أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً بكم في لقاء جديد مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليتفضل بالإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم في هذه الحلقة.
====
السؤال: أول سؤال نطرحه على فضيلته ورد إلينا من المستمع (س. ع. ع) من السودان يقول فيه: أعلمكم بأن أحد أصدقائي كان يعمل مع شخص ما في مطعم وقام بسرقة بعض نقوده وذلك بدون علم من صاحب هذا المطعم ولكنه في النهاية تاب إلى ربه وسمع أن هذا الشخص قد توفي ويريد أن يرجع هذه النقود، مع العلم أنه لا يعرف مكان أهله، أفيدونا هل يجوز له أن يتصدق بها على نية صاحب المطعم أم لا وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الذي سرق النقود من صاحب المطعم الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا كان قد تاب فالحمد لله على ذلك، أما النقود فإن عرف صاحبها أو عرف الورثة فإنه يلزمه أن يؤديها إلى الورثة إذا كان صاحبها قد مات وعليه أن يبحث ويجتهد حتى يوصلها إلى الورثة، فإن عجز ولم يجد سبيلاً إلى معرفة الورثة فإنه يتصدق بذلك بالنية عن صاحب المطعم يتصدق بها عنه والله جل وعلا ينفعه بها إذا كان مسلماً ينفعه بهذه الصدقة، وهذا هو طريق البراءة من ذمته.
الجواب: إذا كان الطلاق بهذا اللفظ فإنه يقع به واحدة إذا قال لها: إذا وافقك خير فوافقيه، أو إذا خطبك زوج فتزوجي.. أو ما أشبهها ذلك أو أنت مطلقة أو أنت طالق أو ما أشبه ذلك فإن هذا يعتبر واحدة؛ طلقة واحدة فقط، فله أن يراجعها ما دامت في العدة بأن يشهد شاهدين بأنه راجعها يقول: قد راجعت امرأتي أو ارتجعت امرأتي أو رددت امرأتي وما أشبهه من الألفاظ الدالة على عوده إليها، والأفضل أنه يشهد شاهدين عدلين يقول: اشهدا بأني راجعت زوجتي، ما دامت في العدة يعني: ما دامت لم تحض ثلاث حيضات إذا كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر فإذا راجعها قبل مضي الأشهر الثلاثة حلت وصارت زوجة له، أما إن كانت قد اعتدت يعني مضى عليها بعد الطلاق ثلاث حيضات إن كانت تحيض أو مضى عليها ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض كالعجوز الكبيرة والبنت الصغيرة فإنها حينئذ تكون أجنبية ولا تحل له إلا بعقد جديد كسائر الخطاب الذين يخطبونها لا تحل إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة شرعاً.
الجواب: هذا الأمر يحتاج إلى تثبت ما دام الشهيد الذي جاء إليهم عليه علامات أنه أخو الشخص وأنه قتيلهم وولدهم وتزوجها على هذا الأمر وهو أن أخاه قد استشهد فلا إثم عليه ولا حرج عليه، لكن متى ثبت يقيناً أن أخاه موجود في السجن فعليه أن يفارقها حينئذ وتبقى زوجة لأخيه، وإن شاءت رفعت الأمر إلى القاضي الشرعي ليفسخها إذا كانت في حاجة للفسخ والمفارقة لسجنه وعدم وصوله إليها فهذا شيء يرجع إلى القاضي الشرعي الذي ينظر في أمر المرأة هذه وزوجها؛ لأني أخشى أن يكون هذا الكاتب كاذباً وأراد أن يشوش على أخي الشهيد ويزعم أنه فلان.
المقدم: الذي كتب الرسالة؟
الشيخ: الذي كتب الرسالة يخشى أن يكون أيضاً مزوراً كاذباً، فلابد من التثبت في الأمور، فإذا سأل المسئولين في حكومة العراق أو أرسلوا من ينظر السجناء أو يختبر السجناء حتى يعرفهم الذين يعرفونه بعد التثبت من ذلك حينئذ يفارقها زوجها الجديد -أخوه- وتبقى في عصمة زوجها الأول ولا حرج على أخيه؛ لأنه لم يتعمد الباطل إنما أخذها على اعتقاده أن أخاه قد مات وهكذا اعتقاد أهلها فلا شيء عليهم والحمد لله، وإن لم يثبت هذا فإنها زوجته ولا يعجل ولا يكتف بمجرد هذا الكتاب الذي كتبه إلا إذا كان معروفاً أنه خط أخيه وعرفه الشهود العدول أن هذا قلمه وأنه في كتاب جديد وليس فيه شبهة لا يخشى أن أحداً أخذ خطاً قديماً أو قلد خطه.
المقصود: أنه لابد من التثبت في الأمور، فإذا تيقن يقيناً أن أخاه موجود فحينئذ يعتزلها ويكون تزوجها وهي ذات زوج ويكون معذوراً والأحوط أن يطلقها طلقة واحدة خروج من خلاف من قال بصحة الزواج في هذه الحالة ولو ظهر أنه حي؛ لأنه تزوجها على وجه شرعي باعتقاد أنه مقتول. نعم.
المقدم: لكن بعد وصول الخبر إلى أن تتضح الحقيقة هل يعتزل زوجته؟
الشيخ: ما يلزمه الاعتزال؛ لأن الأصل أنه زواج شرعي فلا يلزمه اعتزالها حتى يتحقق أن أخاه موجود.
الجواب: هذا شيء لا أصل له، الدعاء بعد كل صلاة يدعو الإمام ويؤمن عليه المأمومون هذا شيء لا أصل له بل هو بدعة، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلونه بل كان إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثاً قال: (أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، ثم ينصرف إلى الناس يعطيهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام ثم يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ثابت من حديث ثوبان عند مسلم وبعضه من حديث ابن الزبير عند مسلم وبعضه في الصحيحين من حديث المغيرة هذه الأذكار التي يقولها إذا سلم عليه الصلاة والسلام ولم يحفظ عنه أنه كان يرفع يديه إذا سلم ويدعو ويؤمن المأمومون كل هذا محدث لا أساس له فلا يجوز فعله بل هو بدعة.
الجواب: إذا كان الجماعة يسمعون صوت الإمام ولا يخفى عليهم فلا حاجة إلى التبليغ، أما إذا كان قد يخفى على بعضهم كالصفوف المؤخرة فإنه يستحب التبليغ وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرضه عليه الصلاة والسلام وكان صوته ضعيفاً وكان الصديق يبلغ عنه عليه الصلاة والسلام فهذا لا بأس به إذا احتيج إلى التبليغ لسعة المسجد وكثرة الجماعة أو بعد صوت الإمام لمرض أو غيره فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ، أما إذا كان الصوت واضحاً يسمعه الجميع ولا يخفى على أحد في الأطراف والمعلوم أنه يسمعه الجميع فليس هناك حاجة إلى التبليغ ولا يشرع التبليغ.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن نذر طاعة فعليه أن يوفي بها كأن ينذر صلاة أو صوماً أو نحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، أما من نذر مكروهاً كأن يقول: لله أن يصوم سنة كاملة أو يصوم الأبد هذا نذر مكروه لا ينبغي، فعليه كفارة يمين عن هذا الشيء عليه كفارة يمين، أما إن نذر نذراً لا يطيقه بأن قال: لله عليه أن يتصدق بمليون ريال وهو ما يستطيع مليون ولا ما يقارب مليون، عليه يكفر كفارة يمين، إن كان نذراً لا يطيقه فعليه كفارة يمين، إذا كان لا يطيق ذلك ولا يظن أنه يطيق ذلك، فإن كان يمكن أن يحصل ذلك يكون ديناً في ذمته، كأن يقول: لله عليه أن يتصدق بألف ريال وليس حاضراً فإن هذا دين في ذمته يسعى في تحصيله فمتى حصله وتيسر له تصدق به، أما إذا كان الشيء يعني في المستحيل عادة أن يقوم به أو يستطيعه فهذا يكفيه كفارة يمين.
الجواب: هذا له أحوال: تارة يمكن أن يصليا جميعاً في النوافل كأن يصلي هو وامرأته أو أهل بيته في صلاة الضحى نافلة وفي التهجد بالليل أو صلاة الوتر فيقوم هو وحده وتصف النساء خلفه، حتى ولو كانت زوجته تصف خلفه معه لا بأس بهذا، وهكذا في التراويح لو صلين خلفه أو صلى بهن صاحب البيت صلين خلفه سواء واحدة أو عدد يصلين خلفه، وفي الفرائض لو جاء النساء إلى المساجد وصلين مع الناس فإنهن يصلين خلف الأئمة وخلف المأمومين ولا تصف امرأة مع رجل لا مع زوجها ولا مع أبيها ولا مع غيرهم موقفهن خلف الرجال سواء في الفريضة أو في نافلة في الليل أو في النهار.
