مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين.
فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع إياد محمد سالم عبد الله من اليمن الجنوبي، رسالته بدأها بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: الحمد لله الذي وعد فوفى وأوعد فعفا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الشرفاء ومسود الخلفاء وعلى آله وصحبه أهل الكرم والوفاء، وبعد: فإننا نرسل إليكم هذه الرسالة حتى نستفيد منكم في الإجابة على أمور ديننا ودنيانا, ونريد منكم الإجابة بالصورة المطلوبة، السؤال الأول: إذا صلى اثنان جماعة فيكون المأموم من جهة يمين الإمام, جاء رجل آخر وهم في الركوع هل يحرم بجانب المأموم، فإذا أحرم فلا يستطيع أن يركع, لكن وجهونا ماذا يعمل جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجلين إذا صليا جميعاً فإن الإمام يجعل المأموم عن يمينه ويصلي به, فإذا جاء آخر فإنهما يتأخران ويكونان خلفه، هذا هو السنة ولا يقف لا عن يمين المأموم ولا عن يسار الإمام بل يتأخران, وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن (كان يصلي وحده فجاء
الجواب: إذا جاء المأموم والإمام في الركوع الثاني في صلاة الكسوف فإنه يكبر معهم ويصلي معهم, ولكن لا يحتسب الركعة؛ لأن العمدة على الركوع الأول, فعليه أن يقضيها.. يقضي ما فاته يقضي الركعة الأولى بركوعيها وسجدتيها, ويكون الركوع الثاني إذا أدركه له نافلة وفائدة, لكنه عند القضاء يقضي الركعة الأولى بركوعيها وسجدتيها.
الجواب: الولي علمه عند الله عز وجل, والمؤمنون كلهم أولياء الله, وما يظنه بعض الخرافيين بأن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان من بعض الخرافات وخرق العادات ونحو ذلك فهذا ليس بصحيح, فكثير من الأولياء لا يجري على أيديهم خرق للعادات, فأولياء الله هم أهل الإيمان وإن لم توجد لهم كرامات خاصة، قال الله جل وعلا: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]، قال سبحانه: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]، فالمؤمن ولي لله سواء كان عربياً أو أعجمياً.. ذكراً أو أنثى.. عالماً أو غير عالم, فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد أو في بيوتهم، التزاور بين المؤمنين سنة, قربة وطاعة، جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين في والمتجالسين في والمتحابين في والمتباذلين في)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (يقول الله جل وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته أو في المسجد, وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة كأن تزور أخاها أو عمها أو خالها أو قريباً لها أو جاراً لها مريضاً تعوده أو تسأله عن علم مع التحجب ومع عدم الخلوة لا بأس بذلك، فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون, وتزوره أخته المؤمنة على وجه شرعي ليس فيه ريبة ولا فتنة مع التستر والحجاب وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة المريض أو سؤال أهل العلم أو غير هذا من المقاصد الشرعية، أما أن يذبح له من دون الله أو يدعى من دون الله لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون هذا باطل هذا من الشرك الأكبر سواء كان حياً أو ميتاً، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه أو أنهم يعلمون الغيب أو أنهم يتصرفون في الكون هذا شرك أكبر حتى ولو ما تقرب لهم، هذا الاعتقاد نفسه شركاً أكبر نسأل الله العافية، فإذا ذبح لهم إبلاً أو بقراً أو غنماً أو دجاجاً أو غير ذلك هذا شرك أكبر أيضاً, وإذا استغاث بهم وقال: يا سيدي فلان المدد أو اشفع لي أو اقض حاجتي أو أغثني, يقولها عند قبره أو بعيداً عنه كل هذا من الشرك الأكبر, أما إذا كان يقوله لحي حاضر قادر, يقول: ساعدني على كذا.. اشفع لي عند فلان أو ساعدني على قضاء ديني أو ساعدني على كف شر فلان بن فلان حتى يشفع له حتى يتصل به ويقول له: دع فلان, لا تؤذ فلان، هذه أمور عادية لا بأس كما قال الله جل وعلا في قصة موسى : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]، فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفد أو العون أو المساعدة بالمشافهة أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو من طريق البرق برقية أو ما أشبهه لا بأس بهذا، أما أن يدعوه من دون الله يعتقد أنه ولي لله وأنه يتصرف في الكون يدعوه من بعيد أو يدعوه عند قبره أو يقدم له ذبائح أو يستغيث به أو ينذر له وهو ميت أو غائب هذا شرك أكبر, فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم, أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس فيما بينهم كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان! أقرضني كذا أو ساعدني على كذا أو عاوني في إصلاح سيارتي أو في بناء بيتي وهو حاضر يسمع كلامك أو من طريق المكاتبة أو من طريق الهاتف يعني التلفون أو من طريق البرق إلى البرق أو من طريق حسي, وطريق أخرى تكلمه منه هذا كله لا بأس به؛ لأنها أمور عادية وقد جرى للناس الآن اتصالات هاتفية واتصالات رسمية كانت لم تكن قبل ذلك وقد وقعت الآن, فإذا كان الاتصال بالشيء الحسي المعروف سواء سمي هاتفاً أو سمي باسم آخر تلكس أو غير ذلك كل ذلك من الأمور الحسية فيما يقدر عليه الإنسان, أما أن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون أو أنه يعلم الغيب فهذا كفر وشرك أكبر, أو يتقرب لقبر.. للميت يتقرب إليه بالذبائح أو يستغيث به أو ينذر له أو يذبح له قرابين كل هذا شرك أكبر, فيجب التفريق بين ما جاز شرعاً وما حرم الله شرعاً، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: يستحب أن يكون هناك أذان أول للصبح حتى ينتبه الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أذان بلال قبل الصبح: (ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم)، للتنبيه أن الصبح قريب, أما الأذان الواجب فهو بعد الصبح هذا فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، إذا طلع الفجر يؤذن حتى يعلم الناس طلوع الفجر وحتى يحضروا لصلاة الجماعة في المساجد، والذي يؤذي من يؤذن الأول هذا له حالان: إحداهما: أن يكون الأذى يمكن تلافيه بعد فراغ الأذان, فهذا لا يقطع يكمل أذانه ولا بأس يشتكيهم وإلا..، أما إذا كانوا يؤذونه في الأذان وربما ناله الحجر وربما أصابوه فله أن يقطع الأذان ويدافع عن نفسه ولا حرج في ذلك.
الجواب: الأفضل أن يكون قريب, جاء في بعض الروايات أنه (ليس بينهما إلا أن يصعد هذا وينزل هذا), يعني قريب.
المقدم: قريب جداً.
الشيخ: يكون الأذان قبل نصف ساعة أو ما يشبه ذلك حتى ينتبه الناس أن الوقت قريب والذي في الصلاة حتى يبادر بالإيتار ونحو ذلك. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرا، أما الأذان في منتصف الليل أو في الواحدة ليلاً؟
الشيخ: ما ينبغي, لا يكون قريب من الفجر.
المقدم: يكون قريباً من الفجر.
الشيخ: حتى تحصل الفائدة من التنبيه.
الجواب: لا حاجة إلى هذا, إنما المشروع الأذان في آخر الليل فقط, أما أن يقرأ هذا قد يشق على الناس وقد يوقظ النوام فلا ينبغي هذا, ولكن يؤذن الأذان الشرعي قبل الصبح بقليل للتنبيه إذا دعت الحاجة إلى ذلك, وإن ترك الأذان الأول فلا بأس ما هو لازم, إنما المهم الأذان الأخير على طلوع الفجر، هذا هو المهم هذا هو الفرض فرض كفاية، وأما أنه ينبه الناس بالقراءة بالمكبرات بدلاً من الأذان أو قبل الأذان هذا غير مشروع, إنما يقرأ بينه وبين نفسه في المسجد أو في البيت من دون أن يقرأ في المكبر؛ لأن هذا قد يشق على الناس ولم يفعله سلف الأمة.
الجواب: لا ينبغي هذا, في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء, وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على الناس في المسجد وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم فقال: (كلكم يناجي الله, فلا يؤذي بعضكم بعضاً),فلا يجهر بعضكم على بعض, فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء.
المقدم: جزاكم الله خيراً, وهذا في الجمعة وفي غيرها؟
الشيخ: في الجمعة وغيرها.
الجواب: كل هذا بدعة, لا يؤذن في القبر ولا يقنت قنوت الدعاء المعروف, ولكن يدعى له دعاء الدعاء العادي، إذا فرغوا من الدفن يسألوا الله له التثبيت والمغفرة, أما القنوت مثل قنوت الصلاة لا، ولكن كل واحد يدعو لأخيه، (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم, واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)، فيقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته على الحق، ولا يقنت قنوت الصلاة.
الجواب: لا مانع من أن يصلى معه وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة إذا كان يؤدي قراءة مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة لا بأس وإن كان غيره أجود منه، إذا كانت قراءته ليس فيها لحن من يحيل المعنى فلا بأس أن يصلى معه, وإذا تيسر من هو خير منه وتيسر أن يعين بدلاً منه فهذا أحسن من دون تشويش ,أما إذا كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة يلحن لحناً يحيل المعنى فهذا لا يجوز نصبه ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءة، بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه فالذي مثلاً يقول: (أهدنا الصراط المستقيم) أهدنا من الإهداء, هذا لحن يحيل المعنى أو يقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) أو يقول: في أنعمت أو أنعمت هذه كلها لحن يحيل المعنى نسأل الله السلامة فلا, مثل هذا ما يترك إماماً ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ ولو كان مأموماً يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية, لكن لا يجوز أن يكون إماماً في مثل هذا بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه يعني.
الجواب: المسافر يقصر أربعة أيام على الصحيح الذي قاله جمهور أهل العلم إذا كان أراد أربعة أيام فأقل، يعني: أراد الإقامة جازماً بها أربعة أيام فأقل في أي محل في سفره، مثلاً سافر العراق لحاجة وعزم أن يقيم في العراق في بغداد أو في البصرة أو نحوهما أربعة أيام أو أقل له أن يقصر أن يصلي الرباعية ثنتين: الظهر ثنتين.. العصر ثنتين.. العشاء ثنتين, أما إن كانت النية أكثر من ذلك, قد عزم أن يقيم خمسة أيام أو عشرة أيام هذا يصلي أربعاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعة أيام يقصر في حجة الوداع في مكة, قدمها في الرابع من ذي الحجة وتوجه إلى منى في الثامن, وصارت إقامته أربعة أيام وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت إقامته مثلما قام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فإنه يقصر, أما إذا أقام إقامة طويلة خمسة أيام, يعني: أكثر من أربعة أيام، فهذا إذا عزم عليها يصلي أربعاً, وهكذا ما يكون في الإقامات العارضة في الطريق وهو مسافر يقصر يوم.. يومين.. ثلاثة في الطريق كلما أقام يقصر يصلي ثنتين. أما الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فالأفضل تركه إذا كان مقيماً, أما إذا كان في حاجة إلى الجمع يجمع والحمد لله، أو كانت الإقامة يسيرة نزل في محل إقامة يسيرة ثم ارتحل بعد زوال الشمس يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم, أو ارتحل قبل غروب الشمس فإنه يؤخر المغرب مع العشاء جمع تأخير, أو ارتحل قبل الزوال يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير؛ لأنه أرفق به ولا بأس في ذلك.
الجواب: عليك كفارة يمين فقط والحمد لله، كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم عشرة عدد أصابعك, تعطي كل واحد نصف صاع من صاع النبي صلى الله عليه وسلم من قوت البلد من تمر أو أرز أو بر أو شعير أو زبيب أو نحو ذلك, وإن أعطيتهم وإن كسوتهم كسوة كل واحد له قميص أو إزار ورداء كفى, وإن عشيتهم أو غديتهم في بيتك كفى عشرة والحمد لله، ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً وهو يقرب من نصف الصاع.
الجواب: الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة أو في غيرها بدعة لا أصل له حتى في غير الصلاة, كونهم يدعون دعاء جماعياً ما له أصل, إنما الإنسان يدعو لنفسه أو يدعو ويؤمن إخوانه كالقنوت, يدعو الإمام ويؤمن المأمومون, أما يدعون بصوت واحد جماعياً هذا لا أصل له ولا سيما عقب الصلاة, كل هذا بدعة, فالإنسان يدعو لنفسه بينه وبين ربه في آخر الصلاة قبل أن يسلم أو بعد السلام بينه وبين ربه يدعو من دون رفع اليدين لا بأس بهذا بينه وبين نفسه، أما أن يدعو الإمام ويرفع يديه وهم يرفعون أيدهم معه ويدعون هذا لا أصل له وليس من الشرع, وهكذا رفع الصوت بالدعاء جماعياً بصوت واحد كل هذا لا أصل له, لا في المسجد ولا في غير المسجد.
الجواب: البدع ليس فيها حسنة ,كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (وكل بدعة ضلالة)، هذا كلام عظيم وقاعدة كلية عظيمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم, والبدعة هي التي يحدثها الناس في الدين, عبادات ما شرعها الله يقال لها: بدعة, مثل إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة من رفع اليدين بين السجدتين أو في آخر الصلاة أو بعد السلام من الفريضة، هذه بدعة ما شرعها الله جل وعلا, مثل إحداث الاحتفالات بالموالد, هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل إحداث البناء على القبور اتخاذ المساجد عليها هذه من البدع أيضا وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس, والقاعدة أن كل ما أحدثه الناس في الدين وسموه طاعة وقربة وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة.
أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة وليس كذلك فهذا ليس من البدع، مثل المساجد بالأسمنت هذا شيء جديد ولا يسمى بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد سواء كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالأسمنت كله ما يسمى بدعة، ومثل المدارس المبنية والربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة.. من جهة أنها لم تكن سابقة غير موجودة ,لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بما ينفع الناس, أمر بالتعليم وأمر بتعمير المساجد, فإذا عمر الناس مسجداً بالأسمنت أو عمر الناس مدرسة أو رباطاً للفقراء أو للمهاجرين أو للغرباء فلا بأس ,كل هذا ما يسمى بدعة سيئة, هذه من الأمور الشرعية؛ لأنه نفع المسلمين والإحسان إليهم امتثالاً لأمر الله عز وجل في الأمر بنفع المسلمين والإحسان إلى الفقراء وتعليم الجاهل سواء كان يعلم في المسجد أو يعلم في المدرسة ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم ,وإن سميت بدعة من حيث اللغة كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح: نعمت البدعة, يعني: من حيث اللغة؛ لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة, فسماها بدعة من حيث اللغة ؛لأنها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون أوزاعاً كل جماعة وحدهم، صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم تركهم وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل)، أو قال: (إني أخاف أن تفرض صلاة الليل)، فترك ذلك خوفاً على الأمة من أن يفرض عليهم صلاة الليل، فلما كان في زمن عمر جمع الناس على إمام واحد يصلي بهم التراويح وقال: نعمت البدعة, يعني: من حيث اللغة وإلا فهي سنة, التراويح سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيها عليه الصلاة والسلام، فهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس كالتعليم وهكذا ما يسمى بالمعاهد وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء أو خلوات أو على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس وليس من البدع بل هو من باب التعاون على البر والتقوى, ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم وليس هذا من باب البدع.
أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل من بعده لا ينقص من أجورهم شيئا)، فهذا معناه: إظهار السنن, يعني: إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس, فالذي يظهرها للناس ويسنها للناس له أجر عظيم؛ لأنه أحيا السنن وليس معناه أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله؛ لأن الله ذم من فعل ذلك وقال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فالإحداث منكر ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفائها وعند جهل الناس بها، هذه هي السنة في الإسلام وهو معنى (من سن في الإسلام ..)، ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرض على الصدقة وحث الناس على الصدقة جاء إنسان بصرة في يده كادت كفه تعجز عنها فقدمها, فلما رأوه الناس تتابعوا وجاءوا بالصدقات فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة..)، يعني أظهر الصدقة وجاء بالمال فتتابع الناس واقتدوا به في ذلك.
الجواب: أمور الدنيا ما فيها بدع وإن سميت بدعاً، اختراع الناس السيارات أو الطائرات أو الحاسب الآلي أو شبه ذلك مما اخترعه الناس أو الهاتف أو البرقية، كل ذلك ما يسمى بدعاً وإن سمي بدعاً من حيث اللغة فهو غير داخل في بدع الدين؛ لأن البدعة في اللغة في الشيء الذي لم يكن له مثال سابق اخترع يسمى في اللغة بدعة مثل بديع السماوات يعني مخترعهم سبحانه وتعالى، فهذا في اللغة يطلق على ما كان ليس له مثال سابق، وإذا كان في الدنيا ما يسمى بدعة، ما يذم يعني وإن سمي بدعة من حيث اللغة لكن ما ينكر؛ لأنه ليس في الدين ليس في العبادات ,فإذا سمي مثلاً اختراع السيارة أو الحاسب الآلي أو الطائرة أو ما أشبه ذلك سمي بدعة فهذا من حيث اللغة وليس بمنكر ولا ينكر على الناس, وإنما ينكر من الناس ما أحدثوه في الدين من صلوات مبتدعة أو عبادات أخرى مبتدعة, هذا هو الذي ينكر في الدين؛لأن الشرع يجب أن ينزه عن البدع ,فالشرع ما شرع الله ورسوله لا ما أحدثه الناس في دين الله من صلاة أو صيام أو غير ذلك مما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى.
الجواب: من العهد الأول, فهي قديمة الوجود من القرن الأول نسأل الله السلامة. نعم.
المقدم: الأمل في استئصالها سماحة الشيخ كيف يكون بأي وسيلة؟
الشيخ: ليس لها طريق إلا الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير وقوة ولاة الأمور في إنكارها وتعزير من يفعلها, فإذا قوي السلطان والوازع السلطاني في بلد وبين العلماء حقيقة البدع في الغالب أنها تنتهي في البلد تزول وإن بقيت في بلاد أخرى أو في دولة أخرى, فعلى حسب قوة السلطان وقوة الوازع وبيان أهل العلم تقل البدع، وإذا قل أهل العلم أو قل الوازع السلطاني كثرت الخرافات والبدع في البلاد والمناطق, وكلما زادت الجهالة وزاد الخرافيون في البلد وقل الوازع السلطاني وقل العلماء تكثر البدع وتنتشر، فإذا وجد العلماء أهل البصيرة في الدين ووجد الوازع السلطاني في إنكار البدع قلت البدع حتى تزول من البلد.
المقدم: جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين, وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى, وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر