المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات في رسائلكم على فضيلة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
فضيلة الشيخ عبد العزيز لدينا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المستمعين وهي الآن بين يدينا، ويمكن إن شاء الله أن نستعرض في لقائنا هذا رسائل السادة خضر حسن الشريدة والمستمع: (ش. محمد. ش) من المجمعة و فلاح من قرية الكوز محافظة الحسكة من منطقة المالكية.
====السؤال: أولاً: نبدأ برسالة المستمع خضر حسن الشريدة من سوريا محافظة القنيطرة قرية قصيبة، يقول في رسالته هذه بعد أن يشكر العلماء الذين ينيرون الطريق في دياجر الظلم المعنوية، ويشكر الدولة التي تبنت مثل هذا البرنامج الفريد من نوعه كما يشكر الإذاعة السعودية صاحبة السبق إلى ما يفيد المستمع.
يقول في سؤاله الأول: ما واجب المسلم إذا أوذي واضطهد بسبب تمسكه بدينه؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد أوذي الرسل عليهم الصلاة والسلام وأوذي المؤمنون في سابق الزمان ولاحقه، والواجب على المؤمن إذا أوذي في دينه الصبر والاحتساب والأخذ بالأسباب التي تدفع عنه الأذى -الأسباب الشرعية-، مثل الهجرة من بلاد الأذى إلى بلاد ليس فيها أذى مثل الكف عما يسبب الأذى إذا كان ذلك الشيء لا يضره في دينه كبعض الأمور المباحات أو المستحبات إذا تركها دفعاً للأذى فلا حرج عليه.
المقصود: أنه يتحمل ويتصبر ويسأل ربه العون ويلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في عافيته مما أصابه وفي دفع الأذى عنه ويدعو على من ظلمه لا بأس.
ومن العلاج: أن ينتقل ويهاجر من بلاد الأذى إلى بلاد سليمة أو من محل الأذى إلى محل آخر في وطنه بعيد عن الأذى مع سؤال الله عز وجل الإعانة على الصبر وسؤال الله العافية من الأذى وفعل الأسباب الأخرى المباحة التي تقيه الأذى.
السؤال: سؤاله الثالث -سؤال الـ
خضر - من سوريا يقول فيه: ما حكم الدين فيمن حرف السنة الشريفة؟
الجواب: السنة وهي الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن تتلقى بالقبول وأن يعمل بها إذا صح السند عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز لأحد أن يحرفها على هواه ويقودها إلى هواه، كما أنه لا يجوز لأحد أن يقود القرآن إلى هواه، بل يجب أن يأخذ بما دل عليه القرآن ودلت عليه السنة، وأن يلزم نفسه بذلك فيما أوجب الله وفيما حرم الله، ويستعين بكلام أهل العلم المعروفين في تفسير القرآن وفي تفسير الأحاديث، وليس له أن يحرف الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية على هواه وشهوته ومراده لا، بل يلزمه أن يرجع إلى ما دلت عليه الأدلة من الآيات والأحاديث، وعليه أن يرجع أيضاً إلى ما قاله أهل العلم والإيمان في تفسير الآيات وتفسير الأحاديث وفيما أشكل عليه واشتبه أمره، ويراجع كتب اللغة فيما يتعلق باللغة العربية، أما أنه يعمل بهواه ورأيه من دون رجوع للكتاب والسنة أو يحرف السنة أو الآية على هواه هذا من عمل الملحدين ومن عمل أهل البدع الذين يقودون الآيات والأحاديث لأهوائهم وبدعهم بغير حق نسأل الله العافية.
السؤال: سؤاله الرابع والأخير يقول: لقد استولى الأعداء على بعض أرضنا، فهل بقاء المؤمنين من سكانها فيها أفضل أو الهجرة منها؟
الجواب: بقاء المسلمين في بلادهم ولو استولى عليها بعض الكفرة، بقاؤهم في بلادهم أصلح إذا استطاعوا إظهار دينهم؛ استطاعوا الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو باللسان وإظهار الدين، هذا أصلح حتى لا يضيع الدين في بلادهم، وحتى لا يلبس الأمر على من بقي من المسلمين الضعفاء، فإذا كان المسلم لا يستطيع إظهار دينه، بل يخشى على نفسه فإنه يلزمه أن يهاجر مع القدرة؛ لأنه أوجب الهجرة سبحانه وتعالى، الله جل وعلا أوجب الهجرة على المسلمين مع القدرة، وقد هاجر المسلمون من مكة إلى الحبشة، ثم هاجروا إلى المدينة لما آذاهم الكفار في مكة، فإذا كان الإنسان في بلد يؤذيه فيه الكفار ويمنعونه من إظهار دينه أو يخشى على نفسه من الفتنة والكفر فإنه يلزمه أن يهاجر إلى بلاد يستقيم فيها دينه ويأمن فيها على دينه إذا استطاع؛ لأن الله قال جل وعلا:
إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
[النساء:98]، المستضعف مستثنى فإذا كان يستطيع وجب عليه أن يهاجر إلى بلد الإسلام أو بلد الأمن والعافية.
لكن إذا كان مقامه في بلاده أصلح للمسلمين وأنفع للمسلمين وهو يقوى على الإقامة للدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحفاظ على بقية المسلمين فهذا جلوسه أولى، وقد يجب عليه الجلوس لما في بقائه من المصلحة للمسلمين والحماية لهم من مكائد الأعداء ودعوتهم إلى الخير وتبصيرهم بدينهم. نعم.
السؤال: هذه رسالة وردتنا من المرسلة المواطنة: (ش. محمد. ش) من المجمعة تقول في رسالتها: لقد أذن المغرب واعتقدت أنه أذان العشاء الآخرة فصليت المغرب أربعاً على هذه النية، ولما جلست أنا وبقية العائلة وأولادي وأذن للعشاء استنكرت ذلك فأخبروني أن العشاء لم يؤذن له إلا الآن، هل أعيد صلاة المغرب أم لا، وفقكم الله؟
الجواب: المغرب ثلاث ما هي بأربع، فإذا كانت قد صلت المغرب ثلاثاً بنية المغرب، ثم سمعت الأذان فصلت العشاء تحسبه أذان العشاء وكانت قد أخرت المغرب تحسب صلاة العشاء، هذا عليها أن تعيد العشاء فقط، أما إذا كانت ما صلت المغرب وصلت العشاء قبل أن تصلي المغرب تحسبه أن الأذان أذان العشاء ونسيت المغرب ما صلت المغرب فإنها تعيد، تأتي تصلي المغرب ثم تعيد العشاء؛ لأنها صلت العشاء في غير وقتها، وصلتها قبل المغرب، والواجب أن تصلى بعد المغرب لا قبل المغرب، فإذا كانت قد صلت المغرب بعد غروب الشمس أجزأت المغرب وأما العشاء فتعيدها؛ لأنها صلتها قبل وقتها، إذا كان العشاء قد أذن في أول الوقت وإذا كان الأذان الذي سمعته أذان المغرب وصلت تحسبه العشاء فإنها تعيد العشاء؛ لأنها فعلت في غير وقتها والصلاة في غير وقتها لا تصح، لكن إذا كانت ما صلت المغرب لابد تؤدي المغرب، ثم تصلي العشاء.
المقدم: هي حسب رسالتها صلت العشاء وقت المغرب، ثم لما أذن العشاء صلت العشاء، لكنها صلت المغرب بنية العشاء؟
الشيخ: لا ما يصلح ما يصلح، عليها أن تصلي المغرب ثلاثاً، وصلاة المغرب بنية العشاء أربعاً هذا غلط، المسلم يعرف المغرب والعشاء، المغرب ثلاث والعشاء أربع في حق المقيم أربع.
فالحاصل: أن هذه إن كانت صلت المغرب في وقتها فالحمد لله فعليها أن تعيد العشاء؛ لأنها صلتها في غير وقتها، وإن كان ما صلت المغرب وإنما صلت العشاء بنية المغرب أربعاً، فهذا غلط وباطل فعليها أن تصلي المغرب؛ أولاً تقضي المغرب ثم تصلي العشاء الذي فعلته في غير الوقت.
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من
فلاح السويد من قرية الكوز محافظة الحسكة منطقة المالكية، يقول في رسالته: هل يجوز لقارئ القرآن أن يقرأ قاعداً ومضطجعاً ومستقبل القبلة ومستدبرها، أفيدونا جزيتم خيراً؟
الجواب: نعم، يجوز لقارئ القرآن أن يقرأ قائماً وقاعداً وماشياً ومضطجعاً الحمد لله الأمر واسع، الله قال:
فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ
[النساء:103]، وقال:
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
[آل عمران:191]، فالأمر في هذا واضح، فذكر الله يشمل القرآن ويشمل أنواع الذكر من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، فالله جل وسع الأمر، فالمسلم له أن يقرأ قائماً وماشياً وقاعداً ومضطجعاً، كل هذا لا حرج فيه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجر عائشة ويقرأ القرآن وهي حائض، يتكئ في حجرها ويقرأ عليه الصلاة والسلام.
فالحاصل: أنه لا بأس بالقراءة قائماً وقاعداً وماشياً ومضطجعاً، نعم، إذا كان ليس على جنابة أما إذا كان جنباً فليس له أن يقرأ حتى يتطهر.
السؤال: يقول
فلاح السويد من قرية الكوز: إني أردت أن أذبح هرة مؤذية، ولكنني -يقول- اكتشفت أنها ما هي المؤذية، فما حكم الشرع في يرحمكم الله؟
الجواب: إذا كنت قتلتها لاعتقادك أنها مؤذية بأخذ -مثلاً- أكل الدجاج والحمام أو توسيخ الفرش هذا اعتقادك فلا شيء عليك، إذا بان لك أنك أخطأت في الاعتقاد، وأما إذا كانت لا تؤذي فليس لك قتلها، بل يجب عليك ترك قتلها؛ لأنها من الطوافين، فعليك أن تحسن إليها بالطعام والشراب وما يسر الله ولا تقتلها ولا تضربها أيضاً، أما إن آذتك في أكل الدجاج -مثلاً- أو الحمام أو توسيخ الفرش بقاذوراتها بكونها غير أديبة؛ لأن بعض الهررة غير أديب يؤذي ويوسخ الفرش وبعضها لا، لا يفعل الأذى إلا في محلات خاصة بعيدة عن أذى الناس.
فالحاصل: أنها إن آذت ولم يندفع أذاها إلا بالقتل تقتل، وإذا اندفع أذاها بغير قتل بأن تأخذها وتلقيها بعيداً عن بيتك أو تحذرها؛ لأنها قد يخشى أن تكون من الجن المتجنسات بالهررة تنذرها ثلاثة أيام وتحذرها فإن عادت فلا بأس بقتلها.
فالحاصل: أنه لا يعجل في الأمور ويتحرى فإذا ثبت أنها مؤذية ولم يندفع أذاها إلا بالقتل قتلها وإذا اندفع أذاها بغير ذلك من تحذيرها وتنبيهها لعلها تتوب إن كان يخشى أنها يعني: متجنسة من الجن، وإن كان أمكن أيضاً أن يحملها إلى محل بعيد ويلقيها بعيداً، ولا يقتلها فهذا أسلم وأولى. نعم.
المقدم: شكراً أثابكم الله.
أيها المستمعون الكرام! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة المرسل خضر حسن الشريدة من سوريا محافظة القنيطرة قرية القصيبة، والمستمعة: (ش. محمد. ش.) من المجمعة تسأل عن الصلاة و فلاح السويد من قرية الكوز محافظة الحسكة منطقة المالكية.
عرضنا الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائلهم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة! وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.