المقصود أن هذه الأنواع كلها طريقها واحد المرأة فيها تكون خلف الإمام أو خلف المأمومين إذا كان هناك مأمومون ولا تقف مع الإمام ولا مع المأمومين. نعم.
المقدم: وإن كن نساء فقط؟
الشيخ: تقف الإمامة وسطهن، الإمامة تقف وسطهن إذا كن نساء فقط تكون إمامتهن في وسطهن.
المقدم: لا تتقدمهن؟
الشيخ: لا، لا تتشبه بالرجال.
الجواب: إذا سمع الرعد يقول: (سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته)، جاء هذا عن ابن الزبير وعن بعض السلف، فإذا قال ذلك المؤمن فحسن أما عند نزول المطر فيقول: (اللهم صيباً نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته)، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم صيباً نافعاً)، يعني: اللهم اجعله صيباً نافعاً (مطرنا بفضل الله ورحمته)، هذه السنة عند نزول المطر.
الجواب: لا، ما تكون واجبة، التطوع يكون دائماً تطوع لا يكون واجباً أبداً لكن نفس الحج والعمرة إذا أحرم بهما وجبتا؛ لقول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] ، هذا شيء خاص بالحج والعمرة متى أحرم بهما وجبا حتى يكملهما وأما ما سواهما كالصلاة والصوم والصدقة ونحو ذلك هذه التطوعات تبقى على حالها تطوعاً فلو شرع في الصلاة جاز له قطعها أو شرع في الصوم نافلة جاز له قطعه ولكن الأفضل أن يتمم ويكمل ولو أخرج مال ليتصدق جاز له أن يرجع حتى يسلم ذلك للفقير.
فالمقصود أن جميع النوافل على حالها في تطوع حتى ينتهي منها إلا الحج والعمرة فإنهما إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما.
الجواب: هذا لا يجوز، كونها تبقى على حزنها أو على لباس الإحداد هذا لا يجوز الواجب عليها اتباع الشرع وترك طاعة الشيطان، فكونها تبقى على حالة الإحداد هذا من طاعة الشيطان وفيه نوع من السخط للمصيبة والجزع، والواجب عليها عدم ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على الصبر والاحتساب كما حث الله عليه في كتابه العظيم قال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]، الله يقول جل وعلا: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]، قال بعض السلف: هو الرجل يعني: معناه أو المرأة.. تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، فالواجب عليها الصبر والاحتساب وأن تغير من حالها تلبس الملابس الجميلة تكحل عينيها.. تتطيب.. تخرج إلى جيرانها وأقاربها الطيبين تزور من تحسن زيارته تترك هذا الأمر الرديء الذي هو طاعة للشيطان وإظهار للجزع والسخط هذا لا يجوز فعليكم أن تنصحوها وأن توجهوها إلى الخير وأن تخبروها بهذا الكلام الذي سمعتم، أخبروها بهذا الكلام أو سجلوه واقرءوه عليها سجلوا هذا الكلام واقرءوه عليها حتى تستفيد وحتى تبتعد عن طاعة الشيطان، هدانا الله وإياها صراطه المستقيم.
المقدم: اللهم آمين، أحسن الله إليكم.
أيها الإخوة الكرام! كان ضيف لقائنا هذا اليوم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تفضل مشكوراً بالإجابة على أسئلة الإخوة المستمعين (س. ع. ع) من السودان، والمستمع محمد زاهي الحربي من حائل قرية النحيتية، والمستمع ( أبو عمر . ط. م. ش) من العراق محافظة نينوى، والمستمع عبد الرزاق أحمد من السودان الإقليم الشمالي، والمستمع مسعود عبد الله المولد من وادي الفرع بالمدينة المنورة، وأخيراً إلى سؤال الأخت المستمعة أم خالد من طريف بالمنطقة الشمالية.
مستمعينا الكرام! نستودعكم الله تعالى وإلى لقاء قادم إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر