إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (550)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الفرق بين الحلم والصبر في صفات الله عز وجل

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    هذا لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب.

    ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ، فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: وفيكم.

    ====

    السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة السائلة أم تماضر تقول سماحة الشيخ: ما الفرق بين الحلم والصبر الذي هي من صفات الله عز وجل؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله،وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالحلم هو عدم معاجلة العاصي بالعقوبة، فهو سبحانه موصوف بالحلم جل وعلا، وهو أيضاً موصوف بالصبر كما في الحديث الصحيح: (ما أحد أصبر على أذى من الله يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم) الصبر يعني: عدم العجلة بالعقوبة، كونه يصبر أي: لا يعاجل عباده بالعقوبة مع كل الشرك الكثير وظلمهم وعدوانهم، كما قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103] وقال سبحانه: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116] ومع هذا يمهلهم، كما قال عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42] ففي هذا الحلم والصبر جميعاً، حلمه وصبره على أذاهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة.

    1.   

    اختلاف الأفضلية في الأعمال المتعدية وغيرها

    السؤال: تقول السائلة: هل جميع الأعمال التي يتعدى نفعها إلى الغير هي أفضل من الأعمال التي هي مقتصرة على النفع للنفس أم أن هناك ميزان آخر للتفاضل؟ وهل هناك حالات تكون الأفضلية للأعمال المقتصرة على النفع للنفس دون الأعمال التي تتعدى للغير؟

    الجواب: هذه مسائل تخضع للأدلة الشرعية، فإن الأعمال فيها المتعدي وفيها القاصر، فالصلاة أمرها قاصر وهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين وأوجب الأعمال.

    1.   

    حكم التعوذ بالله منه وبصفاته

    السؤال: ما معنى حديث: (ونعوذ بعفوك من عقوبتك، ونعوذ بك منك لا نحصي ثناء عليك)، مع بيان كيفية التعوذ بقولنا: أعوذ بك منك، وضحوا لنا هذه المسألة؟

    الجواب: هذا حديث صحيح من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه يجوز بل يشرع التعوذ بصفات الله من صفات الله والتعوذ بالله من الله، فهو يتعوذ برضاه من سخطه: (أعوذ برضاك من سخطك) فهذا من باب التعوذ بالصفة من الصفة، والتعوذ بالعفو من العقوبة، (وبك منك) يعني: بقوتك وقدرتك على عذابي وعقوبتي بعدلك وعفوك وفضلك وإحسانك، فيتوسل من صفات العدل وصفات العقوبة بصفات العفو والإحسان والجود والكرم، وكلها صفات لله جل وعلا.

    فالإنسان يتعوذ برضاه من غضبه، وبعفوه من عقوبته، وبحلمه وصبره وإحسانه من عقوبته لعبده وحرمانه لفضله.. إلى غير ذلك مما قد يقع للعبد بسبب ذنوبه وسيئاته.

    فهو تعوذ بصفاته من صفاته، وهو تعوذ بالله عز وجل؛ لأن التعوذ بصفاته تعوذ به سبحانه وتعالى، ومثل: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، الكلمات صفة من صفاته يتعوذ بها من شر ما خلق سبحانه وتعالى.

    وهكذا التعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر كما في الحديث، من آلمه شيء من جسده فإنه يشرع له أن يضع يده عليه ويقول: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) رواه مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص هذا كله من باب التعوذ بصفات الله من صفات الله، فيتعوذ بعزته وقدرته من شر ما يجد ويحاذر من آلام وأمراض، ويتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق من جن وإنس.

    1.   

    بطلان التيمم مع وجود الماء

    السؤال: هذا السائل من السودان منصور يقول: تيممت للصلاة ولما أقيمت الصلاة وجدنا الماء قبل تكبيرة الإحرام، فهل يجوز أن نواصل الصلاة أو نرجع للوضوء؟

    الجواب: الواجب الرجوع للوضوء؛ لأنك وجدت والله يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً [النساء:43] وأنت وجدت، فالواجب الرجوع للوضوء ويبطل التيمم.

    1.   

    حكم سؤال الله الحياة أو الموت

    السؤال: هذه السائلة تقول: ما هو الأفضل يا سماحة الشيخ أن نتمنى طول البقاء في الدنيا للعمل الصالح أم نتمنى لقاء الله، أم لا نختار بل نختار ما يختاره الله؟

    الجواب: السنة أن ترد الأمر إلى الله، كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحد الموت لضر نزل به، فإن كان لا محالة فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) ترد الأمر إلى الله.

    وفي الحديث الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) فهذا فيه الرد إليه سبحانه وتعالى؛ لأن العبد لا يدري هل حياته خير له أو موته خير له، فيجعل الأمر إليه سبحانه، فيقول: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، أو يقول: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، أو نحو هذه العبارات التي يرد فيها الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.

    1.   

    حالات العذر بالجهل عند ارتكاب الشرك الأكبر

    السؤال: من جمهورية مصر العربية رفح، السائل: (ج. س. ط) يقول: سماحة الشيخ! ما حكم الشرع في نظركم في رجل مسلم ارتكب الشرك الأكبر، فهل يعذر بجهله أم لا؟ ومتى يعذر الإنسان بالجهل وما الدليل في كلا الحالتين مأجورين؟

    الجواب: من ارتكب الشرك الأكبر فقد أتى أعظم الذنوب، فالواجب عليه البدار بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ [الزمر:53] يعني: بالشرك والمعاصي لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] هذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين.

    فالواجب على من فعل شيئاً من الشرك أو المعاصي أن يبادر بالتوبة وألا يقنط ولا ييئس؛ لأن الله سبحانه وعد من تاب إليه بالتوبة عليه، وهو الجواد الكريم سبحانه وتعالى والرءوف الرحيم سبحانه وتعالى.

    وكل من كان بين المسلمين أو بلغه القرآن أو السنة فقد قامت عليه الحجة، فالواجب عليه التفقه والسؤال والتعلم حتى يبرئ ذمته، وحتى يكون على بصيرة.

    أما من كان في بلاد بعيدة لم يبلغه القرآن ولا السنة فهذا يقال له: من أهل الفترة، حكمه حكم أهل الفترة، ليس بمسلم ولا كافر بل هو من أهل الفترة، موقوف أمره إلى يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة فإن أجاب دخل الجنة وإن عصى دخل النار؛ لأنه لم تبلغه الدعوة.

    أما من كان بين المسلمين قد سمع القرآن وسمع السنة عنده العلماء ثم يعرض ولا يسأل ولا يتبصر فهذا غير معذور، نسأل الله العافية.

    1.   

    اشتراك الدعاء والأذكار للمسلم والكافر

    السؤال: السائلة (ف. ع) من مكة المكرمة تقول: سماحة الشيخ! هل هذا الدعاء يخص المسلم فقط أم أنه يخص الكافر أيضاً لو دعا به فيستجاب له: اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها؟

    الجواب: يدعو به المسلم والكافر، الدعاء مطلوب من المسلم والكافر، والمسلم حري بأن يجاب، والكافر قد يجاب وقد لا يجاب، قد يجيبه الله وقد لا يجيبه سبحانه وتعالى؛ لأن كفره قد يكون من أسباب حرمانه للإجابة، وقد يجاب فيرزقه الله ولداً صالحاً، أو قريباً صالحاً يدعوه إلى الله ويحسن إليه ويعلمه الدين ويهديه الله على يديه، الدعوة دعوة طيبة يدعو بها المسلم والكافر.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، في فقرتها الثانية تقول هذه السائلة سماحة الشيخ: هل الأدعية والأذكار التي تخاطب العباد بلفظ العبودية هل هي للمسلم والكافر أم أنها خاصة فقط بالمؤمنين؟

    الشيخ: بل هي عامة لجميع الناس؛ المسلمين وغير المسلمين، فعليهم أن يدعو، المسلم يدعو وهو حري بالإجابة، والكافر قد يدعو ويستجاب له، فإذا قال: اللهم اغفر لي، أو تب علي، أو اللهم ارحمني، قد يتوب الله عليه ويرحمه ويهديه إلى الإسلام، وإذا قال: اللهم عافني أو اللهم ارزقني ولداً صالحاً، أو اللهم أجرني من كذا، ارحمني من كذا فالباب مفتوح الدعوة للجميع، الله يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186].

    الكافر عبد من عباد الله، ويقول جل وعلا: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] فكم من كافر استجيب له وهداه الله للإسلام، أو رزق ولداً، أو أنجي من ضيق.. إلى غير ذلك، ربنا سبحانه وتعالى جواد كريم، يقول سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62] هذا يعم المسلم والكافر.

    وإجابة دعوة الكافر من إقامة الحجة عليه، إذا أجاب الله دعوته فهذا من إقامة الحجة عليه، فالواجب عليه أن يستجير بالله، وأن يتوب إليه الذي أجاب دعوته ورحمه، عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بالتوبة والإخلاص والدخول في الإسلام والحذر من الشرك، ومن تاب تاب الله عليه.

    1.   

    تنوع الأفضلية في الوقف والصدقة

    السؤال: السائل أبو أحمد يقول: أسأل عن الوقف وما هو الأفضل فيه الصدقة أم الوقف؟

    الجواب: هذا فيه تفصيل: قد تكون الصدقة أفضل في حياة الإنسان يقدم الخير لنفسه قبل وفاته، وقد يكون الوقف أفضل إذا كان خلفه من يحسن القيام على الوقف، ويحسن التصرف حتى تكون صدقة جارية له تنفعه.

    والأحسن أن يجمع بين الأمرين، يتصدق في حياته وينفق ويوقف ما ينفعه بعد وفاته ويجعلها على يد الثقة الذي يظن فيه الخير وأنه ينفذ ما يقول له؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمر عمر أن يوقف، قال -في أرض له في خيبر- تصدق بأصلها، لا يباع ولا يوهب ولكن ينفق ثمره) وقال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فالوقف في وجوه البر وأعمال الخير مطلوب وجيد ونافع، والصدقة في الحياة وتنجيزها نافع أيضاً.

    فالمسلم يجمع هذا وهذا، يتصدق ويحسن في حياته ويبادر بالخير، وإذا وقف وقفاً بعد وفاته يجمع بين الحسنيين، يكون الوقف في وجوه الخير وأعمال البر كعمارة المساجد والصدقة على الفقراء من أقاربه وغيرهم، والمحتاجين من أقاربه وغيرهم والإنفاق في سبيل الله في تعليم العلم.. في توزيع الكتب.. شراء المصاحف وتوزيعها.. إلى غير هذا من وجوه البر، ويكون على يد الثقة من أقاربه أو غيرهم.

    1.   

    حكم تارك الصلاة إذا تلفظ بالشهادتين قبل وفاته

    السؤال: هل الإنسان الذي لم يصل أبداً في حياته ثم وفق إلى التلفظ بالشهادتين قبل وفاته، هل يصبح هذا مسلماً ويعامل في الآخرة معاملة المسلمين ويحشر مع المسلمين؟

    الجواب: إذا كان أتى بها توبة ودخولاً في الإسلام يمحو الله بها ما مضى، إذا كان لا يقولها سابقاً ثم جاء بها تائباً موحداً مخلصاً لله عارفاً لمعناها وهو: ترك الشرك وترك المعاصي والعزم على ترك الجميع، فهنا يمحو الله ما سلف وأسلف، أما إذا كان يقولها كالعادة فلا تنفع؛ لأنه مات على الشرك، هو يقولها في حياته وعند وفاته، إذا كان يقولها وهو يعبد القبور ويستغيث بالأموات ويأتي المعاصي لم يقلها عن توبة ولا عن رجوع فهي مثل قوله: لها في حياته وصحته، لا تؤثر شيئاً فهو على كفره وضلاله، كالمنافقين يقولونها وهم على كفرهم ونفاقهم، وكعباد القبور اليوم يقولونها في المجالس وفي كل مكان وهم يعبدون أصحاب القبور، يستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم كعباد البدوي وعباد الحسين وعباد الشيخ عبد القادر وعباد غيرهم. نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم وضع المرأة العباءة على الكتف أثناء الصلاة

    السؤال: السائلة تقول في هذا السؤال سماحة الشيخ: هل وضع العباءة على الكتف أثناء الصلاة فيه شيء، علماً بأن وضعها على الرأس يكون أثناء خروجنا من المنزل وجهونا بذلك؟

    الجواب: وضعها على الكتفين لا يجوز؛ لأنه تشبه بالرجال، ولكن تلبس شيئاً من رداء جلال وقت الصلاة مقطعاً يغطي رجليها فيكفي والحمد لله، مع تغطية الرأس.

    فالحاصل أن لبس المشلح كالهيئة التي يلبسها الرجال لا يجوز، لا في الصلاة ولا في غيرها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالرجال، وقال: (لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة).

    1.   

    ضابط النميمة ونصيحة النمام

    السؤال: السائلة تقول في سؤالها: إذا قالت المرأة في أخت لي كلاماً سيئاً، فهل يجوز لي نقل هذا الكلام لأختي، أم يعتبر هذا من النميمة؟ وما هو الضابط لمعرفة الكلام هل هو من النميمة أم لا مأجورين؟

    الجواب: يجب الإنكار على من قال في عرض أخيك وأنت تسمع، تقول: اتق الله، هذا لا يجوز، هذه غيبة، اتق الله، لا يجوز لك هذا الكلام، الله يقول: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12] ولا تنقل الكلام إلى زيد ولا عمرو؛ لأن نقل الكلام من النميمة، ولكن تنكر على صاحب الغيبة وتنصحه ألا يعود إلى ذلك وأن يحذر غيبة الناس، هذا هو الواجب عليك؛ لأن الله جل وعلا يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً) (رأى) يعني: علم أو شاهد (فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه) وهذا من اللسان (فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).

    وهكذا إذا رأيته يسب.. يشتم.. تنصحه تقول: اتق الله هذا لا يجوز، احفظ لسانك، وهكذا إذا رأيته يتعاطى بعض المنكرات كالتدخين وشرب المسكر واستعمال الملاهي تنصحه تقول: اتق الله هذا لا يجوز لك، احذر نقمة الله، احذر غضب الله.

    1.   

    الضابط في معرفة الإسراف والتبذير

    السؤال: في آخر أسئلة السائلة أم تماضر تقول: دائماً أسمع عن الاقتصاد في المال وعدم التبذير، فما هو الضابط لمعرفة الإسراف من عدمه؟

    الجواب: الله جل وعلا بين هذا، قال سبحانه: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء:26] والتبذير: وضع الأموال في غير محلها، وصرفها في غير جهة النفع، وقال تعالى في صفة النفقة المضبوطة المستقيمة: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67] يعني: لم يزيدوا في النفقة ولم يقصروا بل أنفقوا وسطاً، فهذا هو المشروع.

    أما من زاد وأنفق في غير محل الإنفاق فهذا يقال له: إسراف وتبذيراً، ما زاد على الحاجة يسمى إسرافاً، وصرف المال في غير وجهه يسمى تبذيراً، وصرف المال في وجهه هذا طيب وقصد.

    فالمؤمن يتحرى صرف الأموال في وجوهها، وإذا أنفق في بيته أو على ضيوفه أو على خدامه ينفق وسطاً لا إسراف ولا تبذير: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا [الفرقان:67] ويقول سبحانه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29] ولكن بين ذلك.

    فكونه يضع طعاماً زائداً ولحوماً زائدة ما لها حد ليس هذا من القصد بل هو من الإسراف، إلا إذا قصد أنه يعطي الزائد للفقراء والمساكين فلا بأس.

    1.   

    حكم التحدث والخلوة مع زوجة الأخ

    السؤال: السائل (ج. س) من جمهورية مصر العربية شمال سيناء يقول: أنا شاب أبلغ من العمر الثامنة عشرة وأسكن أنا وأخي في بيت واحد، وأخي متزوج وأنا غير متزوج، وزوجة أخي تقوم بأعمال وأشغال البيت، وتقوم بخدمتنا، فهل يجوز لي أن أجالسها وأن أتحدث معها، وقد سألت البعض من الناس فقالوا: لا يجوز، وجهونا في ذلك؟

    الجواب: ليس لك الخلوة بزوجة أخيك، أما التحدث معها بحضور أخيك أو بحضور شخص آخر فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) فليس لك أن تخلو بها وحدك ولكن مع أخيك أو مع أمها أو أختها أو خالتها أو أختك أو أمك أو نحوها لا بأس، تزول الخلوة ويزول المحذور.

    1.   

    حكم قراءة الفاتحة عقب كل صلاة على روح النبي عليه الصلاة والسلام

    السؤال: هذا سائل للبرنامج عبد الحليم عثمان من الجمهورية اليمنية يقول في هذا السؤال: هل يجوز قراءة الفاتحة عقب كل صلاة على روح النبي صلى الله عليه وسلم أم أن هذا بدعة؟ وكيف نعرف البدع يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: هذا بدعة، القراءة على روح النبي صلى الله عليه وسلم من البدع وليس له أصل في الشرع، والبدعة: هي فعل شيء ما شرعه الله، فالبدعة التعبد بشيء ما شرعه الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ر) يعني: فهو مردود، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) فالتعبد بشيء ما شرعه الله يسمى ضلالة.

    ومن هذا القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم قراءة مخصوصة، أو مطلقة، هذا ما شرعه الله، لكن تصلي عليه تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل وسلم على نبينا محمد، اللهم صل وسلم على خاتم أنبيائك، اللهم صل وسلم على رسولنا محمد.. وما أشبه ذلك.

    وتقول: اللهم اجزه عنا خيراً كما أحسن إلينا، تقول: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم .. إلى آخره، هكذا، تكثر من الصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام، وتدعو له وتثني عليه، وتتبع سنته، تحرص على اتباع السنة والاستقامة على دينه والعمل بشرعه.

    أما القراءة له فما شرع الله القراءة له، لا تقرأ للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن تصلي وتسلم عليه وتدعو له، تقول: جزاه الله عنا خيراً، وضاعف الله مثوبته وأكثر حسناته.. إلى غير هذا من الدعوات الطيبة.

    1.   

    ضابط البدعة

    السؤال: يقول في فقرته التالية شيخ عبد العزيز : كيف نعرف بأن هذا العمل بدعة؟

    الجواب: تعرف بأنه بدعة إذا كان ليس مشروعاً، إذا كان ليس فيه دليل على أنه مشروع فالتعبد به يكون بدعة، كل عمل لا تعرف أنه مشروع من القرآن ولا من السنة فالتعبد به بدعة.

    مثل التعبد بالمولد الذي يكون في ربيع أول مولد النبي صلى الله عليه وسلم الاجتماع والاحتفال بهذا المولد، مثل صلاة الرغائب التي في أول جمعة من رجب، كونه يصلي صلاة مخصوصة هذه بدعة، مثل الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج فهذه عبادة محدثة بدعة.

    مثل لو أن إنساناً دعا إلى صلاة في الضحى ويدعو لها الناس يصلونها جماعة عادة يقول: هذه صلاة سادسة. هذه بدعة.. وما أشبه ذلك، يعني: يخترع عبادة ما شرعها الله، فهذه يقال لها: بدعة.

    أو يقول مثلاً: يشرع للناس أن يجتمعوا على صيام شهر معين كل سنة، يصير شهراً ثانياً كان يصوموا رجب جميعاً، يصومون ربيع أول يعني: ما يكفي رمضان يقول للناس: ما يكفيهم رمضان، بل ينبغي أن يصوموا شهراً ثانياً، فهذا من البدع.

    1.   

    تحريم شرب الدخان

    السؤال: يقول: ما حكم الشرع في نظركم في شرب الدخان؟

    الجواب: الدخان منكر ومحرم؛ لأن فيه مضار كثيرة، فلهذا أوضح العلماء رحمة الله عليهم أنه محرم؛ لمضاره الكثيرة.

    1.   

    حكم جهر الإمام بالدعاء بعد الصلاة والمصلون خلفه يؤمنون

    السؤال: يقول في فقرته الأخيرة السائل عبد الحليم عثمان : هل يجوز الدعاء بعد الفراغ من الصلاة جهراً أي: الإمام يدعو والمصلون يقولون بعده: آمين؟

    الجواب: كون الإمام يجهر بالدعاء ويؤمن عليه المأمومون هذا من البدع، ولكن يدعو الإنسان بينه وبين نفسه بعد الذكر، ويدعو الآخر بينه وبين نفسه بعد الذكر، أو قبل السلام، وأفضل يدعو قبل السلام، بعدما يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال يدعو بدعوات مما ورد في الشرع، مثل: (اللهم إني أعوذ بك من البخل أعوذ بك من الجبن، أعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، أعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر)، (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)، (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، (اللهم أصلح قلبي وعملي)، (اللهم اغفر لي ولوالدي -إذا كانا مسلمين-) وما أشبه ذلك.

    1.   

    معنى قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)

    السؤال: هذه السائلة تقول سماحة الشيخ: يقول العلماء في كلامهم: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وغيرها من القواعد، فما المقصود بهذه القواعد؟ ومن هو الذي وضعها هل هو النبي صلى الله عليه وسلم أم العلماء استنبطوها؟

    الجواب: استنبطها العلماء من الأدلة الشرعية، فكون الإنسان يدرأ المفسدة أعظم من كونه يجلب المصلحة التي يتخيلها ويظنها، فإذا كان اجتماعه بزيد أو بعمرو يترتب عليه شر فيترك هذا الاجتماع الذي يخشى منه شر، وإن كان يرجو فيه مصلحة بأنه يعطيه فلوساً أو يدعو له أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كان يترتب عليه سوء ظن، أنه يظن به شر .. أن هذا الرجل الذي يحب أن يجتمع به مشهور بالشر أو بشرب المسكر أو بتعاطي ما حرم الله من اللواط أو ما أشبه ذلك، يبتعد عن ما يظن به السوء من أجله.

    وكذلك إذا كان تعاطيه بسلعة معينة يجر عليه شراً يبتعد عنها، وهكذا إذا كان ذهابه إلى حارة من الحارات يجر شراً يبتعد ولو كان فيها مصلحة كأن يزور مريضاً أو يتصدق على أحد، فمادام دخول هذه الحارة داخلها يتهم بالشر والفساد فلا يذهب؛ لأن درء المفسدة مقدم على المصلحة، وهكذا ما أشبه ذلك.

    المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة والأخوات! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك، شكراً لكم أنتم، إلى الملتقى إن شاء الله.

    في الختام تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية الزميل: فهد العثمان ، من هندسة الصوت الزميل: سعد بن عبد العزيز بن خميس . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767976438