إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (615)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع محمد إدريس فضل المولى من السودان ومقيم في نجران، أخونا يقول: هناك مكان نعمل فيه ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية:

    أولاً: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائماً بدون سبب، وأيضاً المغرب والعشاء، ولا يمسكون بأيديهم أسفل الصدر، فهل تصح الصلاة معهم وجهونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة كالمرض أو الاستحاضة للمرأة بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثماناً جميعاً وسبعاً جميعاً، يعني الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء -مرض- فشق على المسلمين وجمع بهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لا يحفظ أنه فعل هذا إلا مرة واحدة، لم يحفظ عنه أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائماً إنما جاء هذا مرة واحدة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقال آخرون: إن الجمع صوري وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره والعصر في أوله، والمغرب في آخره والعشاء في أوله، وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه صلى الظهر في آخر وقتها وقدم العصر، وصلى المغرب في آخر وقتها وقدم العشاء فسمي جمعاً، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية الصحيحة عن ابن عباس فيتعين القول به وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر.

    أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب، ولا تجمع العصر مع الظهر، لا تصلي معهم العصر ولا العشاء، هذا إذا كانوا من أهل السنة، أما إن كانوا من غير أهل السنة فلا تصل معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئاً من الشرك، كالذي يدعو البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، فهذا يعتبر من الشرك الأكبر، يا سيدي! المدد المدد، اشف مريضي.. انصرني.. أغثني.. اشف مريضي.. هذا من الشرك الأكبر، فهؤلاء لا يصلى خلفهم ولا يصلى معهم، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون.

    فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته وألا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها كالذين يغلون في البدوي أو غير البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، ويطلبونهم المدد ويطلبونهم الغوث، هذا كفر أكبر لا يصلى خلف صاحبه نسأل الله السلامة، لكن يدعى إلى الله ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير؛ لأن الدين النصيحة، والله يقول سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، ويقول سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، ويقول عليه الصلاة والسلام لـعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، فهؤلاء يدعون إلى الله ويعلمون ولا يصلى خلفهم حتى يتوبوا إلى الله من الشرك، وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة، نسأل الله للجميع الهداية. نعم.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، شيخ عبد العزيز ! هل تؤدي الخلافات المذهبية إلى القطيعة بين المسلمين كما فعل أخونا حينما قاطع جماعته لأن بعضهم لا يمسك بيديه في أسفل الصدر؟

    الشيخ: أما المخالفة في الفروع فلا، المخالفة في الفروع لا توجب الفرقة والاختلاف، ولا توجب العداوة والبغضاء، فإذا كان بعض المصلين يطلق يديه ولا يجعلهما على صدره ولا تحت سرته، بل يطلقهما كما هو معروف في مذهب مالك عند المالكيين فلا بأس بذلك، لا يوجب هذا عداوة ولا بغضاء؛ لأنهم تبعوا غيرهم من العلماء وقلدوهم في ذلك، ولهم شبهة التقليد فلا ينبغي التقاطع في هذا، ينبغي التساهل والتسامح والتعليم بالكلام الطيب، يوجه من فعل ذلك إلى أن الأفضل والسنة أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره، هذا هو الأفضل وهذا هو السنة كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر وحديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه مرسل صحيح عن طاوس رحمه الله.

    المقصود أن هذا هو الصواب، كونه يضع يمينه.. كفه الأيمن على كفه الأيسر على صدره هذا هو الأفضل، ولكن إذا أرسل يديه أو جعلهما تحت السرة فلا ينبغي بأن يكون في هذا نزاع ولا مخالفة ولا قطيعة ولا تباغض بل إنما هو دعوة بالتي هي أحسن ومذاكرة في هذه الأمور وأشباهها، وهكذا من لا يرفع يديه عند الركوع أو عند الرفع منه أو عند القيام من التشهد الأول كل هذا وإن كان خلاف السنة لكن لا يوجب تقاطعاً ولا بغضاء ولا انشقاقاً، وهكذا غير ذلك كجلسة الاستراحة وأشباه ذلك من الأمور الفرعية التي قد يقع النزاع فيها والاختلاف فيها بين العلماء لكن من طريقة أهل العلم أنهم لا يتباغضون ولا يتقاطعون ولا يتهاجرون بل يتباحثون وكل واحد يقصد الخير لأخيه وينصح ويطلب الدليل. والله المستعان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088547015

    عدد مرات الحفظ

    777253017