إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (679)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الكرام! نحييكم في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يكون معنا فيه فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليتولى الرد على أسئلتكم واستفساراتكم في هذه الحلقة.

    ====

    السؤال: هذه أول رسالة في حلقتنا اليوم من المستمع علي عبد الله الزهراني من الباحة، يقول : أنا رجل متزوج من ابنة عمي، ومشكلتي هي أهل زوجتي فهم يحاولون إيقاع المشاكل بيني وبينها بتحريضها على كثرة الطلبات والإسراف في مالي وعصياني فيما آمرها به حتى الصلاة لا تصليها، وذات مرة حاولت معها أن تصلي فرفضت فغضبت منها وقلت لها: أنت طالق بالثلاث، ولم أكن أقصد، وخصوصاً أن عندي منها ولداً، ولكني أخاف أن يملوا قلبه علي حقداً وكراهية، فما رأيكم في هذه القضية وفي الطلاق؟ أفيدوني بارك الله فيكم.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلا ريب أن تحريض أهل المرأة للمرأة على عصيان زوجها ومخالفة أوامره وإدخال الأذى عليه في ماله وغيره من المحرمات ومن المنكرات التي يجب عليهم تركها والحذر منها، والواجب على المسلمين جميعاً أن يتعاونوا على البر والتقوى وعلى أهل المرأة بالأخص أن يتعاونوا مع ابنتهم ومع زوجها على البر والتقوى وأن يكونوا راغبين في صلاح ذات البين وعدم الشقاق بين الزوجين، هذا هو الواجب عليهم إلا إذا كان الفراق بينهما أصلح في اجتهاد أهل المرأة فإنهم ينظرون في ذلك بالطريق السوي وبالأساليب الحسنة، لا بالأذى والظلم والعدوان، وفي إمكانهم أن يطلبوا من الزوج أن يطلقها من غير عوض أو بعوض ويوضحوا له الأسباب، أما إيذاؤه وتحريضها على أذاه ومخالفته من دون أمر شرعي فهذا أمر لا يجوز بل هو منكر.

    أما كونها لا تصلي فهذا أشد وأخطر، فإن ترك الصلاة كفر بالله عز وجل من الرجال والنساء جميعاً، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه.

    وفي صحيح مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، والتعبير بالرجل لا يدل على التخصيص وإنما تأتي النصوص كثيراً باسم الرجل لكون الرجل أفضل الجنسين وإلا فالحكم عام إلا ما خصه الدليل.

    فترك الصلاة كفر من الرجال والنساء جميعاً، وقال عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، فإذا كانت لا تصلي فلا خير في بقائها معك أيها السائل، والواجب فراقها لأنها لا تحل لك، قال الله في الكفرة: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10]، بل يجب عليك تركها حتى تتوب، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء أن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد التارك وجوبها، أما إن جحد وجوبها فقد كفر بالإجماع لا خلاف بين أهل العلم في أن من تركها جاحداً لوجوبها فهو كافر، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاوناً مع إقراره واعترافه بوجوبها، والصحيح أن تركها كفر مطلقاً، فالواجب على هذه المرأة التوبة إلى الله والبدار بذلك، فإذا تابت إلى الله فهي زوجتك وإلا فالواجب فراقها وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، والله يقول سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130]، فتعطها طلقة واحدة احتياطاً وخروجاً من خلاف العلماء، نسأل الله لها الهداية والرجوع إلى الصواب والحق.

    أما الطلاق الذي صدر منك وهو أنك قلت: إنها طالق بالثلاث، فإذا كان الواقع هو هذا اللفظ وليس قبله طلقتان فإنه يعتبر طلقة واحدة رجعية على الصحيح من أقوال أهل العلم، لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وفي أول خلافة عمر طلاق الثلاث يجعل واحدة، وأفتى بهذا ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وأفتى به جماعة من السلف من التابعين وغيرهم، وهذا هو الصواب أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة، هذا هو أرجح القولين عند أهل العلم، أما إن كان قبله طلقتان فقد انتهت الطلقات الثلاث وحرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك، فينبغي لك أن تنظر في الأمر وأن تنصح هذه المرأة بالتوبة إلى الله عز وجل وتنصح لأهلها أيضاً وتستعين بمن ترى من الأقارب والأصدقاء حتى ينصحوها حتى ترجع إلى الله وتتوب إليه وينصحوا أهلها حتى يساعدوا في توبتها والرجوع إلى الله وحتى يساعدوا أيضاً في بقاء العشرة واستقامة الأحوال بينك وبينها، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088532293

    عدد مرات الحفظ

    777168784