المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
فضيلة الشيخ عبد العزيز ! لدينا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المستمعين لعلنا نتمكن من عرض خمس أو ست رسائل منها، ونبدأ برسائل المستمع عدنان كريم من بغداد في العراق، وعبد الله حسين بن علي من الطائف الشرقية، وناجي مصلح عبد الله من دولة البحرين، وعبد بن حمد من خميس مشيط، وزوجة طبيب مسلم.
====السؤال: نبدأ برسالة عدنان كريم من بغداد يقول: إذا كفر أحد الأشخاص بالله والرسول، فهل يحرم على الشخص أن يقول له: استغفر الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
من كفر فإن الواجب على من حوله من المسلمين أن ينصحه، وأن يوبخه على ما فعل، ويبين له سوء عمله، ويأمره بأن يستدرك أمره ويتوب إلى الله مما فعل، وهذا هو المشروع هذا هو الواجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ..)الحديث؛ ولأن هذا من الدعوة إلى الله، ومن النصيحة لعباد الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، وأعظم الخير الدلالة على الإسلام والدعوة إلى التوبة من الردة هذا أعظم الخير، وقال عليه الصلاة والسلام لـعلي رضي الله عنه: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم)، كونه ينصحه ويوجهه ويقول له: استغفر الله تب إلى الله؛ هذه جريمة عظيمة هذا منكر عظيم هذا كفر وضلال، لعله يرجع فيتوب، هذا خير عظيم وعمل صالح.
السؤال: هذا رسالة وردتنا من
عبد الله حسين بن علي من الطائف من الشرقية شارع عكاظ يقول فيه: لدي سؤال وهو كما يلي: أفيدكم أنني رضعت على ابنة عمي أكثر من الرضاعة الشرعية بكثير جداً فأصبحت أخاً لها بالرضاع، والسؤال هو: هل يجوز لي أن أتزوج من إحدى أخواتها؟ وهل يجوز لأخي أيضاً أن يتزوج من إحدى أخواتها، علماً بأن لأختي هذه -من الرضاعة يعني- أختان في سن الزواج؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: إذا كنت رضعت أيها السائل من أمها أو معها من امرأة أخرى رضاعاً كثيراً خمس مرات فأكثر، فإنها تحرم عليك وحدك تكون أخاً لها، ولا تحرم على إخوانك؛ لأن إخوتك ما رضعوا من أمها، ولا ارتضعوا من امرأة ارتضعت منها؛ فيكونوا أجانب ولا حرج عليهم في نكاحها ونكاح أخواتها.
أما أنت فلا، إذا كنت رضعت من أمها أو من امرأة غير أمها أرضعتكما جميعاً أنت وإياها؛ فإنك تكون أخاً لها إذا كان الرضاع خمس رضعات وكان في الحولين، وأما إخوتك فلا لا بأس عليهم أن ينكحوها أو ينكحوا أخواتها.
وهكذا أنت إذا كنت رضعت معها من امرأة أخرى؛ فلك أن تنكح من شئت من أخواتها، أما إذا كنت رضعت من أمها؛ فإنك تكون أخاً لها ولأخواتها جميعاً من أمها وأبيها، إذا كنت رضعت من أمها من لبن أبيها؛ صارت أخواتها أخوات لك من أبيها وأمها جميعاً دون إخوتك.
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من
ناجي مصلح عبد الله من دولة البحرين، يقول فيها: ما حكم من دخل المسجد بعد طلوع الفجر هل يصلي سنة تحية المسجد أو يكتفي بسنة الفجر وفقكم الله؟
الجواب: الأفضل يكتفي بسنة الفجر وتقوم مقام التحية، كما أن الفريضة تقوم مقام التحية لو جاء وقد أقيمت الصلاة صلى معهم وصارت الفريضة قائمة مقام تحية المسجد.
المشروع أنه لا يجلس إلا بعد صلاة، فإذا صلى سنة الفجر كفت، وإن جاء والصلاة تقام كفته الفريضة عن تحية المسجد، فإن صلاهما صلى التحية ثم سنة الفجر فلا حرج، لكن ترك هذا أولى، الأولى والأفضل أنه يصلي سنة الفجر يعني الراتبة ويكتفي بها عن صلاة التحية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الفجر ركعتين فقط، ما كان يزيد عن ركعتين بعد طلوع الفجر وهي سنة الفجر.
فالأفضل أن لا نزيد على الركعتين، فإذا صليناهما بقصد سنة الفجر كفتا عن تحية المسجد. نعم.
لكن لو صلى الراتبة في بيته صلى سنة الفجر في بيته ثم جاء إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة؛ فإنه يصلي تحية المسجد حينئذ قبل أن يجلس؛ لأنه حينئذ ليس عنده سنة الفجر قد صلاها في بيته، فيصلي تحية المسجد ثم يجلس.
السؤال: سؤاله الآخر يقول: ما حكم كشف المرأة لشعر رأسها أمام الأجانب؟ وهل يعتبر عورة؟ وإذا رفضت المرأة ستر شعرها، فماذا يجب على زوجها اتخاذه وفقكم الله؟
الجواب: لا شك أن إظهارها شعرها للأجانب منكر، وهو من أحسن زينتها ومن أعظم زينتها، وهو عورة، فالواجب أن تستره عن جميع الأجانب ما عدا محارمها، فهي تستره عن أخي زوجها وعن زوج أختها وعن عم زوجها وعن خال زوجها وعن بني عمها وعن جيرانها، وهكذا بقية الأجانب تستره، كما أن الواجب أيضاً ستر الوجه على الصحيح؛ لأنه عورة، فالحاصل أن الشعر عورة بالإجماع فيما نعلم ليس فيه خلاف بين أهل العلم أن الواجب ستره، وإنما الخلاف في الوجه والكفين هل يجب سترهما أم لا؟ على قولين، والأرجح وجوب الستر؛ لأن الوجه أعظم الزينة وأظهر الزينة.
السؤال: أيضاً يقول: ما حكم القصة التي يتخذنها بعض النساء وهو إظهار بعض الشعر إلى فوق جبينها داخل في حكم التحريم أو لا؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء؟
الجواب: ما أعلم في القصة شيئاً هذه القصة التي هي إظهار الشعر الذي قدام أو توفيرها بالنسبة إلى بقية الشعر ما أعلم فيه شيء، إلا أنه يلاحظ أن لا تستر شيئاً من الجبهة وقت الوضوء فإنها تغسل الجبهة ولا يسترها شيء من الشعر، بل تغسله وقت الوضوء ووقت الجنابة حتى لا تستر شيئاً من المفروض.
أما كيفية القصة التي يفعلونها فلا أعلم تفصيلها، لكن لا أعلم شيئاً في هذا يعني يمنع من التصرف بها في شعرها في كيفية فتله ونقضه وغير ذلك، كل هذا إليها التصرف فيه، إلا أنها تنهى عن عمل يشابه أعمال الكافرات التشبه بالكفرة، أما كونها تجعل رأسها ضفيرة واحدة أو ضفيرتين أو ثلاث ضفائر، كونها تزيد في شعر القصة وتقص من أطراف العمايل، أو من بعض الشعر من جهة أخرى، ما أعلم شيئاً في هذا إلا أن الأولى والأفضل أن يكون رأسها معتدلاً، وأن تكون شعورها معتدلة، ليس فيها تمثيل وليس فيها شيء يلفت النظر، بل تكون حالتها معتدلة في شعرها وفي تصرفاتها، مع الحذر من تعاطيها شيئاً يشابه عمل الكافرات، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقوم فهو منهم)، فلا يجوز لها أن تتشبه بأعداء الله الكافرات.
السؤال: أيضاً يقول في سؤاله الأخير: ما حكم إذا دخل المأموم مع الإمام والإمام في التشهد الأخير، هل يتشهد مع الإمام أو يلزم الصمت حتى يسلم الإمام ويقوم يتم صلاته؟ وأخيراً تقبلوا شكري لكم.
الجواب: إذا دخل المسبوق مع الإمام في التشهد فالأفضل أنه يأتي بالتشهد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا عليه)، فالأفضل أن يأتي بهذا، ولا يظهر لي أنه لازم له؛ لأنه ليس في محله، فالأظهر أنه غير لازم، لكن لو فعل ذلك وأتى به؛ لأنه ذكر ولأنه خير وأن فيه نوعاً من المتابعة للإمام فهذا أفضل وأولى، لكن لا يلزم؛ لكونه ليس في محل تشهده، لأن التشهد إنما يكون بعد ركعتين أو بعد الأخيرة، وهذه الركعة ليست أخيرة له وليست محل ركعتين، بل هي لا تعتبر له شيئاً، بل يجلس وهو متابعة فقط، ثم إذا قام يأتي بركعتين ثم يجلس لـلتشهد الأول ثم يأتي بما بقي عليه: من المغرب واحدة ومن الظهر والعصر والعشاء ركعتين، وإن كان فجر صلى ركعتين قام وأتى بالركعتين، هذا يدل على أن هذا الجلوس ليس معتداً به بالنسبة إليه، فإذا قرأ التحيات لأنها ذكر وتابع الإمام، فهذا حسن، أما اللزوم فلا يظهر أنه يلزمه.
السؤال: سؤاله الثاني يقول فيه: ما حكم الذي يتعلق خيطاً لرفع البلاء أو دفعه؟
الجواب: هذا ينكر عليه؛ لأنه من الشرك الأصغر من جنس التمائم، والنبي عليه السلام قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وفي رواية: (من تعلق تميمة فقد أشرك)، ولما دخل حذيفة رضي الله عنه على رجل وقد علق عليه خيطاً من الحمى فقطعه حذيفة وأنكر عليه، وتلا قوله تعالى:
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ
[يوسف:106]، بين له أن هذا من الشرك، فتعليق الخيوط والتمائم من الودع أو من العظام أو من شعر الذئب أو من عظام الذئب أو أسنانه، كل هذا من الخرافات الجاهلية وهو من المنكرات، وهكذا تعليق الحجب من القرآن يسمونها حجب ويسمونها حروز ويسمونها جامعات، كل هذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم النهي، ولم يستثن القرآن ولا غيره؛ ولأن استعمال القرآن يفضي إلى استعمال غيره فينفتح باب الشرك؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، يعني الرقى المجهولة التي ليست على الطريقة الشرعية، وهكذا التمائم، وهي ما يعلق على الأولاد عن العين أو يعلق على النساء أو المرضى عن الجن، كل هذا منكر ومن أعمال الجاهلية، والتولة: الصرف والعطف وهو السحر، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الشرك؛ لأنه يستعان في ذلك بالجن والشياطين، فالساحر والساحرة إنما يتم لهما ما يتعاطيان من السحر بواسطة عبادتهم الجن والشياطين وتقربهم إليهم بما يرضيهم.
والخيوط من جنس التمائم، إذا علق على يده خيطاً أو على رقبته يزعم أنه من أسباب الشفاء؛ فهذا من المنكرات يقطع.
السؤال: هذه رسالة وردتنا من زوجة طبيب مسلم تقول فيها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: زوجي بحكم عمله كطبيب نسائي يكشف على عورات النساء، مما يضطره إلى لمسهن وهو يلبس قفازين نايلون، فهل إذا كان متوضئاً ولمس عورة المرأة وهو يلبس القفاز ينتقض وضوءه أم لا؟
الجواب: إذا لمس العورة من دون حائل لا ينتقض لا هو ولا غيره، إذا لمس الرجل عورته من وراء الإزار أو من وراء السراويل لا ينتقض وضوءه، وهكذا المرأة إذا لمست عورتها من وراء الإزار أو من وراء السراويل لا تبطل الطهارة، وهكذا الرجل الطبيب إذا لمس العورة دعت الحاجة إلى كشفه عن المرأة وعلاج فرجها؛ فإنه إذا مس الفرج من دون حائل، لا ينتقض وضوؤه، بخلاف إذا مس اللحم باللحم فإنه ينتقض الوضوء.
السؤال: أيضاً تقول: ما حكم لبس البنطلون للطبيب وما حكم الصلاة به؟
الجواب: إذا كان البنطلون ساتراً للعورة غير مميز لها، بل هو واسع وضافي؛ فإنه تصح به الصلاة إذا كان على كتفيه شيء، إذا كان السترة والبنطلون كافيان يعني البنطلون معه السترة التي على كتفيه وصدره ونحوه: المقصود إذا كان العورة مستورة ما بين الركبة والسرة وكان على العاتقين شيء أو أحدهما؛ فإنه يجزئ، أما إذا كان ضيقاً يبين حجم العورة فلا ينبغي استعماله -الله المستعان- والنبي عليه السلام قال: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، فإذا كان عنده قدرة وجب أن يستر العورة ويضع على الكتفين شيء من الرداء أو على أحدهما.
المقدم: شكراً أثابكم الله.
أيها المستمعون الكرام! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة: عدنان كريم من بغداد في العراق، وعبد الله حسين بن علي من الطائف الشرقية، وناجي مصلح عبد الله من دولة البحرين، وعبد بن حمد خميس مشيط ويسأل عن الشرك، وزوجة طبيب مسلم.
عرضنا ما وردنا في رسائلهم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
أيها السادة! شكراً للشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم، وحتى نلتقي بحضراتكم، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.