مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العراقية، باعثتها إحدى المستمعات من هناك تقول الحاجة أم محمد ، أم محمد تقول في رسالتها: إنني أم لعدة أولاد، وبعضهم متزوج ورب عائلة, وأولادي متدينون؛ يقيمون الصلاة والصيام ويحافظون على أمور دينهم.
الشيخ: الحمد لله.
المقدم: ولكنهم مغرمون جداً بتربية الطيور في البيت، ويصرفون من أموالهم ووقتهم على العناية بها، وملاحظة تحليقها في الجو لساعة من النهار أو أكثر، وأخشى أن تكون هذه مخالفة للشرع، وجهونا وأفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلقد سرني كثيراً ما ذكرت من استقامتهم ومحافظتهم على دينهم فالحمد لله.
أما تربية الطيور فلا حرج فيها, ولا بأس بها إذا كانت لا تؤذي أحداً من الناس لا من الجيران ولا غيرهم، فإذا كانت طيوراً مباحة ولا تؤذي أحداً من الناس فلا بأس بتربيتها, ولا بأس بالنظر إليها حين طيرانها، كل ذلك لا حرج فيه إذا كانت لا تؤذي أحداً، أما إن كانت تؤذي فعليهم تقصيصها حتى لا تؤذي الجيران، ولا حرج في ذلك.
الجواب: الإحرام صحيح، والعمرة صحيحة, ولكنها ناقصة؛ لأنكم تركتم الواجب وهو الإحرام من الميقات, فعليكم دم ذبيحة واحدة عن كل واحد منكما تذبح في مكة للفقراء كالضحية، يعني: ذبيحة تجزي في الأضحية جذع ضأن أو ثني معز أو سبع بدنة أو سبع بقرة، عن ترك الميقات, أما العمرة فهي صحيحة والحمد لله, والإحرام صحيح لكن فيها نقص, عمرة ناقصة؛ بسبب الإخلال بالواجب وهو الإحرام من الميقات, تقبل الله من الجميع.
الجواب: الحديث في صحته نظر، وفي متنه غرابة وليس في مسلم ولكنه في أبي داود , وفي صحته نظر، ولو صح فهو محمول على ما كان قبل النسخ, فإنه كان الذهب محرماً على النساء ثم أبيح للنساء, وأبيح لهن الحرير, وحرم على الرجال فقال صلى الله عليه وسلم: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي, و حرم على ذكورها)، فالصواب أن جميع أنواع الذهب من المحلق وغير المحلق كالأسورة والخواتم وأشباه ذلك مباحة كالقلائد وغيرها، هذا هو الصواب وهو الذي عليه عامة العلماء، وحكاه جمع من أهل العلم إجماع أهل العلم, أن الذهب بأنواعه من محلق وغيره كله حل للنساء وهذا هو الصواب، ومن قال بتحريمه فقد غلط.
الجواب: نعم الفائدة المصرفية ربا, فإذا اقترض مائة بمائة وخمسة أو بمائة وسبعة أو أكثر أو أقل فهذا ربا، وهكذا ما هو أكثر من ذلك، ولا يجوز تسليم هذه الفائدة بل على الفاعل التوبة والرجوع إلى الله والإنابة والندم وعدم العودة، وليس للمقرض إلا رأس ماله كما قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، ولا يجوز تعاطي هذه المعاملة.
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس الذين يفعلونها مع كثرتهم, فإن الحق أحق بالاتباع والله يقول سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، والفضة بالفضة يداً بيد مثلاً بمثل سواء بسواء)، الحديث.
وهذه المعاملات وهذه العمل الجديدة من الدولارات والدنانير و غيرها من العمل الورقية كلها لها حكم الذهب والفضة, فلا يجوز أن يباع بعضها ببعضٍ مفاضلةً, وهي من جنس واحد ولا نسيئة, بل لا بد أن يكون ذلك يداً بيداً مع التماثل إن كانت من جنس واحد كالدينار بالدينار والدولار بالدولار، أما إن كانت من أجناس كأن يبيع دولاراً بدراهم سعودية أو بدنانير أردنية أو عراقية أو شبه ذلك فلا بأس، لكن يداً بيد بالتقابض, وأما دينار بدينارين أو دولار بدولارين أو مائة دولار بمائة وخمسة أو مائة ريال سعودي بمائة وخمسة؛ لأجل الفائدة هذا ما يجوز,هذا هو الربا, هذا عين الربا, نسأل الله السلامة.
الجواب: كل هذا غلط، هذا من كيسهم, ليس له وجه، الرسول صلى الله عليه وسلم حرم ذلك مطلقا سواء كان القرض للاستثمار أو للاستهلاك لحاجته, كله محرم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين هذا وهذا عليه الصلاة والسلام،بل عمم وأطلق، فدل ذلك على أنه لا يجوز مطلقاً سواء كان القصد من ذلك الاستهلاك أم كان القصد الاستثمار والمتاجرة.
الجواب: ليس عليك بأس وأنت مجتهد ولا حرج عليك، وهذه أسباب؛ الذهاب إلى المستشفى وإلى الكاوي كل هذه أسباب, والنبي عليه السلام قال: (الشفاء في ثلاث: كية نار أو شرطة محجم أو شربة عسل, وما أحب أن أكتوي), وفي اللفظ الآخر: (وأنا أنهى أمتي عن الكي)، فالكي يعتبر آخر الطب عند الحاجة إليه, وأنت فعلته عند الحاجة, فإذا كان الكاوي ممن قد جرب في معرفة الكي وأنه يكوي المرضى، ويجتهد، لا بأس عليك في ذلك والحمد لله، وبكل حال فأنت مجتهد ولا شيء عليك.
الجواب: ما دمت ما قصدت الطلاق فلا شيء عليك، الأعمال بالنيات, وهذه اللفظة من جنس ألفاظ الكنى فلا يقع بها شيء، ما دمت لم تقصد الطلاق.
الجواب: إذا كنت في الطريق صل صلاة المسافر ركعتين الظهر والعصر والعشاء, وإذا نزلت في الإمارات أو في غيرها وأنت تقصد الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تصلي أربعاً ما دمت مقيماً في الإمارات أو غيرها، أما إذا كنت مقيماً في الإمارات إقامة غير معينة, لا تدري متى ترجع, لك حاجات لا تدري متى تنتهي، ولم تعزم على أربع ولا أكثر ولا أقل, فإنك تصلي ثنتين إذا صليت وحدك, وإن صليت مع المقيمين صليت أربعا, فإذا كنت وحدك فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المساجد ولا تصل وحدك, بل تصلي معهم أربعاً, فإن صليت وحدك صليت ثنتين إذا كنت لم تقصد الإقامة إلا أربعة أيام فأقل, أو كنت ما تقصد إقامة معينة, لا تدري ما عندك يقين: هل تقيم أربعاً أو ثلاثاً أو عشراً أو أكثر أو أقل، إذا كان ليس عندك نية معلومة فإنك تصلي ثنتين إلا إذا صليت مع الحضر.. مع المقيمين فإنك تصلي أربعاً، وعرفت أنه يجب عليك أن تصلي معهم إذا كنت واحداً؛ لأن الجماعة واجبة, فالواجب عليك أن تصلي معهم وتكمل أربعا؛ لأن المأموم يتبع الإمام في ذلك، هكذا جاءت السنة أنه إذا صلى المسافر مع المقيمين فإنه يصلي معهم أربعا كما ثبت هذا في صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن هذا فقال: هو السنة.
الجواب: لا حرج أن يكتب الإنسان في إناء نظيف أو ورق نظيف يكتب بعض الآيات مثل آية الكرسي وسورة الفاتحة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين وما تيسر من القرآن، ثم يكتبها بالزعفران ثم يغسله, ويشرب ذلك لا بأس, أو يقرأ في الماء ثم يشرب ذلك فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء لـثابت بن قيس بن شماس , ونص أهل العلم كـابن القيم وغيره أنه لا بأس بالكتابة في الإناء النظيف، أو في الأوراق النظيفة يكتب بالزعفران ثم يعصره ويشربه، لا حرج في ذلك إن شاء الله.
الجواب: لا أصل لهذا، هذا كلام العامة لا أصل له, ولكن المشروع للمؤمن إذا عطس أن يقول: الحمد لله، ومن سمعه يقول له: يرحمك الله، وهو يقول: يهديكم الله ويصلح بالك، هذا السنة, إذا عطس يقول: الحمد لله أو الحمد لله رب العالمين أو الحمد لله على كل حال, ومن سمعه يقول: يرحمك الله، هذا السنة, وهو يقول لمن قال: يرحمك الله, يقول له: يهديكم الله ويصلح بالك ، هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الجواب: العقل والنفس شيء واحد؛ لأن العقل إنما يفكر وينظر ويتأمل بواسطة النفس الروح فإذا ذهبت الروح بطل كل شيء، فإذا كانت الروح فيه فكر بها بنفسه لما هو يروحه, يفكر بما أعطاه الله من العقل والتمييز في الصالح والضار.. في الطيب والخبيث, هكذا فهو يفكر بما أعطاه الله من العقل بواسطة الروح التي هي نفسه وحياته، فما زالت الروح موجودة أمكنه التفكير والنظر والإعداد لما يريد والعزم على ما يريد, فإذا ذهبت الروح بطل التفكير.
الجواب: هذا يا ابنتي من الشيطان, فعليك أن تتعوذي بالله من الشيطان, وأن تعتمدي على الله سبحانه وتعالى, وأن تحسني الظن به جل وعلا فإذا خطبك من ترضين دينه وخلقه ومدح لك في دينه وأخلاقه بواسطة الثقات العارفين به, فاستعيني بالله وتزوجي, ودعي عنك هذه الوساوس وهذه الأفكار الرديئة فإنها من الشيطان من عدو الله يثبطك بذلك حتى تبقي في تعب ومشقة وحرمان من الزواج والذرية, والشيطان يحب كل شر للإنسان ويدعوه إلى كل شر, هو يسره أن تبقي عانسة لا زوج لك, وربما عرضك بعد هذا لما حرم الله عز وجل، فالواجب عليك تقوى الله والمبادرة إلى الزواج إذا جاء الكفء وترك هذه الوساوس وهذه الكراهة وهذه البغضاء وهذا التحرج, كل هذا من الشيطان عدو الله, ودعي عنك الوساوس فإنه المأمون لك في هذا كله من الشيطان, لن يعمل لك شيء ولكنه الشيطان يثبطك, ويسعى في منعك من الزواج؛ لأنه يحب أن كل إنسان لا يتزوج وأن يبقى في الفساد والتعب والمشقة، نسأل الله السلامة.
الجواب: السنة يا أخي أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس ولو أن الإمام يخطب؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا جاء أحد المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين, وليتجوز فيهما)، يعني: يخففهما تخفيفاً لا يمنع الطمأنينة, هكذا أمر عليه الصلاة والسلام, أمر الداخل والإمام يخطب أنه يصلي ركعتين لكن لا يطول فيهما حتى يفعل السنة ويتمكن من سماع الخطبة.
الجواب: إذا كان يستعمل الماء في الغسل ولا يضره الماء في الغسل فمن باب أولى ألا يضره في الوضوء؛ لأن الوضوء أقل ماءً وأقل كلفة, فالواجب عليه أن يصلي بالماء، وأن يتوضأ, فإذا كان لا يضره الغسل فإنه لا يضره الوضوء, فالواجب عليه أن يتوضأ وأن يعصي هذا الطبيب الذي قال له؛ إذا كان جرب الماء ولم يضره, وليس له التيمم, ثم التيمم بالحجر لا ينفع, الواجب التيمم بالتراب.. بصعيد الأرض لا بالحجر, مادام يريد التراب فإنه يضرب التراب, يضرب وجه الأرض, ويتيمم منها إذا عجز عن الماء لمرض يضره معه الماء أو لأنه في سفر لا يجد الماء.
والواجب على المؤمن أن يترك الشبهات والوساوس التي لا وجه لها، وليس كل طبيب يطاع قوله, إنما يطاع قول الطبيب الأمين العارف الذي أرشدك إلى ما ينفعك وحذرك مما يضرك فلا بأس, وما دمت أيها المريض استعملت الماء في الغسل وهو لا يضرك فمن باب أولى ألا يضرك الوضوء.
الجواب: الواجب عليك حسن الظن بالله والمبادرة إلى التوبة والتصميم عليها ولزومها والحذر من العودة إلى الذنب والاستعانة بالله في ذلك والصدق مع الله وأبشر بالخير وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، والتوبة الصادقة تمحو الذنب, وإذا عدت إليه بعد توبة صادقة ما ضرك الأول, إنما يضرك الثاني حتى تتوب منه وهكذا, فإذا كنت صادقاً في التوبة الأولى والثانية والثالثة لم يضرك ما فعلته قبل ذلك؛ لأن التوبة يمحو الله بها الذنوب, الذي يخشى منه أن تكون توبتك غير صادقة وأن تكون أماني, أما إذا كانت التوبة صادقة جازمة قد ندمت على الماضي, وعزمت أن لا تعود, وأقلعت من ذلك فإنها يمحو الله بها الذنب الماضي، وعليك الصدق في التوبة الأخيرة والعزم الصادق وأن لا تعود إلى ما حرم الله عليك وأن تستعين بالله, وتحسن به الظن وترجو رحمته جل وعلا, وأن تبتعد عن صحبة الأشرار الذين قد يعينونك على المعصية, وعليك بصحبة الأخيار ولزومهم؛ فإنهم يعينون على الخير, ومن استعان بالله أعانه الله, ومن صدق مع الله يسر الله أمره, فاصدق مع الله واجتهد وسل ربك العون والزم التوبة, وحاذر صحبة الأشرار, وأبشر بالخير, يسر الله أمرك ووفقنا وإياك.
الجواب: العلماء لهم في هذا قولان: أحدهما أنه من الملائكة, من طائفة يقال لهم: الجن, من الملائكة, فلهذا شمله الأمر, وحكم الله عليه بالبعد واللعنة؛ لأنه عصى الأمر.
والأمر الثاني: أنه كان معهم, يتعبد معهم وأنه خوطب معهم وأمر معهم بأن يسجد؛ لأنه كان معهم, وقد صحبهم في العبادة, فلهذا ورد عليه الأمر معهم, فعصى فعاقبه الله باللعنة والطرد؛ بسبب عصيانه للأوامر الموجهة إليه, وإن كان ليس منهم عنصراً فهو منهم في العمل, وقد وجه إليه الخطاب والأمر معهم, فعصى واستكبر, فلهذا أصابته العقوبة وحلت عليه اللعنة إما لكونه منهم وهم طائفة يقال لهم: الجن, أو لأنه صار معهم وتلبس بأعمالهم وصحبهم في أعمالهم, وصدر الأمر إليه وإليهم جميعاً، فلما وجه إليه الأمر معهم صار مستحقاً للعنة بعصيانه واستكباره, وهذا أمر واضح, والقولان مشهوران للعلماء؛ أحدهما أنه منهم فلا إشكال في ذلك، والثاني أنه أبو الجن أو جن معروفين من الثقل الثاني وهو كـآدم للإنس, ولكنه صار مع الملائكة حين الأمر ووجه إليه الأمر معهم وصار مأموراً كما أنهم مأمورون, فلهذا استحق اللعنة والطرد باستكباره وعصيانه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين, وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى, وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر