إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (555)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم القول بأن الله في كل مكان

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء مبارك من برنامج نور على الدرب.

    ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز فأهلاً ومرحباً يا سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: وفيكم.

    ====السؤال: هذا سائل للبرنامج أخوكم من السودان (ل. ع. ل) يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! الإيمان بالأسماء والصفات من أهم شروط اكتمال العقيدة الصحيحة ومنها الاستواء على العرش، ولكن نجد في بعض البلاد بأنهم يقولون: بأن الله في كل مكان، بماذا تنصحونهم؟ وإن ماتوا على هذا هل هم خارج الملة؟ أفتونا بالتفصيل جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا سؤال مهم عظيم، يجب على كل مسلم أن ينتبه له، وقد أوضحه الرب جل وعلا في كتابه العظيم، أوضح الجواب في كتابه العظيم سبحانه وتعالى، وهو الإيمان بعلو الله واستوائه على عرشه، قد دل كتاب الله العظيم في سبعة مواضع على أنه سبحانه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من ذلك سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، في سبعة مواضع من القرآن، ومنها قوله جل وعلا في سورة طه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].

    فالذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك، وأنه سبحانه فوق العرش في العلو قد استوى على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته، كما قال تعالى: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12]، قال سبحانه: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، قال سبحانه: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]، قال سبحانه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10] إلى آيات كثيرة تدل على علوه سبحانه وأنه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وهو الذي دل عليه القرآن العظيم ودلت عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة، وأجمع عليه المسلمون.. الصحابة ومن بعدهم، ومن زعم أن الله في كل مكان فقد كفر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ومكذب لجماعة المسلمين.

    فالواجب على كل من يعتقد هذا الاعتقاد أن يتوب إلى الله وأن يقلع عن ذنبه العظيم، وأن يؤمن بأن الله سبحانه في العلو فوق العرش فوق جميع الخلق جل وعلا.

    1.   

    حكم من صلى بدون وضوء لقلة الماء في الصحراء

    السؤال: يقول في سؤاله الثاني سماحة الشيخ: نرى البعض من الناس يصلون بدون وضوء نهائياً وأحياناً لا يتمون التيمم مع توفر الماء، وعند مناقشتهم يحتج هؤلاء بأنهم يعيشون في الصحراء والماء قليل، مع أن مصادر جلب الماء موجود والماء متوفر، والسؤال: هل الصلاة في مثل هذه الحالة صحيحة؟

    الجواب: الواجب على كل مسلم أن يتوضأ للصلاة عند وجود الماء والقدرة على استعماله، فإن عجز لبعد الماء أو عدم وجوده أو لمرض يمنعه من ذلك وجب عليه التيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب، فمن صلى بدون وضوء ولا تيمم صلاته باطلة، لابد من أحد الأمرين: الوضوء عند القدرة وعند وجود الماء والقدرة على استعماله، وإذا كان قريباً أمكن نقله يذهب ويتوضأ أو ينقل الماء في سيارته أو في دابته ليشرب ويتوضأ.

    أما من عجز عن الماء لمرض يضره الماء أو لعدم وجود الماء ليس معه إلا ماء قليل لحاجته لأكله وشربه فإنه يتيمم والحمد لله؛ لأن الله يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة:6]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين) يتيمم في الأرض التي هو فيها يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب على كل مسلم.

    ومن عجز عن التيمم وعن الماء فهو معذور، لو كان إنسان مربوطاً في سارية أو عمود ولا يستطيع لا يتيمم ولا يتوضأ صلى على حسب حاله، أو مريضاً لا يستطيع التحرك وليس عنده من يوضئه ولا من ييممه صلى على حسب حاله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

    1.   

    حكم اغتراب الزوج عن أهله لطلب الرزق لعدة سنوات

    السؤال: في سؤال السائل (أ. ل. ع) يقول: يغيب البعض من العمال عن زوجاتهم سنين عديدة من أجل البحث عن لقمة العيش، ما رأي الشرع في نظركم سماحة الشيخ في غياب الرجل عن زوجته هذه السنين، وهل هو يأثم؟

    الجواب: إذا اضطر إلى ذلك لطلب الرزق فلا حرج عليه في ذلك وإن تيسر نقلها معه نقلها معه، وإن تيسر أن يرجع إليها بعد ستة أشهر ثم يرجع هذا حسن كما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه وقت للمسافرين من الجنود عن أزواجهم ستة أشهر، فإذا تيسر هذا فهو أحوط وأحسن وإلا فلا؛ لأن الإنسان قد يضطر إلى العمل ولا يتيسر له الرجوع كل ستة أشهر أو أقل أو أكثر، فإذا كان في طلب الرزق وطلب الحلال وليس عنده في بلده ما يحصل به المقصود فإنه معذور سواء طالت المدة أو قصرت على حسب القدرة، وإذا تيسر له أن ينقل زوجته معه فذلك أكمل وأحوط، وإذا رضيت في بقائها تنتظره ولم تشدد في الموضوع فلا بأس الحق لها إذا سمحت فلا بأس، وإن طالبت فإنه ينقلها معه إذا تيسر له ذلك أو يأتيها كل ستة أشهر أو ما يقاربها إذا تيسر له ذلك؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وإذا كان يخشى عليها من غيبته عنها فليرجع إليها ولو كل ثلاثة أشهر ليقضي وطره ووطرها وليحافظ على سلامة دينها على حسب قدرته.

    المقصود أنه يتقي الله ما استطاع في نقلها معه أو الرجوع إليها بين وقت وآخر حرصاً على سلامة دينها وعفتها، وهو معذور في طلب الرزق والسفر لطلب الرزق.

    1.   

    مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف

    السؤال: السائل في آخر أسئلته يقول: سماحة الشيخ! ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟

    الجواب: أهل السنة والجماعة يقولون: يجب الرجاء والخوف، والعبد يسير إلى الله بين الرجاء والخوف كجناحي الطائر يخاف الله ويرجوه، يصلي ويصوم ويتصدق ويحج ويجاهد وهو مع ذلك يخاف الله ويرجوه، كما قال تعالى عن الرسل وأتباعهم يقول سبحانه: إِِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا [الأنبياء:90] رغباً يعني: رجاء، ورهباً يعني: خوفاً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90]، وقال سبحانه: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء:57] فالمؤمن يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه فيتقيه دائماً فلا يقنط ولا يأمن قال تعالى: إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]، قال: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، وقال عز وجل: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، فالواجب الخوف والرجاء لا أمن ولا قنوط، يرجو ربه ولا ييئس ولا يقنط ولكن يخاف لا يأمن أيضاً يخاف عقوبته يخاف الذنوب وشرها، هكذا المؤمن وهذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة.

    فيجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه.

    قال بعض أهل العلم: ينبغي له أن يغلب الرجاء في حال المرض والخوف في حال الصحة حتى ينشط في العمل الصالح وحتى يحذر محارم الله، ولكن المعتمد في هذا أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء دائماً دائماً.

    1.   

    الأفضل للشاب بين دفع المهر أو تجهيز منزل الزوجية

    السؤال: السائل سعيد محمد مصري يقول في هذا السؤال: يوجد عندنا في القرية إذا تزوج الشاب بفتاة أو شرع في الزواج منها فيخير بين أمرين وهما:

    أولاً: أن يدفع لوالد العروس مهراً، وفي هذه الحالة يقوم والد العروس بتجهيز المنزل المعد للزواج.

    ثانياً: أن يقوم الشاب بتجهيز المنزل، وفي هذه الحالة لا يدفع لوالد العروس شيئاً من المال، علماً بأن الزوج هو الذي يقوم ببناء البيت، فأيهما أفضل يا سماحة الشيخ من جهة الشرع هل هو دفع المهر أم تجهيز المنزل؟

    الجواب: الأمر في هذا واسع والحمد لله، الله يقول: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، فإذا تراضى الزوج والمرأة وأبوها على شيء في تجهيز المنزل أو تسليم نقود، أو نقود وتجهيز أو غير ذلك فلا بأس الأمر إليهم، المهم أن يبذل مالاً ترضى به المرأة ولا بأس سواء قليل أو كثير، النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد)، والله يقول: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، والمال يعم القليل والكثير، فإذا تراضوا على شيء من تجهيز منزل أو تسليم نقود أو نقود وتجهيز أو غير هذا من وجوه المصالحة بينهما فالأمر واسع في هذا والحمد لله.

    1.   

    حكم صلاة الخسوف بعد صلاة الفجر وصلاة العصر

    السؤال: السائل إبراهيم بن عبد العزيز أبو حامد يقول: الحقيقة له مجموع من الأسئلة، والأخ إبراهيم متواصل مع البرنامج يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! في حالة خسوف القمر بعد صلاة الفجر وشوهد، هل تصلى صلاة الخسوف في هذا الوقت أم لا؟ وكذلك بعد صلاة العصر وجهونا يا سماحة الشيخ.

    الجواب: نعم، إذا خسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة والذكر والدعاء والصدقة والتكبير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم)، وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه لما رأى الكسوف أمر بالصدقة والتكبير والعتق) ، هذا هو السنة ولو بعد العصر على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يصلى لها بعد العصر؛ لأنه وقت نهي، والصواب أنه يصلى لها؛ لأن صلاة الكسوف من ذوات الأسباب، وذوات الأسباب تفعل ولو في وقت النهي مثل صلاة الطواف إذا طاف بعد العصر، مثل تحية المسجد إذا دخل المسجد قبل المغرب يصلي ركعتي التحية، مثل الوضوء لو توضأ بعد العصر يصلي ركعتين، هذا هو الصواب، ذوات الأسباب لا بأس بها في وقت النهي، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، هذا هو الصواب والراجح من قولي العلماء.

    وهكذا إذا كسف القمر في آخر الليل أو في أول النهار يصلى لكسوفه أفضل ومن ترك فلا حرج؛ لأن وقته قد ذهب، قد ذهب سلطانه بعد الفجر ولم يبق إلا الشيء اليسير من سلطانه، فمن صلى فهو أفضل ويخفف حتى يصلي الفجر بعد ذلك في وقتها، ومن لم يصل فلا حرج؛ لأن القمر إذا طلع الفجر ذهب سلطانه ولم يبق منه إلا اليسير، فمن صلى بعد طلوع الفجر له لعموم الأحاديث فلا بأس وهو أفضل، ومن ترك ذلك فلا حرج وإن صلى فليخفف يبدأ بصلاة الخسوف قبل الفجر ثم يصلي صلاة الفجر في وقتها قبل الشمس.

    1.   

    واجب إمام المسجد مع المصلين

    السؤال: ما هو واجب إمام المسجد في حيه وتجاه جماعته في المسجد؟

    الجواب: الواجب عليه تفقدهم وملاحظتهم ونصيحتهم وأن لا يشق عليهم بالتأخير ولا بالتبكير، تكون صلاته وسط حسب التوجيهات التي إليه من المسئولين عن الصلاة، يصلي حسب التوجيه، يحذر من التأخير الذي يضرهم أو التقديم الذي يضرهم، يكون مراعياً للأوقات التي حددت له، والتقدم اليسير أو التأخر خمس دقائق أو كذا لا يضر، المهم أنه لا يتأخر شيئاً يضرهم أو يتقدم شيئاً يخالف التعليم بل يكون متحرزاً للتعليم، وإذا تأخر قليلاً بعد التعليمات خمس دقائق أو نحوه كل هذا لا حرج فيه يراعي المصلحة في ذلك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)

    السؤال: السائل شعبان صبحي من جمهورية مصر العربية ومقيم بالقريات يستفسر عن الآية الكريمة في سورة البروج: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ [البروج:3] من هو الشاهد ومن هو المشهود في هذه الآية؟

    الجواب: للعلماء في هذا كلام كثير، وأحسن ما قيل فيه: أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة، يوم الجمعة شاهد ومشهود يوم الجمعة يشهده الناس الحجاج، وقيل غير ذلك، لكن هذا أحسن ما قيل، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ [البروج:1-2] يوم القيامة، وَشَاهِدٍ [البروج:3] يوم الجمعة، وَمَشْهُودٍ [البروج:3] يوم عرفة. هذا هو أحسن ما قيل في ذلك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ)

    السؤال: الآية الثانية يا سماحة الشيخ: قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ [البروج:4] يقول: من هم أصحاب الأخدود؟

    الجواب: جماعة من الكفرة والظلمة عذبوا المؤمنين بأن أخدوا لهم أخاديد وجعلوا فيها النيران، نسأل الله العافية. الله جل وعلا ذمهم قال: قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ [البروج:4-7] يعني ناس من الكفرة الملحدين ظلموا المؤمنين وجعلوا لهم خدوداً عذبوا من لم يطاوعهم. نسأل الله العافية.

    1.   

    الفرق بين النبي والرسول

    السؤال: هذا السائل من السودان رمز لاسمه بـ (أ. أ) يقول في هذا السؤال: ما هو الفرق بين النبي والرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي فائدة علم النبي للبشر؟

    الجواب: المشهور عند النبي هو الذي يوحى إليه بشرع لنفسه يعمل بنفسه ولا يؤمر بالتبليغ، والرسول الذي يؤمر بالتبليغ مثل النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: (اقرأ)، هذا نبي، فلما قيل له: (قم فأنذر)، صار رسولاً نبياً جميعاً، فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ، يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الناس ودعوتهم كمحمد صلى الله عليه وسلم وموسى وعيسى وداود وسليمان ونوح ونحوهم.

    والنبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بالتبليغ ككثير من أنبياء بني إسرائيل أوحي إليهم ولم يؤمروا بالتبليغ بل لأنفسهم.

    1.   

    دعوى أن هناك من يعلم الغيب غير الله

    السؤال: يقول في سؤاله الثاني السائل من السودان: هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء؟ وما الفرق بين ذلك؟ وأيضاً عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم وهي في الحقيقة غائبة عن النظر كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (يا سارية الجبل) وغير ذلك؟

    الجواب: الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، الغيب لا يعلمه إلا الله، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه قال تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، قال: فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ [الجن:26-27]، فقد يخبره بعض المغيبات كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة وعن بعض أمور الجنة والنار.. إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب، والأنبياء لهم المعجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله كالعصا لموسى واليد التي قدمها موسى لفرعون تخرج يده بيضاء من غير سوء والعصا بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله ومعجزتان لموسى على أنه نبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام من نبوع الماء من بين أصابعه يراه الناس في الإناء ويشربون ويأخذون في أوعيتهم.

    ومنها أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض بضاً قليلاً فتوضأ وصب الماء فيها حتى جاشت بالماء، وهكذا يوم الحديبية لما شق عليه عدم الماء فألقى سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام، كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء لهم كرامات، الصالحون لهم كرامات أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لهم كرامات يكرمهم الله بها تخرق العادة لكنها ليست معجزة، إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين وليس نبياً، كما جرى لـعباد بن بشر وأسيد بن حضير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا مع النبي في آخر الليل قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعد ما سمرا عنده خرج إلى بيوتهما في ليلة مظلمة فأضاءت لهما أسواطهما كالسراج، كل واحد سوطه صار سراجاً له، فهذه من آيات الله ومن كرامات أوليائه، وهكذا الطفيل الدوسي لما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم آية يدعو بها قومه سأل الله أن يعطيه آية فصار نور له في جبهته -في وجهه- فقال: يا رب! في غير وجهي، فجعله الله في سوطه إذا رفعه استنار فدعا قومه فأسلموا.

    1.   

    نصيحة زوجة تشكو من زوجها المقصر في النفقة عليها وعلى أولاده

    السؤال: هذه أختكم في الله (ح. م. ح) كتبت مجموعة من الأسئلة بأسلوبها الخاص تقول سماحة الشيخ: امرأة متزوجة برجل لا يوفر لها ولا لأولادها أبسط أسباب المعيشة، فهو يعمل يوماً ويستريح أسبوعاً، وأصبح الأولاد كأنهم أيتام يتصدق عليهم الجيران، ومن يرى من حالتهم يعطف عليهم ويقدم لهم الصدقة، تقول: هي تنصحه وتطالبه بسد حاجات البيت والأولاد ولكن لا حياة لمن تنادي فأصبحت هي وهو في شجار دائم، فتذكر أيضاً يا سماحة الشيخ بأنها تقول: بأنني لا أقوم بخدمته هل أأثم في ذلك؟ وهل أسأل عن تعاملي معه أمام الله عز وجل؟

    الجواب: أيها السائلة أنت بالخيار إن صبرت فلا بأس وإن لم تصبري فارفعي الأمر للمحكمة، لك أن تطلبي الطلاق؛ لأنه لا يقوم بالواجب، وإن صبرت وتعاونت معه فلا بأس عليك ولا يلزمك طاعته فيما لا تستطيعين كأوقات طلب الرزق لأولادك، وأما في الأوقات التي تستطيعين فاستجيبي له في حاجاته، وإذا طلبك في وقت لا تستطيعين الإجابة فأنت معذورة، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فعليك طاعته فيما تستطيعين، ولا حرج عليك فيما لا تستطيعين كوقت طلب الرزق لأولادك ولنفسك لأنه لا يقوم بالنفقة، والأوقات الأخرى التي يمنعك مرض أو عذر شرعي كالحيض أو ما أشبه ذلك.

    المقصود عليك طاعته حسب الطاقة فيما أباح الله وشرع الله، ولك طلب الفرقة وطلب الطلاق عند المحكمة؛ لأنه لم يقم بالواجب.

    1.   

    حكم من لا يشعر بالاطمئنان في الصلاة إلا بإغماض العينين

    السؤال: تقول السائلة: عندما أصلي لا أشعر بالاطمئنان إلا إذا أغمضت من عيني ولا أفكر في أشياء دنيوية، ورغم ذلك فأنا أستعيذ بالله من بداية صلاتي، ولكنني رغم ذلك أفكر وأشعر بالحزن لذلك، ما رأيكم في إغماض العينين؟

    الجواب: عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك في الصلاة وسؤال الله أن يعينك على هذا، وتذكري أنك بين يدي الله وأن الله يطلع عليك سبحانه وتعالى، فالمؤمن إذا قام في الصلاة يراقب ربه ويستحضر عظمته جل وعلا، فالواجب هو العناية بهذا الأمر والتذكر أنك بين يدي الله وأن الله ينصب وجهه إلى عبده ما دام يصلي، فعليك أن تجتهدي في إحضار قلبك والخشوع لله وترك الإغماض، الإغماض في العينين مكروه تركه أولى، ويذكر بعض أهل العلم أنه من فعل اليهود فالأولى ترك ذلك، ولكن انظري موضع السجود واخشعي لله واذكري عظمته وأنك بين يديه واجتهدي في ذلك وأبشري بالخير.

    1.   

    حكم الصلاة خلف من يرى جواز تعليق التمائم

    السؤال: السائل يقول في هذا السؤال: هل الصلاة وراء من اعتقد في التمائم التي تكتب من القرآن وتعلق، هل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأنها مسألة خلافية، التمائم التي من القرآن بعض أهل العلم يجيزها، والصواب أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة لتعليق التمائم الأخرى؛ ولأن الأحاديث عامة في النهي عن التمائم في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له)، هذا عام فينبغي ترك التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فلا يعلق تميمة على ولده ولا على بنته ولا على دابته لا من القرآن ولا من غير القرآن بل يتوكل على الله ويسأله العافية والشفاء ويترك تعليق التمائم سواء كانت من حديد أو من حلق أو من آيات قرآنية أو من أحاديث أو من غير ذلك، الأحاديث عامة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، من تعلق تميمة فقد أشرك)، لكن الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والذي ننصح به الإمام أن يدع هذا الأمر.

    1.   

    حكم الصلاة خلف المبتدع

    السؤال: سماحة الشيخ! الصلاة خلف المبتدع ما حكمها؟

    الجواب: الصلاة فيها تفصيل خلف المبتدع؛ إذا كان المبتدع ابتدع بدعة تكفر كالجهمي هذا لا يصلى خلفه والمعتزلي الذي ينفي صفات الله والخوارج لا يصلى خلفهم، أما إذا بدعة خفيفة مثال: يقول: نويت أن أصلي أو عنده بدعة أخرى غير هذا من البدع الخفيفة التي لا تفضي إلى الشرك فالأمر في هذا سهل يصلى خلفه، ولكن إذا تيسر إزالته والتماس إمام من أهل السنة فهذا هو الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة إلى أن يصلى خلفه إذا كانت بدعته لا تكفره كالعاصي الذي يعرف بالمعاصي يصلى خلفه ما دام مسلماً.

    1.   

    حكم اتخاذ مسجد آخر غير مسجد القرية تفادياً للفتنة

    السؤال: السائل من السودان استعرضنا بعضاً من أسئلته بقي له هذا السؤال يقول: سماحة الشيخ! إذا كان الناس بقرية ويغلب عليهم الجهل بالدين، هل يجوز لهم أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية؟ وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم ما حكم ذلك؟

    الجواب: الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعاً في مسجد واحد وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن الصلاة في داخل المسجد يعينهم على الخير والتعارف والتواصي بالحق والنصيحة ولا يريد نصيحته من تيسر له أن ينصحهم جميعاً.

    أما إذا كانت القرية كبيرة تباعدت أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] إذا كان في مشقة، يجعل في جانبها الأيمن مسجد والآخر مسجد أو في شرقها مسجد وغربها مسجد إذا كانت متباعدة يشق عليهم أن يجتمعوا في مسجد واحد فلا حرج، والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح والحذر من أسباب الشحناء، والله المستعان.

    المقدم: الله المستعان، شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة والأخوات! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك.

    شكراً لكم أنتم، إلى الملتقى إن شاء الله.

    في الختام تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية الزميل فهد العثمان، من هندسة الصوت الزميل سعد بن عبد العزيز بن خميس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768246303