مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز !
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من جمهورية مصر العربية وباعثها مستمع من هناك يقول: سامي محمد خليفة ، الأخ سامي يقول في رسالة بعث بها إنه في ساعة غضب أقسم على المصحف الشريف ألا يسكن في هذا المنزل أو الحوش وعندما زال الغضب وجد أنه مخطئ إذ لا غنى له عن هذا المنزل، فسأل بعض الناس فأخبروه بأن عليه أن يصوم ثلاثة أيام، فصام ثلاثة أيام وعاد إلى المنزل، فهل هذا صحيح أم لا؟!
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإذا حلف الإنسان على أنه لا يسكن في هذا المكان أو لا يكلم فلاناً أو لا يأكل كذا أو ما أشبه ذلك سواءً على المصحف أو على غير المصحف ثم أحب أن يفعل ذلك أو فعله لأسباب دعت إلى ذلك فإنه يكفر كفارة يمين ولا شيء عليه، إذا كان المفعول مباحاً شرعاً، مثل: سكنى المنزل، أو أكل طعام فلان المباح، أو تكليم فلان الذي لا بأس بكلامه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير).
والله بين كفارة اليمين في كتابه العظيم فقال سبحانه وتعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، الآية في سورة المائدة، هذه كفارة اليمين، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، يعني: عتق رقبة، فإن عجز ولم يستطع صام ثلاثة أيام.
فالسائل صام ثلاثة أيام ولا ندري هل هو عاجز أم لا، فإذا كان عاجزاً لا يستطيع إطعام عشرة مساكين ولا يستطيع كسوتهم ولا عتق رقبة أجزأه الصيام، وإلا فعليه أن يطعم عشرة مساكين ولا يجزئه الصيام، إذا كان يستطيع يعطي كل واحد نصف صاع من تمر أو أرز أو بر، يعني: بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره كيلو ونص تقريباً، فإذا كان يستطيع ذلك فالصيام لا يجزئه، أو يكسوه كسوة يعطي كل واحد قميصاً أو إزاراً ورداءً، يعني: كسوة تجزئه في الصلاة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً: كفارة اليمين ليست على التخيير؟!
الشيخ: في الثلاثة مخير، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، أحد هذه الثلاثة، فإن عجز عنها كلها انتقل إلى الصيام.
ثم الحلف بالمصحف ليس له أصل فلا حاجة إلى الحلف على المصحف، إذا قال: والله لا أفعل كفى، ولا حاجة إلى أن يأتي بالمصحف ولا دليل على شرعية ذلك، فالأولى عدم الحاجة إلى الحلف على المصحف ولو أكد يمينه يقول: والله ما أفعل كذا، والله العظيم ما أفعل كذا، ويكفي، والله لا أزور فلان، والله لا أكلم فلان، المقصود: ليس هناك حاجة إلى إحضار المصحف وإنما هذا شيء يفعله الناس من باب التشديد على أنفسهم بدون دليل.
الجواب: استصحاب الأطفال فيه تفصيل: فإن كان الطفل قد أكمل السبع السنين فهو مأمور بالصلاة فيستصحبه أبوه أو أخوه حتى يتمرن على الصلاة ويعتادها ويحافظ عليها، أما إن كان أقل من السبع فلا حاجة إلى ذلك ولا يشرع استصحابه؛ لأنه قد يؤذي المصلين، قد يشوش عليهم في لعبه وكلامه الذي لا وجه له، فالأولى عدم استصحابهم لما في ذلك من الإيذاء للمصلين.
الجواب: الجمعة لا تدرك إلا بركعة، فمن لم يدرك ركعة منها صلى ظهراً لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فإذا كان مجيئه إلى الجمعة بعد الركوع الثاني بأن أدركه في السجود الأخير أو في التشهد فإنه يأتي بأربع يصلي ظهراً ينويها ظهراً ولا تجزئه الجمعة.
كيفية الصلاة بالطائرة أو القطار ذلكم أن الراكب يتعرض لأشياء كثيرة من الاهتزاز والانحراف يميناً وشمالاً عن القبلة، وجهوا الناس حول هذا الموضوع جزاكم الله خيراً؟
الجواب: إذا كان السفر قصيراً صلى الإنسان في البلد التي قصدها، إن كان سفره قبل دخول الوقت وإن كان سفره قبل دخول الوقت صلى قبل أن يسافر في المطار أو في غيره، أما إن كان السفر طويلاً فإنه يصلي في الطائرة أو في القطار والحمد لله، ولا يترك الصلاة حتى يخرج الوقت يصليها على حسب طاقته إلى القبلة ويدور مع القطار ويدور مع الطائرة حيث دارت إلى القبلة، ويصلي قائماً إن استطاع فإن لم يستطع صلى جالساً يدور مع القبلة مثل: صاحب السفينة وصاحب الباخرة، كل منهم مأمور بطاقته، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإذا استطاع أن يقوم في وسط الطائرة أو في وسط الباخرة أو في وسط قطار أو في أي مكان منه قام وصلى قائماً وركع وسجد وكمل صلاته مستقبل القبلة، وإذا كانت الطائرة أو القطار أو الباخرة تدور دار معها إلى القبلة في الفريضة، وهكذا في النافلة في مثل: القطار والطائرة؛ لأنه لا يشق أن يدور معها في النافلة؛ وجاء عنه صلى الله عليه وسلم في النافلة على أنه كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه في النافلة، وكان إذا أراد الإحرام كبر إلى القبلة ثم صلى إلى جهة سيره على الراحلة.
لكن ذكر بعض أهل العلم أن الدوران مع القبلة على الراحلة يصعب؛ لأن وجهه إلى جهة سيره يدبر الدابة، فيصعب عليه أن يلتفت إلى القبلة، لكن في القطار وفي الطائرة وفي السيارة الأمر بيد غيره ليس هو الذي يصرف القطار أو الطائرة، فبإمكانه يدور مع الطائرة ولو في النافلة فليس مثل: راكب البعير أو البغل أو الفرس أو الحمار في السفر، بل هو أقدر على الدوران مع القبلة حتى في النافلة، فإذا دار في النافلة حسب ما قال جمع من أهل العلم؛ لأنه يستطيع ذلك؛ فعل ذلك كما يفعله في الفريضة، أما إن لم يستطع ذلك الدوران وتفوته النافلة التي يحب أن يصليها كصلاة الضحى والتهجد بالليل في الطائرة ونحو ذلك فلعل في الأمر سعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جهة سيره في النافلة.
وقد يشق ملاحظة القبلة في الطائرة في حال التهجد بالليل ونحو ذلك قد يشق عليه ذلك، فلعله إذا صلى إلى جهة سيره في النافلة خاصة لعله يعفى عنه إن شاء الله إلحاقاً للطائرة بالبعير ونحوه الذي كان يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة سيره، لكن إذا أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجاً من الخلاف وعملاً بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب، أما الفريضة فلابد من الدوران فيها إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار وفي الطائرة لكن يدور مع القبلة في الفريضة.
المقدم: هذا بالنسبة للانحراف يميناً وشمالاً، أما الاهتزاز ففي إمكانه أن يصلي جالساً؟
الشيخ: نعم. يصلي حسب حاله، إن قدر قائماً صلى قائماً وإلا صلى جالساً. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
الجواب: إذا كان في مكان ليس فيه ماء كالمسافر والسجين الذي ما يعطى ماء فإنه يكفيه التيمم فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهه وكفيه عن الجنابة وعن الحدث الأصغر، أما إذا كان يستطيع الماء بالطلب أو بالشراء المعتاد أو بالذهاب إليه في الوقت فإنه يتوضأ ولا يتيمم؛ لأن الله يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: (إذا لم يجد الماء) فالمقصود: إنه إذا وجد الماء في السفر أو في الحضر وجب عليه الغسل والوضوء ولو بالشراء الذي ليس فيه إجحاف، وأما إذا عجز عن ذلك فإنه يتيمم؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول جل وعلا: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].
الجواب: لا أعلم أصلاً لقولهم: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]، أو اصبر، أو ما أشبه ذلك لا نعلم لهذا أصلاً، ولا نعلم في ذلك منكراً ولا محذوراً، وأما الإمام فيستحب له أن يتأنى قليلاً حتى يدرك من دخل على وجه لا يشق على المأمومين، فقد نص جمع من أهل العلم على ذلك وقالوا: يستحب له انتظار داخل ما لم يشق على المأموم، فإذا كان انتظاره يسيراً لا يشق على الناس فلا حرج بذلك بل يستحب له ذلك مراعاة للداخلين حتى يدركوا الركعة، وهم يستحب لهم عدم العجلة والخشوع وعدم العجلة فإن أدركوا فالحمد لله وإلا قضوها ولا ينبغي لهم العجلة، أما كلمة: اصبر أو إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] فلا أعلم لها أصلاً في الشرع، ولا أعلم ما يمنعها من باب التنبيه للإمام ومن باب التذكير لا نعلم في هذا مانعاً.
الجواب: هذا غلط من بعض الناس؛ فإن الله جل وعلا لم يجعل شفاء الناس فيما حرم عليهم، وليست داخلة في القاعدة، فليس هناك ضرورة؛ لأنه ليس فيه شفاء الشفاء فيما أباح الله جل وعلا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما سأله سائل قال: (يا رسول الله! إني أصنع الخمر للدواء، قال عليه الصلاة والسلام: إنها ليست بدواء ولكنها داء)وفي الحديث: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم).
فلا يجوز للمريض أن يأتي المشعوذين الذين يتهمون باستخدام الجن ودعوى علم الغيب ونحو ذلك، أو يتهمون بأنهم يعالجون بالحرام كلحم الخنزير أو شرب الخمر أو غير هذا مما حرم الله، هذا منكر لا يجوز، بل يجب على المريض أن يبتعد عما حرم الله وألا يتعاطى إلا ما أباح الله في علاجه، فلا يأتي السحرة والكهان والمشعوذين، ولا يجوز له سؤالهم ولا تصديقهم، ولا يجوز له أن يتعالج بما حرم الله من خمر أو خنزير أو دخان أو غير هذا مما حرم الله، وفيما أباح الله غنية -والحمد لله- عما حرم الله، نسأل الله السلامة.
الجواب: لا أعلم حال الكتاب المذكور؛ لأني لم أقرأه، قد سمعت عنه ولكن لم أقرأه فلا أستطيع أن أحكم عليه بشيء.
الجواب: صلاة الضحى مستحبة وتبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس وأفضلها إذا اشتد الضحى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) فالأفضل عند شدة الضحى قبل الظهر بساعة أو ساعتين هذا هو الأفضل، وإذا صلاها المسلم في أول النهار بعد ارتفاع الشمس قيد رمح أو في بقية أجزاء الضحى كل ذلك حسن، والحمد لله.
وأقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، وبعض أهل العلم قال: أكثرها ثمان ولكن لا دليل عن ذلك إذا صلى ثمان أو أكثر أو أقل كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، (وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى يوم الفتح ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام)، وكان يصلي ركعتين إذا زار قباء يوم السبت ضحى عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها وإذا صلاها ثمان يسلم من كل ثنتين هذا حسن موافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما صلاها بمكة المكرمة حين الفتح، ولو صلى ثنتي عشرة أو صلى عشرين أو صلى أكثر فإنه يسلم من كل ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد حسن من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
فالحاصل أن صلاة الضحى مشروعة وسنة قربة عظيمة قد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فهي سنة مؤكدة تبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، يعني: إلى ما قبل الزوال بنحو ثلث ساعة أو نصف ساعة تقريباً.
الجواب: المحرم إنما يكون ذكراً لا أنثى، والمحارم هم من تحرم عليهم المرأة على التأبيد بنسب كأبيها وأخيها، أو سبب كالرضاعة، والمصاهرة كزوج بنتها، وزوج أمها، فإنهم محارم، زوج أمها بالمصاهرة وزوج بنتها بالمصاهرة وأخيها من الرضاع أو عمها من الرضاع بسبب الرضاع، وأخيها من النسب وأبيها من النسب بسبب القرابة، أما المرأة فلا تكون محرماً أم المرأة وأختها وعمتها لسن محارم، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)، ثم ذكر في بعض الروايات الزوج، ذكر الزوج وذكر الأخ ونحو ذلك.
المقصود أن المحرم إنما يكون رجلاً لا أنثى، وهو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو صهر مباح كأبيها وأخيها وعمها وخالها من نسب أو رضاع، وهكذا زوج أمها وزوج بنتها وزوج ابنة ابنها وبنت بنتها كلهم محارم.
الجواب: إذا كان رميه عنكن بسبب عجزكن لشدة الزحام أو لضعفكن من جهة مرض أو عدم قوة فلا بأس إن شاء الله ولا حرج، أما إن كان تساهلاً وترفهاً فإن عليكن فدية كل واحدة تذبح ذبيحة في مكة للفقراء عن ترك الرمي، أما إذا كان العلة من زحام شديد خاف عليكن منه، أو كنتن مريضات أو ضعيفات الأجسام لا تستطعن المزاحمة في ذلك والدخول في محل الجمار فنرجو أن يكون الرمي صحيحاً، والحمد لله.
الجواب: حفظ القرآن من أفضل القربات والطاعات، وهكذا حفظ ما تيسر من السنة الصحيحة من أفضل القربات والطاعات، والأفضل أن تبدأ بحفظ ما تيسر من القرآن وأنت مخير إن شئت بدأت بالمفصل ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1]، وما بعدها حتى تكمل تحفظ الأجزاء الأخيرة الأربعة، وإن شئت بدأت بالبقرة ورتبت لك جزءاً معلوماً كل ليلة أو كل صباح صفحة صفحتين ثلاث صفحات ترتب شيئاً معلوماً وتستمر عليه، تسأل ربك العون والتوفيق، وتتحرى الأوقات المناسبة التي ليس فيها مشاغل.
وإذا جمعت بين الأمرين وجعلت وقتاً لحفظ ما تيسر من القرآن، ووقتاً لحفظ ما تيسر من السنة فهذا حسن؛ لأن حفظ القرآن قد يطول وتطول مدته، فإذا جمعت بين هذا وهذا فهذا شيء طيب.
ونوصيك بحفظ عمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي فإنها أحاديث صحيحة ومختصرة، أربعمائة حديث وزيادة يسيرة فإذا حفظت هذا الكتاب فهو كتاب جيد عظيم مفيد، وإن كان عندك قدرة على حفظ بلوغ المرام للحافظ ابن حجر فهو كتاب أيضاً محرر وجيد، وفيه بعض الأحاديث ضعيفة التي بينها المؤلف رحمه الله، ونوصيك أيضاً بحفظ بعض كتب العقيدة، مثل: كتاب التوحيد، وثلاثة الأصول، وكشف الشبهات للإمام العلامة شيخ الإسلام في زمانه محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فهي كتب مفيدة في العقيدة، ومثل: كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، ولمعة الاعتقاد للموفق بن قدامة رحمه الله، وهذه كتب جيدة في العقيدة نوصي بحفظها أيضاً؛ لأنها مفيدة وكلها مأخوذة من كتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، فهي كتب مفيدة مختصرة في العقيدة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، يسأل عن الكتب التي تشتمل على الأحاديث الصحيحة شيخ عبد العزيز؟
الشيخ: ذكرنا عمدة الحديث كلها من الصحيحين من البخاري ومسلم سوى أفراد قليلة من أحدهما، فالعمدة للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي هي في الحقيقة كتاب مفيد جداً، سماها العمدة لما فيها من الأحاديث الصحيحة، فإذا حفظها طالب العلم أو حفظتها طالبة العلم فذلك مناسب جداً وإن تيسر مع هذا حفظ بلوغ المرام فهو كتاب أوسع ومحرر وفيه علم جم، وفيه أحاديث يسيرة ضعيفة قد بينها المؤلف رحمه الله.
الجواب: قد أحسنت فيما فعلت؛ لأنك حاولت صلة الرحم، فقد أحسنت جزاك الله خيراً، ونوصيك بالمحاولة والحرص على صلة الرحم مع ابن عمك وبني عمك وعمك إن كان موجوداً ولو كرهوا ذلك، فأنت تفعل ما تستطيع من السلام عليهم وزيارتهم إذا مرضوا، والدعاء لهم بالخير والهداية ومواساة فقيرهم وأنت على خير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري في الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل قال: (يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت لكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
فأنت يا أخي على خير، احرص على الصلة والإحسان مهما استطعت وإذا لم تنجح فالإثم عليهم وأنت لك أجر والإثم على من امتنع وأنت لك أجر في المحاولة وتوسيط من ترى من الأخيار والمشورة على أهلك وعلى أهل عمك بترك الشحناء فالمال أمره سهل والدنيا أمرها كلها سهل، فينبغي للمؤمن أن يتحرى ما يرضي الله ويقرب لديه، وأن يدع الشحناء والقطيعة والمال الذي فات يخلفه الله بأفضل منه، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [القصص:60]، هذا الذي ينبغي لك ولغيرك من المسلمين مع قراباتهم، والله المستعان.
الجواب: يعفى عنك إن شاء الله، ما دامت واحدة يعفى عنها إن شاء الله وليس عليكم شيء، قد ورد عن بعض الصحابة ما يدل على ذلك وأنهم قد يشكون في سقوط الحجر والحجرين فلا يفدون عن ذلك، المقصود أن هذا لا يضرك إن شاء الله، لو أمكنك أنك أخذت حجراً من تحتك ورميت كان هذا هو الأفضل والأحوط، ولكن مادام الأمر كما قلت فلا شيء عليك والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: إن شاء الله، نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر