إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (686)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    إخوتنا الكرام! نحييكم في هذا اللقاء الجديد مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والذي يسرنا أن نعرض رسائلكم واستفساراتكم في حلقتنا اليوم على فضيلته ليتولى الإجابة عنها.

    ====

    السؤال: هذه رسالة من السائل عبيد محمد عوض السيد سوداني مقيم بالعراق محافظة الأنبار، بعث بثلاثة أسئلة في سؤاله الأول يقول: في بلدنا طوائف متفرقة كل طائفة تتبع شيخاً يرشدها ويعلمها أشياء ويعتقدون أنهم يشفعون لهم عند الله يوم القيامة، ومن لم يتبع أحد هؤلاء المشايخ فيعتبر ضائعاً في الدنيا والآخرة، فهل علينا اتباع هؤلاء أم مخالفتهم؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فيذكر السائل أن لديهم ثلاثة مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ، والجواب عن هذا: أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذ هذا الشيء ولا اعتقاده.

    وهذا واقع في كثير من الصوفية يرون أن مشايخهم هم القادة وأن الواجب اتباعهم مطلقاً وهذا غلط عظيم وجهل كبير، وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه والأخذ بقوله إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام هو المتبع عليه الصلاة والسلام.

    أما العلماء فكل واحد يخطئ ويصيب، فلا يجوز اتباع قول أحد من الناس كائناً من كان إلا إذا وافق شريعة الله وإن كان عالماً كبيراً، فقوله لا يجب اتباعه إلا إذا كان موافقاً لشرع الله الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام لا الصوفية ولا غير الصوفية، واعتقاد الصوفية في هؤلاء المشايخ أمر باطل وغلط فالواجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك، وأن يتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] المعنى: قل يا أيها الرسول للناس: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، والمراد هو محمد صلى الله عليه وسلم قل: (يا أيها الناس) المعنى: قل يا محمد، المعنى: قل يا محمد لهؤلاء الناس المدعين المحبة، إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، يعني: خاطبهم بهذا وبين لهم، وقال سبحانه:وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقال سبحانه: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [التغابن:12]، قال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، فالطاعة الواجبة هي طاعة الله ورسوله، ولا يجوز طاعة أحد من الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا وافق قوله شريعة الله، وكل واحد يخطئ ويصيب ما عدا الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله عصمه وحفظه فيما يبلغه للناس من شرع الله عز وجل قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4]، فعلينا جميعاً أن نتبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وأن نعتصم بدين الله ونحافظ عليه، وأن لا نغتر برأي الرجال وألا نأخذ بأخطائهم بل يجب أن تعرض أقوال الناس وآراء الناس على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافق الكتاب والسنة أو أحدهما قبل وما لا فلا، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، وقال سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، قال عز وجل: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]، فتقليد المشايخ واتباع آرائهم حقاً كانت أو باطلاً هذا أمر لا يجوز عند جميع العلماء، بل ذلك منكر بإجماع أهل السنة والجماعة بإجماع أهل العلم، لكن ما وافق الحق من أقوال العلماء أخذ به لأنه وافق الحق لا لأنه قول فلان، وما خالف الحق من أقوال الناس من أقوال العلماء أو مشايخ الصوفية أو غيرهم وجب رده والأخذ بالحق الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088525438

    عدد مرات الحفظ

    777128922