهم ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثبات، والله عز وجل يوصف بأن له أصابع وله يد جل وعلا على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، لا يشابه عباده لا في اليد ولا في الأصابع ولا في الكلام ولا في الرضا ولا في الغضب ولا في غير ذلك، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180].
الجواب: علمها أنت أو أحد أولادها أو غيركم، علموها كيف تصلي وكيف تتوضأ، العلم بالتعلم هذا واجب عليكم، إذا كانت جاهلة علموها، الله أخذ على من عنده علم أن يعلم، وهذا من برها أيضاً، فيجب عليكم تعليمها وإرشادها بالكلام الطيب والرفق والحلم لا بالشدة والعنف، بل عليكم الرفق بها وتعليمها وتوجيهها إلى الخير هذا شيء لازم لكم، الله المستعان.
المقدم: الله المستعان جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ! يتساهل الكثير من الناس حيث يرون أهلهم وذويهم يخطئون في العبادات، فكيف توجهون مثل هؤلاء يا سماحة الشيخ؟
الشيخ: الواجب عليهم أن يعلموا جميع من تحت أيديهم، وألا يتساهلوا في هذا الأمر، يعلم بنته، ويعلم أخته، يعلم جدته وأمه، يعلم خالته، يعلم جميع من تحت يده، حتى الخدم الذي عنده يعلمهم ويرشدهم إلى الحق، الله أخذ على أهل العلم أن يعلموا، كل من كان عنده علم عليه العهد والميثاق أن يعلم ويتقي الله، ولو كان ليس بعالم لكن يعلم مما علمه الله، فهو يعرف الصلاة ويعرف كيفيتها فعليه أن يعلم الناس ويعلم بنته وأخته وجدته وأمه، يعرف أن الغيبة حرام يعلمهم أن هذا لا يجوز، يعرف أن الزنا حرام يعلمهم أن الزنا محرم، يعرف أن المسكر حرام يعلمهم أنه محرم، وهكذا يعلمهم مما علمه الله؛ لأن العلم قسمان: قسم يحتاج إلى أهل العلم لأنه يخفى دليله، وقسم لا يحتاج إلى أهل العلم بل هو واضح، فالصلاة واضحة يعرفها الخاص والعام من أهل الإسلام الذين تعلموا وتبصروا، تحريم الخمر، تحريم الزنا، تحريم العقوق للوالدين أو أحدهما، وهكذا، نعم الشيء الواضح يعلمه والذي ليس بواضح يسأل أهل العلم ثم يعلم أهل بيته.
الجواب: نعم، القراءة واجبة في السرية والجهرية على الصحيح على المأموم، في الجهرية يقرأ ثم ينصت، وفي السرية يقرأ ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فدل ذلك على وجوب القراءة على المأموم في الجهرية والسرية، لكن لو فاتته القراءة جهلاً أو نسياناً سقطت عنه، وهكذا لو جاء والإمام راكع سقطت عنه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: (زادك الله حرصاً ولا تعد) لما ركع دون الصف، قال: (زادك الله حرصاً ولا تعد)، ولم يقل له يقضي الركعة التي لم يقرأ فيها الفاتحة، أما حديث: (من كان له إمام فقراءته له قراءة) فهو حديث ضعيف.
فالصواب أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية الفاتحة فقط، أما في السرية فيقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية.
المقدم: شكر الله لكم سماحة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء.
في الختام تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية فهد العثمان ، ومن هندسة الصوت الزميل سعد عبد العزيز خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر